جاءنا رمضان شهر الصيام والأكلات ورياضات البطون والقيام. في ليلته الاولى قصدنا قهوة بردولة حيث القهواجي شدولة والمقهى بالزبائن مأهولة، ولن تحصل على احدى الطاولات وانت زبون الا بتقديم شيء من العربون فمكاننا على رصيف الدكانة نستهلك القهوة والتاي وشراب الرمانة، ونلازم الشيشة بعد يوم فيه الفم محبوس كما يلازم النار المجوس، وشرعنا في الكلام حول مصائر الايام والحديث عن مغامرات العمالقة والأقزام، ونحن من موضوع الى موضوع نتفق ونختلف ونعيش ذكريات العملة في النفق فقال مسعود وحديثنا الليلة يجب ان يخرج عن الحيلة والدار والعيلة، فنحن جئنا الى القهوة للحديث عن هذه الصحوة التي اصبحنا فيها بعد انقطاع الصروة واشتداد الظلمة ورغم ذلك العناء فقد كنا سعداء متعاونين في السراء والضراء كما كان اخوان الصفاء متحابين متضامنين رغم عسف الاستعمار واهاناته لأصحاب الدار، فقال عمار دعونا يا جماعة من ذكريات المناجم وما فيها من ظلم الاعاجم فقال جيلاني يا عمار يا حناني انها ايام وليالي كانت مرة المذاق ولكنها صارت عسلا كالعصير الرقراق، وليتها تعود تلك الايام ونعيش ساعاتها بسلام، فلقد تبدلت الخدمة وصارت رغم الراحة والاستراحة بلا طعمة ولا نكهة، قال حمه الزنان الذي كان في الازمان من المسؤولين في الانفاق دعونا بربكم من هذا الاختلاف والاتفاق وانتم تُكَعِررُونَ وتعجنون القضايا في الصباح وفي العشايا، ولم تبلغوا حلا ولم تحولوا العنب خلا وانتم في نفس الحلقة تدورون وهكذا نحن في كل موضوع دائخون ولم نملا سطلا ولا بيدون واصبحنا فرسانا في الكلام ولم نترك بطالا ولا خداما الا وجبدنا فيشته ونشرنا غسيله فقال الجموعي هذا صحيح يا رنان فليس فينا من اتبعه القوم وعلم الغير السباحة والعوم فدعونا من ذلك حتى لا نضيع مع الخواص والعموم في المهالك فالبقرة وأختها في الطين وسوء المسالك ولم يسلم من هذا الفساد الذي اصاب العابد ذكي ولا مرماد، ونادى القهواجي الذي كان ايام المنجم لغماجي ويتحول في الصباح الى مرماجي، هات لنا كارطه جديدة وقابلني يا بوحديدة نجعل حدا لهذين الزوجين اللذين يحسبان انفسهما من الملاعبيه ولهذين نوكل اللاعبين طريحة على هذا الحصير لم ينلها صغير ولا كبير فقال سودة ألم تعلم اني أحسبها مشيا وجريا وجاء بك ربي لتأكل ما أكله الطبل يوم العيد في كل طرح عنيد ولنجدد المشروب في كل لعب جديد اما خامسهم السردوك فقد اعطى له الرشام بقايا كارطة مفصولة بالتمام فقال اسمي بالفرنسية الكوك وهنيئا لي بهذه المهنة ونعمة الغنيمة وانا كالثعبان لا أحفر ولا أبيت في الأكفان وهكذا ليالي رمضان حديث وثرثرة ولعب وفدلكة في كل مكان.