تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    عاجل: أولى التقلبات الجوية تصل أقصى الشمال الغربي لتونس    مستشار رئيس الجمهورية: الرئاسة لم تغلق أبوابها أمام نواب البرلمان...    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    مع الشروق : الإغلاق الحكومي والإفلاس    ميزانية الصناعة والطاقة والمناجم: تخفيض في الميزانية العامة و271 مليارا لدفع محرّكات النموّ    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد... اكتشاف قناع من المرمر لامرأة فينيقية بقرطاج    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    إعادة انتخاب محرز بوصيان نائبا لرئيس الإتحاد العربي للجان الوطنية الأولمبية    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    ضبط نسب الفائدة التّفاضلية الموظّفة على القروض الممنوحة لفائدة الشّركات الأهلية على الموارد الذّاتية للبنوك    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    دربي العاصمة: الإفريقي والترجي نهار الأحد.. 142 مواجهة وهذه الأرقام    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    بعد إلغاء البطاقة الحمراء ضد دحمان...إدارة التحكيم توضّح السبب    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في اكتوبر 2026    "اللص النائم".. أغرب ضيف ينتظر سيدة في منزلها    دولة عربية تتصدّر العالم: علاش الأثرياء يحبّو يزوروها؟    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    قوات الاحتلال الصهيوني تقتحم عددًا من بلدات ومدن الضفة الغربية..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    البيتان في المعهد: فمّا نص قانوني يعاقب التلميذ التونسي ؟    بعد فيديو المبيت في المعهد... " تلميذ التيك توك ينشر فيديو مثير للجدل مع والدته من المندوبية"    عاجل: اليوم تنطلق الدفعة الأولى من مباريات الجولة 14.. شوف القنوات الناقلة!    تونس تحتضن منتدى الطب الصيني – الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    بايدن يوجه انتقادا حاداّ لترامب: "لا ملوك في الديمقراطية"    بعد اعتراف ترامب.. رسالة "شديدة اللهجة" من إيران لمجلس الأمن    النيابة العامة في إسطنبول تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    ارتفاع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية بنسبة 8 بالمائة سنة 2026    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    عاجل : فضيحة في مسابقة ملكة جمال الكون 2025: شنية الحكاية ؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية... الكلام
تهويد القدس:
نشر في الشعب يوم 21 - 03 - 2009

في صباح يوم الأحد 22 فيفري 2009 بدأت طواقم هندسية «اسرائيلية» تابعة لبلدية القدس المحتحلة ومعززة بحراسة مشددة، بمسح مداخل عدد من البيوت وسطوح المنازل بحي البستان بمنطقة سلوان، وأخذت تصوّر الأزقة والمداخل والمخارج بالحي، ووزعت اخطارات بالهدم لنحو (90) منزلا، وطلبت منهم اخلاء منازلهم بشكل طوعي، ووعدتهم في حال التزامهم بذلك ستؤمن لهم البلدية مساكن في أماكن أخرى شرقي القدس.
قضية سلوان وتهويد القدس ليست بالجديدة فمنذ ان احتلت «اسرائيل» شرقي القدس في عام 1967 وهي تحاول تغيير معالم المنطقة وطمس هويتها العربية الاسلامية، وتأكيد هويتها اليهودية والتي ثبت فشلها في تحقيق ذلك حتى الآن، فكل الحفريات التي قامت بها بالمنطقة الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى وأسفله لم تثمر بإيجاد شيء من آثار الملك داوود وكل ما وجد هو اثار اسلامية.
وبعد ان فشلت بإيجاد شيء تحت الأقصى المبارك توجهت الى سلوان وكثفت من حفرياتها في هضبة سلوان ووادي الحلوة وعين سلوان، وتحولت سلوان إلى منطقة حفريات واسعة، خاصة أنّها تقع بمحاذاة السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك.
