بالتعاون مع مؤسسة «كونراد أدناور» نظمت جامعة الزيتونة والمعهد العالي لأصول الدين ندوة علمية دولية حول «التآلف والوئام بين الأديان والتحديات الدولية الراهنة». وقد افتتح هذه الندوة التي دارت فعالياتها في احدى نزل وسط العاصمة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا الاستاذ لزهر بوعوني وألقى كلمتها الترحيبية الاستاذ العروسي الميزوري مدير المعهد العالي لأصول الدين فاسحا المجال للمساهمة في افتتاحها لكل من السيدين سالم بويحي رئيس جامعة الزيتونة وتوماس تسيلر الممثل الاقليمي لمؤسسة كونراد أديناور. الواقع والغايات الندوة شارك فيها باحثون ومفكرون من أقطار عربية وأوروبية وتوزعت فعالياتها الى 8 جلسات علمية، تناولت الجلسة الاولى محور : تآلف الاديان الواقع والغايات وشارك فيها الاب نبيل حداد ممثلا عن المركز الاردني للأبحاث المتعلقة بالتعايش الديني الذي تحدث عن المودة بين الاديان من خلال وجهة نظر مسيحية عربية مؤكدا ان التآلف خيار ضروري من اجل عيش مشترك ومشيرا الى ان الدين المسيحي قد دعت أسفار أناجيله الى المحبة والوئام كما دعت آيات القرآن لهذا الامر وكل ما نحتاجه في هذه المرحلة هو خطة واعية لاقرار التعايش على مستوى دولي... المداخلة الثانية في الجلسة العلمية الاولى قدمتها الدكتورة رجاء ناجي استاذة القانون الخاص في المغرب الاقصى والتي ركزت على مسألة تقاطع النظرة للتعايش بين الثقافات عند الشرق والغرب من خلال تعامل الاسلام مع اهل الكتاب واحتضان جل البلدان العربية الاسلامية لجاليات من ديانات اخرى عبر القرون، ثم تناولت تعامل الغرب اليوم مع الجاليات المسلمة على أراضيه. منزلة أهل الكتاب وكانت خاتمة مداخلات هذه الجلسة مع محاضرة قيّمة ألقتها الاستاذة مُنى طلبة من مصر حول: مفهوم الكتاب في القرآن ومنزلة أهل الكتاب فيه، وهي المحاضرة التي حظيت بالحيز الاكبر من نقاشات المتدخلين باعتبار طبيعة تناول الموضوع واختلاف طرحه. الجلسة العلمية الثانية دارت حول سرد وقائع تاريخية دالة على الوئام والتآلف بين الاديان، وذلك أولا من خلال تحليل الخطاب في السيرة النبوية وهي مداخلة قدمها الاستاذ سيف الدين الماجدي، وثانيا من خلال علامات اخرى قدمها الاستاذ عمار العيشي عن التآلف من خلال الوئام الذي ساد بين النصارى وخلفاء بني أمية في بلاد الشام وهما أستاذان من المعهد العالي لأصول الدين ثم ختم الاستاذ أحمد سحلان من المغرب الاقصى هذه الجلسة العلمية بمحاضرة عن المعرفة المشتركة في الاندلس وتعرض فيها للتفاعل الفكري بين الاديان واستيقائها من بعضها البعض. وضمن نفس المحور حاضر في الجلسة العلمية الثالثة كل من الاستاذ «برند توم» من ألمانيا عن المسيحيين والمسلمين لدى ولفرام ايستنباغ (ق 12) وغوته (ق 19) وهما نموذجان للتآلف والوئام بين الاديان على عتبة الحداثة، والاستاذ فابيو مازيني من ايطاليا حاضر عن أنوار العقل ومسألة التآلف المدني. الجلسات العلمية اللاحقة تدارس خلالها المحاضرون مسائل تآلف الاديان والسلم الاجتماعي، ظاهرة الهجرة في العالم، الحرية الدينية، التحديات الثقافية الراهنة، حقوق المرأة، آثار العولمة عن العلاقات بين الاديان، وضع الاقليات الدينية... نقاش ثري النقاش الذي دار اثر بعض المداخلات كان نقاشا ثريا رفّع في مستوى بعض المواد المقدمة ودلّ على اهتمام شرائح مختلفة بالمسألة الدينية اليوم، وهي المسألة التي باتت تتحكم في أدق جزئيات وجودنا الاجتماعي، إذ تنشأ بإسمها الصراعات وتقام بإسمها الهدنات وتدار بخلفياتها لوبيات الاقتصاد والشركات العابرة للقارات وتزدهر باسمها تجارة الاسلحة وتسقط دول وتزدهر اخرى... هوامش القاعة التي دارت فيها فعاليات هذه الندوة كانت ممتلئة بالمتابعين عكس بعض الندوات الاخرى التي لم نكن نجد فيها غير الاساتذة المحاضرين، وهذا يعود لسببين، أولا أهمية موضوع الندوة اليوم وانشغال كل الناس به وثانيا انعقاد فعالياتها في مكان قريب وسط العاصمة مما يدفعنا الى التساؤل عن جدوى عقد ندوات مهمة في أماكن بعيدة ومعزولة عن الجمهور العريض تتطلب متابعتها توفير سيارة خاصة وتكاليف محروقات مرتفعة. حاول بعض المشرفين عن الندوة ممارسة قمع لطيف على المشاركين في النقاش حرصا على احترام الوقت المخصص لكل جلسة ولكن أهمية الموضوعات المثارة كانت دائما محل متابعة من كل المتابعين. ظهرت لدى بعض الاساتذة الذين ينتمون الى جامعة الزيتونة (الزواتنة) نزعة مركزية في نظرتهم الى معارفهم، كان من علاماتها الاستخفاف باستدلالات الاساتذة غير الزيتونيين ومناقشتهم احيانا ببعض الفجاجة. دكتورة من جامعة الزيتونة وشخصية وطنية بارزة، نعتت مداخلة الاستاذ الحبيب أفرام ممثل الطائفة السريانية في لبنان بأنها غير علمية.