عرف المرحوم حسن بوزريبة بنشاطه الغزير في المجال الثقافي ومنه السينما حيث يذكر انه على سبيل المثال لا الحصر ترأس المؤتمر التاسع والعشرين للاتحاد الدولي لسينما الهواة الذي كان انعقد في تونس سنة 1970. ومن خلال موقعه كرئيس للمؤتمر، سجل المرحوم حسن بوزريبة جملة من الملاحظات والافكار والاقتراحات دوّنها في سجل خاص ونشرها في مجلة «ثقافة» التي كانت تصدرها دار الثقافة ابن خلدون بادارة المرحوم سمير العيادي. ومن كتاب تلك المجلة علي سبيل الذكر احمد القديدي محمد البلاجي محمود الارناؤوط المنصف شرف الدين سويلمي بوجمعة علي بن العربي محمد صالح بن عمر عامر سحنون سمير العيادي واخرون. لذلك وتكريما لروح الراحل العزيز، ننشر هذه الملاحظات عن مؤتمر السينمائيين الهواة وعمرها يزيد عن 38 سنة. فقد دوّن حسن بوزريبة: واشتد النقاش بعد ان عرضت الافلام التونسية التي امتازت كلها بطرح قضايا اجتماعية سياسية وهذه الاقلام هي: «حقائق» لرؤوف بن مصلى، وقد اثار قضية الطالب الذي يولي اهتماما بالغا بقضايا كوبا وفياتنام وغيرها ويرفض عندما يطلب منه الالتحاق بمدنين (اقصى الجنوب التونسي) ان يدرس هناك، والفيلم دعوة الى الشباب لكي ينكب على واقع بلاده ويحاول تغييره بكل الوسائل العملية. «محكوم عليه بالحياة» لعبد الوهاب بودن صرخة ضد الظلم والحكم الفردي والحرب. «القرنب» شريط رضا بكار الذي يصور بعنف قضية انسان اعتقل وعذب ثم شنق دون ان يكون قد ارتكب اي ذنب. «جولة لم تتم» لحبيب شبيل الذي صور بطريقة شاعرية دافئة سعادة الانسان عندما يتحرر، اعتمد المخرج على «الكدراج» وجمالية الصورة. ورغم ان اغلبية 165 مشاركا في هذا المؤتمر الممثلين ل 19 دولة رحبوا بهذا الدم الجديد، فان عددا من المحافظين أبدوا تخوفهم من ان تتغلب هذه النزعة على الاتحاد الدولي لسينما الهواة ويصبح منظمة سياسية اكثر منها ثقافية. وقد جاء في المجادلات: «شاهدت افلاما فرنسية ملتزمة في باريس فلماذا لم يقع تقديمها في نطاق هذه المسابقة». في انبال ناقد « ان الامكانيات التي تتمتع بها سينما الهواة تفرض عليها ان تكون سينما طلائعية تخدم الانسان وقضاياه». هذا ما اكده المنصف بن مراد الذي قدم لموضوع المائدة المستديرة الاولى: «دور سينما الهواة». «لست ابالغ اذا قلت ان مؤتمرنا هذا اصبح تاريخيا نظرا للمشاكل التي اثارها لاول مرة. كما انه سمح لنا بأن نلتقي ولاول مرة كذلك بشباب مثقف متحمس نعول عليه في تطوير اتحادنا». الدكتور دي تومازي رئيس الاتحاد في مدينة سوسة التقى لاول مرة قدماء هواة السينما (ممن صوروا اول افلامهم سنة 1932) مع هواة شبان من العالم الثالث من 28 اوت الى 8 سبتمبر 1970. ولاول مرة طرح موضوع «دور سينما الهواة». «يجب على سينما الهواة ان تكون مرآة صادقة لواقع كل بلد» المنصف بن مراد تونس «لا يمكن ان نحد من حرية الهاوي بل يجب ان نعمل على تدعيم حريته وذلك بأن نفسح له المجال للخلق دون ان نقيده بأي نوع من انواع السينما او اي موضوع من المواضيع». موريس رسبال فرنسا «اننا في بلد متخلف لا يملك امكانيات كبيرة لذلك يجب علينا ان نستغل كل متر من الفيلم الخام لعرض واقعنا وتسليط الاضواء عليه دون مركبات او خوف، فليس لدينا من الوقت الشيء الذي يجعلنا نصور الزهور والاطفال الصغار وهم يشيدون قصورا من الرمال». مصطفى نقبو عضو لجنة التحكيم كان الحوار في بعض الاحيان عنيفا خفف من حدته جو المرح الذي ساد الجولات السياحية التي قام بها المؤتمرون الى عدة جهات من ولاية سوسة. «ان الشباب في العالم ثائر ضد كل انواع الانظمة. وهذه حقيقة لا يمكننا التغافل عنها. بل يجب ان يفتح لها الاتحاد الدولي لسينما الهواة صدره دون مركبات». الدكتور دي تومازي رئيس الاتحاد قبل حفل الاختتام قدم الشاب سمير المرزوقي لموضوع المائدة المستديرة الثانية «الشباب والاتحاد الدولي لسينما الهواة» فقال: « من احسن الافلام الفرنسية التي تعجبني الان هي التي صورت بعد شهر ماي 1968». كان الحوار حيا في حيوية الشباب شارك فيه كل المؤتمرين دون استثناء واختتمه السيد فلتر شايد بما يلي: «كان الاتحاد الدولي لسينما الهواة يضم رجال مطافئ فوجدنا في تونس نارا لذلك يجب ابعاد رجال المطافئ» (!). واتت نتيجة المسابقة فدعمت الاتجاه الجديد للاتحاد الدولي لسينما الهواة. فقد اسندت لجنة التحكيم ميدالية ذهبية الى الشريط التونسي «حقائق» من جملة الاربع ميداليات الذهبية التي اسندتها للاشرطة التالية: التجربة (بلجيكيا) سكس (اسبانيا) المسؤولية (ايطالية). وقبل ان يتوجه المؤتمرون الى الحفل الاختتامي ليرقصوا النغمات الموسيقية الصاخبة صفقوا لاول قرار اتخذته الهيئة المديرة للاتحاد بعد انتخابها يوم 4 سبتمبر 1970 وهذا نصه: «في نطاق السياسة الجديدة التي ستسلكها الهيئة المديرة للاتحاد الدولي لسينما الهواة تقرر انشاء خطة مسؤول عن الشباب كما تقرر مضاعفة الميزانية الخاصة بالمنح الدراسية الخاصة بالشباب.