تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعة لما هو سائد وطموح لما يجب أن يكون
الزمن المدرسي:
نشر في الشعب يوم 14 - 08 - 2010

من بين الأسئلة التي يمكن ان تطرح ونحن نتطرق الى مسألة الزمن المدرسي.
❊ لماذا اخترنا هذا المحور على وجه التحديد؟
❊ وهل أن الجودة ترتبط بكمّ الساعات الفعلية للتمدرس أم بخيارات نوعية تنظّم الزمن السنوي والأسبوعي واليومي.
❊ وهل تحصل على النجاعة في مجال الزمن المدرسي من خلال توزيع الساعات بحسب المواد التدريسية أم بحسب امكانات المدرسة وظروفها.
❊ وهل أن المدرسة هي مجال للتمدرس فقط أم يمكن ان تكون فضاء للترفيه والتغذية والصحة وغيرها.
نشير في البداية الى أن التطرّق الى هذه الاشكاليات ينبغي ان يكون مراعيا ل :
تفاوت درجات التقبّل خلال حصة تدوم ساعة واحدة في فرع من فروع الدراسة بين تلميذ وآخر، وكذلك الى تفاوت درجات البذل بالنسبة الى الاساتذة من حصة صباحية الى حصة مسائية، كما ينبغي التذكير بأن بعضا من الزمن المدرسي يتعلق بإجراءات ادارية روتينية تتعلق بالحضور والغياب والتأخير والقيام بالواجبات المنزلية، معالجة السلوكات المنحرفة، المذاكرة التكميلية والطرد من القسم وغيرها...
ولذلك فإن مراجعة الزمن المدرسي ينبغي ان تتم من خلال مراجعة الخيارات البيداغوجية والوسائط التعليمية (الأنترنات / الاعلامية / المطالعة / الدروس الخصوصية / دروس الدعم / توفير الفضاءات المناسبة / عدد التلاميذ في كل فصل / الترغيب في الدراسة / ضمانات تكفل حق الشغل / البحث عن عوامل تحقق جاذبية المدرسة من خلال القطع مع التكوين التراكمي وتحويل الزمن المدرسي من حالة عابرة الى »حياة مدرسية فعلية« ولا يتم ذلك الا من خلال جداول أوقات يساهم كل الاطار التدريسي في بلورتها، وهي مهمة ينبغي ان لا يستهان بها لأن الزمن المدرسي ايجابياته وسلبياته من خلال الجداول التي تنجز في الأغلب الأعم على عجل ويعدّها أطراف لا صلة لهم بالمدرّس او بالدارس الا في حدود الأداء الوظيفي، وينبغي ايضا التفكير في خصوصيات بعض التلاميذ في بعض الجهات، مثال التلميذ يغادر محل إقامته الساعة السابعة صباحا ولا يعود الا الساعة السابعة مساءا (نصف مقيم) / التلاميذ المقيمين وذلك بمراعاتة النقاط التالية:
❊ العجز البدني / الابتعاد عن الأبوين وما يستتبع ذلك من انحراف وغياب الرقيب / القهر بسبب الإفراط في الجدية فلا لعب ولا ترفيه ولا ممارسة للهواية.
لأجل ذلك نشدّد على ضرورة مراجعة نظام العطل والامتحانات وذلك بالتوازن مع الاولى وبالتقليص في الثانية والتصدي بحزم للدروس الخصوصية حفاظا على المؤسسة العمومية، ولا يتم ذلك في اعتقادنا الا من خلال إعطاء المدرس هامش من المرونة مع الزمن المدرسي وذلك من خلال مراجعة محاور الدرس ومحتواه بما يخفف على المدرّس الملزم بتنفيذ البرامج الرسمية، وكذلك بفتح حوار جدي بين النقابة العامة للتعليم الثانوي ووزارة الاشراف للانفاق على »المجالس البيداغوجية« والاشراك الفعلي لممثلي الاساتذة من النقابيين في ضبط الزمن المدرسي وطنيا وعلى مستوى الجهات والمؤسسات التربوية.
