"بلاي اوف" الرابطة الاولى.. التعادل يحسم كلاسيكو النجم الساحلي والنادي الإفريقي    مجلس نواب الشعب يشارك في المؤتمر الخامس لرابطة برلمانيون من اجل القدس    عميد المحامين يوجه هذه الرسالة إلى وزارة العدل..    انتخابات جامعة كرة القدم: إسقاط قائمة واصف جليل وإعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    طقس الليلة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    الشركات الأهلية : الإنطلاق في تكوين لجان جهوية    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكتيكات التفاوض وآساليب النجاح فيها
استعدادا للمفاوضات الاجتماعية: بقلم: نبيل الهواشي مؤطر بقسم التكوين النقابي
نشر في الشعب يوم 23 - 02 - 2008

قال صغير الظبية لأمه: «ولكنّك أضخم من الكلب وأسرع منه ولك قرون تدافعين بها عن نفسك، فلماذا تخافين منه؟» فأجابت الأم: «إنّ ما تقوله يا صغيري صحيح، ولكن لدى سماعي نباح الكلب ترتعد فرائصي، ولا أستطيع مقاومة رغبتي في الهرب».
الاستراتيجية هي الإطار العام الذي يحكم ويوجه السلوك التفاوضي ويحدّد اتجاهاته الرئيسية أي أنّها نوع من التخطيط لبلورة الخطط ووضع برامج العمل.
وقد صنّف المختصون الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها في المفاوضات وفقا لأسس مختلفة ومتنوعة فطبقا للهدف هناك استراتيجيات تهدف إلى توسيع قاعدة المنافع المشتركة لجميع أطراف النزاع واستراتيجيات تهدف إلى تعظيم المكاسب الذاتية لا غير. ووفقا للسلوك التفاوضي ثمّة استراتيجيات هجومية وأخرى دفاعية وهناك استراتيجيات التدرّج أو الخطوة خطوة واستراتيجيات الصفقة الواحدة... هذه الاستراتيجيات التي يؤكد بعض الباحثين أنّ عددها يناهز العشرة بينما يذهب آخرون مذهبا آخر ويجزمون بوجود ستّ عشرة استراتيجية تفاوضية، يتوقف اختيارها على جملة من العوامل من ضمنها ذكرا لا حصرا ميزان القوى وشخصية المفاوضين والوقت المخصص للمفاوضات.
أمّا التكتيك فيرتبط بالعمليات التنفيذية والمناورات المستعملة لوضع الاستراتيجية موضع تنفيذ فهو إذن تحرك جزئي في إطار عام محدّد مسبقا.
وينظر الى التكتيكات بوصفها أساليب تستخدم في حالات مضبوطة لتحقيق بعض المكاسب وبالرغم من تعدد التكتيكات (حوالي 183 تكتيكا) فإنّها تهتم جميعا بإيجاد الظروف المواتية التي يؤدي فيها التفاعل بين المفاوضين إلى الاتفاق على شروط تحقق على الأقل أدنى أهدافهم.
وبشكل عام، قسّم المختصون تكتيكات التفاوض إلى خمس مجموعات كبرى:
تكتيكات أخذ زمام المبادرة.
تكتيكات ممارسة الضغط.
تكتيكات التوقع.
تكتيكات المحاصرة.
تكتيكات الخداع.
I تكتيكات أخذ زمام المبادرة:
تتمثّل هذه التكتيكات فيما يلي:
1 التملق:
يلجأ المفاوض إلى هذا التكتيك ضد خصم قليل التجربة وضعيف الخبرة وذلك من خلال تثمين تدخلاته وإبراز مدى وجاهة ملاحظاته. ويتوقف نجاح هذا التكتيك على مدى قدرة المفاوض على التصرف في نبرات صوته والسيطرة على ملامح وجهه بحيث يتعذّر على الخصم قراءة علامات الخداع في هذه المرايا الكاشفة.
