بنزرت .. أسلاك التربية يحتجّون ويصفون العودة المدرسية بالفاشلة    نحو شراكة تونسية–كورية في البيوتكنولوجيا والتكوين المتخصص    أسطول الصمود المغاربي.. انطلاق السفينة الاخيرة "أنس الشريف"    الولايات المتحدة: إطلاق النار على العديد من ضباط الشرطة في مقاطعة يورك    شبهة تلاعب بنتائج الرابطة الثانية : حارس جندوبة يُحبط «المخطط» والملف بيد القضاء    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    بهدوء...المرأة التي تريد قتْل الوقت    بطولة العالم لألعاب القوى طوكيو 2025: العداءة التونسية مروى بوزياني تحتل المرتبة الرابعة    بسبب انتشار الحشرة القرمزية: تراجع صابة الهندي الأملس بنسبة 40 بالمائة    الحرارة هكذا ستكون الليلة    بعد تتويجه في فينيسيا.. 'صوت هند رجب' يختم مهرجان القاهرة السينمائي    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    الاستاذ عمر السعداوي المترشح لخطة رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس ل" الشروق اون لاين ".. " ساعمل من أجل هياكل فاعلة تحفظ كرامة و تطور الممارسة اليومية للمهنة"    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    عاجل/ إسبانيا تلوّح بمقاطعة المونديال في حال تأهّل إسرائيل    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    تحذير صارم: أكثر من 30 مصاب بالاختناق جراء تلوث المنطقة الصناعية في قابس...شفما؟    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    تعرف على الفواكه التي تعزز صحة القلب    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    جريدة الزمن التونسي    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    القصرين: مشروع نموذجي للتحكم في مياه السيلان لمجابهة تحديات التغيرات المناخية والشح المائي    قابس: تخرج الدفعة الأولى من المهندسين بالمعهد العالي للاعلامية والملتيميديا    صدمة في القلعة الكبرى: لدغة ''وشواشة'' تُدخل شابًا قسم الكلى    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    المقرونة: أصلها عربي و لا إيطالي؟ اكتشف الحكاية    ارتفاع الحرارة ليس السبب...النفزاوي يكشف أسرار نقص الدواجن في الأسواق    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    بشرى سارة للتونسيين: أمطار الخريف تجلب الخير إلى البلاد..وهذا موعدها    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    اختفاء سباح روسي في مضيق : تفاصيل مؤلمة    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    أكثر من 100 شهيد في مجازر ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    القيروان: النيابة العمومية تأذن بتشريح جثة العرّاف ''سحتوت'' بعد وفاته الغامضة    عاجل/ الكيان الصهيوني يستهدف مستشفى للأطفال بغزة..    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    جريدة الزمن التونسي    لمدة 48 ساعة فقط.. جيش الاحتلال يعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غموض في التشريع.. تحايل في التطبيق.. والعمال أكبر المتضررين
القانون 79 /2008 :
نشر في الشعب يوم 06 - 06 - 2009

جاءت الندوة التي احتضنتها جهة سوسة على مدى يومي 26 و27 ماي 2009 ونشطها باقتدار الأخ حسين العباسي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل متفردة في مضمونها وفحواها واعتبرها المشاركون نوعية والأولى من نوعها على مستوى تفكيك بنى القوانين الشغلية ومعرفة مدى تطابقها مع الواقع الشغلي خصوصا وأنها اهتمت في جانب كبير منها إضافة إلى تأثيرات الأزمة المالية العالمية بالقانون عدد 79 لسنة 2008 المؤرخ في 30 ديسمبر من نفس السنة والمتعلق بالإجراءات الظرفية لمساندة المؤسسات الاقتصادية من اجل مواصلة نشاطها بكل أريحية! وهو موضوع حساس يستمد أهميته مثلما شخص ذلك الأخ حسين العباسي من تعدد زوايا قراءته بما يجعله حمال أوجه أي قانون قابل لعديد القراءات التي اتفقت جميعها للأسف على إنصاف المؤسسات المتحايلة والمتظاهرة بالإفلاس والإجحاف في المقابل بحق العمال!.
