تمر الصناديق الاجتماعية (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية) بوضعية مالية صعبة حاليا وهي وضعية قد تزداد تأزما إن لم يتم إتخاذ الحلول الكفيلة لإحتواء هذه الأزمة وخلق التوازن والمعادلة بين الموارد والنفقات وتجاوز العجز ويبدو أن أسباب الأزمة المالية في الصندوقين تعود لأسباب مشتركة تتعلق بخصوصيات كل نظام من الانظمة التي يعتمدها كل صندوق وأول هذه الاسباب هي الانعكاسات السلبية المترتبة عن نقص القدرة على إحداث مواطن شغل جديدة وتسريح أعداد كبيرة من العمال وإحالتهم على التقاعد قبل السن القانونية في القطاعين العمومي والخاص وقد بلغت نسبة المحالين على التقاعد قبل السن القانونية في القطاع العمومي 59 ٪ من مجموع المحالين على التقاعد سنة 2005 في حين بلغت نسبة هؤلاء 32 ٪ في نظام الأجراء غير الفلاحين في القطاع الخاص لنفس السنة ومن الاسباب الاخرى التي لها إرتباط بالأزمة تحسن مؤمل الحياة عند الولادة والذي يبلغ 74 سنة حاليا وهو عنصر إيجابي ولكن له كلفة بالنسبة لأنظمة التقاعد الى جانب إرتفاع نسبة التغطية الاجتماعية حيث فاقت ال 90 ٪ حاليا وهو أيضا عامل إيجابي ولكن يساهم بشكل مباشر في عجز التوازنات المالية للضمان الاجتماعي عموما ومن بين الاسباب الاخرى لأزمة الصناديق الاجتماعية الديون المتراكمة لفائدة الضمان الاجتماعي والتي أصبح جزء منها غير قابل للإستخلاص خاصة في القطاع الخاص بسبب إفلاس أو إندثار المؤسسة نفسها فضلا عن التصرف غير الرشيد في فوائض هذه الانظمة وفي الاحتياطات المالية. جملة هذه الاسباب وغيرها أدخلت الصناديق الاجتماعية في وضع مالي صعب يتطلب تدخلا عاجلا وحلولا سريعة خاصة وأن المؤشرات تشير الى أن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية سيستنفذ مجمل مدخراته في أفق 2015 في ظل إستمرار الأزمة ونفس هذه التوقعات تؤكد أن الCNSS سيسقط في عجز كبير في المستقبل وبوادر الأزمة قد بدأت وهو بدوره سيستنفذ مدخراته في أفق 2014. عجز في ال CNRPS وتشير آخر الاحصائيات المدققة لوضعية الصندوق المالية لسنة 2007 أن المداخيل الجملية بالنسبة لل cnrps فاقت 1176 مليار في حين قدرت التكاليف ب 1205 مليار وهو ما يؤدي الي نتيجة سلبية تفوق 28 مليار في الصندوق ونفس هذه الاحصائيات توضح أن وضعية الصندوق قد تراجعت من سنة 2002 من نتيجة إيجابية تساوي 49 + مليار الى نتيجة سلبية -28 مليار وذلك رغم الترفيع في الاشتراكات بعنوان النظام العام للتقاعد ولكن الزيادة في هذه الاشتراكات رغم نجاحها في تقليص آثار الأزمة إلا أنها لم تمتص العجز الحاصل في الصندوق وبالتالي فإن التوازنات المالية العامة للصندوق تتجه نحو تفاقم العجز. عجز في ال CNSS قدرت المداخيل الجملية لكافة الانظمة سنة 2007 بما قدره 1216 مليار في حين بلغت التكاليف الجملية لنفس السنة 1287 مليار بحيث أفرزت هذه السنة نتيجة سلبية ب 70.9 مليار ويعزى العجز المسجل الى خلل التوازنات المالية لنظام جرايات الأجراء غير الفلاحيين وهو أكبر نظام يتصرف فيه الصندوق إذ يمثل أكثر من 70 ٪ من منخرطيه والذي بلغ العجز فيه ب 220 مليار سنة 2007 وبذلك يكون هذا العجز تهديدا مباشرا لديمومة هذا النظام ولبقية الانظمة للمنخرطين في الصندوق ولئن يوجد تفسير لعجز نظام الجرايات للعملة في القطاع غير الفلاحي فإن بعض الانظمة الاخرى تطرح إستفهاما من ذلك في نظام الأجراء في القطاع الفلاحي وخاصة نظام المستقلين في القطاع الفلاحي إذ يعيش عجزا منذ إحداثه أي منذ 25 سنة وطيلة هذه الفترة كان الصندوق يعمل على تسديد العجز المقدر ب 25 مليار سنويا من موارد وفوائض نظام الأجراء غير الفلاحين وهذا في حد ذاته كان سببا في إحداث الخلل في التوازنات المالية. حلول إستعجالية العجز أصبح سمة بارزة ومزمنة لأنظمة الضمان الاجتماعي وهو ما يفرض وضع حلول إستعجالية وناجعة خاصة وأن الحلول المتعلقة بالزيادة في الاشتراكات بعنوان التقاعد لا تحل المشكلة كما أنّ الحلول المطروحة بمراجعة العناصر الهيكلية الخاصة بأنظمة التقاعد (سن التقاعد، مردود الاشتراكات ونسبة التقاعد) لا يحل هي أيضا المشكلة وإنقاذ الأنظمة الإجتماعية يقتضي البحث عن حلول والنظر في مسائل مثل التشغيل وإمكانية خلق فرص عمل أكثر لتوفير أكثر مساهمات وهذه هي أهم الحلول المطروحة الى جانب مسألة تمويل الضمان الاجتماعي ومن المهم تنويع مصادر تمويل الضمان الاجتماعي حفاظا على التوازن والاستقرار الاجتماعي هذا وسيتم إحداث لجنة نقابية الى جانب اللجنة المحدثة في وزارة الشؤون الاجتماعية تضمّ خبراء للبحث في كيفية تحقيق التوازن.