ما الذي يحدث في تونيزيانا؟ هل هي فعلا معروضة للبيع؟ وماذا عن المفاوضات الجارية بين نجيب ساوريس صاحب الحصة المصرية في المشغل الخاص للهاتف الجوال في تونس وعملاقي الاتصالات الجنوب الإفريقي «أم. تي. أن» والفرنسي «فيفاندي»؟ وما هو موقف الحكومة التونسية من المفاوضات التي تجريها أوراسكوم للتفويت في حصتها؟ هي أسئلة أكثر من حارقة في ظل تأكيد الشركة المصرية أوراسكوم تيليكوم القابضة مؤخرا وجود صفقة مع «إم.تى.إن» لبيع أصولها الإفريقية (ومنها حصة أوراسكوم في تونيزيانا) للعملاق الجنوب الإفريقي كما أن شركتها الأم «ويذر انفستمنت» قد عقدت جولات مفاوضات مكثفة مع مجموعة «إم.تى.إن» الجنوب أفريقية في هذا الإتجاه كما أكدت شركة «أم تي أن» الجنوب أفريقية، أنها تجري مفاوضات لشراء شركة أوراسكوم تليكوم المصرية? وفي صفقة قيمتها تسعة مليارات دولار ستشمل شراء وحدتي «جازي» أكبر شركة تشغيل هواتف محمولة في الجزائر، وحصة أواراسكوم المقدرة ب٪50 في «تونيزيانا»، ثاني مشغل للهاتف الجوال في تونس، إضافة إلى بقية الأصول الإفريقية لأوراسكوم ومن شأنها أن توسع نطاق «أم تي أن» خارج أسواقها الرئيسة. ومن شأنها الاستحواذ الكلي على «أوراسكوم» التي تبلغ قيمتها السوقية 7.2 مليار دولار ويبلغ عدد مشتركيها نحو 93 مليون مشترك أن يتيح لشركة «إم تي أن» أكبر شركة لاتصالات الهاتف المحمول في أفريقيا، دخول أسواق سريعة النمو في الجزائر و تونس وباكستان وأسواق بكر مثل كوريا الشمالية. أوارسكوم للبيع... ما الذي دفع بنجيب ساويرس صاحب أوراسكوم تليكوم المصرية وصاحب المرتبة الستين ضمن أثرى أثرياء العالم بثروة تقدر ب12,7 مليار دولار للدخول في مفاوضات مع جملة من الشركات على رأسها المجموعة الجنوب إفريقية «إم تي أن» لبيع شركته و أصولها الإفريقية؟ لا شيء تقريبا عدا مشاكله المتراكمة مع الحكومة الجزائرية. قد لا يبدو سببا مقنعا لعديد المختصين لكن واقع الأمور يؤكد هذا الاحتمال خاصة إذا ما علمنا أن أوراسكوم تيليكوم، أكبر مشغل للهاتف المحمول فى العالم العربى من حيث عدد المشتركين، سجلت خسائر صافية بلغت 46.4 مليون دولار فى الربع الأخير من 2009، وهو ما أرجعته إلى الأحداث السلبية التى ارتبطت بمباراة مصر والجزائر فى نوفمبر الماضى فى الجزائر، والتى نتج عنها أحداث العنف وجهت ضد أعمال الشركة هناك، حسبما جاء فى بيان للشركة. وكان المقر الرئيسى لشركة الاتصالات الجزائرية «جيزى»، التابعة لأوراسكوم، قد تعرض فى نوفمبر الماضى لأعمال تخريب فى الجزائر العاصمة، من جانب حشود غاضبة بشأن أعمال عنف أحاطت بمباراة كرة القدم بين مصر والجزائر فى تصفيات كأس العالم. كما أن أعمال الشركة فى الجزائر، والتى ساهمت بنحو ٪47 من أرباح أوراسكوم قبل خفض الضرائب والإهلاك والفوائد خلال الربع الأخير، قد خسرت نحو 55 مليون دولار، نتيجة لإتلاف المخزون وفقدان لإيرادات متوقعة ومخصصات للضرائب، بالإضافة إلى نحو 41 مليون دولار بسبب أضرار تعرضت لها ممتلكات الشركة. من المهم بمكان هنا أن نؤكد على أهمية الفرع الجزائري الذي يعتبر الدرة التي تزين تاج الشركة المصرية، نظرا لأنها لوحدها توفر ما يعادل ٪60 من رقم معاملات الشركة، غير أن الأحداث الأخيرة سرعت من عملية التفكير في تفويت الحصص الإفريقية للشركة للمجموعة الجنوب إفريقية «إم تي أن» التي تبحث هي الأخرى عن منفذ لهذه الأسواق الواعدة. تونيزيانا.. ضبابية في الرؤية.. إذا كانت «إم تي أن» او الفرنسية «فيفاندي» تبدوان مهتمتين أكثر بالفرع الجزائري، فإن عديد المصادر تتطابق