اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صور: رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى معتمدية الدهماني: التفاصيل    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأهيل القطاع الصحي العمومي وعدالة التوزيع شرطان لنجاح التأمين على المرض
في الندوة الدستورية السنوية الأولى لقسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية: صندوقا الضمان الاجتماعي يواجهان أوضاعا صعبة ويتهدّدهما العجز مستقبلا
نشر في الشعب يوم 21 - 11 - 2009

انعقدت أيّام 11 و12 و13 و14 نوفمبر الحالي الندوة الدستورية السنوية لقسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية بأحد نزل مدينة الحمامات، وتركّزت أشغال الندوة على موضوعين أساسيين هما نظام التأمين على المرض ونظام التقاعد.
وخصّص اليوم الأول لتطارح هاتين القضيتين بين أعضاء الهيئة الادارية للإتحاد، وتواصلت مداولات الندوة على امتداد الأيّام الثلاثة الباقية.
واختتم الندوة الأخ عبد السلام جراد الأمين العام بكلمة (انظر نصّها في موقع آخر) وكانت للأخ رضا بوزريبة الأمين العام المساعد المشرف على القسم مداخلاته المركزة والفاعلة في توجيه النقاش وانطلقت الندوة في يومها الثاني، صباح الجمعة 13 نوفمبر بمداخلتين قدمهما الأخ فتحي العياري بعنوان »مذكرة تقييمية حول نظام التأمين على المرض« واحتوت محورين هما: »تقييم نظام التأمين على المرض« و»واقع الحال لأنظمة التقاعد في تونس«.
وبعد أن ذّكر صاحب المداخلة بالظروف التي دارت فيها المفاوضات حول اقرار نظام التأمين على المرض حتى موعد انطلاق في جويلية 2008 قدّم احصائيات ومعطيات مالية حول توزيع المضمونين الاجتماعيين بين صيغ التكفل الثلاث التي يبرز من خلالها أنّ العدد الأكبر منهم قد اختار المنظومة العلاجية العمومية (74) بسبب ما توفّره من خدمات.
أمّا في مجال موارد نظام التأمين على المرض ونفقاته فقد شهدت تطوّرا خلال سنتي 2007 و2008 حيث تطورت نسبة الموارد ب 1،23 والنفقات ب 21 ويعزى هذا التوازن النسبي بين النفقات والموارد خلال هاتين السنتين الى ارتفاع مساهمات المنتفعين بعنوان التأمين على المرض ولكن النفقات سوف تشهد ارتفاعا أكبر من ارتفاع نسق الموارد بالنسبة للصندوق وهو ما سيؤدي إلى اختلال توازناته المالية.
وتفيد الأرقام أنّ القطاع الصحي الخاص استأثر بنسبة 5،52 من النفقات الجملية للعلاج سنة 2008 ويعود هذا الى ارتفاع كلفة التكفل بعلاج المضمونين الاجتماعيين.
وانطلاقا من هذه المعطيات يتبيّن أنّ القطاع العمومي الذي يشكو من الاهمال سوف يخسر مكانته لصالح القطاع الخاص الذي ترتفع تكلفة الخدمات الصحية المقدمة فيه وبهذا سوف تزداد توازنات التأمين على المرض اختلالا خلال السنوات القادمة. ومن هنا تكتسي مسألة تأهيل القطاع الصحي العمومي أهمية بالغة، وتبدو وجاهة مطالبة الاتحاد الذي يطالب اعادة احياء اللجنة الوطنية لتأهيل القطاع العمومي واستئناف الحوار بين وزارة الصحة العمومية ومختلف الأطراف المعنية من أجل ضبط أولويات التأهيل ووضع رزنامة زمنية لإنجازه وتحديد مصادر تمويله.
صندوقا الضمان الاجتماعي يواجهان أوضاعا صعبة
يمرّ صندوقا الضمان الاجتماعي: الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية الخاص بشغالي القطاع العام والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الخاص وبشغالي القطاع الخاص بوضعية مالية صعبة، ويتفاقم عجزهما يوما بعد يوم.
وبخصوص الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية سجّلت وضعيته المالية تدهورا شديدا حيث مرّت من نتيجة ايجابية + 310،49 مليارا إلى نتيجة سلبية 647،28 مليارا على الرغم من الترفيع في مساهمة المضمونين الاجتماعيين.
