اجتمع المجلس الاعلى للتنمية يوم السبت 27 سبتمبر برئاسة الوزير الاول السيد محمد الغنوشي. وقد حضره ممثلا عن الاتحاد الاخ محمد السحيمي الامين العام المساعد مسؤول الدراسات والتوثيق فألقى كلمته فيما يلي نصها: عند تفحص التقرير السنوي حول التنمية لسنة 2008 ومن خلال التمهيد لا يمكنني إلا أن أسجّل باعتزاز قدرة اقتصادنا على مجابهة المتغيرات سنة 2007 من خلال : - تسريع نسق الناتج المحلي الإجمالي - سلامة التوازنات المالية - تحسين مؤشر المديونية الخارجية - تحسين جاذبية الاقتصاد طور الاستثمار الأجنبي/ تحسن في الترتيب. كذلك سجلت بعض الملاحظات في صيغة استفسارات أو انطباعات حول ما جاء في مختلف أبوابه ومنها على سبيل الذكر: في الباب الأول : المحيط الدولي: أولا: كنت أود لو وقع شرح الأسباب التي سنعتمدها قصد أن نصبح على غرار بعض البلدان الصاعدة اقل اعتمادا على مراحل الدورة الاقتصادية التي تمر بها الاقتصاديات المتقدمة وهل من خطة تنفيذية في هذا المجال. ثانيا: انتبهت إلى الأهمية التي توليها الحكومة إلى مسألة التوأمة التي تفتح آفاقا جديدة في مجال التعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي ومنها التقارب المؤسساتي في إطار برنامج دعم اتفاقية الشراكة إضافة إلى الانفتاح على التعاون والاندماج الإقليمي: تركيا - مصر - المغرب الخ... ثالثا : أكّد التقرير، فيما يتعلق بانعكاسات انهيار سوق القروض العقارية وما نتج عنها مما يعرف اليوم بالأزمة المالية، أنه لم يتم حتى الآن تسجيل تأثير يذكر على بلادنا، ويعزى ذلك من ناحية إلى صغر حجم السوق المالية التونسية ولكن وجب الانتباه في ما يخص الطلب الخارجي الموجه لبلادنا قصد مراقبة تطور نسق الاستهلاك الخاص للشركاء التجاريين في الاتحاد الأوروبي: فرنسا، ألمانيا، ايطاليا... حيث أعلنت فرنسا أخيرا أن الأزمة المالية سيكون لها انعكاس على النمو والقدرة الشرائية. رابعا: سجل التقرير تطور التفتح على الخارج بنسبة 8,116 (2007) ووقع التوفق إلى مزيد استقطاب الاستثمارات المباشرة الأجنبية ولكن أيضا : خامسا: ولكن وفي نفس السنة، وقع الترفيع في نفقات الدعم لبعض المواد الموردة في إطار ميزانية الدولة قصد تغطية أسعار البيع نظرا لارتفاع سعر هذه المواد على المستوى الدولي: - دعم المواد الأساسية دون اعتبار المحروقات بلغ 668 مليون دينار مقابل 268 مليون دينار سنة 2006 بما يحيل إلى دور قطاع الفلاحة في المجال ومعالجته المتأكدة بما يكفل ولو جزئيا أمننا الغذائي من خلال خطة عملية وتقييم مستمر للمحاصيل والنتائج عموما قصد دعم الإصلاحات في القطاع. - دعم نفقات الدعم بعنوان المحروقات بلغ 450 مليون دينار سنة 2007 و 500 مليون دينار سنة 2006 رغم أن الميزان التجاري ايجابي بين صادراتنا والمنتوج المورّد بالنسبة لسنة 2007 بما يستدعي مزيد جلب الاستثمار الخارجي من ناحية ودعم الاستثمار المحلي: عمومي وخاص من ناحية أخرى، ومزيد الشراكة مع المؤسسات الوطنية العربية عموما والمغاربية بالخصوص في مجال البحث عن النفط والغاز وانتاجهما. الباب الثاني : تطور الوضع الاقتصادي خلال سنة 2007 أكد التقرير أن نتائج 2007 بلغت في بعض الأحيان مستويات قياسية فاقت التقديرات : - جاذبية الاقتصاد - استثمار خارجي مباشر - تحسن الترتيب من قبل الهيئات المختصة وكان الدور الأهم للقطاعات غير الفلاحية والذي مكّن من تنوع مصادر النموّ وكانت بالتحديد : - انتعاشة الإنتاج الصناعي / القطاعات المنتجة غير الفلاحية - تدعم نسق التصدير - التحكم في تطور الأسعار في مستويات مقبولة كما تميزت سنة 2007 بارتفاع مساهمة