كان من المفروض وكما وعدناكم ان نعود الى موضوع تعاضدية «زويلة» التي تعيش هذه الايام فترة احتضار نسختها الاولى حيث الجرافات فاعلة فعلها لتدميرها بالكامل بعد الاقرار بالمشروع الرئاسي الواعد... على ان تُنقل «زويلة» الى مكان اخر بكل مكوناتها وفي أقل الاجال لكن تطورات جديدة حصلت جعلت ابواب الامل تفتح من جديد وجعلت كل الاطراف تلتزم «مبدئيا» على الاقل بانجاز ما يجب انجازه والاسراع بتدارك ما فات حفاظا على هذه المؤسسة التي هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المهدية والتي مثلت تعاضدية «زويلة» منارة من مناراتها على امتداد قرن وثماني سنوات بالتمام والكمال.. معارك... وصمود... ما تعيشه اليوم تعاضدية زويلة المختصة في صناعة الزيت والقليسيرين وارقى انواع الصابون والمطعمة ل 370 عائلة منذ ما يزيد عن القرن... ما تعرفه اليوم من معاناة ماهي الا رواسب لمعارك خاضتها المؤسسة وخرجت منها سالمة لسبب واحد وهو ان زويلة أصيلة «وبنت عيلة» كما قال لنا احد الشيوخ الذي لمحناه متعثرا قبالة الاطلال!! ولعل آخر معركة تلك التي شوهد دخانها في التسعينات عندما «هبط» اقتراح كالجراح (كما قال احد النقابيين) عبارة عن مناورة لتقسيم المؤسسة من خلال فصل قسم تجفيف الفيتورة وقسم استخراج الزيت مما يصبّ في مصلحة بعض الخواص وهي المناورة التي سقطت في الماء واجهضت في حينها بفعل رّدة فعل العمال الذين تفطنوا إلى هذا الملعوب الملعون... وتخرج التعاضدية من هذه المعركة الخطيرة سالمة وبلا اضرار تذكر... الادارة والبلية... لئن استبشر العمال على غرار كل اهالي المهدية بالمشروع الرئاسي الذي من المرجح ان يغير كثيرا من المشهد العام لعاصمة الفاطميين ويضمن الكثير من ابواب الرزق والخير لعشرات بل لمئات الاهالي.. فإن فرحهم سرعان ما تحول الى تجهّم وخوف بعد تصرفات الادارة التي بانت غيرمسؤولة حسب قول الاخ محمد حدادة كاتب عام النقابة. هذه الادارة التي يقول محدثنا انها بدت غير معنية بل مستهينة بالموضوع تماما وكل ما فعلته هو التباهي بما لديها من أموال وكثرة الوعود بأن «كلّو تمام» بلغة عادل امام. ومرت السنون متسارعة (6 سنوات) ولم يحدث من المطلوب الا القليل كل ذلك وسحابة الوعود تمطر بل تنهمر بغزارة في حين ان الواقع جدب وقحط فوحدات الانتاج لم تنقل والبطالة الفنية تهدد الجميع وصيت المؤسسة وتاريخها ومصداقيتها يهددها الخطر... هنا و»قفت الزنقة للهارب» وأدرك العمال خطورة المسألة فتحركوا في كل الاتجاهات وتظلموا للاتحاد وللسلط الادارية ولتفقدية الشغل وهي اطراف عانت كثيرا من سلوكيات الادارة ووعودها وتسويفاتها وغياباتها.. وحتى لا نطيل الحديث عن رحلة معاناة ونضالات العمال نتوقف عند المستجدات الاخيرة لعلّ ابرزها تلك الوثيقة الموجهة الى الحرفاء والتي تدعوهم الى التوكل على الله و»شوفو غيرها»... خاصة وانّ الامر يتعلق بأشهر عديدة وليس بأيام او أسابيع... (انظر نص الوثيقة) وبذلك يكون الداء قد استفحل وبلغ مبلغا خطيرا.. كل ذلك والآجال الحاسمة تقترب بل وتزحف بقوة وهما توقف وحدات الانتاج يوم 29 جانفي الماضي والاخلاء التام (حجر وعتاد وعباد) يوم 29 فيفري الجاري!! رسالة... من الوالي... في الليالي!! كل هذه الاوضاع لم تكن خافية على السلطات الجهوية والمركزية والنقابية وكذلك الادارية التي حاولت بالحسنى وبالمعروف وبالجلسات والاتفاقات والتعهدات والالتزامات والوعود لكن في الريح!! عندها لم يبق مجال اخر سوى مزيد الضغط على هذا المدير الذي فوجئ ذات ليلة بالسيد والي المهدية والكاتب العام للاتحاد الجهوي الاخ عبد الله العشي امام بيته لينهض مذعورا ويجيب على أسئلة الناس من خلال اجابته على اسئلة السيد الوالي... الذي لم يقتنع «بحديث الليل» هذا واصر على ان يرافقه المدير الذي كان متدثرا الى موقع المشكل وهو ما تمّ رغم الظلام والصقيع!! تداعيات (1) انّ هذا الموقف المتصلب من الادارة وتخاذلها جعلها في السابق خاضعة لمحاضر تقصير باعتبار تخلف المدير عن الاجتماعات المبرمجة لتطارح جوانب المسائل العالقة والتي تهمّ مستقبل العمال والمؤسسة وهو ما عدّه الكثيرون اشارة حمراء في وجه الادارة التي بدأ الحديث حسب الأخ عبد الله العشي وحتى بعض رجال السلطة عن امكانية تطبيق القانون الاقصى على مجلسها والمتمثل في تدخل وزارتي المالية والفلاحة لاتخاذ قرار مشترك لحلّ مجلس الادارة في جلسة خارقة للعادة... وهو الامر الاكثر توقعا حسب بعض الاطراف النقابية والادارية خاصة بعد الزيارة الليلية لوالي الجهة والتي فُهم فيما بعد انها زيارة استباقية لزيارة الوزير نذير حمادة وايضا تحركات الامانة العامة للاتحاد مع سائر الاطراف ذات العلاقة مركزيا طبعا. تداعيات (2) رغم هذه المطبات والعلامات الحمراء في وجه الادارة فإن المحاولات متواصلة لحلّ هذه المعضلة من ذلك اعطاء السيد المدير ومن معه فرصة اخرى من خلال اجتماع الجمعة الماضي والذي ضم ّ الاتحاد الجهوي للفلاحين من خلال مندوبه بالمهدية ومتفقد الشغل والاتحاد العام التونسي للشغل من خلال الاخ عبد الله العشي مع الادارة التي طولبت رسميا بجدولة واضحة لانطلاق وحدات الانتاج في عملها من جديد وخاصة وحدة القليسرين والصابون والمرجل.. ولمزيد الحتياط من الفلتان الاداري تمّ تكوين لجنة فنية تتولى بلغة كر ة المحاصرة اللصيقة للادارة وتضع حدّا لسيل المعطيات الخاطئة التي اشبعت السلط والنقابة على حدّ السواء ولعل محضر 19 ماي أكبر دليل !!