ولم تتمكّن بعض الحلول الترقيعية في اصلاح الوضع بشكل جدّي مثل الزيادة التدريجية في المساهمات ب 3 منها 8،1 على كاهل المؤجر بداية من جانفي 2007 و2،1 على كاهل الأجير بداية من جويلية 2007، وكذلك الترفيع في سن الإحالة على التقاعد المبكر من 55 سنة إلى 57 سنة وفي سنوات الأقدمية إلى 37 سنة الخ... من تجاوز الإشكالية المطروحة وسوف لن يتجاوز مفعولها التخفيف من حدّة العجز لا غير.
أمّا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فإنّ المشاكل التي يواجهها تعود في الأساس إلى سوء تسيير الصندوق وتحميل نظام القطاع غير الفلاحي أعباء أنظمة تأمين أخرى مثل نظامي الأجراء والمستقلين في القطاع الفلاحي اللذين يعيشان عجزا مزمنا منذ انشائهما قبل 25 سنة.
وتعود أسباب العجز في الصندوقين إلى أسباب كثيرة ولكنّهما يشتركان في الانعكاسات السلبية للإختيارات الليبرالية للدولة التي أدّت إلى أزمة التشغيل وتسريح آلاف الشغالين من العمل والإحالة المبكرة على التقاعد وارتفاع عدد المكفولين بعد سن التقاعد وتوسّع نسبة التغطية الاجتماعية والنقص في التصريح بالدخل لدى أنظمة المتخلين والتصرف غير الرشيد في موارد أنظمة الضمان الاجتماعي.
ويبدو واضحا أنّ الحلول الترقيعية التي لجأت إليها السلطة أو تفكّر في اللجوء إلهيا مثل سن التقاعد ومردود الاشتراكات ونسبة التقاعد سوف لن تحلّ المشكلة بل سوف تكون على حساب الشغالين.
انّ الوضع الحالي للصناديق يستوجب حلولا أكثر عمقا بعد ان بلغت مساهمة الأجراء والمؤجرين حدودها القصوى، وأصبح من الضروري التفكير في تنويع مصادر تمويل الصناديق حفاظا على توازنها وتحقيقا للعدالة الاجتماعية.
وتناول المشاركون في النقاش موضوعي التأمين على المرض وأنظمة الضمان الاجتماعي باسهاب كبير وأكدوا على أنّ مشاكل هذا القطاع هي نتيجة طبيعية للسياسة الليبرالية المتبعة وهي ثمرة للأوضاع المترتبة على العولمة.
وأكد الحاضرون على ضرورة التمسّك بمكسب التأمين على المرض الذي لم يولد اليوم بل منذ العشرينات من القرن الماضي وما حدث مؤخرا هو محاولة اصلاح لها حدودها لهذا النظام. وان الاتفاق الحاصل بين الحكومة والاتحاد يتضمّن بندا ينصّ على تأهيل قطاع الصحة العمومية وانّ على الاتحاد أن يتمسّك بضرورة تطبيق هذا البند قبل دخول أيّة مفاوضات مقبلة حول هذا الموضوع ولفت المناقشون النظر إلى اختلال التوازن بين الجهات في مجال الخدمات الصحية وأكدوا أنّ الثغرات التي يشكوها قطاع الصحة العمومية، مثل طول فترة الانتظار من أجل الحصول على موعد من أجل تلقّي بعض الخدمات الصحية هو ما يدفع المضمونين الاجتماعيين الى اللجوء إلى القطاع الخاص مع ما فيه من ارتفاع للكلفة.
وطالب المتدخلون بضرورة أن يكون تسيير عمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مشتركا بين ممثلي الشغالين والمشغلين وان تكفّ الدولة عن التصرّف فيه. ودعوا إلى ضرورة الحزم في استخلاص مساهمات الأعراف وما يقتطعونه من أجور العمّال للصندوق.
ودعا بعضهم إلى رفض أي ترفيع مستقبلي في مساهمات الأجراء في صندوق الضمان الاجتماعي ورفض الترفيع في سن التقاعد إلاّ بالنسبة للقطاعات التي تدعو فيها الضرورة لذلك على أن يكون ذلك اختياريا ورفض اعفاء الأعراف من دفع مساهماتهم تحت اية تعلّة.