2 الإكراه:
يمكن استخدام هذا التكتيك ضد عضو صغير في فريق الخصم كالقول مثلا بأنّه سبق التعامل مع السيد فلان ولم ينح هذا المنحى أبدا فهل أنت واثق من تأييده لك بهذا الخصوص؟
وهنا ينبغي على أحد أعضاء الفريق المفاوض أن يسارع بالتدخل ليجيب عن السؤال الذي طرحه زميله حتى لا يصاب الخصم المستجوب بالحرج فيقول مثلا: «دعنا من السيد فلان فهو ليس معنا الآن، ولا يفيدنا كثيرا أن نعرف رأيه في المسألة وأنا لي ثقة كبيرة في السيد علاّن (أي الخصم المستجوب) ويبدو لي أن الطريقة التي سلكها معقولة، فإذا كانت لك أية اعتراضات فنحن على استعداد لسماعها ومناقشتها». وبذلك يتمكّن هذا المفاوض بهذه الطريقة من تحقيق غرضين مهمّين أولهما اختراق جبهة الخصم ب «تحوله» إلى واحد من أعضائها وثانيها خلخلة موقع علان أي الخصم المستجوب ضمن فريقه.
3 السلوك الاعتباطي:
ليست المناقشة والإقناع وابداء الحجج أفضل اشكال الحوار بالضرورة فالسلوك الاعتباطي الصرف قد يكون ناجعا وفعّالا في بعض الأحيان. إنّ نجاح هذا السلوك اللامعقول واللامنطقي يعتمد على استمرار الخصم في السلوك الرشيد علما بأنّ الاعتباطية قد تفيد ان استعملت لفترة قصيرة لكن الثابت بلا أدنى شك أنّها مضرّة ضررا بالغا إذا ما استخدمها المفاوض لفترات طويلة.
4 التضاد بين الشركاء
كثيرا ما يتعمّد المفاوضون المهرة أثناء جلسات التفاوض التفوّه بعبارات من قبيل:
كنت صعب المراس.
إنّ موقفك فيه كثير من الشطط.
إنّ رأي الفريق المقابل مقبول فلماذا ترفضه؟
واضح من العبارات الآنفة أنّ أحد أعضاء الفريق التفاوضي ينتحل موقف الخصم ويقترح على شريكه وجوب تقديم تنازلات... وفي معظم الأحيان يلعب الاثنان لعبة قد تقرّر فيها سلفا دور كل واحد منهما بدقة، فالأول يغالي ويرفض ويتشدّد والثاني يلطف ويهدئ ويقترح الحلول الوسطى يوافق عليها زميله مع اظهار بعض المقاومة والتمنع. ومن الطبيعي أن يأملا من الخصم تقديم بعض التنازلات «ردا للمعروف».
قد يبدو هذا التكتيك الذي يسميه البعض «شد ذيل الحصان» ويطلق عليه البعض الآخر «لعبة الطيب والفظ» مفضوحا وتافها من الصعب أن يخدع مفاوضا محنكا. لكن قد لا يكون من اليسير اكتشافه بسبب الضغوط الناجمة عن الجلسات التفاوضية الماراطونية والمرهقة وخاصة إذا كان المفاوضان منسجمين بحيث تصبح الخديعة عندهما ضربا من العادة.
5 إظهار الخصم بمظهر غير عقلاني:
إنّ ما يقلّل من مصداقية مقترح ماهو العمل على ايجاد ظروف يبدو فيها تطبيق المقترح ضربا من ضروب البلاهة والحمق، وعندئذ يقع تحدّي الشخص الذي تقدم بالاقتراح ليعيد توضيحه وشرحه وتفسيره بعبارات أكثر دقة وأبعد ما يكون عن السخف.
إنّ من أهم فوائد هذا التكتيك هو أنه يدفع بالخصم إلى الحديث المطول وبذلك يفتح مغاليق أبواب أهدافه ومقاصده التي طالما تستر وتكتم عليها.
