يعتبر «الكراء» من أهم المواضيع التي تؤرق المواطن التونسي خاصة اذا تعلّق الأمر بالأسعار التي تظلّ مشطّة نظرا لكثرة مشاكل الكراء بالنسبة لمالك العقار أو للمتسوّغ وتصبح بذلك المعاناة مشتركة بين الطرفين والتشكيات متبادلة و تتعمّق الفجوة بفعل بحث كل طرف عن حقوقه وتناسيه لواجباته تجاه الطرف الآخر وقد حاولنا معرفة رأي الشارع التونسي في هذه المسألة وتوجهنا في هذا الإطار بسؤال الى الآنسة «أنيسة» وهي متسوّغة لشقّة في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة وقد أجابتنا بقولها. «جميع المتسوّغين يشتكون إما من غلاء الأسعار أو عدم تطابقها مع حالة المنزل لكن بالنسبة لي فالأمر كان مختلفا ونظرا لعلمي المسبق بهذه المشاكل فخلافا للعادة لم أتوجّه لسمسار يستنزف نقودي ولم أجهد نفسي للبحث بمفردي عن منزل بل توجهت مباشرة الى شركة عقارية مختصة في كراء الشقق والمنازل تسوّغت منها شقة جديدة متكوّنة من غرفتين ومطبخ وبيت إستحمام بوسط العاصمة وسعرها معقول في حدود 200 دينار».. وتضيف أنيسة بأنه لديهم حارس بالعمارة. معلوم السمسار «خمسون دينار» أما السيد خالد مصباح فحكايته كانت مختلفة وبحثه المتواصل عن منزل في مكان معيّن جعله يستنزف كثيرا من النقود لفائدة السمسار ويقول محدثنا بهذا الخصوص «أنا أعمل بمنطقة العوينة ولهذه الأسباب حاولت كراء منزل قريب من عملي فأضناني البحث واضطررت للتوجه للسمسار الذي حدّد معلومه ب50 دينارا ونظرا لحجم المعاناة في البحث عن منزل بمفردي وافقت على معلوم السمسار وفي وقت وجيز وجدت منزلا ب300 دينار بسيدي داود وكغيره من مالكي العقارات اشترط صاحب المنزل دفع «شهر ضمد» أما المشكلة الكبرى الأخرى فهي الإشتراك في نفس عداد الماء والكهرباء وفي هذه الحالة مهما كان حجم الإستهلاك فالمتسوّغ عليه دفع نصف معلوم الفاتورتين».. منازل للكراء فاقت ال1500 دينار ودائما في نفس الإطار أجابنا السيد مكرم حويشي بأنه متسوّغ لمنزل ب350 دينار بمنطقة القرش الأكبر بوسط العاصمة رغم أنها قديمة جدا ولا تحتوي على أبسط مقوّمات المنزل العادي ورغم ذلك صاحب المنزل اشترط إضافة الى معلوم الكراء خلاص شهرين «ضمد» وإلا لن يقبل تسويغ منزله والمضطرّ ليس لديه أي خيار إلا القبول أما السيد وديع زين الغال فأفادنا بأن الكراء في الوقت الحالي تجاوز في بعض المناطق 1500 دينار مثل المرسى والمنارات والمنازه وذلك يختلف حسب المناطق وحسب حالة المنزل وحسب طلب المتسوّغ ولا يعني ذلك أنه لا توجد أسعار مقبولة بل توجد منازل لا يفوق سعرها 250 دينار في وسط العاصمة وفي شارع قرطاج إلا أنها طبعا لا تخضع للمواصفات المطلوبة ولا تتوفّر فيها أية كماليات كما أن حالتها يرثى لها الشيء الذي يضطرّ البعض الى القبول بأسعار مرتفعة بحثا عن الراحة.. أسعار مشطّة للأجانب ورغم أن كثيرا من المتسوّغين ربطوا غلاء أسعار الكراء بالمنازه والمنارات والبحيرة إلا أن هذا الإرتفاع في الأسعار شمل جلّ المناطق القريبة من العاصمة وتجاوز 1500 دينار حسب ما أفادتنا به الآنسة سنية يعقوبي وهي طالبة وتقطن بشقّة بمعلوم كراء 800 دينار في الشهر صحبة ثلاثة من زميلاتها بالعاصمة وكل واحدة تدفع 200 دينار في حين يفوق 1700 دينار معلوم الكراء في نفس العمارة خاصة بالنسبة للأجانب ومن بلدان مجاورة وقد ربطت الآنسة مروى غلاء الأسعار بمكوّنات المنزل وتقول في هذا الشأن «الإرتفاع في أسعار الكراء سببه احتواء المنزل على مكيّف هوائي وعلى سخان شمسي وآخر كهربائي وعلى كل المستلزمات الضرورية الى جانب الكثير من الكماليات هذا بالإضافة الى وجود حارس بالعمارة وهو ما لا نجده في العمارات العادية وهو ما دفعنا للكراء بهذا السعر». السمسار يسهّل عملية الكراء حاولنا أيضا معرفة رأي السمسار بخصوص التلاعب بالأسعار للمتسوّغين فأجابنا السيد سمير وهو سمسار بمنطقة حي التحرير «السمسرة عمل كغيره من الأعمال غزا كل المجالات ومن يريد ربح الوقت وكسب الجهد يتوجّه مباشرة لسمسار للبحث عن منزل حسب مواصفات معيّنة وفي حدود سعر معيّن والسمسار يحاول قدر المستطاع تلبية طلب الباحث عن منزل وفي كل مرة يقوم فيها السمسار بعرض منزل على شخص ما يتقاضى منه عشرة دنانير سواء تسوّغ المنزل أم لا مقابل الخدمة التي قدّمها أما في حالة تسوّغ المنزل فالسمسار يتقاضى أكثر حسب ظروف المتسوّغ كما يتقاضى أجرا من مالك العقار حسب اتفاق مسبق معه