في بلدنا الجميل، وفي احدى مناطقه التي لا تذكر إلا لماما تكتشف مظاهر ومفاخر تدعو الى الاعجاب والانبهار وتبرز مدى قدرة هذا الشعب على الابداع. ذلك ما رصدته في منطقة زاوية المقايز من معتمدية الهوارية ولاية نابل وانقله لكم للإفادة. قرية في ثوب مدينة عندما تقترب من أهالي هذه القرية التي يقطنها ما يقارب 2300 مواطن تسترعي انتباهك ذهنية أهلها وطريقة حياتهم التي تقترب من سلوكيات سكان اعرق المدن في اللباس والطباع والمطبخ. قد يعتقد أي باحث ان السبب عائد الى أصول مؤسسيها المدينيّة الذين قد يكونون نزحوا لها من الحاضرة. غير ان قليلا من الجهد والامعان يحعلنا ندرك السبب اذ كانت هذه القرية لمدة قرنين منارة علمية بنواميس ذلك التاريخ عبر زاوية سيدي احمد المقايز بها مما جعل قاطنيها يختلطون بالقادمين الباحثين عن تلقي المعارف بل ويحترف بعضهم تقديم الخدمات المختلفة للدارسين. «سيدي احمد المقايز» الاسم التاريخي للقرية هو «القصر الابيض» ثم تحول الى زاوية المقايز نسبة الى الولي «سيدي احمد المقايز» الذي قطن القرية ودرس بها وبنيت له بها زاوية تحولت الى فضاء معرفي تعليمي بمقاييس ذلك الزمان طبعا ويروى ان روادها قدموا اليها من كل المناطق وحتى من المغرب والجزائر وليبيا. وفي زمننا الحاضر رممت زاويته وهي تحتضن العديد من الانشطة التي على أهميتها بقيت محدودة ويسعى البعض الى اعادة الاشعاع لها وذلك بتنظيم مهرجان «سيدي احمد المقايز» الذي انعقد هذه السنة في دورته الاولى تحت اشراف المندوبية الجهوية للشباب بنابل ونادي الشباب الريفي بزاوية المقايز وعرف نجاحا منقطع النظير. عندما يتحول القصب الى ذهب يوجد بالمنطقة نبات «القصب» بكثافة واعتمادا على هذه المادة الخام بدأت صناعة جديدة ارتقت الى درجة الفن فمنه تصنع الواقيات من الشمس التي تنتشر في اغلب شواطئنا المهيأة من بنزرت الى جربة وكذلك التحف الفنية وحاميات المغروسات اما احدث منتوج فهو ستائر النوافذ فهي بالاضافة الى قدرتها الخارقة على الحماية من الشمس تعطي للمكان مسحة جمالية وتضفي عليه روعة البساطة. بالمناسبة قطاع صناعة القصب يشغل ما يقارب 200 نفر ويعول اكثر من 60 عائلة وهو قطاع مربح جدا يحتاج الى مزيد من الدعم والتعريف به. لبيب كلنا نحب لبيب فهو رمز النظافة ومعه ندرك مدى أهمية سلامة المحيط الذي نعيش فيه. عبد القادر هو «لبيب» زاوية المقايز فهو المسؤول عن تنظيف القرية تراه يجوب احياءها وازقتها كل صباح مصحوب بعربته التي يجرها 0حمار (كريطة) «قدور» كما يناديه الجميع يجهد نفسه في عمله وهو المعروف بروحه المرحة، يتبع قدور وزميله عملة الحضائر ويتقاضى ما يقارب 168 دينارا شهريا ومن هذه الجراية الهزيلة يجب عليه أن يرعى ويغذي حماره وان يتعهد العربة المحتاجة دوما الى إصلاح عجلاتها المهترئة أصلا وان يشتري أدوات رفع الفضلات ورغم ذلك يبقى «قدور» دوما ضحوكا نتمنى ان يقع انتدابه احتفالا بقدوم ابنه الرابع. إعلامية رغم انها قرية اختار شاب من أبنائها ان يستثمر أموال قرضه الصغير والمعارف التي قضى السنوات الطوال لتحصيلها في مشروع للاعلامية الموجهة للطفل فكان فضاء ممتعا جمع بين نقاوة الطبيعة والتقنيات الحديثة لوسائل الاتصال العصرية. لامه الكثيرون على عدم الإستثمار في تربية العجول ولكنه اختار المعرفة وتلك سمة اخرى من سمات هذه القرية المدينة. بعيدا عن الاشهار المجاني إذ ان جميع الأطفال والشباب حرفاء بل بالاحرى رواد لفضاء الإعلامية الموجهة للطفل اختار له من الاسماء DREAMINFO بكل الابعاد الممكنة للحلم. بشرى إضافة الى المدرسة الاعدادية بالقرية وقعت برمجة بناء معهد ثانوي بها وستنطلق أشغال بنائه في القريب العاجل ليحتضن ابناء المنطقة ويريحهم من عناء السفر صباح مساء.