6 التصيّد:
هنا يتقدّم المفاوض بطلب يفوق أي مستوى يحتمل أن يوافق عليه الخصم بهدف اكتشاف ردود فعله لكن قبل أن يلتجئ إلى هذا التكتيك يحسن بالمفاوض أن يفكّر في ردود أفعال الخصم التي لا تخرج عمّا يلي:
أ الرفض:
يجب أن يكون لدى المفاوض موقف مخطّط له بشكل مسبق للتعامل مع هذه الاستجابة السلبية ينقذه ويجنبه تكبد خسائر فادحة كأن يتمّ تقديم المطلب من الرجل «الثاني» في الفريق التفاوضي بحيث يبادر رئيس الفريق إلى التأكيد على أنّ زميله كان جادا ومع ذلك فإنّ لكل قضية وجهين دائما ويطلب رأي الخصم في المطلب المقدم.
إنّ مثل هذه الإجابة الدبلوماسية تستهدف تحقيق غرضين اثنين:
تعبيد الطريق للتراجع مع حفظ ماء الوجه إذا جاء موقف الخصم مؤكدا تمكسه برفضه وكان رأيه معلّلا ومدعما بالحجج والبراهين التي لا يستطيع المفاوض أن يفعل شيئا حيالها.
اجبار الخصم على شرح قضيته وبهذا يعرض آراءه لمزيد من الاستفسار ويكشف عن دالة تفضيله.
ب القبول:
هي استجابة ممكنة وايجابية على كل حال الاّ أنّ المفاوض لا ينبغي أن يسترخي وينبسط لمجرّد قبول مطلبه بل عليه أن يستكنه الأسباب والدوافع التي تفسّر هذا القبول «المفاجئ» فربما كان قبولا ملغوما ومفخخا.
ت الإجابة المنطقية:
استجابة تعكس مدى جدية الخصم في التعامل مع القضايا المطروحة على طاولة التفاوض وهذا ينبغي أن يشكّل أقوى حافز للمفاوض على إعادة تقويم توقعاته وقوّة حججه بالمقارنة مع موقف الخصم.
II تكتيكات ممارسة الضغط:
تتمثّل هذه التكتيكات فيما يلي:
1 التهديد:
يظلّ الهدف من التهديد سواء مارسه المفاوض مباشرة أو بشكل غير مباشر بفظاظة أو بلباقة هو حمل الخصم على تقديم تنازلات.
هذه التهديدات يمكن أن تتخذ مظاهر عديدة منها:
التهديد الشخصي حيث يلجأ المفاوض إلى التشكيك في نزاهة خصمه ومصداقيته وتثبيط همته.
التهديد بإجراء شيء ما كالقول إنّنا سنعلن الاضراب أو سننسحب من المفاوضات أن لم تستجيبوا إلى كذا أو كذا.
2 نعم / لكن:
تمثّل كلمة (لا) التزاما محدّدا وموقفا نهائيا وبالتالي على المفاوض ادخارها لمناسبات معيّنة. ونظرا للمخاطر الخاصة بهذا التكتيك والمضار الأكيدة التي تنجم عن استخدامه فإنّ النفي المطلق يكاد ينعدم في بعض الثقافات إذ نجد فيها ثلاثة معان لكلمة (نعم) أحدها (لا) والثاني (ربّما) وآخرها (نعم).
ولذلك يفضل المفاوضون المهرة الاجابة عن السؤال بسؤال والمثال التقليدي في الحياة العملية هو مثال الزوجة التي تجيب عن الدعوة إلى حضور حفل بالسؤال التالي: ماذا أرتدي؟
3 المطالب الكبيرة:
يقتضي هذا التكتيك التقدّم بمطالب مغالى فيها لاستخدامها في مرحلة معيّنة من المفاوضات كتنازلات كما تستهدف إضعاف ثقة الآخر بنفسه ودفعه إلى مراجعة توقعاته وإعادة النظر في أهدافه في اتجاه التخفيض من سقفها.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أنّ المطالب الكبيرة قد تنبئ عن موقف قوّة وقد لا تؤشر على ذلك والسبيل الوحيد لاكتشاف حقيقة هذه المطالب والوقوف على الأهمية التي تمثلها هو باستعمال التفاوض بواسطة الاستجواب والتركيز خاصة على الأسئلة المباشرة والمحدّدة.
