قرنبالية مدينة العنب والمدامة تحتفي بالثقافة وبالشعر كأشهر فنون القول عند العرب أليس الشّعر ديوان العرب؟ . خارج دار الثقافة «مصطفى ديكاردناس» زيّنت السّحب سماء المدينة. الوقت خريف متبرّجا برمّانه وسفرجله وأعنابه القليلة. حضور مناسب حضر الأمسية واستمتع بأناشيد الشّاعرين «سويلمي بوجمعة» مبدع غرباء» و»أنا من تراب السّماء» و»محجوب العيّاري» منشئ «تداعيات في اللّيلة الأخيرة قبل الرّحيل» و»حالات شتّى لمدينة واحدة» و»حرائق السماء.. حرائق الصّباح» و»أقمار لسيّدة الشّجرات» و»الطّفل». ورافق أصوات الشّاعرين الفنّان صاحب الأنامل الذّهبيّة «مهدي شقرون» الذي بهرنا بمعزوفاته وبأدائه أغنية بين ريتا وعيوني بندقيّة. أنشد الشاعر «سويليمي بوجمعة» قصيدة وطنيّة بعنوان «تونس» وقد فازت بجائزة مسابقة الأغنية الوطنيّة لسنة 2008، ثمّ قرأ نصّ «اعتذار غيابيّ لأبي القاسم الشّابي». وقد زلزلنا بقصيدته «إذا كان لابدّ من هذا الحذاء». أمّا الشاعر «محجوب العيّاري» فشعره عَاوٍ ينله من سكر الحانات الصّغرى وقلوب النّساء. غنّى العيّاري «أحبّ الخريف» ويا «أمرأة نرجسا كفّها». قصائد نالت استحسان الحاضرين لاشكّ في ذلك ولأهل الدّار نصيب من الفنّ الشّعري لا محالة. «مراد ساسي» تلا «ما تبقّى من حكاية العاشق» و»راضية الكامل» تغنّت بتونس في «ها الوطن» وبالأمّ في «سلطانة العشق أمّي». كما زان الموقف «سعيد العكايشي» الشاعر السّاخر والمنشد الهزليّ في «أحلى حماتي». وجه جديد لم أره من قبل، لعلّها من المفاجآت في مثل هذه المناسبات البهيجة الشاعرة «آسيا الزّاهي» ابنة المثقّف الفذّ سقراط فصة الأستاذ «عبد الحميد الزّاهي» الذي مايزال حيّا متمترسا بالخضراء بعد أن أعلن بعض الشعراء النّعاة موته منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام. أجمل لحظة انبعاث في ذلك المساء الغائم كانت انبعاث سقراط فصة من قاع أرض لا تبتلع أشجارها الباسقة.