نعتقد ان الاجابة عن هذه الاشكاليات قد تكون مثيرة اذ يمكن بلورتها كالآتي: ما نلاحظه اليوم من تراجع المنظومة التعليمية ببلدنا يدعونا الى ان نمسك بهذا الملف ولما كانت هناك علاقة ترابط بين الزمن والحياة المدرسية فإن استتباعات هذا التراجع تبرر تعقبنا للأسباب وينبغي ان نشير الى إلتباس مفهوم الزمن المدرسي لتنوعه (زمن سنوي / أسبوعي / يومي) ولإرتباطه بمجالات أخرى (نفسي / جسدي / اجتماعي...).
وليس من العسير على قارئ تاريخ الواقع المدرسي ان يلحظ ان تحقيق الأفضل تربويا يستدعي عملية تحويل لعادات العمل المدرسي ومن بينها الزمن المدرسي، ودون هذا الفعل الناقد لن يتسنى للحياة المدرسية تحصيل المثل الأعلى أو الآمال والطموحات التي تساور أقطاب العملية التربوية (ادارة أساتذة طرف نقابي...).
ولأننا ندرك ان الحياة المدرسية هي بمثابة نظام ديناميكي، يتحدد في اطار العلاقة بين الشركاء التربويين فهي لأجل ذلك ليست مجرد ركام من الافراد وأدوات تنفيذ لأن لحمة هذا الاطار تقتضي بعث حقل دلالي لتطوير الواقع التربوي ممثلا في الطرف النقابي والوزاري على حدّ سوى ليخلق في الداخل مجموعة من التوترات الايجابية تارة والسلبية تارة أخرى تطابق الرغبات والمقوّمات لا أن تنفرد الوزارة بهذا الفعل الناقد ويستثنى الطرف النقابي في صيغته الأكاديمية (خبراء) والديمقراطية (بوصفه يعبر عن انتظارات عموم الاساتذة).
وينبغي أن تتكامل هذه الأبعاد كي يتحقق فعل البناء قصد تحسين الحياة المدرسية والتي نرى أنها مشروطة بتسهيل المهام البيداغوجية والتنظيمية اذ في غياب التماسك والتشاور لا يمكن النهوض بالحياة المدرسية، لذلك نقول أننا نعيش وضعيات صعبة من خلال انحصار مقدار التواصل التفاوضي لأن قواعد البناء محكومة حتما بالمعايير (جدية ورقات العمل) والقوانين (القول بوجود شركاء داخل العملية التربوية ورفض الممارسة الأحادية) والأفكار النمطية (الرغبة في التجديد والجرأة في ابتكار الحلول).
فما ننتهي اليه ضمن هذه المقدمة أن نتداول إشكالية الزمن المدرسي اليوم من قبل القطاع ممثلا في النقابة العامة هو عملية قصدية تنقل فكرة أو ممارسة الى طرف آخر يقابلنا في الافكار (الوزارة) قصد ايجاد فعل او تحريك سلوك او التأثير فيه للخروج من وضعية سكونية نرى أنها داء، الى اخرى حيوية نرى أنها دواء. لننطلق من مسلمة مفادها ان كل من يسوق لفكرة ان الحياة المدرسية في مأمن من التشكيك والنقد هو واهم، فما يعتري الساحة المدرسية من أحداث صاخبة (عنف + ...) يؤكد ان خيار الفعل الأحادي المنفرد للوزارة قصد التصحيح والترميم هو فعل عقيم حتى لا نقول عبثيا.
وآن الأوان لكي يتحلى الجميع بالمسؤولية لتركيز دعائم تمثل اطار مرجعيا مشتركا لمعالجة الموقف التربوي العليل.
