ما يدبر للسودان الشقيق صهيو أمريكيا لا يقل في وحشيته وشراسته عن الذي دبر ونفذ ضد العراق وشعبه وقيادته الوطنية فالسياسة الأمريكية في هذاالبلد العربي الافريقي لا تختلف عنها في ذلك البلد العربي الآسيوي، بل هي نفسها في لبنان وأفغانستان وتلك الدول المستقلة عن الاتحادالسوفياتي الذي تفتقده بحسرة الدول والشعوب المستهدفة صهيو أمريكيا في العقدين الآخيرين. والدور الذي أوكل للمخابرات الاسرائيلية الموساد / من زرع الفتن وافتعالها وإعادة تأهيل الجواسيس المحليين في العراق ولبنان هو الدور نفسه الذي أوكل لهذا الموساد / في السودان بدءا من دارفور. فالولايات المتحدةالأمريكية (التي شنّ عليها كوفي عنان حملة انتقادات متأخرة لا أعتقد أنها كافية لغسل ضميره هو ) تريد نشر قوات الأممالمتحدة «من أجل السلام» في السودان بغية الوصول الى هدف سافر هو تعزيز الوجود الأمريكي العسكري والسياسي في هذه الدولة العربية الاسلامية الافريقية العضوة في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والأممالمتحدة، وتمكين شركات الاحتكار الامبريالية الامريكية من السيطرة على الثروات الطبيعية في مناطق جنوبي السودان بخاصة حيث يوجد النفط بأبار لا تزال بكرا نسبيّا. وباستخدام هذه القوات المكرسة للحفاظ على (السلام الأمريكي) الذي يقوم على جماجم الشعوب، تريد واشنطن أن تقيّد صلاحيات الرئيس الشرعي للسودان عمر أحمد حسن البشير (62 عاما) ومن خلال تجاوزها لإدارة السلطات السودانية الشرعية تسعى واشنطن الى ضرب الاستقرار في المنطقة خصوصا وأن ما تعلنه أو تضمره السياسة الأمريكية لها يفضي فقط الى تقسيم الأراضي السودانية، ومن هذه المساعي والتجاوزات الأمريكية دعم ما يسمى (جبهة الخلاص) ماليا أو عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وهذه (الجبهة) فصيل لم يوقع اتفاق السلام حول دارفور، وبالمقابل أو في آن معا تدق الأسافين بين حكومة الخرطوم والفصائل التي وقعت معها «اتفاق بوجا» مثل حركة تحرير السودان التي يعد زعيمها «مني اركومناوي» كبير مساعدي الرئيس البشير حاليا، وتفتعل قتالا بين عناصر تنسبها الى ميليشيات «الجنجويد» وبين هذه الحكومة في «دارفور» بل تجد من تهاجم بعثة الاتحاد الافريقي نفسها بغية إضعاف ثقة الاهالي بالسلطة المركزية في الخرطوم وبدور بعثة الاتحاد الافريقي التي تدعو جامعة الدول العربية الى التمديد لها. وبغية تحقيق أهدافها الشريرة لا تكترث واشنطن بتفاقم مشكلة لاجئين جديدة هربا من الاقتتال والتخريب مجددا وما ينتج عن ذلك من ترد في الوضع الغذائي واتساع للجريمة يشمل هذه المنطقة بأسرها. ولأمثل أن هذه المعطيات تستوجب من (المجتمع الدولي) أن يركز جهوده في البحث عن تسوية تحول دون زيادة التوتر في البلد مع الاخذ في الحسبان مصالح كل الاطراف السودانية المعنية بهذه الأزمة .. هذا عندما يمتد «المجتمع الدولي» جغراسياسيا من القطب ومن الشرق الى الغرب، فلا ينحصر بلندن وباريس وواشنطن وتل أبيب!. وبخصوص دور الموساد / المعني بتسعير الازمات في المجتمعات العربية الاسرائيلية ودفع « فوضاها الخلاقة « قدما صوب حروب أهلية تعيد هذه المجتمعات الى مكوناتها البدائية القبلية والعرقية والمذهبية، فقد تجلى هذا الدور في تشجيع أفراد «سودانيين» معظمهم من المهاجرين كالناشطين (في حقوق الانسان) التي أعلنت عبر قناة «العربية» منبر من أدوات المشروع الصهيو أمريكي عن تأسيس (جمعية الصداقة السودانية الاسرائيلية) حيث زعمت المدعوة (تراجي مصطفى) من كندا حيث تقيم، أن 20 مثقفا سودانيا قدموا اليها طلبات عضوية في هذه الجمعية التي لا تؤمن بعروبة السودان وتحتج على وجود عبارة (مسموح بالسفر الى كل دول العالم ما عدا إسرائيل ) في جواز سفر السوداني، وتعتبر (الفلاشا) جالية سودانية في اسرائيل ذات النظام «الديمقراطي»، وأن مجزرة (بيت حانون) ليست حقيقة ومن ابتداع الإعلام العربي، وأن الفلسطينيين شعب عنصري يتعامل مع السودانيين كشعب أسود . وكشفت هذه (التراجي) التي (اصطفتها) قناة (العربية ؟!) عن أن كثيرا من السودانيين الذين حصلوا على جوازات سفر كندية زاروا الكيان الصهيوني.ازاء هذا الخطاب الذي تروجه (قناة العربية) هل بتنا بحاجة الى التكهن بأن أزمة «دارفور» مفتعلة وذريعة صهيو أمريكية لإشاعة (الفوضى الخلاقة) في السودان أيضا وتدميره، علما أن «تراجي» هذه قالت إن نشاطها بدأ من خلال الاهتمام بقضية «دارفور» ليتحول الى «قضية» التطبيع مع اسرائيل؟. ألا يجعلنا ذلك نتأكد أن في اسرائيل الآن جواسيس سوادنيين يتم تأهيلهم للقيام بدور لا يقل خطورة عن الدور الذي قامت به عناصر أحمد الجلبي والقوى الكردية في العراق والدور الذي قامت به القوات اللبنانية بدءا من مجازر صبرا وشاتيلا وصولا الى اغتيال الوزير بيير جميل والآتي أفظع، بعد تأهيلهم جميعا على يد الموساد في «اسرائيل»؟. وهذا كله، الا يستدعي موقفا عربيا حاسما لدعم حكومة الخرطوم الوطنية ومنع تمرير وتنفيذ قرارات «دولية» للعب بمصائر السودان وشعبه الشقيق ؟!