ومع نهاية الثمانينيات بدأت سياسة الاستيلاء على المنازل والأراضي عن طريق الاحتيال والخديعة من قبل المنظمات الاستيطانية مثل (إلعاد وعطيرت كوهنيم)، وأُعلن في ذلك الوقت عن مخطط شامل لمنطقة القدس سمي ب (80م/9) وبموجب ذلك المخطط اعتبر الكثير من المساحات الفارغة (الخضراء) ممنوع البناء فيها، وتمّ تحديد وإيقاف البناء للمواطنين المقادسة.
وتسعى «اسرائيل» إلى استكمال المشروع الاستيطاني الهادف الى السيطرة على مدينة القدس، وذلك من خلال تهويدها وتغيير معالمها الأساسية، فماهو المقصود بتهويد القدس وكيف تريد «اسرائيل» تحقيق ذلك المشروع؟ وماهي الدلائل على ذلك والدالة أيضا على عدم صدق التصريحات والنوايا لدى الاحتلال الاسرائيلي حول ملف القدس (تقسيم القدس) وحول عملية السلام برمتها؟
«تهويد القدس» هي العملية التي تحاول من خلالها «الحكومات الاسرائيلية» المتعاقبة نزع الهوية العربية «الفلسطينية» الاسلامية التاريخية من القدس، وايجاد وفرض واقع جديد مستحدث هو الطابع اليهودي.
واستخدمت حكومة الاحتلال العديد من الوسائل لتهويد القدس منذ احتلالها للمدينة منذ عام 1967 ، منها توسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية بالقدس، وذلك من أجل فرض سيطرتها الكاملة على مدينة القدس، ولتحقيق ذلك عمدت قوات الاحتلال إلى توسيع ما يسمّى بحدود القدس شرقا وشمالا، وضمّت مستوطنة معاليه دوميم والتي يبلغ تعداد مستوطنيها حوالي (20) ألف نسمة (وهي من أكبر مستوطنات «اسرائيل» وتمتد حدودها من القدس الى حدود البحر الميت) كمستوطنة رئيسية من الشرق، وضمّت كذلك المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل «عنتوت وميشور أدوميم وكيدار وكفعات بنيامين» من الجهة الشرقية، ومستوطنات «كخاق يعقوب وكفعات زئيف وكفعات حرشا وكفعات هاردار» من الشمال، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة عدد المستوطنين، وقلّل عدد السكان العرب (الفلسطينيين) «العامل الديمغرافي السكاني بالقدس» الأمر الذي جعل عدد المستوطنين بالقدس وحدها يساوي عدد المستوطنين بالضفة الغربية وقطاع غزة مجتمعين، وتجدر الاشارة إلى أنّ عدد المستوطنين بالضفة الغربية يبلغ (180) ألف مستوطن، ويبلغ عدد المستوطنات «الاسرائيلية» بالقدس (29) مستوطنة (حسب مركز أبحاث الأراضي) (14) مستوطنة منها ضمتها «اسرائيل» إلى حدود بلدية القدس أثناء بناء الجدار الفاصل من أجل توسيع المساحة الاستيطانية وضمُ المزيد من الأراضي لحساب «الدولة الاسرائيلية» المزعومة، وهذه الأراضي تقع شرقي القدس وكانت ضمن المستوطنات في محيط القدس على شكل دائري، وسيطرة على القمم العالية والجبلية، ناهيك أنّه تمّ بشكل رسمي توسيع حدود بلدية القدس وتمّ الاستيلاء على 72 كم بقرارات مختلفة، وبتقييد التمدد الصحراني (منع السكان العرب من التوسع العمراني وهدم منازلهم بدعوى عدم الترخيص من بلدية الاحتلال الاسرائيلي بالقدس) وتحويل هذه المناطق الى مستوطنات يهودية كما حدث في جبل أبو غنيم، عملية الاستيطان في القدس خلفت اثارا كبيرة على السكان الفلسطينيين من أبرزها مصادرات آلاف الدونمات من الأراضي التابعة للقرى التي أقيمت عليها المستوطنات، وتطويق التجمعات السكانية الفلسطينية والحدّ من توسعها كما هو الحال في كل الأحياء العربية في القدس، وتهديد بعض التجمعات السكانية الفلسطينية بالإزالة مثل حي البستان سلوان، وهي ليست المرّة الأولى التي يٌعتدى عليها.
