أكد السيد محمد الغنوشي الوزير الأول أن الاستشارة الوطنية حول تحديث الوظيفة العمومية التي أذن الرئيس زين العابدين بن علي بتنظيمها تندرج في مسار تطوير الإدارة والمصالح العمومية لما لها من دور فاعل وهام في تعزيز منظومة التنمية الوطنية. وابرز السيد محمد الغنوشي لدى إشرافه صباح الثلاثاء على الندوة الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية التي تنظمها الوزارة الأولى تحت سامي إشراف الرئيس زين العابدين بن علي على مدى يومين المكانة المتميزة التي تحظى بها الإدارة العمومية وما تقدمه من خدمات محورية تشمل مختلف القطاعات مشيرا إلى مساهمتها في تحسين المنتوج الوطني وتدعيم تموقعه في السوق الداخلية والخارجية. واستعرض ما تم اتخاذه خلال السنوات الأخيرة من قرارات وإجراءات لإدخال تغييرات جذرية على المنظومة الإدارية ودفعها سيما عبر دعم روح المبادرة وإعطاء مسؤولية أكثر للمواطن ورفع الوصاية عبر حذف التراخيص وإدخال تغيرات عميقة في المنظومة الترتيبية والتشريعية ورفع العراقيل صلب الإدارة مذكرا بدور الإدارة في مراقبة تطبيق القوانين وفي مجال دفع الحركة التنموية وتنشيطها. وأضاف أن دور الإدارة بدا يتطور منذ التسعينات في هذا الاتجاه مضيفا أن بعد 25 سنة من إصدار قانون الوظيفة العمومية لابد من تعميق النظر في الادارة للارتقاء بالخدمات الاداريه وإدراجها في إطار منظومة الجودة من اجل تحسين القدرة التنافسية للمؤسسة لما لها من دور هام في خلق مواطن الشغل ودفع النمو والتصدير. وابرز في هذا الصدد حرص رئيس الدولة على دفع كل قطاع ذي علاقة بالعمل التنموي وعلى تحسين خدمات الإدارة وتطوير أدائها معاضدة للأهداف التنموية المنشودة وأعرب الوزير الأول عن ارتياحه لما تحقق خلال السنوات الأخيرة من مكاسب هامة لفائدة الإدارة مشيرا بالخصوص إلى انه تم إلغاء 83 ترخيص وتعويضها بكراسات شروط وإثراء الزاد البشرى بدعم انتدابات حاملي الشهادات العليا وتعزيز منظومة التكوين صلب الإدارة إلى جانب تحسين أدوات العمل والتسجيل عن بعد للطلبة وتطور الاعتماد على الحاسوب وتطور التصريح عن بعد للطلبة بالخصوص وإدراج الوثائق الإدارية في الانترنت. وأضاف أن توظيف التكنولوجيات الجديدة لخدمة الإدارة مكن من تحسين مرتبة تونس على الصعيد الدولي بما أهلها من الحصول على جائزتين تتصلان بعملية الترسيم عن بعد وبالإدارة السريعة مستعرضا في هذا الصدد مراتب تونس حسب منتدى دافوس الذي صنفها بالخصوص في المرتبة 13 من بين 131 دولة في مجال الشفافية. ونوه في هذا الصدد بجهود الإطارات العليا في الإدارة وبالكفاءات التونسية التي تمكنت من تحقيق عديد الإصلاحات والمكاسب رغم افتقارها للموارد الطبيعية وصعوبات وضغوطات المرحلة الأخيرة التي اتسمت باحتداد المنافسة مع عديد البلدان مؤكدا أن الموارد البشرية هي عماد التنمية في تونس. ولدى استعراضه للتطورات العالمية المتسارعة بدءا بالارتفاع المهول لأسعار الطاقة والمواد الأساسية وصولا إلى الأزمة المالية وتحولها إلى أوروبا وانتقالها من القطاع المالي لتشمل المجالات الاقتصادية دعا الوزير الأول إلى ضرورة التحلي باليقظة التامة واتحاد الإجراءات اللازمة في تونس لمواصلة دعم النمو والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز مواطن الشغل. وذكر في هذا المجال بقرار رئيس الدولة المتعلق ببعث لجنة متابعة لتطورات الأوضاع الاقتصادية والعالمية قادرة على تقديم الاقتراحات الكفيلة بان تجعل تونس في مأمن من الأزمة المالية العالمية. ودعا السيد محمد الغنوشي في هذا الصدد إلى متابعة التطورات العالمية والتحلي باليقظة مبينا أن نسق النمو في تونس قد تطور إلى 5 بالمائة وانه