وفي هذا الصدد نسأل:
❊ ما هو المحتوى الأكاديمي الذي يمكن صياغته؟
❊ وماذا يعرف المعلم عن الموضوع؟
نظرا لتقدم النظرية التربوية اصبح دور المعلم متغيرا بتغيّر المواقف حتى لا يفشل في تبليغ الرسالة الى المتعلم الذي خلق ليعيش في زمان غير زمانه، لذلك يتوقّع من المعلم الاعداد للموقف التربوي وفق تفاعلات صفية أي بين المعلم وزملائه، ومع المواد المدرسية. وهذا ما سنسميه أدوات الدفع الذاتي. لذلك فنحن بحاجة الى استمارة عملية لإستشراف وجهة نظر المعلم بوصفه خبيرا لأنه منظم ومخطط للنموذج المرشد اثناء العملية التربوية.
سنعتبر المبادرة الاولى فيما بين المعلّم والمعلّم ضمن كل جهة بمسمّى الضجيج التقني وفيه نحاول تحقيق تواصل ايجابي أفقي مستوحى من نواة الفعل الديمقراطي. (وليس عن طريق منابر الحوار المشبوهة) أما المبادرة الثانية فنصطلح عليها بالضجيج التنظيمي وفيه تتشكّل قناة اتصال من شأنها ان تسمح بربط التواصل لتصبح اللجنة الوطنية أو النقابة العامة هي الحامل الفيزيائي الحقيقي للمعلومات الذي ينقل الرسالة الى الفضاء الخارجي على قاعدة مبدأ تبادل الآراء (الوزارة).
نأتي الآن الى مفهوم الزمن المدرسي
لقد استخدم مفهوم الزمن بمفاهيم ومعاني مختلفة وتعددت مدلولاته من ذلك الزمن الموضوعي والزمن الذاتي او الزمن الواقعي والزمن النفسي ثم تحول المفهوم مع الثورة الصناعية الى المدلول الاقتصادي (كميّة العمل المصروفة لانتاج سلعة ما) وانتهى مع علماء التربية الى اعتباره فسحة فاصلة محصورة في المدة (من إلى) يتحقق في خضمها التفاعل الانساني بين المعلم والمتعلم وعليه فإن اللّفظ يدل على التفاعل الذي ينساب في اتجاه معيّن ولا يهم ان كان من المعلم الى المتعلم او كما تنصص التعلمات الحديثة بجدلية العلاقة بين الطرفين وتترتب عنه اجراءات مشتركة منها التواصل وتراكم المعرفة النظرية التجريبية، لذلك فلا غرابة ان نقول ان الزمن المدرسي يقوم على أبعاد ثلاث:
❊ بعد بيداغوجي: من قبيل تدريس بعض المواد الفلسفة أو الرياضيات في الحصة الصباحية.
❊ بعد نفسي اجتماعي: ضرورة تخصيص فسحة زمنية بين الحصة الصباحية والمسائية للراحة وتناول وجبة الإفطار.
❊ بعد تنظيمي: كأن تتداخل المستويات ببعضها او ان يصطف النجباء لوحدهم، لذلك فنحن بحاجة الى بناء موقف نقدي حتى من المدارس النموذجية.
وينبغي ان تتكامل هذه الابعاد كي يكون الزمن المدرسي خاضعا لقواعد إئتلافية تحقق الغاية التي من أجلها ضبط على هذا النحو أو ذاك.
لا بأس هنا ان نحتكم قليلا الى التاريخ لكي نستهدي به لمعرفة الأطر التنظيرية لمفهوم الزمن المدرسي، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا ان الثمانينات تمثل حقبة التشريع التي تبلور فيها هذا المفهوم بوصفه متغيرا من المتغيرات الاساسية الضامنة لمردودية الأداء التربوي، أنظر مثلا المنشور الصادر سنة 1984 بفرنسا. وإذ نقول ذلك لا ننكر ارهاصات هذه المبادرة التي ما فتأت تتكشف في الستينات.
❊ ولكن لماذا هذا الاهتمام المتزايد بمفهوم الزمن المدرسي؟
فرضية أولى: يقول فيها المدرس انا لست معنيا بالزمن المدرسي بقدر ما أطمح الى مساعدة المتعلم على النمو والتطور في بنيته المعرفية ومعاملته كإنسان محترم له قدرات.