حوادث الشغل والأمراض المهنية
وقدّم الأخ قيس بن يحمد في الجلسة المسائية مداخلة بعنوان »مقاربة تحليلية لأحكام حوادث الشغل في القطاعين الخاص والعام«، بعد أن أشار صاحب المداخلة إلى صدور القانونين الخاصين بالتعويض عن مخاطر حوادث الشغل والأمراض المهنية الخاص بالقطاع الخاص رقم 28 لسنة 1994 والخاص بالقطاع العام والوظيفة العمومية عدد 56 لسنة 1995 وما احتواه هذان القانونان من »ثغرات« وعدم »انصافهما في التعويض عن العجز الجزئي أو الكلي أو الوفاة لفائدة المتضررين وخلفهم العام، وكذلك بالنسبة للوقاية في القطاع العام«.
واستعرض مختلف القوانين والأوامر والقرارات والمناشير المنظمة لمسألة الوقاية الصحية والسلامة المهنية والتعويضات عن اضرار حوادث الشغل لاحظ أنّها »بقيت متناثرة ولم تجمع في مجلة خاصة لها وهو ما أعاق عمل الباحثين ورجال القانون والنقابيين في اثرائها وتطويرها وتطبيقها«. وعدّد من الثغرات: »عدم التعريف بحادث الشغل والمرض المهني وتعدّد هياكل التصرّف في هذا النظام واختلاف الحقوق حسب الوضعية الادارية للمتضرّرين وطول وتعقد اجراءات تصفية الحقوق«.
وبالمقابل اهتمّ المشرّع ب »وضع تعريف واضح لكل من حادث الشغل وحادث الطريق والمرض المهني«.. وجعل »النظر في الدعاوي والنزاعات الناشئة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية من اختصاص حاكم الناحية«.
واستعرض المتدخل الاطار القانوني لحوادث الشغل والأمراض المهنية منطلقا من تعريف منظمة الصحة العالمية »صحة الانسان بأنّها حالة الاكتمال الجسدي والنفسي«. وذكّر بقانون 21 فيفري 1994 الخاص بمبدإ شمولية التغطية في القطاع الخاص وانتقالها الى الخلف العام للأجير الهالك وعلى اجراءات التعويض حيث أقرّ مبدأ التسوية الآلية للحقوق قبل اللجوء إلى المنازعة القضائية.
واستعرض صاحب المداخلة مفهوم حوادث الشغل والأمراض المهنية وذكّر بتعريف القانون عدد 28 لسنة 1994 لحوادث الشغل الذي جاء فيه: »يعتبر حادث شغل الحادث الحاصل بسبب الشغل أو بمناسبته لكل عامل عندما يكون في خدمة صاحب عمل أو أكثر وذلك مهما كان سببه ومكان وقوعه«.
و»يعتبر حادث الشغل أيضا الحادث الحاصل للعامل أو العون أثناء تنقله بين مكان عمله ومحل اقامته بشرط أن لا ينقطع مسيره أو يتغيّر اتجاهه لسبب أملته مصلحته الشخصية أو لسبب لا صلة له بنشاطه المهني«.
وحول المفهوم القانوني للأمراض المهنية، أشار المتدخل الى صعوبة تحديد مفهومه بدقة ذاكرا انّ عدّة عناصر طبية كيميائية وفيزيائية تتداخل في تحديده اذ »خلافا لحادث الشغل الذي يتّسم بالصبغة الفجئية فإنّ المرض المهني يتسّم بظهوره التدريجي والبطيء بفعل العمل في ظروف معيّنة« وعرف المشرع المرض المهني »بكل ظاهرة اعتلال وكل تعفّن جرثومي أو إصابة يكون مصدرها بالقرينة ناشئا عن النشاط المهني للمتضرّر«.
وحسب القانون ينبغي توفّر 3 شروط لاعتبار المرض مهنيا هي: أن يكون المرض واردا بقائمة الأمراض المهنية، وان توجد علاقة سببية بين المرض والنشاط المهني وان تكون الاصابة بالمرض في أجل المسؤولية المحدّدة بالقائمة المذكورة، وهذه المدّة تختلف باختلاف الأمراض المهنية لأنّ لكل مرض طبيعته الخاصة ومراحل تطوره وظهور أعراضه.
وطالب المشاركون ببعث مرصد لحوادث الشغل والأمراض المهنية كما طالبوا بمراجعة القانون الخاص بأمراض الشغل من أجل سدّ ثغراته وخاصة فيما يتعلّق بالتعويضات المستحقة، وركّزوا على ضرورة توفير الحماية للشغالين في أماكن العمل من أجل تجنّب وقوع الحوادث وتفشّي الأمراض بين الشغالين.
