وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    مدير عام الغابات :'' 96% من الحرائق وراءها عامل بشري''    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ بيان مشترك: 18 دولة تدعو 'ح.ماس' للافراج عن الرهائن مقابل وقف اطلاق النار    عاجل/ بن قردان: العثور على مركب صيد وفُقدان البحّار    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    القيروان: القبض على مقترفي عمليّة سرقة قطيع أغنام    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارتي المالية والتجارة حول تبادل المعطيات والبيانات    جندوبة: انزلاق شاحنة بالطريق الوطنية 17 بطبرقة    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    Titre    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعة لما هو سائد وطموح لما يجب أن يكون
الزمن المدرسي:
نشر في الشعب يوم 14 - 08 - 2010

من بين الأسئلة التي يمكن ان تطرح ونحن نتطرق الى مسألة الزمن المدرسي.
❊ لماذا اخترنا هذا المحور على وجه التحديد؟
❊ وهل أن الجودة ترتبط بكمّ الساعات الفعلية للتمدرس أم بخيارات نوعية تنظّم الزمن السنوي والأسبوعي واليومي.
❊ وهل تحصل على النجاعة في مجال الزمن المدرسي من خلال توزيع الساعات بحسب المواد التدريسية أم بحسب امكانات المدرسة وظروفها.
❊ وهل أن المدرسة هي مجال للتمدرس فقط أم يمكن ان تكون فضاء للترفيه والتغذية والصحة وغيرها.
نشير في البداية الى أن التطرّق الى هذه الاشكاليات ينبغي ان يكون مراعيا ل :
تفاوت درجات التقبّل خلال حصة تدوم ساعة واحدة في فرع من فروع الدراسة بين تلميذ وآخر، وكذلك الى تفاوت درجات البذل بالنسبة الى الاساتذة من حصة صباحية الى حصة مسائية، كما ينبغي التذكير بأن بعضا من الزمن المدرسي يتعلق بإجراءات ادارية روتينية تتعلق بالحضور والغياب والتأخير والقيام بالواجبات المنزلية، معالجة السلوكات المنحرفة، المذاكرة التكميلية والطرد من القسم وغيرها...
ولذلك فإن مراجعة الزمن المدرسي ينبغي ان تتم من خلال مراجعة الخيارات البيداغوجية والوسائط التعليمية (الأنترنات / الاعلامية / المطالعة / الدروس الخصوصية / دروس الدعم / توفير الفضاءات المناسبة / عدد التلاميذ في كل فصل / الترغيب في الدراسة / ضمانات تكفل حق الشغل / البحث عن عوامل تحقق جاذبية المدرسة من خلال القطع مع التكوين التراكمي وتحويل الزمن المدرسي من حالة عابرة الى »حياة مدرسية فعلية« ولا يتم ذلك الا من خلال جداول أوقات يساهم كل الاطار التدريسي في بلورتها، وهي مهمة ينبغي ان لا يستهان بها لأن الزمن المدرسي ايجابياته وسلبياته من خلال الجداول التي تنجز في الأغلب الأعم على عجل ويعدّها أطراف لا صلة لهم بالمدرّس او بالدارس الا في حدود الأداء الوظيفي، وينبغي ايضا التفكير في خصوصيات بعض التلاميذ في بعض الجهات، مثال التلميذ يغادر محل إقامته الساعة السابعة صباحا ولا يعود الا الساعة السابعة مساءا (نصف مقيم) / التلاميذ المقيمين وذلك بمراعاتة النقاط التالية:
❊ العجز البدني / الابتعاد عن الأبوين وما يستتبع ذلك من انحراف وغياب الرقيب / القهر بسبب الإفراط في الجدية فلا لعب ولا ترفيه ولا ممارسة للهواية.