ناهيك عن بقاء السكان (المواطنين الفلسطينيين) بمدينة القدس وضواحيها في حالة خطر دائم من جرّاء الاعتداءات المتكرّرة عليهم من قبل المستوطنين المدجُجين بالسلاح، ونتيجة عزل القدس عن محيطها الفلسطيني بالشمال والجنوب وفصل شمال الضفة عن جنوبها (فصل بيت لحم والخليل بالجنوب عن باقي المحافظات بالشمال رام الله وطولكرم) الأمر الذي يسمح لقوات الاحتلال بالتحكم بحركة الفلسطينيين بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وتنجح بتحقيق قطع التواصل الجغرافي بين مناطق الضفة الغربية وتقسيمها إلى بقع متناثرة، والاغلاق عليها بالجدار الفاصل وتشويه النمط العمراني الرائع للقدس (البلدة القديمة) والقرى الفلسطينية المحيطة.
ومن وسائل تهويد مدينة القدس سياسة تهجير المواطنين الفلسطينيين وسحب الهويات المقدسية منهم، وذلك من أجل خلق واقع جديد تكون فيه الكثافة السكانية اليهودية أكبر من العربية (الفلسطينية) العامل الديمغرافي، ووضعت حكومات الاحتلال العديد من المخططات من أجل تنفيذ توصية اللجنة الوزارية لشؤون القدس لعام 1973 برئاسة غولدا مائير التي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان العرب (الفلسطينيين) في القدس 22 من المجموع العام للسكان، فاستخدمت حكومات الاحتلال المتعاقبة العديد من الطرق والخطط لمحاولة تحقيق ذلك، ومن أبرز وسائلها سياسة سحب الهويات من المواطنين الفلسطينيين بالقدس، وسياسة هدم المنازل وعدم اعطائهم التراخيص للبناء والتضييق عليهم باستمرار وتسهيل الهجرة لهم أو دفعهم للذهاب خارج حدود بلدية القدس.
ولإعطاء العملية الطابع القانوني والرسمي لجأت حكومة الاحتلال الاسرائيلي إلى اصدار القوانين والتشريعات الخاصة بالتنظيم والتخطيط الذي انبثقت عنه مجموعة من الخطوات الادارية والقانونية المعقدة والتعجيزية في مجالات الترخيص والبناء، والذي أدى إلى تحويل ما يزيد عن 40 من مساحة القدس إلى مناطق خضراء ُيمنع البناء للفلسطينيين عليها، ولكنّها تستخدم كاحتياط لبناء المستوطنات كما حدث في جبل أبو غنيم، وساهمت هذه الاجراءات بحدوث هجرة سكانية عربية من القدس الى الأحياء المحيطة وذلك نظرا إلى الكثافة السكانية للمواطنين المقدسين وقلّة المساكن، اضافة الى سهولة البناء ورخص تكاليفه في الأحياء المحيطة مقارنة مع القدس المدينة.
وبدأت «اسرائيل» مرحلة جديدة من سياسة تهويد القدس في مطلع عام 1993 وتمثلت برسم حدود جديدة لمدينة القدس تحت مسمى (القدس الكبرى) وتشمل أراضي تبلغ مساحتها 600 كم2 أي ما يعادل 10 من مساحة الضفة الغربية وانشاء بؤر استيطانية فيها وعمل شبكة مواصلات من أجل تحقيق التواصل الاقليمي والجغرافي بين تلك المستوطنات ومدينة القدس.
