على مدى يومي 20 و 21 نوفمبر الجاري، نظمت الجامعة العامة للتأطير والارشاد التربوي بأحد النزل بالحمامات الشمالية ندوة قطاعية حول الزمن المدرسي تحت عنوان «» بمشاركة 87 كاتبا عاما للنقابات الاساسية والفروع الجامعية بالبلاد. الندوة أشرف عليها نيابة عن الاخ الامين العام الاخ علي رمضان الامين العام المساعد المسؤول عن قسم النظام الداخلي وترأسها الاخ المنصف الزاهي الامين العام المساعد المسؤول عن قسم النظام الداخلي وترأسها الاخ المنصف الزاهي الامين العام المساعد المسؤول عن قسم الوظيفة العمومية الى جانب حضور الاخ الناصر الماجدي عضو الاتحاد الجهوي للشغل بنابل. وقد تمت بالمناسبة دعوة الدكتور الهادي بوحوش المدير العام بوزارة التربية والتكوين الذي كانت له مداخلة حول بعض صيغ مراجعة الزمن المدرسي. افتتح الاشغال الاخ علي بن رمضان الذي استعرض مشاكل الوظيفة العمومية بشكل عام والتحديات التي تواجه قطاع التأطير والارشاد التربوي بشكل خاص معرجا على الاهمية القصوى التي يوليها الاتحاد العام التونسي للشغل للوظيفة العمومية وسعيه الدائم لحل المشاكل المطروحة والمحافظة على الحقوق المكتسبة وتدعيم الحوار الجماعي. وأبرز الاخ علي بن رمضان مظاهر التوجه العام للاتحاد الذي يركز على التوسع في كل القطاعات وطرح القضايا الهامة والرهانات النابعة من هياكل الاتحاد وارادة القواعد. مرجعية وطنية وضمن مداخلته، بيّن الدكتور الهادي بوحوش أن قضية الزمن المدرسي تتجاوز الاطار المدرسي لتمس كل فعاليات المجتمع من تلميذ وأستاذ وقيم وادارة وأسرة، فالكل يحدّد أغلب عناصر حياته وينظم نفسه بالأخذ بعين الاعتبار الزمن المدرسي. وأبرز المحاضر ان العناية بهذه المسألة بدأت منذ التسعينيات وصدور القانون التوجيهي الذي أتاح مرونة التصرف للمؤسسات التربوية خاصة في كيفية صناعة جداول الاوقات، لكن يتبين دائما ان هناك مشاكل تظهر لتعيق امكانية ايجاد زمن مدرسي يلائم كل الفاعلين في العملية التربوية. واستعرض الدكتور بوحوش أهم التساؤلات المطروحة في هذه المسألة ومنها ما هو العدد الأدنى والأقصى لأسابيع وأيام وساعات الدراسة الى جانب ايام الراحة والعطل؟ وحول النظام المفضّل لدينا، سداسي أم ثلاثي؟ فضلا عن الدور المركزي والدور الجهوي ودور المؤسسة في هذه القضية. فكل التساؤلات وجب طرحها بشكل تشاركي والاجابة عليها بالبحث عن افضل القواعد لتحديد موعد انطلاق واختتام السنة الدراسية وأفضل الاوقات لتوزيع الدراسة وبناء الموازنة الاسبوعية وبناء الأفواج الى غير ذلك من المسائل التي تهم مسألة الزمن المدرسي مقدما دراسة مقارنة بين تجربة بلادنا في هذا المضمار وتجارب عديد البلدان الاوروبية الأخرى. وخلص الدكتور الى ان بلادنا في حاجة الى مرجعية وطنية للزمن المدرسي لتحدد المعايير الوطنية للزمن اليومي والاسبوعي والسنوي الى جانب اطار تشريعي يضبط هذه المسألة. هذان العنصران في حاجة حسب تقدير المحاضر الى هيئة قيادة وطنية للزمن المدرسي من أجل المتابعة والتقييم والاستشراف وتسهر على تطبيق المعايير الوطنية وإبداء الرأي في المقترحات المتعلقة بالقضية. مشاغل ورهانات المشاركون ومن خلال تدخلاتهم لنقاش مداخلة الدكتور بوحوش طرحوا عديد المشاغل والمشاكل التي يعايشونها يوميا، فهم من اكثر الفاعلين في المشهد التربوي احتكاكا بالتلاميذ والاساتذة واهتماما بمسألة الزمن المدرسي وتواجدا بالمؤسسة التربوية. وتبين من خلال اهم التدخلات ان ايام الدراسة هي 112 يوما اذا ما طرحنا ايام العطل الرسمية ونهايات الاسبوع وايام اجراء الامتحانات والمراقبة المستمرة وشهرا ونصفا ضمن جدول الاوقات. كما تقدر الغيابات