هذه الندوة التي افتتحها الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ،وحضرها الكتاب العامون للاتحادات الجهوية والمسؤولون عن القطاع الخاص والتشريع وعدد من الكتاب العامين للجامعات المعنية بهذا القانون والتي تم الإعداد لها بالتنسيق بين قسم التشريع والنزاعات والدراسات والتوثيق وقسم القطاع الخاص بالاتحاد العام شهدت إضافة إلى حضور الأخ حسين العباسي تواجد الاخوة بلقاسم العياري ومحمد شندول ومحمد سعد وعلى بن رمضان أعضاء المكتب التنفيذي الوطني، وعدد من الكتاب العامين للاتحادات الجهوية والجامعات .
وقد حرص الأخ احمد المزروعي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة مرفوقا بأعضاء المكتب التنفيذي الجهوي على استقبال ضيوف جهة سوسة والأخ الأمين العام وتوفير كل سبل الراحة للوفد المشارك وضمان عوامل النجاح للندوة حتى تحقق كل أهدافها.
فماذا إذن عن هذا القانون المؤسساتي قانون 79 ؟ ووفق أي مقاييس تم إقراره؟ وأي حضور للعامل وحقوقه فيه؟ ولماذا تم تغييب الاتحاد العام التونسي للشغل الطرف الأكثر قدرة على المساعدة في سن مثل هذه القوانين ؟ وهذه كلها شكلت محاورا أساسية ومفاتيح النقاشات والردود التي عرفتها الندوة وكشفت بوضوح سلبيات هذا القانون وتعارضه مع مصالح الطبقة العمالية.
قانون الأعراف بامتياز!
في كلمته المرحبة بالضيوف وفي مقدمتهم الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أبدى الأخ احمد المزروعي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة سعادته البالغة باستضافة جهة سوسة لهذا اللقاء التحسيسي الهام من اجل البحث في مسائل ملحة وحساسة تهم الشغالين في كل الجهات على غرار القانون عدد 79 وما يتفرع عنه من ثغرات وتأثيرات سلبية وجب التصدي لها للحد من استفحالها وتوسعها. وكان قبل انطلاق فعاليات هذه الندوة قد أدلى بتصريح لجريدة الشعب المناضلة شجب من خلاله الخلفيات التي تقف وراء إقرار هذا القانون الذي قال بشأنه الأخ احمد المزروعي انه قانون تمت صياغته على مقاس أرباب العمل وأصحاب المصانع مقابل تهميش كلي في المقابل لحقوق العمال بصفتهم شريك أساسي في مؤسسات العمل وهذا ما يجعل قانون 79 قانون الأعراف بامتياز باعتباره يفتح أمام أصحاب المؤسسات الباب واسعا للتحايل على هذا القانون والنفاذ من خلاله لتكديس ثروات إضافية مبنية على تصريحات بالإفلاس مشكوك في أمرها. واستغرب كيف ينفرد المشرع بسن مثل هذه القوانين دون العودة إلى أصحاب العلاقة وأولهم الاتحاد العام التونسي للشغل الشريك الفاعل والجوهري في البلاد وصاحب الرؤية الثاقبة في تحديد التصورات وتكريس خيارات المساواة والعدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار الاجتماعيين. وأثنى كثيرا على هذه البادرة من قسم التشريع والنزاعات في تسليط الضوء على هذا القانون الكارثة الذي أصبح يتهدد آلاف العمال ويتعارض كليا مع مبادئ منظمتنا العتيدة الداعية دوما إلى تفعيل ديمومة المؤسسات وصيانة حقوق وكرامة العمال. وأكد ان الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة سيظل بكل قواعده ومناضليه وإطاراته النقابية على أتم الاستعداد ليكون سندا قويا ومدعما فاعلا للمركزية النقابية في تصديها لمخاطر هذا القانون وغيره من التشريعات.
