اخيرا جاء المدد ليرفع الحظر المفروض قصرا عن الفاضل الجعايبي ومسرحيته الحدث «خمسون» بعد طول انتظار وتجاذبات عديدة من لجنة التوجيه المسرحي «لاعدام» هذا العمل بعد ان نصبت نفسها وصية عن الابداع وحرية التعبير المسرحي. اخيرا تدخل السيد وزير الثقافة والمحافظة على التراث الدكتور محمد العزيز ابن عاشور لينقض قرار لجنة تجاوزتها الاحداث بمقدار خمسون عاما من الاستقلال وبضعة اشهر!!! بين لجنة نصبت نفسها وصية عن الجمهور لتطالب من كراسيها المتآكلة صاحب العمل المبدع فاضل الجعايبي بحذف زهاء 286 فقرة وكلمة!!! ووزير يفتح ابواب مكتبه ليستقبل الفاضل الجعايبي وجليلة بكار ويناقش معهما الامر بعين المتلقي يكمن الفرق... بين لجنة حاولت ممارسة فعل القصابين لسلخ النص، ووزير يطالب بحذف كلمة واحدة واضافة جمل لتوضيح بعض الغموض الذي قد يفتح ابواب التأويل الخبيث طبعا نجد نفسنا امام حالة استثنائية ونادرة في تاريخ تونس الابداع!!! انها حالة تناقض صارخ بين توجهات السلطة الدافعة الى حرية الابداع وقوة الجذب الى الوراء والحد من هامش الحرية التي تمارسها بعض الهياكل والاطر المتسترة بقوانين باتت اليوم ونحن على ابواب السنة السابعة بعد الالفية الثانية في حاجة ملحة للمراجعة بما يستجيب لطبيعة وقع بلادنا اليوم. لم يسبق لي ان شاهدت مسرحية الفاضل الجعايبي وجليلة بكار «خمسون» ولكن الشذرات التي وصلتني عن سلسلة العروض التي احتضنها «الاوديون» بالعاصمة الفرنسية عن طريق زميلنا القدير احمد حاذق العرف الذي كان شاهد عيان على نجاح عروض المسرحية الحدث في عاصمة الانوار بداية الصائفة الماضية وحديثي لبعض الوجوه الشابة التي شاركت الفاضل وجليلة ميلاد خمسون الحلم، خمسون الفكرة، خمسون التجربة، خمسون المخاض وخمسون الابداع، جعلني اتلهف كغيري من ابناء الشعب الكادح لمشاهدة العرض الحدث وسماع اصداء عرضه في قبلاط والفوار وعمدون وبني خداش والمزونة والكريب ونفطة وجبنيانة وسبيطلة وغيرها من جهات وقرى الوطن ولكن!!! كم هي لعينة كلمة لكن حينما تتسلط علينا «اللجان» في تجاوز صارخ لمهامها ومشمولاتها وهي التي اباحت باستعمال كلمة لكن هذه طبعا مصادرة الفكرة بدعوى حرية التعبير!!! لهذا كله كان لتدخل الوزير الوقع الطيب على نفوس الجميع واستحق معالي الوزير الدكتور محمد العزيز ابن عاشور كلمة «شكرا» لانه انحاز للابداع ولم يصادر حق الاخر في الحلم والتعبير ولم يستعمل اللعينة لكن!!! لدفاعك عن حرية المبدع والدفاع عن قيم الجمهورية رغم محاولات جهاز الرقابة صنصرة الاخرين ولجم الافواه التي تنادي بالحرية... لكل هذا نطالب معالي الوزير بحل هذه اللجنة التي اساءت من حيث لا تدري او تدري لتونس وهي التي اباحت للبعض الحديث عن تقييد شروط الابداع ببلادنا ونشر صورة قاتمة عن واقع يتعارض ورغبة الارادة السياسة التي لا ترتضي لنفسها هذا التشويه الذي يعيد البلاد لعصور التحجر... ان مصادرة حرية التعبير في بلادنا ومهما كان مصدرها اساءة لتونس الجمهورية، وانتصاركم لحرية التعبير الواعي والمسؤول ورفض الوصاية وممارسة «الارهاب المنظم» تحت يافطة التوجيه، انتصار منكم لقيم التفتح وانخراط واع ومحمود في المشروع الحضاري الذي تنتهجه بلادنا بخطوات نتمنى مخلصين للبلاد قبل العباد طبعا ودائما ان تتحرك بسرعة اكبر دونما تسرع طبعا بما يقي تونس من سواد الحالمين بلجم الافواه وقمع المخلصين أولا وثانيا وأخيرا...