نزولا عند رغبة العديد من قرائنا، ننشر قصائد الشاعر محمود درويش المبرمجة في اطار قرارنا بتكريمه بعد وفاته في صفحة خاصة به وذلك نظرا لطبيعة قصائد هذا الرجل من حيث الاخراج والحجم، حيث اضطررنا في مرات سابقة الى نشر بعض هذه القصائد على مرات. وبالمناسبة نطلب من السادة القراء، ممن لهم قصائد نادرة للشاعر ان يوافونا بها حتى ننشرها تعميما للفائدة. عن الصمود 1 لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا ! يا حكمة الأجداد لو من لحمنا نعطيك درعا ! لكن سهل الريح، لا يعطي عبيد الريح زرعا ! إنا سنقلع بالرموش الشوك والاحزان... قلعا ! وإلام نحمل عارنا وصليبنا ! والكون يسعى... سنظل في الزيتون حضرته، وحول الارض درعا !! 2 إنا نحب الورد، لكنا نحب القمح اكثر ونحب عطر الورد، لكن السنابل منه أطهر فاحموا سنابلكم من الاعصار بالصدر المسمر هاتوا السياج من الصدور... من الصدور؛ فكيف يكسر؟؟ اقبض على عنق السنابل مثلما عانقت خنجر ! الارض، والفلاح، والاصرار، قل لي: كيف تقهر... هذي الاقانيم الثلاثة، كيف تقهر؟
عيناك يا صديقتي العجوز، يا صديقتي المراهقة عيناك شحاذان في ليل الروايا الخانقة لا يضحك الرجاء فيهما، ولا تنام الصاعقة لم يبق شيء عندنا... الا الدموع الغارقة قولي: متى ستضحكين مرة، وان تكن منافقه؟!
كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان مصي بقايا دمنا، وبعدنا الطوفان وان سغبت مرة، لا تتركي الجثمان وان سئمت بعدها، فعندك الديدان إنا خلقنا غلطة... في غفلة من الزمان وأنت يا صديقتي العجوز... يا صديقتي المراهقة كوني على أشلائنا، كالزنبقات العابقة !
الغاب يا صديقتي يكفن الاسرار وحولنا الاشجار لا تهرب الاخبار والشمس عند بابنا معمية الانوار واشية، لكنها لا تعبر الاسوار ان الحياة خلفنا غريبة منافقة فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة
أسمع يا صديقتي من يهتف الاعداء اسمعهم من فجوة في خيمة السماء: «يا ويل من تنفست رئاته الهواء من رئة مسروقة ! يا ويل من شرابه دماء ! ومن بنى حديقة... ترابها اشلاء يا ويله من وردها المسموم !!
عن الأمنيات لا تقل لي: ليتني بائع خبز في الجزائر لأغني مع ثائر ! لا تقل لي: ليتني راعي مواش في اليمن لأغني لانتفاضات الزمن ! لا تقل لي: ليتني عامل مقهى في هفانا لأغني لانتصارات الحزانى ! لا تقل لي: ليتني اعمل في أسوان حمالا صغير لأغني للصخور
يا صديقي ! لن يصب النيل في الفولغا ولا الكونغو، ولا الاردن، في نهر الفرات ! كل نهر، وله نبع... ومجرى... وحياة ! يا صديقي ! أرضنا ليست بعاقر كل أرض، ولها ميلادها كل فجر، وله موعد ثائر !
سونا أزهارها الصفراء... والشفة المشاع وسريرها العشرون مهترئ الغطاء نامت على الاسفلت، لا أحد يبيع... ولا يباع وتقيأت سأم المدينة، فالطريق عار من الاضواء... والمتسولين على النساء نامت على الاسفلت، لا أحد يبيع.. ولا يباع ! يا بائع الازهار ! اغمد في فؤادي زهرة صفراء تنبت في الوحول ! هذا أوان الخوف، لا أحد سيفهم ما أقول أحكي لكم عن مومس... كانت تتاجر في بلادي بالفتية المتسولين على النساء أزهارها صفراء، نهداها مشاع وسريرها العشرون مهترئ الغطاء هذي بلاد الخوف، لا أحد سيفهم ما أقول الا الذين رأوا سحاب الوحل... يمطر في بلادي ! يا بائع الازهار ! اغمد في فؤادي زهر الوحول... عساي ابصق ما يضيق به فؤادي
الكلمة الشاعر العربي محروم دم الصحراء يغلي في نشيده وقوافل النوق العطاش أبدا تسافر في حدوده والحلوة السمراء في صدف البحار ! الشاعر العربي محروم تعود ان يموت بسيف صمته ألقى علي عينيه كل السر قال: غدا ستفهمها عيوني وأنا تركت لك الكلام على عيوني لكن، أظنك ما فهمت !
البكاء ليس من شوق الى حضن فقدته ليس من ذكرى لتمثال كسرته ليس لي من حزن على طفل دفنته أنا أبكي أنا أدري ان دمع العين خذلان وملح أنا أدري، وبكاء اللحن ما زال يلح لا ترشي من مناديلك عطرا لست أصحو... لست أصحو ودعي قلبي... يبكي !
شوكة في القلب مازالت تغز قطرات... قطرات... لم يزل جرجي ينز أين زر الورد؟ هل في الدم ورد؟ يا عزاء الميتين ! هل لنا مجد وعز ! أتركي قلبي يبكي !
خبئي عن أذني هذي الخرافات الرتيبه أنا أدرى منك بالانسان... بالارض الغريبة لم أبع مهري... ولا رايات مأساتي الخضيبه ولأني أحمل الصخر وداء الحب... والشمس الغريبه أنا أبكي !
أنا أمضي قبل ميعادي... مبكر عمرنا أضيق منا، عمرنا أصغر... أصغر هل صحيح، يثمر الموت حياة هل سأثمر في يد الجائع خبزا، في فم الاطفال سكر؟ أنا أبكي !
الرباط لن نفترق امامنا البحار، والغابات وراءنا. فكيف نفترق؟ يا صاحبي ! يا أسود العينين خذني ! كيف نفترق ؟ وليس لي سواك !
لعلني سئمت مقلتيك يا ظامئا الى الابد ! لعلني أخاف من يديك يا قاسيا... الى الابد ! لكنني، بلا أحد بلا أحد ! فكيف نفترق؟
يا أجمل الوحوش ! يا صديقي ما بيننا سوى النفاق والخوف من متاعب الطريق البحر من أمامنا والغاب من ورائنا، فكيف نفترق؟
عن الشعر 1 أمس، غنينا لنجم فوق غيمة وانغمسنا في البكاء ! أمس، عاتبنا الدوالي، والقمر والليالي والقدر، وتوددنا النساء ! دقت الساعة والخيام يسكر وعلى وقع أغانيه المخدر قد ظللنا بؤساء ! يا رفاقي الشعراء ! نحن في دنيا جديده مات ما فات، فمن يكتب قصيده في زمان الريح والذرة، يخلق أنبياء ! 2 قصائدنا، بلا لون بلا طعم... بلا صوت ! اذا لم تحمل المصباح من بيت الى بيت ! وان لم يفهم «البسطا» معانيها فأولى ان نذريها ونخلد نحن... للصمت !! 3 لو كانت هذي الاشعار ازميلا في قبضة كادح قنبلة في كف مكافح ! لو كانت هذي الاشعار !
لو كانت هذي الكلمات محراثا بين يدي فلاح وقميصا... أو بابا... او مفتاح ! لو كانت هذي الكلمات
أحد الشعراء يقول: لو سرت اشعاري خلاني وأغاظت أعدائي فأنا شاعر...