قانون أم كابوس!؟
شكلت كلمة الأخ حسين العباسي الأمين العام المساعد المسؤول عن التشريع والنزاعات والدراسات والتوثيق مدخلا مهما ساعد الحضور كثيرا على فهم المحورين الأساسيين في الندوة والمتعلقين بالقانون عدد 79 والأزمة المالية العالمية. وبلغة سلسة ومبسطة ووفق رؤية منهجية تنم عن إلمام واسع بالمسائل التشريعية خصوصا في القطاع الخاص انطلق الأخ حسين العباسي في تشريح كابوس 79 المتمثل في قانون إنقاذ المؤسسات ! ونادى بحتمية الاتفاق على طريقة موحدة ذات جدوى للتعامل مع هذا القانون الذي لم نعرف بعد ان كان تواصله سيمضي بنا إلى المدى البعيد أم انه لا يعدو ان يكون قانونا ظرفيا واستثنائيا؟ واعتبر بوضوح ان قانون 79 من القوانين التي تشجع بشكل أو بآخر أرباب العمل على التحيل من اجل التمتع بامتيازات ضريبية والإعفاء من المديونية والتحرر من عديد الالتزامات المادية وهذه كلها تزيد من ثراء العرف وتحد من حقوق العامل وتجعله فريسة لعديد الإجراءات التعسفية منها البطالة الفنية والتخفيض في عدد ساعات العمل وإيقاف العمل بعقود الشغل محدودة المدة وغيرها من الإجراءات التي وجد أصحاب المؤسسات في القانون عدد 79 منفذا لتكريسها واللعب على أوتارها! حتى ان مشهد اصطفاف أصحاب المؤسسات في طوابير طويلة أمام تفقديات الشغل لإعلان إفلاسهم الوهمي والشروع في تجهيز ملف التمتع بالامتيازات الضريبية أصبح مألوفا لدى عامة الناس، وسال الأخ العباسي من موقعه كمسؤول على التشريع في الاتحاد العام التونسي للشغل عن ماهية المؤسسة التي ينطبق عليها القانون عدد 79؟ وكيف نقر أصلا بان مؤسسة ما تعاني فعلا من صعوبات اقتصادية ومن حقها الاستفادة من هذا القانون؟ والى أي حد مثلت المنافذ الغامضة في القانون عدد 79 أرضية خصبة لتأويله من قبل أصحاب المؤسسات لغايات على علاقة أساسية بجني مزيد من الأرباح؟ وكيف يمكننا كطرف نقابي تشريح هذا القانون بصرامة القانون نفسه وروح النص وإبراز تضاربه مع مصالح الشغالين واثبات تأثيراته السلبية على المناخ الاجتماعي والاقتصادي العام في البلاد؟ وفي الأخير ماهي الآليات النضالية المثلى للتصدي له حتى لا تتواصل تأثيراته بالغة الخطورة على أوضاع الشغالين أينما كانوا على ارض تونس؟
تشريع غامض وحوار جامد
جملة الأسئلة السابقة التي طرحها الأخ حسين العباسي ، اعتبرها في إجاباته الدقيقة مسائل خلافية تشريعية سببها غياب الحوار الاجتماعي في تونس وعدم تفعيله بالشكل الذي تطمح إليه الأطراف الاجتماعية المعنية، وقدم تعريفا اصطلاحيا لمفهوم الحوار وحدده بأنه حوار يجري بين اثنين أو أكثر حول موضوع محدد للوصول إلى هدف معين، وفي حالة القانون عدد 79 قال الأخ العباسي انه تم إقراره من جانب واحد دون إشعارنا كمنظمة وطنية ونقابية من حقها إبداء رأيها فيه ومناقشة حيثياته ، واعتبر تبعا لذلك نواقص هذا القانون كامنة فيه لان السلطة التي انفردت بحق تشريعه اهتمت بشئ معين ضمن هذا القانون وغابت عنها أشياء! وحيا في هذا الإطار جهود الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد واتصالاته في أعلى مستوى وتحذيره الدائم من مغبة تحييد منظمتنا العتيدة أثناء سن تشريعات وقوانين مصيرية تتعلق بالعمال. ومضى ليكشف بعد ذلك عن عديد الحقائق المرة التي تعد نتاج جمود الحوار الاجتماعي الذي أدى إلى نتائج وخيمة وحول المنظومة التشريعية إلى إلية دفاعية وحمائية يعتمدها أصحاب العمل للتملص من التزاماتهم تجاه الشغالين والتحايل على الجباية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
