تكريما للشاعر الراحل محمود درويش، نتولى تباعا نشر قصائده وسنسعى الى ان تستمر العملية ما دامت هناك قصائد لهذا الشاعر الفذّ الحزن والغضب الصوتُ في شفتيك لا يُطربْ والنار في رئتيك لا تُغلب وأبو أبيكَ على حذاء مهاجر يُصلبْ وشفاهُها تُعطي سواكَ، ونهدُها يُحلبْ فعلام لا تغضبْ؟ 1 أمس التقينا في طريق الليل، من حانٍ لحانٍ شفتاكَ حاملتان كلّ أنين غاب السنديان ورويت لي للمرة الخمسينَ حبَّ فلانةٍ، وهوى فلانِ وزجاجة الكونياك، والخيّام، والسيف اليماني! عبثًا تخدّرُ جرحكَ المفتوح عربدةُ القناني! عبثا تُطوّعُ يا كنار الليل جامحة الأماني! الريحُ في شفتيك.. تهدم ما بنيتَ من الأغاني! فعلام لا تغضبْ؟ 2 قالوا: ابتسم لتعيشَ! فابتسمتْ عيونك للطريقْ وتبرّأتْ عيناك من قلب يُرمّده الحريقْ وحلفت لي: إني سعيد يا رفيقْ! وقرأت فلسفة ابتسامات الرقيقْ: الخمر، والخضراء، والجسد الرشيقْ! فإذا رأيتَ دمي بخمركَ، كيف تشرب يا رفيقْ؟؟ 3 القرية الأطلال، والناطور، والأرض واليبابْ وجذوع زيتوناتكم.. أعشاش بُوم أو غرابْ! من هيّأ المحراث هذا العام؟ من ربى الترابْ يا أنت!.. أين أخوكَ.. أين أبوك؟ إنّهما سراب! من أين جئتَ؟.. أمن جدار؟ أم هبطتَ من السحابْ؟ أتُرى تصون كرامة الموتى، وتطرق في ختام الليل بابْ؟ وعلام لا تغضبْ؟ 4 أتحبها؟ أحببت قبلك، وارتجفتُ على جدائلها الظليلهْ كانت جميلهْ لكنّها رقصت على قبري، وأيّامي القليلهْ وتخاصرت والآخرين.. بحبلة الرقص الطويلهْ وأنا وأنت، نعاتبُ التاريخَ والعلمَ الذي فقد الرجولهْ من نحن؟ دع نزَق الشوارعِ يرتوي من ذل رايتنا القتيلهْ فعلام لا تغضبْ؟ 5 إنا حملنا الحزن أعوامًا وما طلع الصباحْ والحزن نارٌ تُخمدُ الأيامُ شهوتها، وتوقظها الرياحْ والريح عندك، كيف تُلْجِمُها؟ وما لكَ من سلاحْ.. إلاّ لقاءُ الريح والنيرانِ.. في وطنِ مُباح؟! أجمل حب كما ينبت العشب بين مفاصل صخرهْ وُجدنا غريبين يوما وكانت سماء الربيع تؤلف نجمًا.. ونجما وكنت أؤلف فقرة حب.. لعينيكِ.. غنيتها! أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا كما انتظر الصيف طائرْ ونمتُ.. كنوم المهاجرْ فعينٌ تنام، لتصحوَ عين.. طويلا وتبكي على أختها، حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر ونعلم أن العناق، وأن القبل طعام ليلي الغزل وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر على الدرب يوما جديدا! صديقان نحن، فسيري بقربي كفا بكف معا، نصنع الخبز والأغنيات لماذا نسائل هذا الطريق.. لأي مصير يسير بنا؟ ومن أين لملم أقدامنا؟ فحسبي، وحسبك أنا نسير.. معًا، للأبد لماذا نفتش عن أغنيات البكاء بديوان شعر قديم؟ ونسأل: يا حبنا! هل تدومْ؟ أحبكِ حُبّ القوافل واحةَ عشب وماء وحب الفقير الرغيف! كما ينبت العشب بين مفاصل صخره وجدنا غريبين يوما