نظم الاتحاد الدولي للخدمات من 21 إلى غاية 27 مارس المؤتمر الإقليمي لإفريقيا والبلدان العربية 2009 بقصد التباحث والتشاور في المشاكل والصعوبات التي تعوق العمل الخدماتي في القطاع العمومي بهذه المنطقة وسبل معالجتها وتجاوزها وقد سبقت أعمال الافتتاح الرسمي للمؤتمر أنشطة ضمن ورشات. تم الافتتاح الرسمي لفعاليات المؤتمر يوم الأربعاء 25 مارس الماضي بإشراف كل من الرفيق بيتر ولدرف الأمين العام للاتحاد الدولي للخدمات والأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد استهل الرفيق Teko KPODAR كلمته بسعادته الكبيرة لعقد هذه الدورة بتونس هذا البلد الجميل شاكرا للإخوة من النقابات التونسية حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال مشيرا إلى أن هذا ليس غريبا على منظمة عريقة مثل الاتحاد العام التونسي للشغل وأهمية دورها في الحركة النقابية العالمية ثمّ عرض لبرنامج الأشغال على امتداد الأيام الثلاثة للمؤتمر وطلب اثر ذلك من الأخ قاسم عفية عضو المكتب التنفيذي للافريكون أن يلقى كلمته الذّي حاول منذ البداية أن يلفت نظر المؤتمر إلى معاناة المنطقة العربية التدخل المباشر وغير المباشر في شؤونها من قبل القوى الاستعمارية حيث بين أنها مستهدفة في خيراتهاومدخراتها مشيرا إلى ما يعيشه العرب منذ النكبة من أجل الدفاع عن قضيتهم العادلة والمركزية القضية الفلسطينية وما استتبع ذلك الصراع من تداعيات خطرة على المنطقة لعل أبرزها احتلال العراق واستهداف السودان ومصادرة حق العرب في النهضة والتقدم. ثم تنقل الى الحديث عن الغاية من عقد هذا المؤتمر للمنطقة الإفريقية والبلاد العربية فشرح شعار الدورة باعتباره إحدى المهمات المركزية التي يجب علينا كمنخرطين في الاتحاد الدولي أن نناضل من أجل المحافظة عليها وتحسينها والتصدي لكل محاولات تهميش القطاع العمومي أو سلعنة خدماته مع العمل على تكريس شروط العمل اللائق وتثبيته باعتباره حقا من حقوق الإنسان وهذا لن يتحقق إلا بإرادتنا نحن المنضوين علينا الاتحاد الدولي للخدمات مؤكدا في الآن نفسه أن هذه الإرادة ينبغي لها أن تعمل في إطار الوحدة والتضامن والإخلاص لمبادىء العمل النقابي المناضل والحر الى جانب الثقة في التعامل من أجل التصدي لتداعيات العولمة والحدّ من التأثيرات الكارثية للسياسات النيوليبرالية أما الأخت سامية لطيف التي انتخبت نائبة لرئيس المؤتمر فقد بيّنت المعاناة الكبيرة التي تعاني منها المرأة العاملة نظرا للأدوار المضاعفة التي تقوم بها في العمل والمنزل والمجتمع ممّا سبّب لها ضغوطات نفسية متولّدة عن عوامل مهنية وغير مهنية مؤكدة أن المراة العاملة شريكا فاعلا ومساهما بنّاءا في الدورة الاقتصادية والنسيج المجتمعي والحراك الاجتماعي مشيرة الى أن التحديات العالقة والرّهانات المطروحة تحفز المرأة العاملة على مضاعفة جهودها داخل الحركة النقابية لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية وكسب رهان الجودة المحافظة على القطاع العمومي في تقديم خدمات للصالح العام دفاع عن الإنسان وعن كرامته. إثره أحيلت الكلمة إلى السيد كمال عمران ممثل السيد وزير الشؤون الاجتماعية والذي بادر بالشكر وتقدير الاتحاد الدولي للخدمات على اختيار تونس لاستضافة فعاليات الدورة الحادية عشر للمؤتمر الإفريقي والبلدان العربية مؤكدا أهمية الدور الذي يقوم به الاتحاد الدولي في مواجهة الفقر والعمل على الاستفادة العادلة من مجهودات التنمية ونتائجها مثمّنا في هذا السياق الدور المحور للاتحاد العام التونسي للشغل ثم عرض السيد كمال عمران لمنوال التنمية في تونس كنموذج يهدف الى تحقيق عدالة اجتماعية من خلال المؤسسات التي أنشأتها الدولة التونسية كبنك التضامن الوطني وصندوق 26-26 الذي تحوّل الى تقليد دائم في التضامن والتآزر بين التونسيين مؤكدا فوائد منوال التنمية هذا على حياة الناس حيث تحسّن مستوى عيشهم والتمتع بالمرافق الحياتية الضرورية