بفضل التطورات الطبية في مجال الإنجاب لم نعد نتحدّث عن العقم بل بلغة أصحّ نتحدّث عن صعوبة في الإنجاب حيث أصبح العقم التّام نادرا بفضل وجود تقنية طفل الأنبوب التي مثّلت حلاّ جذريّا للأزواج الذين يعانون من ظاهرة العقم ورغم أن هذه التقنية انطلق العمل بها منذ مطلع التسعينات إلا أن الكثير من الناس يجهلون حقيقة هذه التقنيات ونسبة نجاحها والطرق المتّبعة لإختيار جنس المولود. أصبح العقم في تونس ظاهرة متفشّية بشكل واضح اذ تصل نسبته الى ٪1.3 وهي نسبة مرتفعة جدا دفعت بعض الهياكل الصحية الى القيام بعدّة أنشطة تحسيسية وأخرى وقائية للحدّ من هذه الظاهرة ونخصّ بالذكر جمعيّة الأم والطفل والديوان الوطني للأسرة لكن رغم تكاثف المجهودات إلا أن الكثيرين يجهلون أسباب العقم والتقنيات الحديثة المستعملة لمعالجته والأساليب المتّبعة للإنجاب.. وحول هذا الموضوع توجهنا بالسؤال الى أخصائي في أمراض النساء والتوليد والعقم الدكتور إلياس بن ميلاد وهو أول أخصائي في العالم العربي والإفريقي يقوم بعملية طفل الأنبوب منذ سنة 1988 ونسبة اليه سمّي حينها أطفال الأنبوب بإلياس وقد أجابنا الدكتور عن تساؤلنا وأفادنا بجملة من المعطيات الهامّة والكفيلة بإنارة الراغبين في الإنجاب.
ثلاث تقنيات
وبخصوص التقنيات الحديثة لمعالجة العقم في تونس أوضح لنا الدكتور بن ميلاد أن التقنيات الثلاث المتّبعة في بلادنا جميعها تهدف الى تلاقي البويضة بالحيوان المنوي كما وضّح لنا أن لا دخل للأشخاص في إختيار نوعية التقنية والطبيب المختصّ الوحيد الذي من شأنه إختيار التقنية التي تفرض حسب حالة المريض والتشخيص هو الوحيد الذي من شأنه تحديد الوضعية والتقنية فإذا كان عدد الحيوان المنوي متوسّط عند الرجل فإنه يقع إعتماد تقنية التلقيح الإصطناعي وفي هذه الحالة يتمّ أخذ الحيوان المنوي ثم يقع فرز الحيوانات المنويّة الصالحة وأخيرا يقع التلقيح في وسط الرحم اذا كانت قنوات «فالوب» Faloppe سليمة هذا بالنسبة للتلقيح الإصطناعي أما بالنسبة لطفل الأنبوب فاللقاء بين الحيوان المنوي والبويضة أو بمعنى أصحّ فإن التلقيح يجري في المخبر في أنبوب في حالة كانت الحيوانات المنويّة قليلة أو قنوات «فالوب» المرأة مغلقين وقد أجريت هذه العملية سنة 1978 بأنقلترا وسنة 1988 بتونس وأخيرا نجد التلقيح المجهري وهذه التقنية تستعمل اذا كانت الحيوانات المنويّة ضئيلة جدا وفي هذه الحالة يقع سحب الحيوان المنوي من الخصية في حالة عدم وجود حيوانات منويّة في المني ويقع تلقيح حيوان منوي وحيد داخل البويضة.
طريقة جديدة في التلقيح المجهري
ونظرا للتطوّر الطبي في تونس فإن بلادنا حريصة تمام الحرص على الرفع من المستوى الصحي للمواطنين لأن العقل السليم في الجسم السليم ولهذا لم تكف أبدا عن تطوير تقنياتها وتكوين أفرادها ولهذا لم تقتصر على التقنيات الثلاث في معالجة العقم بل سعت الى إدخال طريقة جديدة وحديثة تسمى Imsi ويعرّفها الدكتور إلياس بن ميلاد بأنها طريقة من طرق التلقيح المجهري ويتمّ فرز الحيوان المنوي بمجهر خاص الذي من شأنه أن يكبّر الحيوان الى أكثر من 200 مرة من حجمه الأصلي وبعدها يختار الحيوان المنوي حسب مواصفات معينة وقد تمّ إدراجها منذ أكثر من سنة وتقدّر نسبة نجاح هذه التقنيات الى ٪25 وهي نسبة إرجاع الأزواج للحالة الطبيعية. ونظرا لإرتفاع نسبة نجاح هذه العمليات ببلادنا فإنه يقع تقريبا إجراء 2000 محاولة طفل أنبوب سنويا من تونس ومن بلدان مختلفة.
حمية غذائية لتحديد جنس المولود
وعن إختيار جنس المولود أجابنا الدكتور بن ميلاد أن هؤلاء الأشخاص همّهم الوحيد هو الإنجاب وليس مهمّا ان كان ولدا أم أنثى ورغم ذلك فإنها توجد طرق علمية وأخرى غير علمية تجرى لمعرفة جنس الجنين لكن للأسف الطريقة العلمية الوحيدة لم تصل الى بلادنا وتوجد فقط بالبلدان الأوروبية وتسمى DPI وهي طريقة إضافة الى أنها قادرة على معرفة جنس الجنين فإنها أيضا تجرى لمعرفة مدى إصابة الجنين بمرض معين وتتمثل هذه الطريقة في تحليل الجنين قبل إسترجاعه للرحم. أما الطريقة الأخرى فهي مبنيّة على ثلاثة أسس أولها الحمية الغذائية وهي تعتمد أكثر على ملح Sodium وPotasuim لإنجاب ولد أما بالنسبة لإنجاب بنت فإن الحمية ترتكز بالأساس على الكالسيوم والمانيزيوم وثانيها التركيز على تاريخ العلاقة الجنسية وربطها بالدورة الشهرية وللتوضيح يضيف الدكتور بن ميلاد أن الحيوان المنويY المسؤول عن إنجاب الذكور يعيش أقل وقت وحجمه أيضا أقل من الحيوان المنوي X المسؤول عن إنجاب الإناث ولهذا يجب أن تتزامن العلاقة الجنسية مع التبويض لإنجاب ولد وعدم ممارسة أية علاقة قبل ثلاثة أيام واذا كان مرغوب في بنت فيجب القيام بعكس ذلك.
حموضة زائدة لإنجاب بنت
وكما أفادنا الدكتور بن ميلاد بعنصرين أساسيين لإختيار جنس المولود فإنه يضيف لنا العنصر الثالث والأخير وهو ph vaginale المسؤول عنى نسبة الحموضة في رحم المرأة وبالقدر الذي تزداد فيه نسبة الحموضة تزداد فيه نسبة إنجاب بنت لهذا يقع استعمال البيكاربونات أثناء الإغتسال للتقليل من نسبة الحموضة وإنجاب ولد والإغتسال بالماء المزوّد بالخلّ للترفيع في نسبة الحموضة وإنجاب بنت. ويؤكد لنا الدكتور «ان اجتماع هذه العناصر يساعد على إنجاح عملية اختيار الجنس بنسبة٪85 وبالفعل فقد تأكد لنا صحّة هذه النتائج إثر عدة بحوث علمية أجريت بمعهد التغذية بتونس وأثبتت صحة هذه النّسب بإجتماع العناصر الثلاثة في وقت واحد».