الإنتاجية الجملية لعناصر الإنتاج في النمو لتبلغ 1,52 سنة 2007 مقابل 6,45 سنة .2006 ولكن الجديد حسب اعتقادي هو مساهمة الطلب الخارجي على حساب الطلب الداخلي ويبرز من خلال تحليل مصادر النمو تقلص مساهمة الاستهلاك الجملي في نموّ الناتج المحلي الإجمالي لتستقر في حدود 9,1 من النقاط و 1,30 سنة 2007 مقابل على التوالي 5,20 نقطة و 46 سنة .2006 ويفسّر هذا الانخفاض أساسا بالتحكم في تطور الاستهلاك الخاص بنسق اقل من نسق تطور الناتج حيث تطور الاستهلاك الخاص ب3,5 بالأسعار القارة سنة 2007 مقابل 9,4 سنة .2006 هذا وتراجع نسق تطور الاستهلاك العمومي ليستقر في حدود 5 سنة 2007 مقابل 3,5 سنة ,2006 رغم أن التقرير لا يزال يعتبر الاستهلاك محرك لدفع النمو ومؤشر لمستوى العيش. فهل في هذا التناقض الظاهري ما يحيل إلى التفكير في مراجعة منوال التنمية وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف وفي أي اتجاه؟ وبخصوص التشغيل : تطرق التقرير إلى مسألة مهمة حيث اعتبر أن المقصود من الاستشارة الوطنية حول التشغيل هو التخطيط انطلاقا من التحولات الهيكلية وتغير أنماط الإنتاج والكفاءات وهذه الجملة في التقرير مهمة لأنها تختزل المنعطف الذي سيتوخاه اقتصادنا في المستقبل: هل سيكون اقتصادا عصريا يؤمن الجودة من خلال الكفاءة وشروط العمل اللائق حتى يكون ذا قيمة مضافة عالية ويكون بذلك منتوجنا بأحسن كلفة أم سيظل اقتصاد مناولة بأجور زهيدة وقيمة مضافة بسيطة وضعيفة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى على مستوى الكم لم يستطع اقتصاد المناولة حتى الآن استيعاب الوافدين الجدد إضافة إلى جموع العاطلين القدامى بما جعل نسبة البطالة تستقر برقمين منذ عديد السنوات. إن هذا الرهان، رهان اقتصاد المعرفة، يهمّ منظومة التربية والتكوين المهني واستراتيجيات وطرق تنظيم المؤسسات الاقتصادية ويطرح السؤال على الدولة والأحزاب السياسية وكذلك على المجتمع بقواه الحية ومنظماته الوطنية: من أين ندخل العولمة ؟ من الأسفل أم من الأعلى؟ وهو خيار مجتمعي لا يمكن أن تقرره فئة، خدمة لمصلحة محددة، بل يجب أن يكون محلّ حوار وطني بين مكونات شعبنا دون استثناء. تطرقت إلى هذا الموضوع انطلاقا مما وقع الإشارة إليه في التقرير السنوي حول التنمية من تأكيد ضرورة توحيد الجهود بمشاركة جميع الأطراف في إطار التحاور والاستشارة بهدف رفع التحديات المطروحة وتحقيق الأهداف الطموحة للفترة المقبلة. أما في ما يتعلق بالتنمية الإدارية والمؤسسات والمنشآت العمومية بالخصوص، فلقد تمكنت من الحصول على النتائج التالية والمتمثلة بالخصوص في : * قيمة مضافة بحوالي 13 من الناتج المحلي الإجمالي، * حجم استثمارات يقارب 17 من تكوين راس المال الثابت الوطني * تشغيل ما يناهز 3,5 من الحجم الجملي للتشغيل على المستوى الوطني و 17 من الحجم الوطني للأجور مساهمة بذلك بشكل مهم في حركة التنمية عبر تسجيلها لهذه النتائج. بما جعلني شخصيا أعتبر المؤسسات والمنشآت العمومية تمثل نقطة قوة بالنسبة لاقتصادنا الوطني ولكن التقرير لاحظ أن المرور إلى أنماط جديدة للإنتاج والتسيير والتصرف تعتمد على منتجات التطور التكنولوجي والعلمي وعلى انفتاح أكبر وأسرع لمحيط المؤسسات محليا ودوليا واشتداد المنافسة وكل هذه العناصر تجعل من تدعيم قدرة المنشآت والمؤسسات العمومية على التعامل مع هذه التحولات أمرا متأكدا وضروريا حتى تلعب دورها الاستراتيجي لمعاضدة مجهود دور الدولة التعديلي، فهل من خطة عملية لدعم نتائج المؤسسات والمنشآت العمومية؟ قصد مزيد تطويرها (نظم جودة، استقلالية مالية، الخ...) .