ودعا الأخ رضا بوزريبة إلى جعل يوم 28 أفريل بداية من السنة المقبلة يوما وطنيا للصحة والسلامة المهنية، مذكّرا بأنّ مليوني عامل يموتون سنويا في عالمنا اليوم نتيجة تعرّضهم إلى حادث شغل أمّا في تونس فإنّ ما بين 50 و54 ألف حادث شغل تحدث سنويا.
وخصّصت صبيحة يوم السبت 14 نوفمبر لمناقشة موضوع »الأمراض المنقولة في محيط العمل (مرض فقدان المناعة المكتسبة »السيدا«) تنشيط الأخوين مروان الشريف وآمال الدريدي.
وأكد المتدخلان في تقريرهما على خطورة هذا المرض نظرا لما يتسبّب فيه من »فقدان للمهارات والكفاءات وفي انخفاض مردودية المؤسسة من خلال الغيابات الطويلة والمتكرّرة للعمّال المصابين وزيادة تكلفة العمل اضافة لتأثيرات هذا المرض على الصحة النفسية للعامل بسبب التمييز الذي يتعرّض له المصابون به«.
وبعد ان استعرض المحاضران مراحل التعرف على هذا المرض وانتقال العدوى ومجموعة من الاحصاءات والأرقام المتعلقة به في العالم وفي القارة الافريقية وتونس والتنبيه الى أنّ الأرقام المعروفة ليست سوى ما يبدو من جبل الثلج بالنسبة لعدد الاصابات الحقيقية،و أشارا الى اهتمام منظمة العمل الدولية بهذا الداء، ثمّ تطرّقا الى دور النقابات في مواجهة هذا الداء العضال وضرورة التوقّي منه باتباع أساليب الوقاية والتوعية والاعلام.
محمد بن هندة: عن جمعية »ابن خلدون« السويسرية:المهاجر يعيش مشكل هوية
اللقاء كان إيجابيا، ومثّل فرصة جديدة لتناول قضية الهجرة بشكل مكثف الا انني أعتقد أن رأي المهاجر كان غائبا، الى جانب انه في اغلب الوقت تم التعامل مع القضية من جانب اقتصادي وكأن المهاجر يُختزل في أنه مصدر تحويل للأموال فقط في حين إنّه ذات لها مصالح معنوية الى جانب المادية ولم نر في الندوة مثلا مداخلة رئيسية للتعبير عن هواجسه وهو الذي يعيش في مجتمعات ذات »ديناميك« ايديولوجي وتجاذبات سياسية. ان للمهاجر قضية تمزّق على مستوى الهوية وهو يرى في نفسه أجنبيا سواء كان في الخارج أو حتى إذا عاد الى موطنه فنحن نرى تخليا من الدول المصدرة لليد العاملة المهاجرة عن تأطير وتوجيه مهاجريها وتحسيسهم بوطنيتهم وهويتهم ولا نرى الا بعض المحاولات ذات التوظيفات السياسيوية الضيقة وحتى في الدول العربية والاسلامية فالمهاجر فيها يعاني أكثر انواع الاستغلال وكذلك الاغتراب.
إننا في جمعية »ابن خلدون« نحاول أن نقاوم هذه المظاهر لكن عملنا يبقى دائما محدودا جدا فنحن نفتقد لمقر، وسلطات البلد لا تريد التعامل معنا إيجابيا فضلا عن افتقادنا للتمويلات اللازمة، الامر الذي يجعل نشاطنا مرتجلا ويقتصر على بعض اللقاءات الصغيرة.
ورغم تواجد جالية تونسية مرتفعة نسبيا (3000 في جينيف فقط) إلا أنّ أغلبيتها الساحقة مستقيلة من الشأن العام ومنغمسة تماما في مشاغلها ومشاكلها اليومية، وأظن أن ملاذها الاخير هو الاتحاد العام التونسي للشغل لاعانة وتطوير عملنا.
فتحي التليلي: اتحاد العمال المهاجرين بفرنسا:معاناة اجتماعية ونفسية كبيرة!
