سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تعنيف النساء تجاوز لحقوق الانسان وضرب لمبدأ المساواة بين الجنسين مسؤولة برنامج النوع الاجتماعي والتنمية بالوكالة الاسبانية للتعاون الدولي السيدة ايران لوبو «للشعب»:
سلمى الجلاصي
هادئة وقليلة الكلام تجدها دائما في التظاهرات والندوات المختصّة في مجال مقاومة ظاهرة العنف المسلّط على المرأة، تتابع، تكتب، تبتسم للجميع ولكنّها ترصد كلّ شيء بحنكة العارف الخبير كانت لنا فرصة متابعة أحد دروسها الذي ألقته أمام الصحافيين خلال ورشة لدعم قدرات الصحفي في التطرق لموضوع العنف ضدّ المرأة فبدت خلاله شديدة الحماس كبيرة الأحلام، تحلم بالالتفاف الجماعي لمقاومة هذه الظاهرة السلبية... إنّها السيدة «ايران لوبو» مسؤلة برنامج النوع الاجتماعي والتنمية بالوكالة الاسبانية للتعاون الدولي. التقيناها في مكتبها لمزيد تسليط الضوء على برنامج مقاومة العنف ضدّ النساء فكان هذا الحديث: المساواة أوّلا اهتمام الوكالة الاسبانية للتعاون بموضوع العنف المسلّط على المرأة في تونس ومنطقة الشمال الافريقي هل يندرج في اطار تصدير التجربة الاسبانية الرائدة في هذا المجال؟ إنّ الوكالة الاسبانية مهتمّة خاصّة بدعم موضوع المساواة بين الجنسين وهو أمر يحتل أولويّة قصوى في كل برامجنا داخل تونس وخارجها، والتصدّي للعنف المسلّط على المرأة ومقاومته هي احدى النقاط المندرجة في برنامجنا لاقرار المساواة بين الجنسين ولكنّها نقطة مهمّة لأنّ العنف ضدّ النساء هو خرق لحقوقهن واعتداء على الانسانية، وهو عنف مرتكز في مجمله على الميز الجنسي. لذلك كلّما وجد عنف لا نستطيع الحديث عن مساواة بين الجنسين ومن هذا المنطلق تكمن أهمية مقاومة هذه الظاهرة المنتشرة في كل بلاد العالم. والوكالة الاسبانية تعمل لمقاومة العنف المسلّط على النساء في مختلف البلدان في اطار تكاملي يرمي إلى تبادل التجارب وليس فقط لتسويق تجربتنا في المجال، فالهدف هو التشارك والاستفادة من كل الدروس والاعتبار منها لتطوير أساليب العمل في مقاومة هذا العبء العلمي الذي يستهدف النساء في كل مكان. في اطار سعي الوكالة إلى تطوير أساليب مقاومة هذه الظاهرة في تونس تعاملتم مع الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ضمن مشروع ضخم يستمرّ ثلاث سنوات، كيف وجدتم التعامل مع الديوان؟ لقد كانت تجربتنا مع ديوان الأسرة والعمران البشري تجربة جيدة فالديوان شريك مميّز نظرا لإمكانياته العالية ونظرا للمهارات التي يتمتّع بها العاملون فيه، فمبادئ مشروعنا في مقاومة العنف المسلّط على المرأة نتقاسمها مع سياسات وأهداف ديوان الأسرة والعمران البشري في تونس الذي قام في هذا المجال بجهود بيّنة على مستوى العاملين فيه، فالديوان يسعى إلى تغيير عقليات الناس ونوعيتهم بمخاطر تعنيف المرأة وآثار هذه الممارسات السلبية على الأسرة والمجتمع، وهو أمر ليس هيّنا فالديوان كمؤسسة رسمية كان لمسيّريه الكثير من الشجاعة في التعاطي مع هذا الأمر الحسّاس الذي كان في السابق من المواضيع شبه المحظورة، واسمحي لي أن أهنئ ديوان الأسرة والعمران البشري على شجاعته وعلى الجهود الكبيرة التي بذلها في اطار مشروع مقاومة العنف المسلّط على المرأة الذي انقضى منه اليوم سنتان ومازال من عمره سنة. مشروع التعاون التونسي الاسباني في مجال مقاومة العنف ضدّ المرأة انقسم إلى جزأين جزء أوّل ثمّ جزء ثان ينطلق، ما الذي تمّ تحقيقه إلى اليوم وماهي ملامح الجزء الثاني؟ لقد حققنا نتائج رائعة ضمن الجزء الأوّل من هذا المشروع أهمّها تمكّننا من طرح هذا الاشكال والتطرّق إليه في مستوى المجتمع والإقرار به كظاهرة اجتماعية تطال كلّ العالم. ظاهرة يجب أن تخرج إلى العلن ولا يجب أن تبقى حبيسة الجدران الاسرية. فقد بدأ الحديث عنها وجمّعت حولها المعطيات والشهادات... نستطيع أن نقول أنّنا خرجنا من الصّمت واخترقنا جدرانه السميكة المرفودة بالعادات والتقاليد والدين والأخلاق... فنجاح القسم الأوّل من مشروعنا هو هذه الخطوة المهمّة التي حققناها وهي الخطوة الأساسية لمعالجة هذه الظاهرة في تونس. ولكننا عملنا أيضا مع الديوان في هذه المرحلة الأولى ضمن عشر ولايات أو أقاليم تونسية فتمّ التحسيس بالموضوع والعمل حوله، كما تمكنا من التحسيس بأهمية معالجة هذا الأمر بالتعاون مع الصحافيين التونسيين الذين وجدنا منهم التفافًا وحماسة وكذلك الأمر مع مختلف الشركاء كوزارة المرأة والأسرة والطفولة والمسنين وبعض الجمعيات المهتمة بالمجال كجمعية النساء الديمقراطيات وجمعية النساء الباحثات حول التنمية. وماذا عن ملامح الجزء الثاني من هذا المشروع؟ نهدف أوّلا إلى أن يغطّي المشروع مختلف مناطق البلاد لذلك سنعمل على التدخل مع مصالح الديوان في الأربع عشرة ولاية المتبقية أي التي لم نعمل معها في القسم الأول. ومن جهة أخرى لنا هدف رئيسي ثانٍ هو اعداد دراسة وطنية حول العنف ضدّ النساء، ستكون شاملة كميّا وكيفيا وذلك بالتعاون مع المعهد الوطني للإحصاء بالتنسيق مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة والمسنين. كما سنعمل لمواصلة التحسيس بأهمية هذا الأمر من خلال مزيد تكوين العاملين بالديوان الذين هم في الغالب في علاقة مباشرة بالمواطنين في مختلف المناطق، اضافة إلى مواصلة الشراكة مع الصحافيين ومختلف وسائل الاعلام. ومن النقاط المهمّة كذلك في هذا الجزء الثاني من المشروع تكوين مرصد مغاربي لمتابعة حالات تعنيف النساء في بلدان المغرب العربي (تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا وليبيا) وذلك بمساندة صندوق الأممالمتحدة الانمائي وبدعم مع الوكالة الاسبانية للتعاون بالطبع وقد قطعت خطوات مهمّة في المجال وسيمثّل تونس كل من الوزارة وديوان الأسرة والعمران البشري وسنتعاون أيضا مع مكوّنات المجتمع المدني المهتمة بهذا الأمر. تعاونكم مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة والمسنين هل سيعرف التطرّق لنقاط أخرى لم يقع البحث فيها مع الديوان أم هو فقط توسيع لمجال التدخل؟ هدفنا الرئيسي هو اقرار المساواة وعملنا مع الوزارة يبدو حتميا لأنّ الوزارة هي سلطة الاشراف في الموضوع، ونحن سعداء لأنّ الوزارة قد بدأت بعْدُ في وضع استراتيجية عمل لمراقبة ورصد ظاهرة العنف ضد المرأة فتمّ مقاومتها أو الحدّ منها وبهذه الاستراتيجية الكبرى سنؤطر مشروعنا الذي سيندرج ضمنها ويوفّر لنا اطارا جيّدا للعمل سيجنبنا بالتأكيد ضياع الوقت والجهد من خلال التنسيق وعدم تكرار التجارب... فهمنا من خلال حديثكم أنّ الوكالة الاسبانية للتعاون تتعامل أيضا مع مكوّنات المجتمع المدني في تونس فكيف يتمّ هذا الأمر؟ إنّ الكثير من مشاريعنا تحتاج إلى تدخل الجمعيات غير الحكومية فهناك مشاريع للتنمية الريفيّة ومشاريع لدعم المشاريع الاقتصادية للمرأة وهي أمور تدعمها الوكالة ولكن دائما من خلال الشراكة مع مكونات المجتمع المدني في اسبانيا، ونحن نأمل أن نتمكّن من توطيد تعاملنا مع بعض الجمعيات الرائدة في مجال مقاومة العنف ضدّ المرأة كالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي انجزت أعمالا مهمّة في المجال.. ولدينا مشاريع تعاون مع جمعيات أخر ى كالاتحاد الوطني للمرأة والجمعية التونسية للنساء الباحثات حول التنمية.