لأجل ذلك نشدّد على ضرورة مراجعة نظام العطل والامتحانات وذلك بالتوازن مع الاولى وبالتقليص في الثانية والتصدي بحزم للدروس الخصوصية حفاظا على المؤسسة العمومية، ولا يتم ذلك في اعتقادنا الا من خلال إعطاء المدرس هامش من المرونة مع الزمن المدرسي وذلك من خلال مراجعة محاور الدرس ومحتواه بما يخفف على المدرّس الملزم بتنفيذ البرامج الرسمية، وكذلك بفتح حوار جدي بين النقابة العامة للتعليم الثانوي ووزارة الاشراف للانفاق على »المجالس البيداغوجية« والاشراك الفعلي لممثلي الاساتذة من النقابيين في ضبط الزمن المدرسي وطنيا وعلى مستوى الجهات والمؤسسات التربوية.
نعتقد ان الاجابة عن هذه الاشكاليات قد تكون مثيرة اذ يمكن بلورتها كالآتي: ما نلاحظه اليوم من تراجع المنظومة التعليمية ببلدنا يدعونا الى ان نمسك بهذا الملف ولما كانت هناك علاقة ترابط بين الزمن والحياة المدرسية فإن استتباعات هذا التراجع تبرر تعقبنا للأسباب وينبغي ان نشير الى إلتباس مفهوم الزمن المدرسي لتنوعه (زمن سنوي / أسبوعي / يومي) ولإرتباطه بمجالات أخرى (نفسي / جسدي / اجتماعي...).
وليس من العسير على قارئ تاريخ الواقع المدرسي ان يلحظ ان تحقيق الأفضل تربويا يستدعي عملية تحويل لعادات العمل المدرسي ومن بينها الزمن المدرسي، ودون هذا الفعل الناقد لن يتسنى للحياة المدرسية تحصيل المثل الأعلى أو الآمال والطموحات التي تساور أقطاب العملية التربوية (ادارة أساتذة طرف نقابي...).
ولأننا ندرك ان الحياة المدرسية هي بمثابة نظام ديناميكي، يتحدد في اطار العلاقة بين الشركاء التربويين فهي لأجل ذلك ليست مجرد ركام من الافراد وأدوات تنفيذ لأن لحمة هذا الاطار تقتضي بعث حقل دلالي لتطوير الواقع التربوي ممثلا في الطرف النقابي والوزاري على حدّ سوى ليخلق في الداخل مجموعة من التوترات الايجابية تارة والسلبية تارة أخرى تطابق الرغبات والمقوّمات لا أن تنفرد الوزارة بهذا الفعل الناقد ويستثنى الطرف النقابي في صيغته الأكاديمية (خبراء) والديمقراطية (بوصفه يعبر عن انتظارات عموم الاساتذة).
وينبغي أن تتكامل هذه الأبعاد كي يتحقق فعل البناء قصد تحسين الحياة المدرسية والتي نرى أنها مشروطة بتسهيل المهام البيداغوجية والتنظيمية اذ في غياب التماسك والتشاور لا يمكن النهوض بالحياة المدرسية، لذلك نقول أننا نعيش وضعيات صعبة من خلال انحصار مقدار التواصل التفاوضي لأن قواعد البناء محكومة حتما بالمعايير (جدية ورقات العمل) والقوانين (القول بوجود شركاء داخل العملية التربوية ورفض الممارسة الأحادية) والأفكار النمطية (الرغبة في التجديد والجرأة في ابتكار الحلول).
فما ننتهي اليه ضمن هذه المقدمة أن نتداول إشكالية الزمن المدرسي اليوم من قبل القطاع ممثلا في النقابة العامة هو عملية قصدية تنقل فكرة أو ممارسة الى طرف آخر يقابلنا في الافكار (الوزارة) قصد ايجاد فعل او تحريك سلوك او التأثير فيه للخروج من وضعية سكونية نرى أنها داء، الى اخرى حيوية نرى أنها دواء. لننطلق من مسلمة مفادها ان كل من يسوق لفكرة ان الحياة المدرسية في مأمن من التشكيك والنقد هو واهم، فما يعتري الساحة المدرسية من أحداث صاخبة (عنف + ...) يؤكد ان خيار الفعل الأحادي المنفرد للوزارة قصد التصحيح والترميم هو فعل عقيم حتى لا نقول عبثيا.
وآن الأوان لكي يتحلى الجميع بالمسؤولية لتركيز دعائم تمثل اطار مرجعيا مشتركا لمعالجة الموقف التربوي العليل.