ومن الوسائل التي ساهمت بتهويد مدينة القدس والتي قد يكون أغفلها البعض هي الدعم الدولي وخاصة الأمريكي والفرنسي على سبيل المثال، يطالب أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي بالاعتراف بالقدس (غير المقسمة) كعاصمة لدولة اسرائيل ويطالبون بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وحدث ذلك بعد نجاح لجنة العلاقات العامة الأمريكية الاسرائيلية (إيباك)، وهي احدى جماعات الضغط الاسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقدّم السيناتور (بروادنباك) في 19 أفريل 2005 بمشروع قانون تحدّث فيه عن أنّه يجري تداول مشروعها في مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي يدعو للإعتراف بالقدس عاصمة غير مقسمة «لإسرائيل» ويكون ذلك قبل (180) يوم من اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية، على اعتبار أنّه تشريع مشترك لصالح الطرفين، ويمكن تسمية هذا التشريع (بتشريع القدس) ويتضمّن شقين الأول الاعتراف بالقدس كاملة كعاصمة لإسرائيل، والشق الثاني الاعتراف بعد (180) يوما بقيام الدولة الفلسطينية وبشرط أن تعترف الولايات المتحدة باستقلال فلسطين الاّ بعد قيام المجتمع الدولي بحل وضع القدس بالإعتراف بها على أنّها العاصمة غير المقسمة «لإسرائيل».
أمّا بالنسبة للموقف الفرنسي فقد شهد تحوّلا في عام 2006 إزاء القضية الفلسطينية، يبدو فيها أنّ الدولة العبرية قد اشترت الموقف الفرنسي من خلال الاقتصاد، ففي الوقت الذي كانت فرنسا تعيش أزمة اقتصادية كبيرة جاءت «اسرائيل» ومدت لها يد النجاة من خلال مشروعين ضخمين الأول بقيمة بضعة ملايين من الدولارات وهو مشروع شبكة (ترامواي) انشاء شبكة من المواصلات يبلغ طولها (13) كيلومترا تمتد من المستوطنات الى القدس وصولا الى حيفا عابر «افرانش هيل» وجبل هرتزل وتقوم بعزل بعض المناطق العربية مثل مخيم شعفاط الذي يضم (38) ألف فلسطيني، والغاية من هذا المشروع تثبيت الجدار وتدعيم سياسة الضمّ والتوسع على حساب أراضي الضفة الغربية وإطباق السيطرة على القدس من أجل تحقيق وانجاح مخطط القدس الكبرى.
الملفت للنظر أن من سينفّذ المشروع شركتان فرنسيتان (بنفويان تحت كونسريتوم) يحمل اسم (سيتي باس)، والشركتان هما (التسون وكونكس) وهما مرتبطتان بثلاث شركات «اسرائيلية» وبعد انتهاء المشروع تحتفظ احدى الشركتان مع شريكتها «الاسرائيلية» بإدارة وتسييره لمدّة ثلاثين عاما.
ومن الجانب السياسي يُعتبر ذلك مساهمة فرنسية خطيرة لتهويد القدس وتثبيت سياسة الأمر الواقع التي تنتهجها «اسرائيل: المتمثلة حاليا (بالجدار الفاصل) على الأراضي الفلسطينية، ويعتبر ذلك أيضا خرقا للقوانين والقرارات الدولية من قبل الحكومة الفرنسية خاصة وانها عضوا أساسيا في مجلس الأمن، فقرار مجلس الأمن رقم 465 لعام 1980 ينص على أنّه لا يجوز للدول ان تقدم أيّة مساعدة يمكن ان تُستعمل في تنفيذ سياسة ضمّ الأراضي المحتلة، وكذلك قرارات محكمة العدل الدولية، ولكن الحكومة الفرنسية ادعت أن الشركات هذه هي ملك للقطاع الخاص وهي لا تدخل بالقطاع الخاص، ولكن الحقيقة أنّ الدولة الفرنسية تمتلك 12 من الشركتين المذكورتين وهي تشكل بذلك المساهم الأول في رأسمالها، هذا اضافة الى تفاخر رئيس الوزراء السابق (رافارين) خلال زيارته «اسرائيل» بهذا المشروع الذي اعتبره تجسيدا للتعاون بين باريس وتل أبيب وحضر السفير الفرنسي في «اسرائيل» (جيرار ارو) مراسم توقيع الاتفاقية في مكتب شارون في 17 جويلية 2006.