فرضية ثانية: يقول فيها المتعلم لماذا يستمر المدرّس في التحدث اكثر مما يستمع؟ دعونا نتحدث لأننا حينها فقط نتطور.
هنا أصبحنا نميز بين زمن مدرسي يستحوذ عليه المدرّس ويكون فيه المتعلم متقبلا للعملية التربوية، ومتعلم يريد ان ينعم بدور في التعلم وبالتالي تخصيص زمن يهدف الى إرساء نشاط تواصلي كمكوّن من مكونات الحياة المدرسية.
أن يراعى هذا الجانب في فهم بنية الزمن المدرسي المراد تحصيله يعني اعادة النظر في:
❊ التصور الأحادي الجانب القائم على تبليغ المعلومة لنبني تفاعلا تواصليا.
❊ تركيز الجانب المهاري قصد التدرج في مستوى الخبرات المقدمة كزمن مستحدث.
❊ الربط بين الخبرة المتعلمة والحياة العملية.
❊ ضبط الاهداف ضمن أنّات زمنية تربط بين المواد التعليمية ودوافع استطلاع المتعلم وحبه للمعرفة.
❊ الفضاء التربوي المجهز الذي يقلص من مقدار تمدد الحيز الزمني لإنجاز هذه الاهداف (الاعلامية مثلا كوسيلة تعليمية جديدة تفرض مراجعة منظومة الزمن المدرسي او على الاقل تعديل توزيعيته).
ولو أردنا ان ندقق في بواعث الاهتمام بالزمن المدرسي لحددناها كالآتي:
❊ التعقيد الذي طرأ على الحياة الاجتماعية وإلتحاق المرأة المتزايد بسوق الشغل وما ترتّب عن ذلك من فراغ على مستوى التأطير العائلي.
❊ تطور علم النفس الاجتماعي وعلوم التربية التي ما فتئت تهتم بنفسية الطفل.
❊ أهداف سياسية اقتصادية تتخفى وراء سترة ما هو بيداغوجي (تجميد إحداثيات مواطن الشغل).
إن هذه العوامل وغيرها هي التي أكدت الحاجة الى تكييف الزمن المدرسي مع الوضعية الجديدة للمتغير الاجتماعي فضلا عن الاهداف التي ترنو المؤسسة التربوية الى إحرازها، وحين نطرح مشكلة الزمن المدرسي علينا ان نكون على وعي بأنه بقدر ما تتوفر لدينا عناصر المعرفة حول طبيعة هذا الملف بقدر ما نتمكن من فهم محاوره بكيفية أفضل وبالتالي صياغة تصور مثمر وملائم يحدث مطلب التغيير والتعديل والتصحيح.
لنعتمد هنا على بيانات الاحصاء التي رصدتها منظمة اليونسكو لسنة 2009 والتي أكدت أننا لا نزال اليوم وطنيا لم نحقق القدر المطلوب لمعدل الزمن المدرسي المؤمّل عالميا فالفوارق تبدو عميقة من حيث مقدار ساعات أو أيام العمل، أنظر مثلا ساعات العمل السنوية بأمريكا فهي تبلغ 1100 ساعة عمل وفي اسبانيا تبلغ 900 وفي المكسيك تبلغ 800... واللاّفت للنظر ان الزمن المدرسي في بلدنا يتعارض على نحو ما مع هذه المعايير العالمية فإذا كان إجمالي أسابيع الدراسة عالميا يناهز 38 أسبوعا او ما يزيد فإنه في تونس لا يتعدى 32 أسبوعا.
هنا نحتاج الى طرح السؤال التالي:
❊ هل أن مراجعة منظومة الزمن المدرسي يقصد بها الاصطفاف وراء هذه المعايير الدولية لنقع مرة أخرى في مزلق إستنساخ مشاريع عديمة الجدوى باعتبارها لم تولد من رحم واقعنا التربوي؟
لكي لا نتورّط في سياق هذا الجدل الذي قد يحيد بنا عن الهاجس الأكاديمي المحض دعنا نقول وبناء على التقييمات الدولية أن وفرة ساعات التعلّم لا تؤدي ضرورة الى جودة المكسبات المعرفية لدى المتعلّم. لذلك يمكن ان نتحرر من الوهم القائل، كلما ارتفعت ساعات التعلم كلما أدى ذلك الى ضعف في التكوين العلمي لدى المتعلم، بل إن عدم مراعات بيداغوجيا الفوارق يمكن ان يجعل من كثافة الزمن المدرسي مجالا لخلق اضطرابات نفسية لدى المتعلم قد تمثل علامة تقبّل سلبي.