وفي هذا الصدد نسأل:
❊ ما هو المحتوى الأكاديمي الذي يمكن صياغته؟
❊ وماذا يعرف المعلم عن الموضوع؟
نظرا لتقدم النظرية التربوية اصبح دور المعلم متغيرا بتغيّر المواقف حتى لا يفشل في تبليغ الرسالة الى المتعلم الذي خلق ليعيش في زمان غير زمانه، لذلك يتوقّع من المعلم الاعداد للموقف التربوي وفق تفاعلات صفية أي بين المعلم وزملائه، ومع المواد المدرسية. وهذا ما سنسميه أدوات الدفع الذاتي. لذلك فنحن بحاجة الى استمارة عملية لإستشراف وجهة نظر المعلم بوصفه خبيرا لأنه منظم ومخطط للنموذج المرشد اثناء العملية التربوية.
سنعتبر المبادرة الاولى فيما بين المعلّم والمعلّم ضمن كل جهة بمسمّى الضجيج التقني وفيه نحاول تحقيق تواصل ايجابي أفقي مستوحى من نواة الفعل الديمقراطي. (وليس عن طريق منابر الحوار المشبوهة) أما المبادرة الثانية فنصطلح عليها بالضجيج التنظيمي وفيه تتشكّل قناة اتصال من شأنها ان تسمح بربط التواصل لتصبح اللجنة الوطنية أو النقابة العامة هي الحامل الفيزيائي الحقيقي للمعلومات الذي ينقل الرسالة الى الفضاء الخارجي على قاعدة مبدأ تبادل الآراء (الوزارة).
نأتي الآن الى مفهوم الزمن المدرسي
لقد استخدم مفهوم الزمن بمفاهيم ومعاني مختلفة وتعددت مدلولاته من ذلك الزمن الموضوعي والزمن الذاتي او الزمن الواقعي والزمن النفسي ثم تحول المفهوم مع الثورة الصناعية الى المدلول الاقتصادي (كميّة العمل المصروفة لانتاج سلعة ما) وانتهى مع علماء التربية الى اعتباره فسحة فاصلة محصورة في المدة (من إلى) يتحقق في خضمها التفاعل الانساني بين المعلم والمتعلم وعليه فإن اللّفظ يدل على التفاعل الذي ينساب في اتجاه معيّن ولا يهم ان كان من المعلم الى المتعلم او كما تنصص التعلمات الحديثة بجدلية العلاقة بين الطرفين وتترتب عنه اجراءات مشتركة منها التواصل وتراكم المعرفة النظرية التجريبية، لذلك فلا غرابة ان نقول ان الزمن المدرسي يقوم على أبعاد ثلاث:
❊ بعد بيداغوجي: من قبيل تدريس بعض المواد الفلسفة أو الرياضيات في الحصة الصباحية.
❊ بعد نفسي اجتماعي: ضرورة تخصيص فسحة زمنية بين الحصة الصباحية والمسائية للراحة وتناول وجبة الإفطار.
❊ بعد تنظيمي: كأن تتداخل المستويات ببعضها او ان يصطف النجباء لوحدهم، لذلك فنحن بحاجة الى بناء موقف نقدي حتى من المدارس النموذجية.
وينبغي ان تتكامل هذه الابعاد كي يكون الزمن المدرسي خاضعا لقواعد إئتلافية تحقق الغاية التي من أجلها ضبط على هذا النحو أو ذاك.
لا بأس هنا ان نحتكم قليلا الى التاريخ لكي نستهدي به لمعرفة الأطر التنظيرية لمفهوم الزمن المدرسي، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا ان الثمانينات تمثل حقبة التشريع التي تبلور فيها هذا المفهوم بوصفه متغيرا من المتغيرات الاساسية الضامنة لمردودية الأداء التربوي، أنظر مثلا المنشور الصادر سنة 1984 بفرنسا. وإذ نقول ذلك لا ننكر ارهاصات هذه المبادرة التي ما فتأت تتكشف في الستينات.