في التأكيد على الرغبة في شراء جميع الأصول الإفريقية لأوراسكوم المصرية، بما فيها حصتها في شركة تونيزيانا. المشغل الثاني للهاتف الجوال في تونس، تونيزيانا، والتي تمتلك أوراسكوم ٪50 من حصتها، جميع أرقامها «خضراء» حيث حققت رقم معاملات ب964,6 مليون دينار في سنة 2009 مع نسبة نمو٪11.6 من حجم اعمالها و22.4 % من قاعدة المشتركين فيها. غير أن هذه الأرقام الممتازة ليست ضمانة فعلية لمستقبل الشركة الذي يبدو ضبابيا لغياب رؤية استراتيجية للمشغل. علما أنه لا علاقة مفترضة بين غياب هذه الرؤية وبين المسائل المتعلقة بإدارة الموارد البشرية أو الفنية (على العكس)، ولكن استراتيجية ساويرس تبقى غير مفهومة. فمنذ عام تقريبا، طفا الحديث عن إدراج تونيزيانا في البورصة وذهب بعض المحللين إلى التأكيد على أن الإدراج سيكون مضاعفا أي في بورصتي تونس وباريس. وتم الإعلان في أكثر من مرة على أن إدراج تونيزيانا سيكون وشيكا، البعض تحدث عن فتح ٪30 من رأسمال الشركة للاكتتاب، والبعض الآخر تحدث عن نسبة لا تتجاوز ٪15 من رأسمال تونيزيانا. وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه تجسيم هذه الإعلانات المتكررة على أرض الواقع تطالعنا عديد المصادر بعرض أصول أوراسكوم بما فيها حصتها في تونيزيانا للبيع. ثمة أمر آخر يكرس هذه الضبابية، فالرخصة التي منحتها الحكومة التونسية سنة 2002 لأوراسكوم لا تمنحها سوى الحق في تسويق خدمات الهاتف الجوال من الجيل الثاني فقط. لكن مع دخول المشغل الثالث «أورانج» بخدمات الجيل الثالث G3، إضافة إلى رخصة مزود خدمة الانترنت (حصريا لمدة سنة فقط)، إضافة إلى إستعداد المشغل التاريخي إتصالات تونس لمنافسة العلامة البرتقالية عبر شراء مزود خدمات الأنترنت «توب نات»، يحق لساويرس أن يتساءل: ما الذي بقي لي من السوق التونسية خاصة مع بدايات تسجيل هجرة جماعية نحو الخدمات المتطورة لشريحة كبيرة من التونسيين. لأنه من دون خدمات الجيل الثالث G3، يتفق الخبراء على أنه لا يوجد مستقبل في الهواتف النقالة. ماذا عن الموقف الرسمي التونسي؟ إلى حد كتابة هذه الأسطر، لا يوجد موقف معلن لا من الحكومة التونسية ولا من ممثلي شركة تونيزيانا. ما تمكنا من معرفته، إستنادا على خبر أوردته وكالة «بلومبرغ» للأخبار، هو تأكيد أحد المسؤولين بشركة «تونيزيانا» للوكالة أن الحكومة التونسية تتجه للموافقة على بيع تونيزيانا لمجموعة «ام. تى. ان» الجنوب إفريقية. موضحا أن مفاوضات بيع ٪50 من أسهم تونيزيانا «فى مرحلة متقدمة. غير أن وزير الاتصالات التونسى رفض التعليق، وكذلك المتحدثين الرسميين بإسمى ام تى ان أو أوراسكوم تليكوم. وفي الوقت الذي لم يفصح فيه صراحة كريم جودي على نية الدولة الجزائرية في شراء «جازي»، أبلغ هذا الأخير تامر المهدي، أن الحكومة لا ترغب في أن تنتهي المفاوضات بنتيجة إيجابية مع المتعامل الجنوب إفريقي. يضاف إلى كل ذلك إعلان مجموعة سيفيتال التي يملكها رجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب عن رغبته في الاستحواذ على حصة حاكمة من أسهم شركة جيزي للاتصالات التي يملك ساوريس 5.96 من أسهمها، فيما يحوز ربراب على 3.5 بالمائة المتبقية. مهما يكن من أمر، الصورة لا تزال ضبابية بالنسبة إلى المشغل الثاني «تونيزيانا» سواء على مستوى إستراتيجيتها للسوق التونسية أو أيضا بالنسبة لمصير الحصة المصرية والتي يتجه مالكها نجيب ساويرس إلى التفويت فيها. غموض قد يتبدد بين لحظة وأخرى، في ظل التأكيدات على أن الإنفاق بين «أوراسكوم» و «أم تي أن» بات وشيك