في الذكرى الأولى لرجوع الشهيد فيصل الحشايشي لأرض الوطن محررا من الغاصب الصهيوني على يد المقاومة الباسلة والوقوف على خلفيه هذه العملية الكبيرة والجو غير العادي الذي رافقها في مدينة قابس طوال ذلك اليوم المشهود الذي سوف يبقى راسخا إلى الأبد في أذهان كل الذين ساهموا في زفاف الشهيد فيصل الحشايشي. وبهذه المناسبة نستضيف شقيقه توفيق الحشايشي الوجه النقابي المعروف بقطاع الكهرباء والغاز وعضو الاتحاد الجهوي للشغل بقابس الذي التقيناه وكان لنا معه الحديث التالي: * مشهد زفاف الشهيد كان مهيبا شارك فيه الجميع فما الذي خلفه في نفسك ؟ كان مشهدا مشحونا بالحزن والبكاء لكنه كان في نفس الوقت زفاف شهيد ومحرر في آن واحد ، والمشاركة كانت عفوية حيث شعر الجميع بالفخر والاعتزاز ومازال بعضهم الى اليوم يأسف لعدم المشاركة في تلك اللحظات الخالدة والحمد لله أنها تمت على أحسن ما يرام . * ما الذي تغير منذ رجوع رفاة الشهيد لأرض الوطن على المستوى العائلي ؟ أشياء كثيرة، على المستوى النفسي خاصة، لأن الأمر يخلف مرارة بأن تفقد أحد أفراد عائلتك عن طريق السمع دون أي حجة تثبت ذلك حتى في دفاتر الحالة المدنية مازال الى الآن يعتبر في عداد الأحياء وعندما يأتيك جثمانه وتتلمسه وتقوم بدفنه في مثل ذلك المشهد فالجميع تخلص من شيء من التوتر الداخلي غير المعلن وأحس الواحد منا براحة نفسية كبيرة. * أم الشهيد كانت أكثر الناس ألما عليه خاصة عندما كانت تتلقى مكالمات هاتفية صامتة وكانت تؤمن أنه فيصل في الطرف الآخر حتى جاءها خبر الاستشهاد، كيف تعيش اليوم بعد رجوعه ؟ هذا صحيح تصور ماذا يمكن أن يخلف في قلب الأم إختفاء تلك المكالمات ثم خبر استشهاد إبنها وإعتقاله لدى الصهاينة؟ لقد عاشت 15 سنة تخفي آلامها وحرقتها عليه لكن حين إنحنت على التابوت تتمسحه وكأنها تضمّه إليها، ثم ترافقه الى مثواه الأخير وسط تلك الحشود الهادرة، ثم يسرع اليها ذلك العدد الكبير منهم لتهنئتها بتحرر الشهيد وزفافه وهي واقفة على قبره الذي أصبح مزارا لها فيما، أعتقد أن كل ذلك سبب لها راحة نفسية كبيرة. * كيف تقيم مساهمة الاتحاد العام التونسي للشغل في عودة الشهيد وزفافه ؟ الاتحاد العام التونسي للشغل ولد كبيرا في أجواء نضالية ضد المستعمر وقدم جحافل من الشهداء في مقدمتهم شهيد الوطن فرحات حشاد فلا غرابة في أن تكون مسامهته في مثل هذا الحدث بداية من المكتب التنفيذي وعلى رأسه الأخ الأمين العام الذي ذلّل لنا كل الصعاب حيث كنت على وشك التنقّل لسوريا لحضور عملية إستسلام الشهداء لكن لظروف قاهرة تنقل وفد من الاتحاد وقام بالواجب، ثم كانت مساهمة الاتحاد الجهوي للشغل بقابس التي كانت مشرفة للغاية ومبادرة النقابة العامة للتعليم الثانوي التي كرّمت الشهداء في أشخاص بعض أفراد عائلاتهم فكان حفلا رائعا من جميع النواحي، كما لا يمكنني أن أنسى التغطية الاعلامية التي قامت بها جريدة الشعب على امتداد ثلاثة أسابيع متتالية عرّفت فيها بالشهيد فيصل وكل مراحل الزفاف، فكما ترى فان الاتحاد العام التونسي للشغل سند لكل نفس نضالي تحرري. * هل تعتقد ان الجهة أوفت الشهيد حقه، أم أنك كنت تنتظر أكثر مما حصل ؟ أعتقد ذلك، لأن كل تلك الحشود التي هبت دون سابق موعد أو اعلام حيث توحد آلالاف خلف النعش ، كل الحساسيات والتيارات شيبا وشبابا حتى نسوة الجهة شاركّن بصفة غير عادية فلأول مرة تتنقل النسوة للمقبرة وحتى اللواتي لم يشاركن مباشرة، شاركن من خلال شرفات وأسطح المنازل والبنايات بالزغاريد ورمي الحناء والورد ورش ماء الورد على الجماهير أعتقد أن الجهة خلدت زفاف الشهيد كأحسن ما يكون. أما أنّي انتظر أكثر مما حصل فاترح امكانية إطلاق اسم الشهيد على أحد الأنهج او المؤسسات التربوية التي مر بها . * هل تعتقد أن استشهاد فيصل شرف خاص به وبعائلته أم أنه شرف لكل التونسيين ؟ طبعا هو شرف ذاتي يعود له لكن و بما أنه اعزب فان ذلك الشرف ينال كل أفراد عائلته ولقد لمسنا ذلك في عديد المرات التي ما كان الاخوة في الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يحيون فيها ذكرى يوم الشهيد إلا ويأخذوا والدي رحمه الله ويكرموه أي تكريم، فقط لأنه والد الشهيد، والشهادة أيضا تطال كل التونسيين وكل العرب باعتبار أنه استشهد من أجل قضية العرب الأولى ولأجل كل من يؤمن بالحرية والكرامة وتحرير الشعوب من قيود الاستعمار. * كنت أكثر الناس تمسكا بعودة الشهيد لأرض الوطن وقمت بعديد المساعي لأجله، فمن أجل من كان ذلك ؟ كما حدثتك، لما تحس بآلم والدتك وحسرتها على ابنها دون ان تفصح عن ذلك، ثم لما علمت ان جثمانه الطاهر أسير لدى الصهاينة في أرض فلسطينالمحتلة قمت بعديد المحاولات مع بعض الدوائر الرسمية وقسم العلاقات الخارجية بالاتحاد العام التونسي للشغل وواصلت العمل على إعتبار أن آخي شهيد يكرم مع الشهداء وليس قطعة حبل جايبها الواد كما يقال حتى يترك عند الصهاينة الجبناء. والحمد لله تحقق ذلك بكل عزة وشرف وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر للمقاومة اللبنانيّة وقائدها وكل من ساهم في تحرير الشهيد والرجوع به الى أرض الوطن دون أن أنسى كل الدوائر المسؤولة ببلدنا. * هل من مقارنة بين النضال النقابي والنضال المسلح؟ يلتقى الإثنان في نقطة التضحية والبذل من أجل الآخرين ونكران الذات ولهما هدف واحد هو تحرير البشر وصون كرامتهم وإعطائهم حقوقه كاملة. كما أن الطرفان قد قدما ومازالا يقدمان الشهداء عبر التاريخ في كل بلاد العالم ، لكن تبقى الشهادة في سبيل الله وتحرير الأوطان أعلى مرتبة وأكبر شرفا دون ان ينقص ذلك من شرف النضال النقابي شيء. * بعيدا عن الموضوع ماذا ننتظر من توفيق مسؤول الاعلام بالاتحاد الجهوي ؟ كما تعرفون العمل النقابي هو عمل جماعي ولا يستوي أمره اذا لم تتظافر جهود الجميع و لعلّ عنصر الاعلام يأتي في مقدمة هاته المجهودات نظرا للدور الكبير الذي يلعبه اليوم في الحياة العامة وكما يقول المثل : «واحد يعلم يساوي اثنين» وهذا ما سوف نسعى لتحقيقه بايصال المعلومة للجميع والحمد لله ان منظمتنا وفرت لها إطارا إعلاميا خاصا لذلك سوف نستغل جريدة الشعب وكذلك الشعب الآلكتروني التي لا بد من زيارة موقعها لأهميته في نشر كل الأخبار العاجلة وإننا ننوي إصدار نشرية داخلية توعوية تثقيفية تتحدث عن تاريخ المنظمة ورجالاتها والمحطات الهامة بها وكذلك النضال النقابي بالجهة وتاريخه كل هذا لن يتحقق ما لم تتظافر كل الجهود وما لم يشترك الجميع في جريدة الشعب، كما سوف نعمل لأجل إعادة الشباب العامل لحضيرة الاتحاد الجهوي وكذا المرأة العاملة ليلعب الطرفان الدور المأمول منهما كما سوف نسعى كمكتب تنفيذي جهوي لمزيد رص الصفوف للحد من الخصخصة وغلق المؤسسات وإنتهاك الحق النقابي مع العلم أننا مازلنا في الأربع أشهر الأولى من الدورة النيابية. * كلمة الختام لا بد ان نكون متفائلين بالمستقبل النقابي والشباب العامل والمرأة العاملة وأن الذي سبقونا ما انتصروا و حققوا ما حققوه إلا على قدر تظامنهم وتمسكهم بمبادئ الاتحاد العام التونسي للشغل وأجدد شكري للجميع وخاصة جريدة الشعب على هذه اللفتة الكريمة للتذكير بالذكرى الأولى لزفاف الشهيد فيصل الحشايشي والله الموفق والى اللقاء في إنتصارات عمالية جهوية ووطنية أخرى.