أصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كتابا مهما عن القدس أبرزت فيه بالارقام والوقائع الاعتداءات الاسرائيلية على القدس وأهلها وتراثها، وحللت في السياق التاريخي الدور الأساسي الذي لعبته الحضارة العربية الإسلامية في نحت مدينة القدس وتشكيل هويتها وإكسابها خصوصياتها وتميّزها العمراني والمعماري والثقافي، وكيف واصل مجد القدس مسيرته مرتبطا ارتباطا عضويا بالعرب وحضارتهم الإسلامية، فلم تزدهر خصوصيات القدس الثقافية الا بفضل القيم التي أرساها الإسلام ونشرها، وهي قيم السماحة والتعايش بين الاديان والاعتدال والسلام والحوار في كنف احترام الآخر. إن النسيج العمراني والتاريخي للقدس ومعالمها وأسوارها لدليل رائع على هذا التناغم الحضاري، وهذا التعايش السلمي الذي تميزت به الثقافة المقدسية عبر قرون في ظل الحضارة العربية الإسلامية. وبالاضافة إلى ما تحظى به زهرة المدائن من منزلة رفيعة في قلوب كل العرب ومن مكانة متميّزة، فإنها تمثل كذلك لدى شعوب العالم عاصمة روحية وثقافية ذات طابع كوني يتجاوز حدودها الجغرافية ليكسبها صفة الانسانية. وبالرغم من هذا الوعي العالمي بخصوصيات القدس وضرورة صيانتها، فإن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك يوميا حرمة هذه المدينة بالتشويه والهدم وإجبار أهاليها على الهجرة في نطاق خطة تعسفية لمحو خصوصياتها وعروبتها، تنفذ برنامجا استيطانيا رهيبا وتنتهك التراث العربي بالمدينة والعمل بمختلف الوسائل على طمسه ومحوه وبالرغم من الإدانة الأممية والمجتمعات المدنية وكثير من النوادي الديبلوماسية والمنتديات الفكرية القارية لهذه الممارسات، تمضي اسرائيل في تنفيذ مخططها لتفكيك النسيج العمراني وهدم الاسس التاريخية لهذه المدينة. وقامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من جهتها بإصدار كتاب «القدس.. الاعتداءات الاسرائيلية على أهاليها وتراثها» ووزعته على نطاق واسع لتعزيز جبهة المواجهة العالمية الثقافية التربوية العلمية دفاعا عن القدس ومقدساتها وتراثها وقيمها الانسانية.