بحضور عدد كبير من اهل الفكر والثقافة والاعلام واثناء حفل راق مكلّل بالورود تسلمت الشاعرة التونسية جميلة الماجري جائزة أبو القاسم الشابي للشعر التي يمنحها البنك التونسي كل سنة لفرع من فروع الادباء وقد باتت هذه الجائزة تحظى بسمعة عالية وتصل لجنتها المشاركات من عديد البلدان إذ بلغت هذه السنة 11 بلدا عربيا أرسل شعراؤه مشاركات بلغت 141 مشاركة وقد فازت بها بعد تدارس كل المجموعات السيدة جميلة الماجري عن ديوانها «ذاكرة الطير» وهي المرة الاولى التي تفوز فيها امرأة تونسية بهذه الجائزة اذ حازها من قبل رجال شعراء من امثال محمد الغزّي، يوسف رزوقة، منصف الوهايبي، محمد الخالدي، محي الدين خريف، وإن كان نصيب التونسيين من هذه الجائزة في فرعها الشعري كان الغالب بنسبة 100 فان الفروع الاخرى كالقصة القصيرة والرواية غالبا ما ذهبت لمشاركات عربية اذ فاز بجائزة الرواية كل من العراقي علي بدر والاردنية سميحة خريس وفازت بجائزة القصة القصيرة السورية هيفاء البيطار.. ومن هذا المنطلق يمكن لنا ان نسعد بهذا التتويج التونسي الذي علا على العديد من المشاركات العربية، ولكن الذي حدث في الساحة الثقافية في تونس كان حقيقة امرا مفزعا، فقد تعالى في الافق غبار كثيف يبشر بمعركة حامية اسلحتها البيانات والمقالات المشككة في نزاهة اللجنة التي قامت بالفرز والتتويج وارضها الابحاث التي تذكر بالافلام الهليودية في تتبع اثار المتهمين، فقد قرأنا في اكثر من منبر اعلامي عربي سبا وشتما للشاعرة الفائزة واتهامات لها بالسرقة الادبية والادهى هو اتهامها بالتحايل على القانون.. وقرأنا تعليقات القراء من الاشقاء العرب الذين اندهشوا لهذا اللغط (؟) حول الشاعرة ونحن بدورنا انتبهنا لمجانيّة هذه المعركة التي شحذت خلالها سيوف الذكورة في مواجهة إبداع الانثى اذ ان الامر كاد سيكون مختلفا لو ان الفائز رجلٌ ثم ان المبدع والشاعر خصوصا طائر محلق في الاعالي يدافع دوما عن الحرية فلماذا يدافع الكتاب في بلادنا عن تقييد الابداع بالايداع القانوني والمساهمة في التنظير له ولماذا لم تشهد هذه المهاترات عندما فاز بالجائزة كتّاب عرب؟ لماذا نطعن أقرب الناس الينا؟ الم يكن من الاجدى فتح جدل حقيقي يطالب ادارة البنك بالترفيع من قيمة الجائزة في زمن الجوائز المليونية بدل هذا التجريح والسباب... إني أشفق على مبدعات بلدي من هذا التكتل الذكوري في مواجهة الانثى... أشفق على رقة الورد في كتاباتهن... اشفق على الصدق وحمرة القرنفل في نصوصهن أتألم ان يقدر الغرباء الإبداع التونسي ويثور عليه ابناؤه واحزن جدا لاني ارى ان المرأة تعتبر دائما ضحية انوثتها في مجتمعاتنا اذ حالما تتفوّق او تحلّ في مواقع القرار تبدأ مسيرات الخوض في تاريخها وسيرتها او عائلتها وكأن على المرأة ان تبقى دائما ظلاّ للرجل تدفعه للنجاح وتسهر على راحته وتكون فقط خلفيّة نديّة لحياته.. هنيئا للشاعرة جميلة الماجري سيدة الفصول بهذا الفوز الذي يعتبر في الاساس فوزا للابداع التونسي عموما ونتمنى للذين شاركوا ولم يفوزوا حظّا اوفر في الدورات القادمة لان الذي يقبل المشاركة في المسابقات يجب ان يتسلح قبلا بمنطق القبول بالنتائج ونأمل ان تتواصل هذه الجائزة من اجل خدمة الإبداع ومن أجل عدم خسران تفاعل جميل بين المال والفن (بنك يمنح جائزة أدبيّة).