في هذه المرحلة التي يتفرّغ فيها أطراف الانتاج إلى دورة جديدة للمفاوضات الجماعية ببلادنا ويكثر فيها الحديث عن المفاوضات في الجوانب الترتيبية والمادية رأينا ان نوافي النقابيين وبقيّة الأطراف الاجتماعيين والقرّاء بهذه المعطيات حول مقولة أساسية ونعني بها العمل اللائق هذه المقولة التي تغني الجميع وتؤشر لمستوي التحضّر لأي بلد بل هي عمق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية والتي وان اعتبرها بعض النقابيين في وقت من الأوقات صيغة مائعة ومرّ عليها المسؤولون مرور الكرام وحاول بعض أصحاب الأعمال السخرية منها فإنّها تستحق من الجميع الإمعان والتفكير والتمحيص فمن دونها لا يمكن أن نتحدّث عن العمل بالمعنى الصّحيح، ولأنّ ما تعنيه هذه المقولة هو صمام الامان أمام التوترات الاجتماعية ومن دونها لا وجود لانسانية الانسان، ولذلك نورد فيما يلي هذه المقاربة للأخ مازن عودة ناصر.. خلفية عامة جاءت فكرة برنامج العمل اللائق من منظمة العمل الدولية والذي كان الهدف الرئيسي منه تقليص عدد الفقراء الذين وصل عددهم نحو 6،1 مليون شخص على مستوى العالم عام 2005. الاعلان الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة أكد أهمية دعم جهود منظمة العمل الدولية لانجاح هذا البرنامج. العناصر الرئيسية للإعلان الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي تشجيع المانحين والتنسيق مع الوكالات من أجل تحقيق أهداف الاستخدام المنتج والعمل اللائق للجميع. دعوة صناديق الأممالمتحدة وبرامجها ووكالاتها ومؤسساتها المالية إلى دعم الجهود المبذولة لتضمين برامجها وأهدافها العمل اللائق والمنتج للجميع. دعوة اللجان الاقليمية إلى النظر في كيفية مساهمة أنشطتها في تحقيق أهداف الاستخدام الأمثل والمنتج والكامل والعمل اللائق. دعوة منظمة العمل الدولية إلى التركيز على تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتعزيز الاستخدام المنتج والكامل واللائق للجميع ودراسة امكانية تصميم خطط عمل وبرامج تنفذ بحلول عام 2015. ماهو العمل اللائق؟ توفير فرص العمل المناسب التي تتضمن: 1 المساواة وإلغاء التميّز. 2 الحرية 3 الكرامة الإنسانية 4 الأجر الكافي والعادل لتأمين حياة كريمة للعامل وأسرته. جدول العمل اللائق خلق الوظائف من خلال توفير البيئة المناسبة للاستثمار الذي يولد فرص عمل تؤمن العيش الكريم للعامل وأسرته. احترام وتأمين الحقوق الأساسية في العمل بحيث يتمّ مراعاة مشاركة فعّالة للعمال في القوانين وحرية التنظيم وعدم التدخل في الشؤون النقابية. توسيع مظلة الحماية الاجتماعية من خلال تأكيد أنّ الرجال والنساء يعملون بشروط عمل آمنة تسمح بوقت للراحة وتقدم تعويضا مناسبا في حال فقدان أو انخفاض الدخل وتضمن عناية صحية مناسبة. تعزيز الحوار الاجتماعي لأنّه أفضل أداة لتفادي وحل النزاعات الفردية والجماعية، خاصة اذا ما توفرت مؤسسات مؤطرة قانونية للحوار ومنظمات أصحاب عمل وعمال قوية تعمل على حل الخلافات واستقرار علاقات العمل وبناء مجتمعات متماسكة. منظور منظمة العمل الدولية ترى منظمة العمل الدولية أنّ جدول العمل اللائق لابد أن يأخذ في الحسبان ما ورد في الاتفاقيات الأساسية والتي تتمحور في أربعة محاور رئيسية اضافة الى اعلان المبادئ والاتفاقيات الخاصة بالحوار الاجتماعي والاتفاقيات الخاصة بحماية ممثلي العمّال. مضمون اعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل 1998 جميع الدول الأعضاء بموجب انضمامها إلى المنظمة قد قبلت: بملء ارادتها المبادئ والحقوق الواردة في دستور منظمة العمل الدولية وفي اعلان مبادئ فيلادلفيا. تعهدت على تحقيق الأهداف العامة للمنظمة بكل الوسائل المتوفرة لديها وبما يتماشى وظروفها الوطنية. المبادئ والحقوق قد ترجمت