قبل كل شيء أود أن أتوجه بتهاني مناضلات ومناضلي اتحاد العمال المهاجرين التونسيين بباريس، الى قادة الحركة الاحتجاجية الاجتماعية بالحوض المنجمي بمناسبة إطلاق سراحهم، كما أهنئ الاتحاد العام التونسي للشغل ومناضليه بهذه المناسبة، وأشكر الاخ الامين العام عبد السلام جراد على الجهد الذي بذله الاتحاد من اجل اطلاق سراحهم وانصافهم وانهاء معاناة عائلاتهم.
ولقد اخترنا في اتحاد العمال المهاجرين، ان نثير بمناسبة الدورة الجديدة لندوة الهجرة عددا من النقاط المتعلقة بالمهاجرين في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الدولي الحالي المتأثر بالازمة.
حيث لا يمكن لأي كان اليوم أن يتحدث عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية سواء شمال المتوسط أو جنوبه، دون ان يأخذ بعين الاعتبار الازمة الاقتصادية العالمية التي اندلعت في الاسواق المالية الامريكية لتلقي بتبعاتها على مجمل الوضع الاقتصادي العالمي وكذلك على الوضع الاجتماعي في مختلف دول العالم.
إن النمط الاقتصادي الرأسمالي السائد اليوم والعولمة جعلا من الازمة المالية التي بدأت في امريكا مشكلا في مرحلة اولى للدول الصناعية التي تعتمد اساسا في تمويل أنشطتها الاقتصادية على هذه الاسواق ومن ثم الى بقية دول العالم التي جعلت منها العولمة مرتبطة ارتباطا مصيريا بهذه الاقتصادات.
فالجانب الاقتصادي المتعلق بتأثر العمال المهاجرين بالازمة، فهو متعلق بأن طبيعة اليد العاملة المهاجرة جعلت منها فئة من بين الاكثر تضررا من الازمة، حيث تعمل الاغلبية الكبيرة من المهاجرين في قطاعات كانت الاكثر عرضة لاثار الازمة مثل قطاع البناء والمقاولات، وقطاع صناعة السيارات. الامر الذي جعلهم يكونون ضمن مئات الالاف من العمال الذين تم تسريحهم في هذه القطاعات منذ أواخر سنة 2008.
ورغم أن هذا الجانب من الازمة يمس المهاجرين بشكل خاص الا ان له تأثيرات أخرى مهمة، تتعلق بهم من جهة وببلدانهم الاصلية، حيث يمثل تراجع تحويلات المهاجرين الى بلدانهم قلقا حقيقيا نظرا لأهمية هذه التحويلات في الدورة الاقتصادية لدول مثل تونس والمغرب مثلا.
وعلى مستوى دولي بعد أن زادت هذه التحويلات بنسبة 15 خلال 2008 لتصل الى 328 مليار دولار.
يتوقع أن تتراجع تحويلات المهاجرين الى البلدان النامية بمعدل 7.3 في 2009، لتبلغ 304 مليارات دولار فقط كما قال البنك الذي يتوقع ان تشهد هذه التحويلات الاساسية بالنسبة لمشاريع التنمية في بعض الدول، مزيدا من التراجع يصل حتى 10.1 في 2009، اذا استمرت الازمة، وفي حال شهدت سوق النقد اضطرابات خاصة مع تشديد القيود على المهاجرين في دول المقصد الرئيسية الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية.
أما الوجه الثاني للازمة فهو ارتفاع الشعور لمعاداة المهاجرين: »كسيونوفوبيا«، حيث دقت عدة منظمات دولية مثل اللجنة الاوروبية لمناهضة العنصرية، ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان نواقيس الخطر تخوفا من ارتفاع موجة العنصرية ومعاداة المهاجرين خاصة مع حملة اليمين المتطرف التي تربط فقدان المواطنين الاوروبيين لوظائفهم بحركة الهجرة.
إلا انه ورغم كل هذه المعطيات فإن حكومات الاتحاد الاوروبي، تفضل تبني سياسات معادية للهجرة بل وتفرض عليها قيودا جديدة من فترة الى أخرى، فقط استجابة لرأي عام خاضع لتأثير مقولات أقصى اليمين العنصري، ورغبة في استقطاب اصوات ناخبيه ويمكننا في هذا الاطار الاشارة الى النموذج الفرنسي في التعامل مع قضية الهجرة الذي يكاد يقتصر على التعامل الامني، وهو ما يؤشر على تأثر صياغة السياسة الفرنسية في هذا المجال بمقولات اليمين العنصري المتطرف، الامر الذي لا يخفيه تبني خيارات مثل الهجرة المختارة L'immigration choisie لذلك علينا الوقوف بحزم الى جانب العمال المهاجرين والدفاع عن مصالحهم في هذه المرحلة الاقتصادية والاجتماعية الحرجة، وهو أمر على رأس الاولويات التي لا بد أن يهتم بها المجتمع المدني في شمال المتوسط أو جنوبه لتفادي مآس مثل تلك التي عاشها عدد من المهاجرين التونسيين في معتقلات »لمبادوزا« الايطالية.