وينفذ الفرنسيون هذا المشروع ولكن وهم ينظرون إلى المشروع الثاني الذي تبلغ قيمته مليار وربع المليار دولار، وهو عبارة عن انشاء شبكة مواصلات تشمل كل الأراضي المحتلة، وكذلك مشروع (فيوليا) لتحلية مياه الشرب بعسقلان.
أمّا بخصوص الدلائل حول عدم صدق التصريحات والنوايا «الاسرائيلية» تجاه تقسيم القدس وعملية السلام برمتها فهي تظهر بداية من التصريحات التي يطلقها القادة الصهاينة، فرئيس الوزراء «الاسرائيلي» السابق شارون أعلن في الذكرى (38) لاحتلال القدس الشرقية عام 1967 «أن القدس ملك لإسرائيل وأنّها لنا للأبد ولن تكون أبدا بعد اليوم ملكا للأجانب» وهو نفس التصريح الذي صرحه في واشنطن بالمؤتمر السنوي لمنظمة إيباك في ماي 2005.
وشمعون بيرز الذي دعا إلى ضرورة التهجير الجماعي للفلسطينيين من مدينة القدس والذين يقدر عددهم بحوالي (240) ألف مواطن قائلا حيث من الخطإ ضمان بقاء القدس عاصمة الشعب اليهودي وفي الوقت نفسه تضمّ هؤلاء الفلسطينيين».
ونذكر أيضا البيان الذي أصدره مجلس الوزراء «الاسرائيلي» حول خطة سحوما «خطة تنمية القدس» وتهدف إلى تعزيز السيطرة «الاسرائيلية» على القدس، بحيث تكون مدينة مستقطبة للمستثمرين، وتكلّف هذه الخطّة (280) مليون شيكل أي ما يعادل (64) مليون دولار، وبموجب هذه الخطّة يتم بناء المساكن وتوفير الوظائف التي يمكن ان تشجع الأزواج الشبان من اليهود على الانتقال والاقامة بالقدس،
وبالمقابل تنفيذ مخطط جديد يشمل هدم (68) منزلا فلسطينيا وتشريد 200 عائلة من سكان حي البستان في بلدة سلوان في عام 2005، ونحن الآن أمام نفس المشهد نفسه والمخطط، وبالمكان نفسه حيث سيشرد ما يزيد عن 200 مواطن من هذا الحي بفعل القوة والغطرسة الصهيونية، وبالجهة الأخرى يتم العمل على توسيع المستوطنات وتهويد القدس وتشجيع اليهود على الانتقال للعيش والاستثمار هناك، ولخشيتهم من الزيادة الفلسطينية بالقدس نتيجة الهجرة التي حدثت الى القدس نتيجة بناء الجدار الفاصل تحاول قوات الاحتلال وضع حد لمنعهم من العودة إلى القدس.
وتعمل «الحكومات الاسرائيلية» على تنشيط المنظمات اليهودية المتطرفة بالخارج لكي تجذب أموال اليهود الأمريكيين من الأثرياء لشراء ما أمكن شرائه من الممتلكات بالقدس من خلال الصفقات المشبوهة.
نجد الخطط تتوالى على القدس بشكل مستمر ومن أبرز وأشهر هذه المخططات هو (غلاف القدس) وهو كمصطلح أطلقته وسائل الاعلام «الاسرائيلية» على النشاط الاستيطاني بمدينة القدس والذي تجلّت أبرز صوره وملامحه «بالجدار الفاصل» الذي عزل المدن والقرى وفصل بيت القدس والضفة الغربية وشرق الأراضي ومصادر المياه وضمها مع حدود عام 1948، لذلك يطلق عليه اسم جدار الضم والتوسع الاسرائيلي. ومن أهدافه أيضا طرد ما أمكن من الفلسطينيين وعزل الآخرين عن أهاليهم في مدن الضفة الغربية.