على شكل حقوق والتزامات محدّدة في عدد من الاتفاقيات التي يقرّ بأنّها اتفاقيات أساسية سواء داخل المنظمة أو خارجها. جميع الدول التي لم تصادق على الاتفاقيات بمجرد انتمائها إلى المنظمة أصبحت ملزمة بأن تحترم المبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسية الواردة فيها. محاور الحقوق الأساسية في العمل الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضات الجماعية القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الالزامي القضاء الفعلي على عمّال الأطفال القضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة. مضمون الحقوق الأساسية في الاتفاقيات الدولية الحرية النقابية والاقرار الفعلي بحق المفاوضات الجماعية 1 الاتفاقية الدولية (87) لسنة 1984 بشأن الحرية النقابية وحق التنظيم 2 الاتفاقية الدولية (98) لسنة 1949 بشأن حق التنظيم والمفاوضات الجماعية. وتتضمن هاتان الاتفاقيتان: الحق لجميع العمّال وأصحاب العمل دون تمييز بتأسيس أو الالتحاق بمنظمات نقابية دون أي تدخل بهدف الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم المهنية في اطار مفاوضات جماعية تنظم قانونيا لهذه الغاية. ربط هذه الحقوق بالحقوق الأساسية والخاصة بحرية التعبير وحرية الرأي والتعبير. تابع الاتفاقيات الأساسية القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي: 1 الاتفاقية الدولية (29) لسنة 1930 بشأن العمل الجبري 2 الاتفاقية الدولية (105) لسنة 1957 بشأن إلغاء العمل الجبري. وتتضمّن هاتان الاتفاقيتان تشجيع الحكومات على اصدار قوانين بهدف: تحديد جميع أنواع العمل الجبري وضع عقوبات رادعة بهدف القضاء عليه تحفيز المجتمع على تفادي جميع أنواع التميز المباشر وغير المباشر. تابع الاتفاقيات الأساسية القضاء على عمل الأطفال الاتفاقية الدولية (138) لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى للسن الاتفاقية الدولية (182) لسنة 1999 بشأن اسوإ أشكال عمالة الأطفال. وتتضمّن هاتان الاتفاقيتان: تطبيق تعبير الطفل على جميع الأشخاص الذين هم دون سن الثامنة عشرة. تحديد أسباب عمالة الأطفال ووضع البرامج المناسبة للحد منها. تطبيق هذه الاتفاقيات كحد أدنى على قطاعات: التعدين، قطع الأشجار، الصناعة التحويلية، البناء، الكهرباء، الغاز والمياه والنقل والتخزين. تابع الاتفاقيات الأساسية القضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة 1 الاتفاقية الدولية (100) لسنة 1959 بشأن المساواة في الأجور والمهنة 2 الاتفاقية الدولية (111) لسنة 1959 بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة وتتضمن هاتان الاتفاقيتان: تشخيص جميع أنواع التمييز وضع عقوبات رادعة بحق المخالفين اعتماد مبدأ القدرة والكفاءة في التشغيل الاتفاقيات الخاصة بالحوار الاجتماعي: الاتفاقية (144) المشاورات الثلاثية: وتتضمّن أجراء مشاورات فعّالة بين ممثلي الحكومة وممثلي أصحاب العمل والعمال بشأن أنشطة منظمة العمل الدولية على أن تقوم المنظمات باختيار ممثليها لذلك وعلى أن يتمّ تمثيل أصحاب االعمل والعمال بالتساوي في جميع الهيئات التي تجرى فيها مشاورات ثلاثية أن تقوم منظمات العمال وأصحاب العمل باختيار ممثليها في اجراء المشاورات مع ممثلي الحكومة. تابع الاتفاقيات الخاصة بالحوار الاجتماعي الاتفاقية رقم (154) تشجيع المفاوضة الجماعية وتتضمن: جميع أنواع المفاوضات التي تجرى بين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب العمل أو واحدة أو أكثر من منظمات أصحاب العمل من جهة ومنظمة عمال أو أكثر من جهة أخرى من أجل: تحديد شروط العمل والاستخدام تنظيم علاقات العمل بين أصحاب العمل أو منظماتهم ومنظمة أو منظمات العمال. تسير المفاوضات الجماعية لجميع