»جون فرانسوا كورب«: عن (CGT) بفرنسا:نحتاج لتنسيق أكثر !
بحكم علاقاتنا المتينة مع الاتحاد العام التونسي للشغل وجمعيات الهجرة بفرنسا، فإننا في »السي جي تي« لدينا معرفة كبيرة بمعاناة المهاجرين في بلادنا من تمييز وعنصرية التي يلاقيها المهاجر مهنيا واجتماعيا ومعنويا، لذلك فنحن على قناعة راسخة بالدفاع عنهم، إلا اننا نواجه عديد الصعوبات في ذلك وخاصة المتمثلة في استقالة المهاجر من الاهتمام بالشأن العام او خوفه من الانتماء الى النقابات الفرنسية.
هذا الامر يتطلب المزيد من التنسيق بيننا كنقابات الشمال وبين نقابات الجنوب من أجل تبادل الخبرات والتجارب وكذلك من أجل توحيد الجهود للانغراس أكثر في صفوف المهاجرين بشتى أنواعهم.
كما أعتقد من جهة أخرى، أننا يجب ان نخلق موازين قوى جديدة للضغط في كل المحافل والهياكل الدولية من أجل تعديل عديد الاتفاقيات المضيّقة على المهاجرين في اتجاه أن نضمن حقوق كل الاطراف، اي: البلدان المصدرة لليد العاملة والبلدان المستقبلة وكذلك المهاجر حتى نتحصل في الاخير على توجّه رشيد للهجرة.
جلول بن حميدة: رئيس حلقة التونسيين من الضفتين بمرسيليا / منسق في الميثاق العالمي للمهاجرين:مبادرة هامة
إن تجميع الإتحاد العام التونسي للشغل للنقابات والجمعيات والخبراء من أجل البحث في انعكاسات الأزمة الاقتصادية على الهجرة هي مبادرة هامة وإيجابية لأنها سمحت بلقاء نقابات المنطقة الاورو متوسطية وجمعيات الهجرة والاطارات النقابية التونسية لتقييم وضع الهجرة، هذا التقييم كان جدّيا لان اللقاء سمح بالتعبير عن الاراء المختلفة وتواجه خلاله التحليل الاكاديمي مع الميداني الامر الذي سمح بفتح عديد الافاق إلا انه للاسف لم يكن هناك وقت كاف للمهاجرين الحاضرين لكي يستوفوا تحاليلهم وآرائهم ونتمنى في المرة القادمة أن يكون هناك وقت أكبر للنقاش.
وأريد أن أشير الى ان مشروع الشبكة النقابية في الفضاء الأورو متوسطي الخاصة بالهجرة، هي أول مبادرة تحدث والتي ستمكّن من التنسيق والتعاون امام سياسات الحكومات الاخذة في التضييق على الهجرة. كما أثمّن تصريح الاخ الامين العام للاتحاد حول فتح الابواب للمهاجرين في تونس للتنظم نقابيا.
نحن في مرسيليا، وفي اطار الحلقة التي ننشط فيها لدينا عديد المهام واهمها الدفاع عن حقوق العمال وأسرهم الفاقدين للاوراق الرسمية ونساهم في كل العمليات التي تمنع الطرد من البلاد ولدينا تنسيق مهم مع المجموعات العاملة في النقابات، وتهدف حلقتنا كذلك الى التضامن الدولي والدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
من جهة أخرى، نحن ننشط في إطار مسار الميثاق العالمي للمهاجرين الذي تأسس في 2006 على إثر نضالات قامت بها 120 أسرة بمرسيليا من أجل تسوية وضعيتهم القانونية، ومشروع الميثاق أخذ في التطور من خلال »ديناميك« دولي ونحن نسعى الى إعلان الوثيقة النهائية للميثاق في السنوات القليلة القادمة والذي سيكون إحدى الادوات المدافعة عن حقوق الهجرة والمهاجرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.