من التفويت في المؤسسات إلى خصخصة البشر
من النقاط المهمة الأخرى التي لفت إليها الأخ حسين العباسي الانتباه وأذهلت المشاركين في الندوة تلك المتعلقة بمخطط لاستهداف العمال يطبخ منذ مدة على نار هادئة وقد نفاجئ بقانون حوله مثل قانون 79 هذا المخطط يتجاوز إنقاذ المؤسسات والامتيازات المقدمة لأصحاب العمل على حساب حقوق العمال إلى ما هو اخطر وهو تقنين المتاجرة بالرأس المال البشري ! حيث أكد وجود نية مبيتة لبلورة مشروع جديد يتناول الوساطة في سوق الشغل وإحالة مكاتب التشغيل العمومية على التقاعد مقابل قيام الخواص بهذا الدور وهذه مسالة على غاية من الخطورة نبه لها الأخ حسين العباسي وكشف بوضوح استهدافها للطبقة الشغيلة. وأنهى بالتأكيد على صعوبة المرحلة وضرورة التصدي لعديد من التشريعات فعليا وليس فقط بالشعارات التي نرفعها في الندوات وطالب بالتوحد والاتفاق على آليات نضالية منها التجمعات العمالية لتكون منطلقا
حين يتحول متفقد الشغل إلى عرف
الأخ بلقاسم العياري الأمين العام المساعد المسؤول على القطاع الخاص جاءت كلمته على شاكلة قراء اجتماعية سياسية اجتماعية لواقع شغلي وصفه بالمزري ولا يمكن التعاطي معه إلا ضمن المفاهيم والتشريعات التي تسوده. واعتبر بادرة قسم التشريع والنزاعات في متابعة القوانين والتشريعات الجديدة بالتحليل والدراسة ظاهرة جديرة بالتنويه ومفيدة لكل أقسام الاتحاد ومن هذه القوانين القانون عدد 79 الذي يكشف بوضوح الطبيعة المتخلفة للعلاقات الشغلية في بلادنا . واستغرب التغييب المتعمد للاتحاد العام التونسي للشغل وعدم تشريكه في وضع هذه التشريعات رغم انه منظمة وطنية فاعلة وحرة سبق لها ان ساهمت فعليا في دحر الاستعمار. وجمن دائرة المفاهيم المتخلفة اقترح الأخ العياري تغيير اسم صندوق الضمان الاجتماعي بصندوق التضامن الاجتماعي مادام القانون عدد 79 قد منح أصحاب المؤسسات حق الإعفاء من دفع مستحقاتهم للصندوق الوطني !واستبعد ان يكون قانون 79 الحل الأنسب للوضع الاقتصادي للمؤسسات مشبها هذا القانون بذر الرماد على العيون وآلية من الآليات الذكية للتخلص من اليد العاملة المترسمة والنفس النقابي داخل تلك المؤسسات! وتقدم بجملة من المقترحات المهمة التي بامكانها ان تساعد في مواجهة محلفات هذا القانون وغيره من التشريعات السالبة لحقوق العمال ومن أهم هذه المقترحات التنسيق بين الهياكل النقابية ، والإلمام كما يجب بخفايا هذا القانون وملابساته قبل الانتقال إلى مرحلة مواجهته ، ومواكبة هذا الملف ومتابعته بدراسة شاملة يعتمد فيها على خبراء ومختصين، والضغط على متفقدي الشغل والتشهير بانحيازهم المفضوح للأعراف الذي حول بعضهم إلى كاتب خاص عند العرف ! واعتبر هذه التوصيات وغيرها ذات شان داخلي مهمتها المساعدة في التصدي لقانون 79 وكذلك الاستعداد الجيد للتعامل مع مستجدات الأزمة المالية . وأضاف بأننا كهياكل نقابية موحدة مطالبون بإيجاد تشريعات نفرضها فرضا عن طريق منظمتنا العتيدة المنتصرة بمبادئها دوما للعمال مؤكدا في خاتمة حديثه ان قانون 79 يعد شكليا مقارنة بالأصل الذي هو القانون 21 ومجددا تأكيده على ان النضال العمالي المشترك هو الحل لكل هذه المعضلات.