4 التجاوز:
قد يلجأ الخصم إلى تجاوز المفاوض من خلال الاتصال بمن يفوقونه مكانة في محاولة لإضعاف موقفه وعزله عن مصادر دعمه ويمكن أن يعرضه ذلك لضغط شديد لا سيما إذا كان دعم رؤسائه أو من يمثلهم ضعيفا.
إنّ أفضل طريقه لمواجهة هذا التكتيك هو تنبيه المسؤولين في منظمة المفاوض مسبقا.
5 اثارة الخلافات بين أعضاء الفريق:
إنّ الاختلاف في الإدراك والخبرة والآراء داخل الفريق الواحد هو معطى ثابت لا يحتاج إلى برهان.
وتتمثّل أهم وأنجع طريقة للرد على محاولات الخصم الهادفة إلى دق الإسفين في العلاقة الرابطة بين أعضاء الفريق التفاوضي هي تأكيد المشاركة الكاملة لجميع أعضاء الفريق عند التخطيط للمفاوضات وكذا حسن توزيع الأدوار بينهم والتمرن جيدا علي هذه الأدوار قبل انطلاق المفاوضات وتوقع محاولات الاختراق هذه ومن ثمّة سد كافة المنافذ التي قد تساعد على احداث شروخ داخل الفريق التفاوضي.
6 استخدام الأسئلة مع التوقف:
يستعمل المفاوض المتمرس عادة أداتين رئيسيتين:
الصمت: وهو من أكثر الأسئلة فتكا فإذا ما شنّ الخصم هجوما غير مبرر أو تقدم بمقترح غير معقول فإن الرد الأفضل هو التزام الصمت فالصمت يوجد انطباعا بحدوث مأزق ويحمل الخصم على كسر هذا الحاجز بالإجابة عن السؤال المطروح او تقديم عرض جديد.
استخدام الأسئلة بدلا من الجمل الخبرية: إذ الأخيرة تولد المقاومة في حين تستدعي الاسئلة إجابات وهذه الاجابات تسهل فهم الطرف الآخر واكتشاف مقاصده الخفية.
وإذا توجهت بسؤال الى الطرف الآخر فلا تستعجل الإجابة بل انتظر فالناس لا يشعرون بالارتياح مع الصمت وتوقف حتى تأتيك الإجابة ولا تنتزع خصمك من المصيدة بطرح سؤال جديد.
7 قد يضرك اكثر مما يضرني:
هذا التكتيك الدفاعي يفضله رهط كبير من المفاوضين المتمرسين ويقوم على اقناع الخصم بان الموافقة على مطالبه تلحق ضررا افدح بكثير من الضرر الذي قد يصيب المفاوض.
هذا التكتيك مفيد فقط عندما يستخدمه مفاوض مع خصم يتطلع الى المستقبل ومقتنع بنزاهة المفاوض.
8 تقليص الاختلافات:
يساعد هذا التكتيك على تجسير الفجوة بين اطراف التفاوض عند وصولها الى نقطة يغدو معها الاختلاف في المواقف صغيرا وأن عامل الوقت أصبح يشكل أداة ضاغطة عليهما بحيث يدفع في اتجاه تقليص الاختلافات بينهما.