ههنا يبدو اننا بحاجة الى مرجعية وطنية لصياغة نموذج ارشادي لزمن مدرسي مع واقعنا التربوي (الارتقاء من طور إصدار المناشير الى طور التشريع القانوني). ولو إفترضنا ان هناك استعداد لتفعيل هذا المحور لدى وزارة الاشراف بناء على مبدأ الاستقلال الذاتي الوطني مع الاستفادة من المخزون العالمي، فإن إعادة هيكلية الزمن المدرسي ينبغي أن تستجيب لطموحات اللحظة الراهنة ونعني بذلك:
إنخراط جميع الاطراف من أجل العمل على إنجاح تفاعل يقوم على المشاركة في صياغة برنامج مستحدث حول الزمن المدرسي يراعي فيه التغيّر الاجتماعي الذي طرأ في بنية المجتمع والمرتبط بالتحولات العالمية.
إن مشروع المؤسسة وما يتضمنه من محاور (الزمن المدرسي، العنف...) يجب ان يرفض كل أنماط النمذجة والقوالب الجاهزة الصادرة عن سلطة الاشراف المركزية بإتجاه دمقرطة الحوار إذ لا يمكن ان ينجح اي مشروع في الشأن التربوي ما لم تحترم قاعدة التمثيل النقابي فيه.
بناء على ما تقدم يمكننا ان ندرج العوائق التي تنخر زمننا المدرسي كالآتي:
❊ إن الزمن المدرسي الحالي هو زمن نمطي لأنه لا يأبه بمعطى موضوعي يتصل بالمحيط الاجتماعي الذي تحدث فيه العملية التربوية (خصوصية الريف على المدينة، خصوصية المناطق الباردة والساخنة...).
❊ إن التقييم الجزائي في الزمن المدرسي له توابع سلبية على التقييم التكويين (25٪ من الزمن المدرسي يصرف في الامتحانات).
❊ غياب التكافؤ والتوازن في نظام العطل والثلاثيات (عطل قصيرة الأمد وأخرى طويلة...).
وعليه فإننا نقدم المقترحات التالية:
❊ إعادة جدولة توزيعية العطل وفق معيار التكافؤ.
❊ مراجعة نظام الحصتين واعتماد نظام الحصة الواحدة على أن لا يزيد معدل ساعات الدراسة اليومي 5 ساعات كحدّ أقصى.
❊ مراجعة البرامج التعليمية كمّا وكيفّا على نحو يجعلها تساير هذا التبدّل.
❊اعتماد مبدأ المرونة لنبض ايقاع الزمن المدرسي اليومي والسنوي كأن تمنح المؤسسة التربوية الحق في ضبطه بحسب خصوصية الجهة.
❊ تقليص الحيّز الزمني المخصص للتقييم الجزائي
❊ توفير ضمانات لفكّ الارتباط بين المقاصد البيداغوجية التعليمية والمآرب الاقتصادية السياسية التي قد تفتك بالخيار التربوي.
هوامش:
اعتمدنا مراجع متعددة من أهمها:
منشورات وزارة التربية والتكوين.
القانون التوجيهي
منشورات منظمة التربية والثقافة والعلوم.
بحث حول الزمن المدرسي من اعداد نبيل الهواشي
دليل الأستاذة روضة الحمروني.
تأليف الأخوين:
رضا لاغة: كاتب عام مساعد
مسؤول عن الوظيفة العمومية
علي بوبكر: كاتب عام مساعد
مسؤول عن الاعلام بالاتحاد الجهوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.