ب 25 مليون غياب واكثر من 7 ملايين إقصاء وهو ما يحيلنا مباشرة الى مظاهر الانحلال والتسيب التي يعاني منها التلاميذ وظهور الانحراف والعنف لا سيما العنف تجاه المدرسين والقيمين. الى ذلك، تم طرح مسألة بناء جدول الأوقات بشدة والمجهود الكبير المبذول في سبيل نجاح هذه العملية والضغوطات على مستوى صياغته. هذه العملية مرتبطة شديد الارتباط بعدد التلاميذ بالمؤسسة وعدد القيمين الموضوعين على ذمتهم فضلا عن البنية التحتية، فكل العناصر مازالت تشكو تأخرا كبيرا باعتبار، أولا الزيادة المهولة في عدد التلاميذ وقلة الاطار التربوي، الى جانب تخلّف البنية التحتية وما يفرزه ذلك من اكتظاظ وتوتر واحتقان. وقد دافع المتدخلون عن التوجه العام لجامعة التأطير والارشاد الذي ينادي: من اجل حصة واحدة للدراسة ب 5 أو 6 ساعات، صباحية أو مسائية وأسبوع دراسة ب 25 ساعة فضلا عن راحة يؤثثها نشاط تربوي وثقافي هادف. هذا الى جانب ضرورة مراجعة نظام المراقبة المستمرة لإجراء الامتحانات في حصصها الاصلية والعمل بنظام السداسيات والتراجع عن الاسابيع المغلقة. هذه المقترحات لن تجد طريقها الى الحل دون تحديد مجموع التلاميذ لكل قيّم وتطوير البنية التحتية من مخابر وتجهيزات ومواكبة التطوّر التقني والتكنولوجي والدفاع باستماتة عن استقلالية المؤسسة. كما ان مراجعة علمية للزمن المدرسي لا يمكنها ان تكون بمعزل عن الظروف الحياتية التي يعيش في ظلّها التلميذ والمدرس والقيم والمرشد التربوي، خاصة في الجهات الداخلية التي تعاني المشاكل المتراكمة من صعوبة التنقل وغياب شروط حفظ الصحة والسلامة المهنية في أحيان ومواضع كثيرة جدا. وفي معرض ردوده، اعتبر الدكتور بوحوش، أن ما يطرحه نقابيو القطاع والجامعة العامة للتأطير والارشاد التربوي هو أمر ايجابي ولكن لا يمكن الخروج «بوصفة» أو قرار من خلال جلسة او حتى اكثر من جلسة. وأشار الى ان سلطة الاشراف لا يمكن ان تأخذ قرارا أحادي الجانب دون استشارة عدة أطراف وأهمها الاتحاد العام التونسي للشغل. حوادث الشغل والسلامة المهنية ضمن فعاليات الحصة الثانية والتي أدارها الاخ المنصف الزاهي، حاضر الاخ قيس بن يحمد منسق قسم التغطية الاجتماعية والسلامة المهنية حول «حوادث الشغل والأمراض المهنية في القطاع العمومي». المحاضر أبرز أهمية حوادث الشغل والامراض المهنية في القطاع العمومي وضرورة نزع الوهم ان حادث الشغل او المرض المهني مقترنان بالقطاع الخاص فقط، باعتبار ما يتم تسجيله يوميا من مشاكل في هذا الاتجاه رغم المعطيات الرسمية. ونزّل الاخ قيس بن يحمد مسألة التعويض عن الاخطار المهنية في تونس ضمن اطار تاريخي مرتبط بالاتفاقيتين رقم 17 و 18 الصادرتين عن منظمة العمل الدولية سنة 1925 و المتعلقتين بجبر الاضرار الناجمة عن حواث الشغل والامراض المهنية في القطاع الصناعي الى حدود اتفاقية 7 أوت 1936 المتعلقة بتحديد ساعات العمل الاسبوعية وحقوق ضحايا الحرب وحوادث الشغل ثم اصدار القانون عدد 73 لسنة 1957 الذي ينص بالتعويض عن الاضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية تلاه صدور عدد كبير من نصوص ومناشير حتى تم جمعها في مجلة الشغل في افريل 1966. مع تطور الصناعة والتكنولوجيا ظهرت عدة نقائص في هذا المضمار القانوني وخاصة منها عدم التعريف بحادث الشغل والمرض المهني واختلاف الحقوق حسب الوضعية الادارية للمتضررين الى غير ذلك، الامر الذي جعل المشرّع يفرد القطاع العمومي بالقانون عدد 56 لسنة 1995 عرّف خلاله حادث الشغل وحادث الطريق والمرض المهني ووضح فيه نظام التعويض وأسند النظر في الدعاوى المرفوعة الى اختصاص حاكم الناحية. ووضّح المحاضر