ويتميز هذا التكتيك بسهولته وبالتالي لا بد من مقاومة إغراء استخدامه وعليه فإن المفاوض مدعو الى توخي الحذر خاصة اذا ما تبين له ان تقليص الاختلافات يخدم بالدرجة الاولى مصالح خصمه وذلك من خلال تجنب تقديم تنازلات حتى وان كانت صغيرة أكثر مما هو متوقع من قبل خصمه لأن هذا الاخير قد يلجأ بعد ذلك الى وضع المفاوض في وضعية تقليص الاختلافات.
9 الشروط المسبقة:
لابد أن يعتمد المفاوض لدى استخدامه تكتيك الشروط المسبقة على القوة التي تنبع من معقولية هذه الشروط.
ثمة مواقف ترتبط باللجوء الى هذا التكتيك كأن يمتلك المفاوض القوة الكافية لفرض هذه الشروط او ان تكون هذه الشروط من النوع الذي يساعد على خلق ارضية مشتركة بين الطرفين ويحول دون هدر الوقت المخصص للمفاوضات.
من الضروري الانتباه الى ان هذا التكتيك غالبا ما يولد استياء لدى الطرف الاخر بحسبانه شكلا من أشكال الاكراه ومع ذلك فإنه لابد من ملاحظة ان الشروط المسبقة التي تستمد قوتها من وجاهتها لا تولد هذا الامتعاض لدى الخصم.
وفي كل الاحوال فإن تقرير مدى استخدام هذا التكتيك يفرض الاخذ بعين الاعتبار المزايا العائدة من استعماله دون تجاهل ما يفرزه من إحباط لدى الطرف الثاني.
وتتم مواجهة هذا التكتيك في اغلب الاحيان برفض الشروط المسبقة أو بتقديم شروط مسبقة في المقابل.
10 طلب الرد على العرض المقدّم:
قد يتقدم المفاوض بعرض ما يجابهه الطرف الآخر بصمت مطبق او بإبتسامة مبهمة لا توحي بشيء. إن استجابة كهذه قد تدفع المفاوض الى إعطاء المزيد من التنازلات في محاولة منه للتوصل الى اتفاق اعتقادا منه ان الصمت الذي قوبل به قد يعني اعتراضا على ما طرحه.
إن الخطأ الذي اقترفه المفاوض في هذه الحالة هو إهماله لتكتيك مهم يتمثل في الالحاح على الحصول على اجابة واضحة عن مقترحاته قبل إجراء أية تعديلات عليها.
إن استخدام تكتيك طلب الرد على العروض مناسب ومفيد في كل الاستراتيجيات التفاوضية وهو تكتيك كثيرا ما يتم الرد عليه بإتباع الطرق التالية:
السكوت، اذا كان ذلك سيجبر الطرف الذي تقدم بالعرض على الاستمرار في الحديث وبالتالي تقديم المزيد من التنازلات.
التنويه بعدم وجود سلطة كافية.
تقديم عرضغير واقعي في المقابل.
طلب التوضيح وإثارة بعض القضايا قبل الرد على العرض.
11 حفظ ماء وجه الطرف الآخر:
يقوم هذا التكتيك على مفهوم اساسي مفاده ان السماح للطرف الاخر بالتنازل عن مطلبه دون ارباكه يفرض على المفاوض تجاهل الموقف او إعطاء تفسير مختلف لهذا الموقف او تغيير لهجة المفاوضات، ويتم حفظ ماء وجه الخصم من خلال:
إعطاء معلومات جديدة حول القضية محل التفاوض فمن شأن هذه المعلومات ان تكون ذريعة تسمح للطرف المقابل لتصرف كما لو كان يستقبل معلومات جديدة تبرر التغيير في موقفه السابق.
تفسير موقف الطرف الاخر تفسيرا مختلفا عما قصده فبقدر ما يظهر أمام نفسه وامام الآخرين بأنه أقل ترويعا أو تهديدا بقدر ما سيكون من السهل حفظ ماء وجهه.
إتخاذ إجراء ما يتيح للخصم الانسحاب والتراجع عن الموقف.