كالكهرباء والماء بيّن أن أهميّة هذا المنوال كان محلّ إعجاب من قبل الهيئات الدولية ولذلك أقرّت منظمة الأممالمتحدة الصندوق العالمي للتضامن. ثم أحيلت رئاسة الجلسة إلى الأخ قاسم عفيّة عضو المجلس التنفيذي لمنطقة إفريقيا والبلاد العربية الذي أطّر الاجتماع ثمّ قدّم الأستاذ عبد الجليل البدوي أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية بتونس الذي عرض بحثا في تحليل ظاهرة تحرير الاقتصاد وسلعنة الخدمات وعن دور نقابات القطاع العام في المحافظة على المكاسب الاجتماعية والتصدي للخصخصة وقد بين الأستاذ/المحاضر أن الأزمة الأخيرة كشفت الوجه الحقيقي لليبرالية مما خلق أزمة ثقة في هذا التوجه ودعا إلى ضرورة إعادة الدولة للقيام بأدوارها ومن أهمها دورها التعديلي في الدورة الاقتصادية منبّها إلى أن غياب الدولة أو انسحابها طرح مشاكل اجتماعية عديدة وشكّل خطرا على مفهوم المواطنة فقد تحولنا إلى حرفاء مستهلكين لا مواطنين راشدين ويبدو المشكل أشدّ خطورة في الدول النامية حيث نتج عن السياسات الليبرالية صياغة مجتمعات من طبقتين وهما الأغنياء ويمثلون أقلية لديهم الثروة ويستفردون بالقرار والفقراء. تواصلت أشغال المؤتمر في اليوم الثاني بعرض أهمّ الأنشطة المقترحة وشرح بعض المسائل التنظيمية ثم أحيلت رئاسة الجلسة الى السيدة TEO DORA فطلبت من قبل الأمين العام للاتحاد الدولي تقديم بعض الإيضاحات بخصوص بعض النقاط فتفضل بشكر المضيفين التونسيين على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال ثم تحدث عن بعض النقاط الفنية المتعلّقة بمسألة الانتخابات بخصوص نواب الرئيس وقد وعد بضرورة إيجاد حلّ لها في الاجتماع القادم للمجلس التنفيذي الذي سينعقد في 22 الى 24 أفريل 2009 وهذا يقتضي أن يغيّر الاتحاد الدولي دستوره وقوانينه الداخلية أثناء المؤتمر الذي سينعقد بجنوب إفريقيا في 2012 ودعا الى تشكيل لجنة للبحث ودراسة الموضوع. تجارب بعد ذلك فسحت رئيسة الجلسة المجال للرفيقة TCHI باعتبارها مقرّرة في الاتحاد الدولي للخدمات لعرض مداخلة حول الحقوق والحريات النقابية فبينت أن المداخلة ستتم من خلال عرض تجارب لبعض البلدان في هذا الصدد وما يتعرض له العمل النقابي من انتهاكات وخروقات وتم ذلك من خلال تقديم بعض التجارب المحلية فلسطين في البال وقد عرضت ممثلة فلسطين مأساة الشعب الفلسطيني باعتباره الوحيد الذي مازال يرزح تحت الاحتلال والتهجير والتشريد وكان ذلك مصحوبا بعرض شريط على المشاركين يصور مأساة غزّة وما تعرض له الشعب الفلسطيني المناضل من انتهاكات واعتداءات بأسلحة محظورة دوليا وانّ ما عمّق المأساة وفاقم الفقر ازدياد نسب البطالة حيث بلغت 70% في قطاع غزة و 49% في الضفة الغربية داعية المشاركين الى ممارسة ضغوطهم على حكوماتهم من أجل التدخل في الهيئات الدولية للجم الغطرسة الصهيونية مشيرة الى أهمية مقاطعة البضائع الإسرائيلية وقد ناشدت المؤتمر أن يصادق على مقترحها وباتخاذ قرار ملزم من أجل الضغط على المجتمع الدولي بتطبيق الشرعية الدولية ممثلة في إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس وحق العودة الى ذلك محاسبة حكام إسرائيل باعتبارهم مجرمي حرب. وطلبت من الاتحاد الدولي للخدمات القيام بزيارات لفلسطين لمعاينة وضع الخدمات العمومية وتردّيها. وقد وقف أغلب الحضور تحية وتقديرا للقضية الفلسطينية وعدالتها. وشكرالأخ رضا الفورتي ممثل الشبكة الإفريقية للمياه الاتحاد الدولي للخدمات على تعاونه البنّاء لبعث الشبكة وما تقوم به من أدوار مهمة للمحافظة على الثروة المائية وحسن توزيعها وإيصالها للعموم باعتبار الماء حقاّ إنسانيا ينبغي العمل على إدراجه في الدساتير المحلية ودعا الى ضرورة تفعيل هذه الآلية ودعم استقلاليتها لما لهذه المادة الحيوية من أهمية قصوى في حياة الفرد والمجموعة وهي تؤشر على أنها مشكلة مستقبلية لما تثيره وما تزال من نزاعات قد تصل الى الحروب أحيانا.