كسائر بلدان العالم تحتفل بلادنا في مطلع غرّة ماي من كل سنة بعيد الشغل العالمي، وذلك تكريسا لقيم البذل وتكريما للشغالين من رجال ونساء وللمؤسسات وللجان الاستشارية مثمنة ومقدّرة جميع جهودهم من أجل ترسيخ أركان التضحية ومثابرتهم المتواصلة لتحقيق التألق والتميّز لتقدم تونس وإستقرارها. إن الإتحاد العام التونسي للشغل الذي تميز على الدوام بروحه الوطنية العالية، وكان إبان الحركة التحريرية سندا للنضال، نجده اليوم شامخا وطرفا فاعلا من أجل كسب رهانات الحاضر والمستقبل، وركنا ثابتا من أركان مجتمع الوفاق والإعتدال والوسطية، فالاتحاد اليوم يعدُ شريكا فاعلا في التعاطي مع مسألة وموضوع التنمية، مركّزا نشاطه وفقا لتمشّ يهدف الى التركيز على هدفين أساسيين أولهما حماية الحق النقابي وتنميته داخل مواقع الإنتاج، وثانيهما المحافظة على دور الدولة لتواصل دورها على قاعدة تحقيق التوازن بين الجانبين الإقتصادي والاجتماعي. لقد خاض الاتحاد العام التونسي للشغل عبر الهياكل النقابية الأساسية والجهوية والوطنية عدة جولات من المفاوضات الإجتماعية، تُعنى بكل الأجراء في الوظيفة العمومية، والمؤسسات العمومية، والقطاع الخاص، حول مراجعة الأجور والعلاقات الشغلية والحقوق النقابية والقوانين الأساسية والاتفاقيات القطاعية المشتركة... إلى جانب اضطلاعه بمسؤولياته في معالجة الملفات الاجتماعية المتصلة بمصالح الشغالين وفي صدارتها إصلاح نظام التأمين على المرض، وذلك بالنظر الى أهمية صحة المضمونين من خلال توفير أفضل الظروف لعلاجهم... إلخ.... إنّها مفاوضات خاضها إتحادنا ولا يزال يخوضها إلى اليوم في ظل أوضاع إقتصادية عالمية صعبة جدًا وفي خضم أزمة مالية عالمية جعلت إقتصاديات عديد الدول تعرف تراجعا مشهودا، حيث ارتفعت الأسعار التي مست بعض موارد الاستهلاك الأساسية، وهيمنت العديد من المؤسسات العالمية من خلال تكديسها للأرباح بمتاجرتها باليد العاملة.. إنه بالفعل واقع دولي جديد يحتّم من جديد على جميع أطراف الإنتاج في بلادنا التسليم بضرورة تعميق الحوار المسؤول والبناء من أجل تفاوض يدعم أسس العمل اللائق، وذلك بمواصلة تطوير قنوات الحوار داخل المؤسسات، والعمل على مزيد تيسير سبل التشاور بين النقابات والمؤجرين من خلال إرساء علاقات قوامها الاحترام المتبادل طبقا للقوانين الدولية والمحلية، وتبارك في الصدد الآتي الإيجابي لمقاربة بلادنا الإجتماعية التي أصبحت عليها اليوم، حيث افضت هذه المقاربة الى عدة نتائج ملموسة لفائدة العمال، من خلال التوصل بصفة منتظمة للزيادة في أجور الشغالين، وعلى التفاوض الإجتماعي معهم دون انقطاع، الى جانب رفع الأجر الأدنى المضمون في القطاعات الفلاحية وغير الفلاحية لعدة مرات، ومصادقة بلادنا مؤخرا على الإتفاقية الدولية عدد 135 المتعلقة بحماية المسؤولين النقابيين في مؤسسات العمل... فمواصلة التمسك بالحوار والوفاق ومراعاة مصلحة الوطن العليا لابد من إعتبارها من طرف جميع أطراف الإنتاج أنها من ثوابت سياستنا الإجتماعية فالدعوة ملحّة اليوم الى ضرورة مواصلة التعلق بتكريس مناخ الثقة السائد في بلادنا بالتعاون والتكامل مع سائر هذه الاطراف. كما لا يفوتنا أن ننوّه بالنجاحات الداخلية للإتحاد العام التونسي للشغل وخاصة نتائج الجولة الحالية من المفاوضات الإجتماعية... الشيء الذي مكن الاتحاد من مزيد تدعيم مكانته على المستوى الدولي، حيث تعززت هذه المكانة وتطور إشعاع الإتحاد في المحافل النقابية الإقليمية والدولية وعلى مستوى العمل الثنائي مع المنظمات الشقيقة والصديقة مع الثبات على الأهداف نفسها التي تأسس من أجلها ويواصل مسيرته اليوم على دربها.