ما وقع يوم الاحد و طوال الاشهر الاخيرة في بلادنا تجسيد لمثل براقش التي جنت على نفسها. كانت الطريق معبدة مسبقا لما سيحصل و لما حصل يوم الاحد. جماعات لا تعترف بالدولة وتعتبر نظامها طاغوتيا كافرا يجب الخروج عليه وتريد ان تمرح وتسرح بلا رقيب ولا حسيب. في نهاية المطاف عزمت الدولة على فرض سلطتها ووصلنا الى الحالة التي وصلنا اليها يوم الأحد الاسود. مواجهات وقتلى وتخريب. في قضية الحال نقول: على نفسها جنت براقش. براقش لمن لا يعرف كلبة كانت تحرس قرية كلما يدخلها غريب تنبح فتنبه اهل الديار. جاء يوم غزا القرية غرباء فنبحت براقش فاختبأ اهل القرية . و كذلك الغزاة .ظن اهل القرية انهم امنوا من شرور الغزاة ولكن عند خروجهم نبحت براقش. قتفطن الغزاة لمكان اختفاء اهل القرية فقتلوهم و قتلوا براقش. فقيل " على نفسها جنت براقش" و ذهب ذلك مثلا مرسلا بين العرب. مشكلتنا في البلاد ليس مع السلفيين الجهاديين الذين يبدو خطابهم بسيطا واضحا وصادما مؤديا لا محالة الى طريق مسدود امام رغبة الدولة في فرض سلطانها وقوتها عبر استعمال العنف المشروع من اجل فرض القانون على كل من يعيش في هذا المجتمع. مشكلتنا مع الذين يتلونون ويداهنون ويصدرون خطابات اقل ما يقال فيها انها تحريضية ومشجعة على توريط الشباب السلفي الجهادي في المواجهة. مشكلتنا مع ساسة ودعاة ومسؤولين سياسيين يساهمون في احتقان الاوضاع ودفع الشباب الجهادي الى محرقة الدولة. مشكلتنا مع وزير شؤون دينية اسمه نورالدين الخادمي يدعم بشكل غير مباشر الارهاب عبر ترك مساجد البلاد اوكارا لخطب التكفير , مخرجا لنا كل مرة اسطوانة مشروخة عنوانها التدرج في استرجاع بيوت الله. مضى عامان من وجوده في وزارته في باب بنات دون ان يسترجع مسجدا واحدا من التكفيريين. مشكلتنا مع بعض رموز النهضة الذين مازالوا يحنون الى الدماء من قبيل الحبيب اللوز الذي لم يخجل من التصريح بانه لو كان شابا لذهب للقتال في سوريا. انها لا شك دعوة صريحة لشبابنا للانضمام الى التنظيمات الارهابية. مشكلتنا مع رئيس دولة فتح احد مراكز رموز الدولة ممثلا في قصر قرطاج يفاوض فيه دعاة اطروحات القرون الوسطى بل ذهب احد مستشاريه من الجامعيين نهاية الاسبوع الماضي ابعد من ذلك في محاولة للخروج بحل وسط مع التكفيريين! بدون تعليق! بين الحسابات السياسوية الانتخابية لرئيس دولة منهك , ومع حنين وزير شؤون دينية لعهود الظلام , وبين تلاعب قيادات نهضوية تتناسى انها تقود دولة مدنية، يقحم الشباب الجهادي في معركة خاسرة مسبقا. اذا كان هناك مسؤولون عن الدماء التي سالت في التضامن فضلا عن مسؤولية قادة الجهاديين المباشرة، فانها بلا شك مسؤولية كل الذين يتاجرون بأرواح هؤلاء ويتزلفون اليهم ويداهنونهم كذبا ونفاقا لحسابات سياسوية أو لحنين لعهود قروسطية حسم فيها تاريخ الامم والشعوب.