الاطار القانوني لحوادث الشغل والأمراض المهنية من خلال رصد مفهومهما والتعويضات الواجبة للمتضررين وكيفية تقديرها وطرق تسويتها ملاحظا في الوقت ذاته ان المشرّع لم يبرز مقومات حادث الشغل الأمر الذي تفطن اليه فقد القضاء عندما ركّز في تحديده لخصائص حادث الشغل على صبغته المباغتة واصابة الجسم الانساني والعلاقة بين الحادث والشغل وحصول الحادث بمكان وزمن العمل وتوابع المؤسسة دون ان يستثني علاقة حادث الطريق بالشغل. ولاحظ المتدخل ان المشرّع التونسي لم يفرّق بين مفهوم المصلحة الشخصية ومفهوم الحاجيات الاساسية للحياة اليومية كشراء الادوية والمواد الغذائية أو حتى نقل الاطفال الى المدرسة وامكانية حدوث حوداث شغل حينها وما يترتب عن ذلك من مواصلة التمتع بالتغطية لنظام حوادث الشغل أو الامراض المهنية مثلما هو الشأن بفرنسا. في الجزء الثاني من مداخلته، عرّف الاخ قيس بن يحمد بمفهوم المرض المهني ولاحظ في ذات الوقت صعوبة تحديد هذا المفهوم بدقة مستعرضا النظام القانوني المتبع في تحديد الامراض المهنية. ومن أجل التحقق من الصبغة المهنية للمرض يجب ان تتوفر 3 شروط وهي ان يكون المرض واردا بقائمة الامراض المهنية، ان توجد علاقة سببية بين المرض والنشاط، ثم ان تكون الاصابة خلال مدة المسؤولية اي المدة المضبوطة بالجدول، هذه القائمة تشمل 84 جدولا يقع مراجعتها بطريقة دورية مرة كل 3 سنوات على الاقل. واستخلص المحاضر في نهاية مداخلته، ان المشرّع قد وُفق في تحديده لمفاهيم حادث الشغل وحادث الطريق والمرض المهني، الا انه جانب الصواب بخصوص مسألة التعويض عن العجز الجزئي او الكلي او بالنسبة للجمع بين المرتب ومنح العجز وترك ذلك حتى إحالة العون على التقاعد او ما جاء في الفصل 11 و 12 بخصوص تحديد مراجعة الجراية التعويضية او العلاج لمدة 5 سنوات، الامر الذي يجب مراجعته لإنصاف المتضررين وخلفهم العام باعتبار ان ذلك من الحقوق الاساسية للإنسان. خلال النقاش، استفسر المشاركون عن عدة حالات وامكانية اعتبارها حوادث شغل أم لا مثل العنف المسلط اثناء العمل والامراض النفسية وطرحوا المشاكل المترتبة عن الفوارق بين المستشفيات والوحدات الطبية على مستوى الجهات ووجود خارطة صحية غير متوازنة الى جانب الاستفسار عن اجراءات الاعلام عن الحادث. في الموعد خلال فعاليات اليوم الأول للندوة حضر الاخ محمد شندول الامين العام المساعد المسؤول عن قسم الاعلام وأحد المسؤولين الفاعلين في قطاع التأطير والارشاد التربوي في السابق وكانت له بالمناسبة كلمة أعرب فيها عن سروره واعتزازه لملاقاة عديد الإخوة الذين ناضل وسهر معهم على تقديم الكثير في المسيرة التربويّة ببلادنا مؤسسين في الوقت ذاته لقاعدة سليمة في العمل النقابي بالقطاع ورفع راية الاتحاد العام التونسي للشغل، وبيّن الأخ محمد شندول، ان هذه الندوة هي بادرة مهمة باعتبارها تفتح ملفا غاية في الأهمية ألا وهو الزمن المدرسي باعتباره قضية تمس كل فئات المجتمع وشرائحه متمنيا للمشاركين النجاح الجيد في أشغالهم. أعمال اللجان ضمن اليوم الثاني من اعمال الندوة، انقسم المشاركون الى 4 لجان تفكير، اللجنة الاولى وهي لجنة الزمن المدرسي ونظام التأديب اهتمت بمناقشة التوصيات التي يجب رفعها بخصوص موقف الجامعة والاتحاد من مراجعة الزمن المدرسي وإعادة النظر في نظام التأديب المعمول به حاليا. أما اللجنة الثانية وهي لجنة الإداريين والمكتبيّين، فقد تناولت اهم مشاغل ورهانات الموظفين الاداريين والعاملين في المكتبات والارشيف من قانون الوظيفة العمومية. اللجنتان الثالثة والرابعة اهتمتا بالقانونين الاساسيين لكل من المرشدين التربويين والقيّمين.