كلما تجولنا بأنحاء القطر التونسي وكلما اتصلنا بجماهير العمال بمختلف المناطق ازداد اعتقادنا في قوة اتحادنا وتضاعف ايماننا في نجاحه. ذلك ان حركتنا المباركة اخذت تتغلغل في النفوس وتستنهض الهمم وتنادي الى العمل والى النهوض والى التحرر من المذلة والكسل والاستسلام. لقد تحدثنا عن تقدم الحركة وازدهارها في جهة باجة كلها وبينا كيف اصبحت الاوساط الشعبية تتقد حماسا وكونت من ضعفها قوة وهي سائرة في طريق النهوض بعد ان كاد يقضى عليها الخمول الاستعماري الوهم الذي يستعمله اقطاب الانانية لتسخير البشرية لخدمة مصالحهم وقلنا في شيء من الاطناب ما نؤمله من وراء تلك العزيمة الوثابة التي تحرك النفوس وتكتل الصفوف.
وهذا الامل وهذا الاعتقاد وهذا الايمان يزداد رسخوا حين نلتقي بأفواج الشغالين الذين منحوا اتحادهم العام ثقتهم الكاملة من يوم تأسيسه فأصبحوا هم العماد الذي يقام عليه المستقبل الاجتماعي الذي نريده لشعبنا. فلقد رجعنا من رحلتنا الاخيرة بجهة الكاف والسرور يملأ القلب والضمير مرتاح لما بلغته طبقتنا العاملة من نصج ولما يمتاز به اتحادنا العتيد من مكانة في نفوس اولئك العمال البواسل الذين يناضلون ليلا ونهارا في سبيل العزة والكرامة والرفاهية وفي سبيل التخلص من براثن الاستعمار والتغلب على الخصم الرأسمالي الطاغي. ولم يقل سرورنا حين نشاهد ما وصل اليه رجال العمل والحزم اولئك المسؤولين عن الحركة من جدارة في التسيير وحذق في التدبير ومهارة في التعبير وخبرة وامعان في التفكير واخلاص في اداء الواجب حقا ان اتحادنا كون الرجال واصاب في بناء الهياكل المتينة على اساس لا يتزعزع لما احتوى عليه من دقة في تسطير البرامج وبعد في النظر. كيف لا ونحن نعتمد على انفسنا في نضالنا مخلصين لمشروعنا الجليل ومنقذين بلادنا من هوة الفقر والجهل وفساد الاخلاق وشاهرين سلاح المقاومة لكل جبار عنيد يحاول تدعيم نظام السيطرة والامتيازات ونفوذ الباطل على الحق ونصرة الظالم على المظلوم والقوى على الضعيف ومعولين في كفاحنا هذا على ما تنطوي عليه صفوفنا المتراصة من قوة معنوية ومادية وايمان وثبات واستعداد للتضحية التي هي شرط كل نجاح. اين نحن من ذلك العصر التعيس الذي تنادى فيه بأعلى صوتك حي على العمل فلا ملبي ولا مجيب واين نحن من تلكم الجماهير التي تساق كما تساق الاغنام الى حيث يشاء الراعي واين نحن من الجمود الذي ساد بوادينا وكل القرى حتى استقر بها الطغيان وصارت الانسانية تندب فيه حظها. فاليوم اصبحت قوة جبارة بأتم معناها عارفة مآلها وما عليها تفرض ارادتها عند الدفاع عن حقها في الحياة وتسلك الطريق الرشيد في سيرها الحثيث منقادة انقياد المطمئن المرتاح لمنظمتنا الكفيلة بتوجيهها حسب المصلحة والجديرة بالسهر على مصيرها. * جريدة الحرية