أصحاب العمل وجميع مجموعات العمال. تشكيل هيئات ووضع اجراءات لتسوية النزاعات لكي تساعد على تعزيز المفاوضة الجماعية. الاتفاقيات الخاصة بحماية ممثلي العمال الاتفاقية رقم (135) توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال والمؤسسات وتتضمن: يتمتع ممثلو العمال في المؤسسات بحماية فعلية من أي تصرفات تضر بهم، بما فيها التسريح ويتخذ بسبب وضعهم أو أنشطتهم كممثلين للعمال أو عضويتهم النقابية أو اشتراكهم في أنشطة نقابية شريطة أن يعملوا وفقا للقوانين أو الاتفاقيات الجماعية القائمة أو وفقا لترتيبات أخرى متفق عليها بصورة مشتركة النقابي. دور النقابات العمالية في تحقيق العمل اللائق دور النقابات العمالية: 1 على المستوى الدولي: هناك تنافس في معظم الدول النامية ومنها العربية على جلب الاستثمار الأجنبي من خلال التنافس على تقديم للمستثمرين. في ظل العولمة جميع عناصر الانتاج تحرّرت باستثناء اليد العاملة في سبيل ذلك تحاول كثير من الحكومات النيل من الحركة العمالية التي هدفها تحسين ظروف شروط وبيئة العمل والاستقرار في علاقات العمل وهذا بالطبع يتعارض مع مصالح أصحاب العمل. الحركة العمالية العربية ومن خلال الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وبالتنسيق مع الاتحادات الدولية مطالبة بالتحرك وتنسيق المواقف في مواجهة هذه الآثار السلبية والعمل على تشجيع العولمة العادلة التي تتضمن استثمارات تتماشى والحقوق الأساسية وحق التجمع والحق الإداري. تابع دور النقابات 2 على المستوى الوطني: تطوير تشريعات العمل بحيث تعترف ب: الحقوق الفردية ومنها الحق في: العمل، الأجر المناسب، الضمان الاجتماعي المعلومات والاطلاع على الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسة). الحقوق الجماعية: الحق في: التنظيم والعمل للجميع، المفاوضات الجماعية، حق الاضطراب والحق في المشاركة في آليات النزاعات الفردية والجماعية. انشاء مؤسسات تسمح بتنظيم حوار جاد بين المعنيين ) (لجان عمالية، لجنة ثلاثية مجالس اقتصادية واجتماعية) بهدف المساهمة في تسيير المؤسسات وانجاحها. انشاء مراكز بحوث ودراسات في الشؤون العمالية بهدف رفع قدرات النقابيين والوصول إلى مصداقية أكبر في الطروحات والحلول. 3 على مستوي القطاعات: ابرام اتفاقيات جماعية على مستوى القطاع العمل على الوجود النقابي في جميع مؤسسات القطاع المساهمة في وضع آليات لدعم نقابات المؤسسة 4 على مستوى المؤسسة: ابرام اتفاقيات العمل علي تطبيق وتنفيذ مضمون الاتفاقيات العمل على تقديم خدمات للعمال على المستويات كافة بالتنسيق مع الجهات والهيئات الوطنية بعض مؤشرات عجز العمل اللائق لا يستطيع نصف العمال في العالم رفع أنفسهم وعائلاتهم فوق خط الفقر الذي يصل الى دولارين يوميا للشخص الواحد هناك فجوة كبيرة بين عمل الرجال والنساء ويلاحظ ان نسبة النساء في القطاع غير المنظم أكبر وهي في تزايد هناك أكثر من 88 مليون شاب عاطل عن العمل أعمارهم تتراوح بين 15 24 سنة هجرة العمال في تزايد حيث تقدر بنحو 86 مليون عامل في العالم 34 منهم في المناطق النامية. فشل معدلات النمو الاقتصادي العالمي في خلق فرص عمل مناسبة. علي الرغم من اتجاه معدلات عمل الأطفال الى الانخفاض الاّ أنّ عددهم لايزال مرتفعا حيث قدّر عام 2004 بنحو 218 مليون طفل. الخاتمة حتى نسمح للنقابات العمالية من لعب دورها في تحقيق العمل اللائق لابد من: أن تكون ممثلة، وللوصول الى ذلك لابد أن تكون مستقلة، وشروط الاستقلالية لابد من أن تتمتع بالمصداقية وكفاءة أعضائها ولا يمكن الوصول الى ما ذكر إذا لم تكن اللوائح والأنظمة تسمح بالمداولات الديمقراطية داخل الحركة العمالية وخاصة في مسألة انتخاب القيادات العمالية ووضع برامجها بعيدا عن أي انتماء سياسي أو حكومي.