وحدها المصادفة قادتني إلى المركز الجهوي للصندوق الوطني للتأمين على المرض بأريانة الكائن بشارع أحمد الخبثاني، حيث وجدت نفسي وسط قاعة استقبال ضيقة جدا بين حشد كبير من المواطنين والمواطنات الوافدين من عدة اتجاهات : حي التضامن، العمران، ابن خلدون، الشرقية، قصر السعيد.. لإتمام عمليات الانخراط في المنظومة الثلاثية للتأمين على المرض وهي العمومية، الخاصة واسترجاع المصاريف والتي انطلقت مرحلتها الثانية والأخيرة منذ غرة جويلية 2008 وكذلك للحصول على بطاقات العلاج وإيداع الملفات بخصوص بقية منافع التأمين على المرض... وبسؤالي لعدد من المواطنين عن سبب التجائهم لهذا المركز بالذات أجمعوا على أن خدماته تتميز بسرعة تصفية الملفات والآجال المختصرة في استرجاع المصاريف وكذلك لطريقة تعامل أعوان المركز وإطاراته مع المضمونين الاجتماعيين، والأهم من ذلك أن المركز الجهوي للكنام بأريانة يظل فاتحا أبوابه إلى أن يتم إنجاز آخر ملف لآخر مواطن وهو ما جعلهم يتحملون الازدحام وانتظار أدوارهم مادامت ملفاتهم ستنجز في يومها ومادامت إدارة المركز لا تعرف شعار «أرجع غدوة» أمام جملة تلك المعطيات دفعني الفضول إلى التوجه إلى مصدر المعلومة فقصدت رئيس المركز الجهوي بأريانة ليستقبلني كأي عون في مصلحة الاستقبال حيث وجدته يتلقى مطالب المواطنين ويجيب عن استفساراتهم ... وبطلب مني توضيح ظروف العمل وطبيعته وسبب كل هذا الازدحام، أكد لنا السيد المنصف الخميسي بعد ان انتقلنا الى مكتبه أن المركز فتح أبوابه منذ شهر ماي 2006 حيث واصل التصرف في الأنظمة القانونية للتأمين على المرض، ومنذ غرة جويلية 2007 انطلقت المرحلة الاولى المتمثلة في التكفل بالأمراض المزمنة والطويلة ومتابعة الحمل والولادة والعمليات الجراحية اضافة الى بقية الانظمة السارية المفعول، وانطلاقا من غرة جويلية 2008 دخل النظام الجديد في تطبيق نظام التأمين على المرض بكافة جوانبه لتشمل الأمراض العاديةحسب صيغ التكفل الثلاث. ويستقبل هذا المركز مثلما أفادنا السيد الخميسي ما يقارب 1700 مضمونا اجتماعيا يوميا منذ موفى شهر جوان حيث يتم اسداء جميع الخدمات المتعلقة بانجاز بطاقات العلاج وايداع بطاقات استرجاع المصاريف واتمام جميع العمليات المتعلقة بالتكفل ببقية المنافع مثل الكشف بالمفراس والتصوير بالرنين المغناطيسي ومطالب التكفل بالأدوية الخصوصية والتداوي بالمياه المعدنية والتكفل بالامراض المزمنة والثقيلة وحوادث الشغل المهنية اضافة الى منح الوضع والمرض العادي وعمليات خلاص مسديي الخدمات الصحية. وبسؤالنا عن تواجده في مكتب الاستقبال اشار بأن واجبه تجاه المواطنين يحتم عليه استقبالهم ومساعدتهم مشيرا الى أن رئيس وحدة الاستقبال السيد فوزي الورتاني يقوم بدوره على أحسن وجه بشهادة المضمونين الاجتماعيين وتواجدهما معا في الاستقبال ايمانا منهما بمساعدة المواطنين المسنين والنساء الحوامل وذوي الاعاقات الخصوصية، وتطبيقا لما يسمّى الاستقبال المشخص مشيرا الى ان المصالح الادارية بهذا المركز تستمر في العمل بعد التوقيت الاداري بعدة ساعات يوميا الى جانب العمل يومي السبت والاحد متى اقتضت الحاجة الى ذلك . وضمن اجابته عن استفسارنا حول الأسباب التي دعت المواطنين لاستبدال بطاقات علاجهم أوضح لنا السيد فوزي الورتاني رئيس وحدة الاستقبال أن على المواطنين تحيين سجلاتهم لدى صندوقي الضمان الاجتماعي الراجعين إليه بالنظر حتى يتمكن المركز الجهوي من اصدار بطاقات علاج صحية تشتمل على كافة المعطيات المتعلقة بالمضمون الاجتماعي ومن هم في كفالته وهو ما من شأنه أن يخفف من الاكتظاظ والازدحام اللذين يشهدهما المركز الجهوي يوميا... بمغادرتي للمركز الجهوي بأريانة تحسرت على غياب آلة تصويري لإلتقاط بعض الصور عن الاكتظاظ وللسيدين المنصف الخميسي وفوزي الورتاني وهما بين المواطنين، كما تواترت بذهني عدة ملاحظات لعل أهمها ان هذا المركز يعد نموذجا للادارة الحديثة من خلال الكفاءات الساهرة عليه و»فائض» الجاهزية لدى الأعوان والاطارات لخدمة المواطن حتى لكأنهم في خلية نحل ديدنهم قضاء المصلحة العامة في آجالها، كما سألت نفسي عن مدى اهتمام الادارة العامة أو وزارة الاشراف بهذا المركز خاصة من ناحية تحسين مقره أو توسيعه ما دام نموذجا يحتذى به بشهادة المواطنين والمواطنات...