النضال ليس مجرد شعار !
دون التعمق بإسهاب في تفاصيل القانون 79 والأزمة المالية العالمية اختار الأخ على بن رمضان الأمين العام المساعد الذي اشرف على اختتام هذا اللقاء ان ينحى بكلمته إلى جوانب أخرى مهمة تتداخل بموضوعي اللقاء وتتعلق باستراتيجية المنظمة لمجابهة مثل هذه القوانين والأزمات.
واعتبر مثل هذه اللقاءات فرصة للمكتب التنفيذي الوطني حتى يستمع ربما إلى اشياء لا تعجب ولكن يهمنا سماعها حتى يكون تواصلنا مع قواعدنا مبنيا على الصدق والموضوعية والاحترام وحتى نقترب أكثر من شواغل عمالنا بالفكر والساعد مؤكدا ان حقوق العمال ومصالحهم هي خط احمر بالنسبة لنا ولا مجال لأي كان فردا أم مؤسسة المس من هذه الحقوق أو استهدافها وطمأن الحاضرين بان المسؤول الذي لا يحترم نفسه ولا ينصهر في خدمة القواعد لا مكان له في المنظمة وقال ان المستوى الذي بلغته منظمتنا العتيدة لم يعد يسمح لنا جميعا بالخطإ أو التقصير في تحمل مسؤولياتنا من اجل واقع شغلي وقانوني وتشريعي يؤسس للمجتمع العادل والمتوازن والمتماسك الذي نطمح إليه، ونبه بوضوح إلى ان معضلة القوانين الشغلية الغامضة مثل قانون 79 وغيرها لا يمكن ان تؤدي إلا إلى إضعاف المجتمع وإغراقه في فوضى التشريعات وما ينجر عنها من تأثيرات هدامة تضرب الاستقرار الاجتماعي وتقذف به نحو المجهول وأضاف ان هذا الوضع يستدعي منا تحديث آليات النضال لأنه من غير المعقول ان نجابه خطورة قوانين 2009 التي تستهدف العمال باليات الثمانينات أو التسعينات وحمل النقابات الأساسية مسؤولية التحرك وطلب عقد الاجتماعات العامة والتنسيق من اجل تجمعات حاشدة تخفف الضغط عن المركزية النقابية التي لا يمكن ان تتحمل بمفردها عناء التصدي لهذه القوانين الجائرة.
إنهم ينسفون فقه القضاء
الأستاذ رشاد المبروك الذي قدمه الأخ حسين العباسي بصفته واحد من الخبراء المهمين الذين قدموا إضافات كبيرة لقسم التشريع والنزاعات اعتبر في تحليله لقانون 79 انه من القوانين التي تسودها مفاهيم غامضة تشرع للتحايل عليه من قبل المؤسسات وهذا يدعو إلى تفعيل إجراءات مواجهة التحيل من اجل امتيازات ضريبية وأكد ان التعامل مع هذا القانون مازال لم يتضح بعد باعتبار ان ما يطرأ عليه مجرد تعديل في العلاقة الشغلية وإنما هو مس من العلاقة الشغلية ذاتها وهذا يعتبر تقنين من وجهة نظره. وأطلق صيحة فزع بسبب ما يتعرض له فقه القضاء القديم الذي كان يعد من أفضل ما يوجد عالميا ولكنه اليوم ينسف نسفا ولا ندري إلى أين ستصل الأمور؟
أزمة معولمة
الجزء الثاني من الندوة الذي ارتكز على الانعكاسات الاجتماعية للازمة الاقتصادية أمنه الأستاذ الجامعي حسين الديماسي من خلال مداخلة مهمة تناولت بإسهاب مدلولات الأزمة وتأثيراتها وأسس اندلاعها واعتبرها الأعنف منذ سنة 1929 وأعاد استفحالها إلى ما فجرته العولمة من أزمات في الغذاء والبورصة المالية العالمية والقطاع المصرفي والقروض المغشوشة حتى أدت بنا إلى أزمة ثلاثية الأبعاد «اقتصادية واجتماعية وثقافية» كان من نتائجها ذوبان عديد المؤسسات وتسريح آلاف العمال بحكم التطور الهائل الذي بلغته الآلة التكنولوجية الصناعية وفرضت الاستغناء عن العنصر البشري، واعتبر في هذا المجال ان تخاذل أحزاب اليسار وتخلي الدولة عن دورها التعديلي وضعف التنظيمات المهنية وعدم التزامها بالدور المنوط بها في التعبير عن هموم الشغالين من المسائل التي ساعدت على استفحال هذه ألازمة.