تم إحداث 80 ألف موطن شغل فضلا عن الحفاظ على التوازنات المالية وبقاء التضخم المالي في مستويات مقبولة مقارنة بدول أخرى متقدمة. وبين أن الفترة القادمة تتطلب دعم القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني والحفاظ على الحركية التنموية للبلاد سيما في مجال إحداث مواطن الشغل باعتباره عاملا من عوامل الحفاظ على الكرامة والاستقرار الاجتماعي إلى جانب تمكين الشباب وخاصة خريجي الجامعات من المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني. وابرز في هذا المجال دور الإدارة في مواكبة التطورات وتشخيص انعكاسات المتغيرات الاقتصادية المحتملة. وشدد على ما تكتسيه الاستشارة الوطنية حول تحديث الوظيفة العمومية من أهمية في ظل التطورات التي يشهدها العالم مبينا أن هذه الاستشارة تركزت بالخصوص على إجراءات ومقاربات عدة ترمي إلى إضفاء حركية على مستوى كل الإدارات المركزية والمحلية والجهوية وربط منظومة التكوين بالمسار المهني للعون إلى جانب تطوير آليات التحفيز وترسيخ ثقافة الجودة والتقييم المتواصل لأداء الإدارة والتأكيد على أهمية الحرفية وعلى أخلاقيات التعامل والنزاهة وتعزيز مكانة العون الادارى. وأكد الوزير الأول في هذا الصدد أن الفترة القادمة تستوجب توفير كل مقومات تجسيم هذه الإصلاحات لاسيما عبر تطوير الادارة الالكترونية مشيرا الى وجود خطة وطنية تتعلق بربط 11 وزارة بشبكة اتصالات مؤمنة للإدارة قبل نهاية السنة الحالية تسمح للإدارة بالقيام بالتبادل فيما بينها عبر التراسل الالكتروني والتخاطب مع المواطنين والمؤسسات. وأضاف انه قبل نهاية المخطط الحادي عشر للتنمية سيتم ربط كل الوزارات بهذه الشبكة فيما بينها بصفة آلية مركزيا وجهويا داعيا إلى ضرورة تعزيز القدرة على الإحاطة بالمؤسسة لدورها في ازدهار الاقتصاد والتصدير والتشغيل فضلا عن النهوض بالقطاعات ذات القيمة المضافة والتي تعتمد على الذكاء لاستيعاب أفواج خريجي التعليم العالي سيما عبر تعزيز مقومات اقتصاد المعرفة. كما أكد على أهمية تكوين إطارات الإدارة تأمينا للجودة والنجاعة والسرعة وضمانا للشفافية اللازمة في إسداء الخدمات الإدارية مؤكدا أن الاستشارة لا تعنى فحسب بالجانب التقني والعملي للإدارة بل تركز بالخصوص على النهوض بعقلية وسلوكيات أعوان الإدارة وأكد السيد محمد الغنوشي في الختام الدور البارز الذي تضطلع به الإدارة من خلال الانتدابات الهامة والمناظرات التي تنظمها في التقليص من نسبة البطالة والارتقاء بنسبة النمو وبالتالي تعزيز مقومات الاقتصاد الوطني. وكان السيد زهير المظفر الوزير المعتمد لدى الوزير الأول المكلف بالوظيفة العمومية والتنمية الإدارية القى في الجلسة الافتتاحية للندوة التي حضرها عدد من أعضاء الحكومة وممثلون عن الأحزاب والمنظمات الوطنية وعدد هام من سامي إطارات الدولة كلمة أكد فيها أن الاستشارة الوطنية حول الوظيفة العمومية التي أذن بتنظيمها الرئيس زين العابدين بن علي في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين للتحول تندرج في إطار الإصلاح الشامل للإدارة والترفيع من أداء أعوانها لتكون في خدمة المواطن وتهيئ لاقتصاد جديد. وأضاف أن تنظيم الاستشارة يجسم حرص رئيس الدولة على النهوض بالموارد البشرية بالوظيفة العمومية باعتبارها الضامن الأساسي لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة واستعرض في هذا الصدد ابرز محاور الندوة الوطنية التي تتضمن بالخصوص تنظيم أربع ورشات حول قيم الوظيفة العمومية وأهدافها ومبادئها والتكوين والتدريب وتطور المسار المهني /التدرج والترقية/ إلى جانب أنظمة التقييم والتحفيز والجدارة والتصرف الحديث في الموارد البشرية.