لست بالضّليع في المساجلة والجدال في ميدان الابداع ولا ناقدا متألّقا في ميدان الادب والفنّ ولا سباحا ماهرا في بحر الشّعر والشعراء ولا متمكّنا في علاقة الوزن بالقافية ولكنّي آليت على نفسي أن اهتمّ بالشّعر عندما اكتشفت يوما أنّ الابداع بأشكاله المتعددة اصبح جميلا عندما سخّر نفسه لخدمة القضايا العادلة ودبّت فيه بذور الواقعيّة وطرح على نفسه النّضال الى جانب قوى الحياة الأخرى. هذه المقدمة العابرة أردتها مدخلا لأشتكي شاعرنا محمد الصغير اولاد أحمد الى روح الشاعر الكبير محمود درويش على الحضور الذي بدا عليه وهو يحيي أمسية شعرية بدار الاتحاد الجهوي للشغل بالكاف بمناسبة الاحتفال بذكرى عيد العمال فقد كان متثائبا متثاقلا على نفسه فاقدا للتّوهج عند قراءته لبعض نصوصه التي كان الحضور متلهّفا لسماعها. غاب عنه الحبّ والوفاء ممّا جعل الحاضرين يتجاوبون معه بتصفيقات كسلى. ليس هذا شاعرنا الذي عرفناه في الظلال والأضواء في لحظات حذره أو اندفاعه الذي وصل في بعض الاحيان الى حدّ «التهوّر» لحظة اشتدّت حوله زحمة المعجبين والمعجبات. كان يُرْقض أفكاره من بين ثنايا شعره قاطعا حبل الوصل بينه وبين المتلقين فقد جاء لقراءة شعره في شكل من الرّتابة جعلت الحاضرين لا يكتشفون انّ الشاعر الماثل أمامهم هو صديقنا محمد الصغير أولاد أحمد الاّ عند قراءته لبيته المعروف «أحبّ البلاد....» انّي لا أنكر أنّ شاعرنا وزن وقفّى واجتهد الاّ أنّي لاحظت فيه حالة من الارتخاء والتّسليم لم نعهدها منه اذ عهدناه قريبا من النّاس وعضوا نابضا في هذا الجسد الاجتماعي المثقّل بالتّثاؤب والكسل.