ماذا عن التوصيات؟
تم على اثر هذا اللقاء التحسيسي الهام الخروج بجملة من التوصيات تعكس مدى استيعاب المشاركين لخطورة القانون عدد 79 واستعدادهم لبلورة خطة نضالية موحدة في كل الجهات للتصدي لمثل هذه القوانين والحد من انعكاساتها المباشرة على العمال ومن أهم هذه التوصيات:
العمل على إيقاف ألازمة وما يتهدد الملف الاجتماعي إعادة النظر في القانون عدد 79 والتأكيد على عدم انصافيته للعمال مضاعفة جهود كل الأطراف لإرساء حوار جدي حول الأزمة المالية واستحقاقاتها المطالبة بتنظيم تجمعات عمالية بالجهات لإبلاغ الموقف النقابي والاحتجاج برفض تحميل العمال تبعات أزمة ليس لهم ضلعا فيها حماية المنظمة من الاستهداف أيا كان مأتاه التنسيق المتكامل والمدروس بين الجهات والمركزية النقابية والنقابات الأساسية والجامعات المطالبة بحق الاتحاد في التواجد في المؤسسات التشريعية تطوير حزمة القوانين وإضفاء طابع الزجرية والردعية عليها لمجابهة تحيل الأفراد والشركات إعادة الاعتبار لدور الدولة وتدخلها في السياسات المالية بعث صندوق للبطالة لحماية المسرحين رفض تكييف ساعات العمل والبطالة الفنية بعث شركات وطنية كبرى لامتصاص البطالة والحد من تداعيات ألازمة تنمية الثقافة الوطنية والحد من التبعية والارتباط بالرأسمال العالمي دفاعا عن كرامتنا واستقلالية قرارنا الوطني العمل على إرساء مجتمع ديمقراطي شفاف ومحصن من الفساد إذكاء الروح الانتصارية وقيم النضال لدى النقابات- تخليص النقابات من تفشي سلوك الانتهازية الضغط على متفقد الشغل حتى يكون محايدا ومنصفا لحقوق العمال اعتماد آلية التشهير ببعض المؤسسات متعددة الجنسيات والتشهير بها- تفعيل التضامن العمالي العالمي لمواجهة السياسات الليبرالية التصدي بقوة وأكثر حزم لحالات الإجهاز على حقوق العمال المطالبة بندوة وطنية لتقييم خيار الخصخصة المطالبة بحملات تعبوية للتحسيس بمخاطر التشريعات المسقطة مطالبة جريدة الشعب بإنارة الراي العام والتشهير والتنديد بالتجاوزات والانتهاكات تنظيم ايام إقليمية تحسيسية حول الوساطة والتشغيل لرصد تصورات النقابيين والأخذ بمقترحاتهم رفض معالجة عجز الصناديق الاجتماعية على حساب العمال إرساء مؤسسات مدنية قادرة على الارتقاء بالحراك الاجتماعي ومراقبة تجاوزات السلطة- العمل على إرساء تنمية جهوية متوازنة وتوزيع عادل للثروة الوطنية تطوير صيغ واليات التفاوض المحافظة على السياسة التعاقدية لحماية مكاسبنا وحقوقنا.
كلمة النهاية
الأخ محمد العجيمي الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي كانت له كلمة مقتضبة في نهاية الندوة أكد من خلالها نجاح الندوة وطالب بضرورة تحويل التوصيات الصادرة عنها إلى برامج عمل تقترن بتحركات نضالية من قبل النقابات الأساسية والجامعات لتخفيف العبء عن قسم التشريع وقسم القطاع الخاص في مجابهة قانون 79 وغيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.