وتبيّن الدراسات الى أنّ مشروع «غلاف القدس» سيؤدي في النهاية الى ابتلاع ربع مساحة الضفة الغربية. وعزل اكثر من مائتي فلسطيني عن ذويهم في منطقة القدس وحدها، وبعد انتهاء العمل بالجدار الفاصل ستجد أنه ابتلع وضم وسلب (%48) من مساحة الضفة الغربية بحيث تصبح تحت الاحتلال الاسرائيلي، ويبقى للدولة الفلسطينية 42 من مساحة الضفة الغربية دون احتساب مساحة القدس الشرقية التي تشكّل ربع المساحة الاجمالية للضفة الغربية.
ولم تكتف»اسرائيل» بذلك بل اعتمدت الى فصل الضفة الغربية عن القدس وأراضي عام 1948 بشكل تام ومنعتهم من التزاوج، فلو تزوج فلسطيني من الداخل عرب 1948 من فتاة من الضفة الغربية لا يستطيع ادخالها الى القدس أو أراضي 1948 حسب «القوانين الاسرائيلية» وحتى ولو قُدّم طلب الحصول على معاملة «لمّ شمل» والتي تتطلّب سنوات كثيرة جدّا قبل صدور الموافقة على الدخول، هذا ان صدرت أصلا.
في حين أعلنت «اسرائيل» عن خطة لإقامة 20 ألف وحدة استيطانية، وتمنح وزارة المالية الاسرائيلية 23 ألف دولار للعائلة اليهودية التي توافق على تنفيذ المخطط الذي يرمي إلى تهويد القدس ديمغرافيا وجغرافيا وطمس ومسح معالمها العربية.
بقي القول ان كل ما تقوم به «اسرائيل» من تهويد للقدس وبناء للجدار الفاصل وسياسة الضم والتوسع هي مخالفة لكل الاتفاقيات والمعاهدات والقرارات الدولية، سواء المادة (49) من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 والتي تمنع مصادره الأملاك الخاصة للمواطنين، والقرار (446) و(465) و(471)التي تقضي بتفكيك المستوطنات وهو ما أشار إليه تقرير لجنة ميشل والذي طالب «اسرائيل» بوقف النمو الطبعي للمستوطنات .
ولكن لم تكترث «اسرائيل» بالقرارات والمواثيق والمعاهدات الدولية واستمرت بسياستها لتهويد القدس وإطباق سيطرتها على الضفة، وتمّت ادانة «اسرائيل» بقرار مجلس الأمن رقم (478) لسنة 1980 الذي اعتبر أنّ جميع الاجراءات القانونية والادارية التي اتخذتها «اسرائيل» والتي تهدف من خلالها إلى التغيير طابع وواقع المدينة المقدسة وخاصة القانون الأساسي عن القدس، تُعتبر اجراءات غير معترف بها ويجب إلغائها.
ولم تهتم «اسرائيل» بذلك أيضا بل فعلى العكس استمرت سياسة التهويد بوتيرة اسرع وأكبر من ذي قبل وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، وخاصةأنّه أصبح لا يخفى على احد أن أسفل المسجد الأقصى أصبح فارغا فهل يجب ان ينظر العالم العربي والاسلامي وحتى المجتمع الدولي سقوط الأقصى لكي يتخذ اجراءات فعلية ضدّ اسرائيل .
المسجد الأقصى في خطر كبير من جرّاء الحفريات، والمؤسسات التعليمية كذلك وخير دليل على ذلك المدرسة التي انهار بها أحد الصفوف وأصيبت فيها (13) طالبة، وهاهي حرمة المنازل تنتهك، ويشرد أصحابها دون وجه حق، ان «اسرائيل» لا تكترث بإنسانية الشعب الفلسطيني ولا بأماكنه المقدسة والتعليمية ولا تعتبره موجودا أصلا» فهم يعتبرون ان أرضا بلا شعب هي لشعب بلا أرض، واعتقد أنّ الكثيركتب عن هذا الملف وغيره من الملفات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية ويكتب الكثير أيضا وسيكتب الكثير حتى تصبح القضية الفلسطينية قضية الكلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.