تغيير لهجة المفاوضات وتوخي اسلوب أكثر لطفا.
تغيير البنود المطروحة على جدول الأعمال.
وإذا كان هذا التكتيك يستعمل لكسر الجمود الذي يظهر عندما يضع أحد الاطراف نفسه في زاوية يجد صعوبة كبرى في الفكاك والانفلات منها فإنه لا يستخدم في ظل تبني استراتيجيات عدوانية تحرص على إرباك الطرف الآخر وإذلاله.
12 إنهاك قوى الخصم:
المفاوضات عمل شاق، هذه حقيقة لا مراء فيها لذلك فهي تتطلب الكثير من الصبر والتركيز وقد تجري في ظروف غير مؤاتية (غرف قليلة التهوئة وشدية الحرارة) هذا بالإضافة إلى أن المجهود التفاوضي هو مجهود يسبق ويتخلل ويلي المفاوضات:
الحوار مع المنظمة.
إعداد التقارير.
البحث عن المعلومة.
إجراء الاتصالات.
هذا زيادة على الصعوبات الناجمة عن التكتيكات المستخدمة من قبل الخصم الذي يطيل بصفة مصطنعة في أمدها فيحرم بذلك المفاوض من الفرص القليلة التي تتوفر للراحة ويعمل بكل ما أوتي من جهد ليتحول الانهاك الى عامل مسيطر على المفاوضات.
وبالرغم من ان استخدام هذا التكتيك يظل امرا مريبا وعملا بعيدا عن كل اخلاق الا ان جذوره واصوله قديمة يقول BACON في هذا الصدد: «إذا كنت تهدف الى كسب المهمة فعليك ان تكرم وتسلس الفريق الذي تتعامل معه بحديث آخر يقلل من يقظته في إثارة الاعتراضات».
13 تقديم تنازلات مقابل الحصول على تنازلات:
«أصيب ذئب بجرح عميق فقبع في مخبئه حتى كاد الجوع والعطش يهلكانه وبينما هو على هذه الحال مر بجانبه خروف سمين فطلب منه الذئب أن يأتيه بقليل من الماء من جدول قريب فأجابه الخروف قائلا: «إذا كان عليّ ان أتيك بالماء فإنك بلا شك ستجعلني أوفر لك اللحم».
يستند هذا التكتيك على طلب تنازل مقابل تنازل وتجنب تقديم تنازلات دون الحصول على مقابل.
وتتم مواجهة هذا التكتيك من طرف المفاوض بمقاومة كل المغريات والضغوط التي تدفعه الى تقديم تنازل إجابة عن كل تنازل يقدمه الخصم هو عليه أن يتوخى الحذر بحيث لا يقدم تنازلات لا تنسجم مع اهدافه او استراتيجياته.
14 المساومة:
يستمد هذا التكتيك قوامه من مفهوم اساسي مفاده ان المساومة هي عملية تبادلية يسعى خلالها كل طرف الى ان يقدم تنازلات صغيرة غير ذات معنى مقابل الحصول على مغانم كبيرة.
إن الناس عادة يقدرون ما يحصلون عليه على سبيل الكسب والغنم هذه القاعدة الثابتة يجب ان تدفع المفاوض الى اختيار تنازلات بحيث تبدو ذات معنى بالنسبة الى الطرف الاخر حتى يوطئ بذلك للاجابة على هذا التنازل بتنازل أما اذا كانت التنازلات المقدمة من المفاوض لا قيمة لها من وجهة نظر الطرف المقابل فلا ينبغي ان نتوقع ردا على هذه التنازلات وانما عدم اكتراث قد يدفعنا الى تقديم المزيد وعليه لابد للمفاوض أن يدرك حقيقة اختلاف احتياجات الاطراف المتفاوضة واهتماماتها ومصالحها واهدافها، حقيقة ان هذه الاطاف لا تقيم وزنا متكافئا لكل تنازل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.