❊ ولكن لماذا هذا الاهتمام المتزايد بمفهوم الزمن المدرسي؟
فرضية أولى: يقول فيها المدرس انا لست معنيا بالزمن المدرسي بقدر ما أطمح الى مساعدة المتعلم على النمو والتطور في بنيته المعرفية ومعاملته كإنسان محترم له قدرات.
فرضية ثانية: يقول فيها المتعلم لماذا يستمر المدرّس في التحدث اكثر مما يستمع؟ دعونا نتحدث لأننا حينها فقط نتطور.
هنا أصبحنا نميز بين زمن مدرسي يستحوذ عليه المدرّس ويكون فيه المتعلم متقبلا للعملية التربوية، ومتعلم يريد ان ينعم بدور في التعلم وبالتالي تخصيص زمن يهدف الى إرساء نشاط تواصلي كمكوّن من مكونات الحياة المدرسية.
أن يراعى هذا الجانب في فهم بنية الزمن المدرسي المراد تحصيله يعني اعادة النظر في:
❊ التصور الأحادي الجانب القائم على تبليغ المعلومة لنبني تفاعلا تواصليا.
❊ تركيز الجانب المهاري قصد التدرج في مستوى الخبرات المقدمة كزمن مستحدث.
❊ الربط بين الخبرة المتعلمة والحياة العملية.
❊ ضبط الاهداف ضمن أنّات زمنية تربط بين المواد التعليمية ودوافع استطلاع المتعلم وحبه للمعرفة.
❊ الفضاء التربوي المجهز الذي يقلص من مقدار تمدد الحيز الزمني لإنجاز هذه الاهداف (الاعلامية مثلا كوسيلة تعليمية جديدة تفرض مراجعة منظومة الزمن المدرسي او على الاقل تعديل توزيعيته).
ولو أردنا ان ندقق في بواعث الاهتمام بالزمن المدرسي لحددناها كالآتي:
❊ التعقيد الذي طرأ على الحياة الاجتماعية وإلتحاق المرأة المتزايد بسوق الشغل وما ترتّب عن ذلك من فراغ على مستوى التأطير العائلي.
❊ تطور علم النفس الاجتماعي وعلوم التربية التي ما فتئت تهتم بنفسية الطفل.
❊ أهداف سياسية اقتصادية تتخفى وراء سترة ما هو بيداغوجي (تجميد إحداثيات مواطن الشغل).
إن هذه العوامل وغيرها هي التي أكدت الحاجة الى تكييف الزمن المدرسي مع الوضعية الجديدة للمتغير الاجتماعي فضلا عن الاهداف التي ترنو المؤسسة التربوية الى إحرازها، وحين نطرح مشكلة الزمن المدرسي علينا ان نكون على وعي بأنه بقدر ما تتوفر لدينا عناصر المعرفة حول طبيعة هذا الملف بقدر ما نتمكن من فهم محاوره بكيفية أفضل وبالتالي صياغة تصور مثمر وملائم يحدث مطلب التغيير والتعديل والتصحيح.
لنعتمد هنا على بيانات الاحصاء التي رصدتها منظمة اليونسكو لسنة 2009 والتي أكدت أننا لا نزال اليوم وطنيا لم نحقق القدر المطلوب لمعدل الزمن المدرسي المؤمّل عالميا فالفوارق تبدو عميقة من حيث مقدار ساعات أو أيام العمل، أنظر مثلا ساعات العمل السنوية بأمريكا فهي تبلغ 1100 ساعة عمل وفي اسبانيا تبلغ 900 وفي المكسيك تبلغ 800... واللاّفت للنظر ان الزمن المدرسي في بلدنا يتعارض على نحو ما مع هذه المعايير العالمية فإذا كان إجمالي أسابيع الدراسة عالميا يناهز 38 أسبوعا او ما يزيد فإنه في تونس لا يتعدى 32 أسبوعا.
هنا نحتاج الى طرح السؤال التالي:
❊ هل أن مراجعة منظومة الزمن المدرسي يقصد بها الاصطفاف وراء هذه المعايير الدولية لنقع مرة أخرى في مزلق إستنساخ مشاريع عديمة الجدوى باعتبارها لم تولد من رحم واقعنا التربوي؟
لكي لا نتورّط في سياق هذا الجدل الذي قد يحيد بنا عن الهاجس الأكاديمي المحض دعنا نقول وبناء على التقييمات الدولية أن وفرة ساعات التعلّم لا تؤدي ضرورة الى جودة المكسبات المعرفية لدى المتعلّم. لذلك يمكن ان نتحرر من الوهم القائل، كلما ارتفعت ساعات التعلم كلما أدى ذلك الى ضعف في التكوين العلمي لدى المتعلم، بل إن عدم مراعات بيداغوجيا الفوارق يمكن ان يجعل من كثافة الزمن المدرسي مجالا لخلق اضطرابات نفسية لدى المتعلم قد تمثل علامة تقبّل سلبي.
ههنا يبدو اننا بحاجة الى مرجعية وطنية لصياغة نموذج ارشادي لزمن مدرسي مع واقعنا التربوي (الارتقاء من طور إصدار المناشير الى طور التشريع القانوني). ولو إفترضنا ان هناك استعداد لتفعيل هذا المحور لدى وزارة الاشراف بناء على مبدأ الاستقلال الذاتي الوطني مع الاستفادة من المخزون العالمي، فإن إعادة هيكلية الزمن المدرسي ينبغي أن تستجيب لطموحات اللحظة الراهنة ونعني بذلك:
إنخراط جميع الاطراف من أجل العمل على إنجاح تفاعل يقوم على المشاركة في صياغة برنامج مستحدث حول الزمن المدرسي يراعي فيه التغيّر الاجتماعي الذي طرأ في بنية المجتمع والمرتبط بالتحولات العالمية.
إن مشروع المؤسسة وما يتضمنه من محاور (الزمن المدرسي، العنف...) يجب ان يرفض كل أنماط النمذجة والقوالب الجاهزة الصادرة عن سلطة الاشراف المركزية بإتجاه دمقرطة الحوار إذ لا يمكن ان ينجح اي مشروع في الشأن التربوي ما لم تحترم قاعدة التمثيل النقابي فيه.
بناء على ما تقدم يمكننا ان ندرج العوائق التي تنخر زمننا المدرسي كالآتي:
❊ إن الزمن المدرسي الحالي هو زمن نمطي لأنه لا يأبه بمعطى موضوعي يتصل بالمحيط الاجتماعي الذي تحدث فيه العملية التربوية (خصوصية الريف على المدينة، خصوصية المناطق الباردة والساخنة...).
❊ إن التقييم الجزائي في الزمن المدرسي له توابع سلبية على التقييم التكويين (25٪ من الزمن المدرسي يصرف في الامتحانات).
❊ غياب التكافؤ والتوازن في نظام العطل والثلاثيات (عطل قصيرة الأمد وأخرى طويلة...).
وعليه فإننا نقدم المقترحات التالية:
❊ إعادة جدولة توزيعية العطل وفق معيار التكافؤ.
❊ مراجعة نظام الحصتين واعتماد نظام الحصة الواحدة على أن لا يزيد معدل ساعات الدراسة اليومي 5 ساعات كحدّ أقصى.
❊ مراجعة البرامج التعليمية كمّا وكيفّا على نحو يجعلها تساير هذا التبدّل.
❊اعتماد مبدأ المرونة لنبض ايقاع الزمن المدرسي اليومي والسنوي كأن تمنح المؤسسة التربوية الحق في ضبطه بحسب خصوصية الجهة.
❊ تقليص الحيّز الزمني المخصص للتقييم الجزائي
❊ توفير ضمانات لفكّ الارتباط بين المقاصد البيداغوجية التعليمية والمآرب الاقتصادية السياسية التي قد تفتك بالخيار التربوي.
هوامش:
اعتمدنا مراجع متعددة من أهمها:
منشورات وزارة التربية والتكوين.
القانون التوجيهي
منشورات منظمة التربية والثقافة والعلوم.
بحث حول الزمن المدرسي من اعداد نبيل الهواشي
دليل الأستاذة روضة الحمروني.
تأليف الأخوين:
رضا لاغة: كاتب عام مساعد
مسؤول عن الوظيفة العمومية
علي بوبكر: كاتب عام مساعد
مسؤول عن الاعلام بالاتحاد الجهوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.