الخبر يقول ان 30 ألفا من التونسيين مصابون بمرض "الزهايمر" كما تفيد التوقعات بأن هذا العدد قد يتجاوز 60 الف حالة سنة 2020. والزهايمر لمن لا يعرفه بعد هو مرض النسيان. و هذا النوع من المرض موجود في مختلف بقاع العالم ويصيب خاصة من بلغ من العمر عتيا. و لكن هناك في تونس مرض "زهايمر" من نوع آخر بدأ يصيب قطاعات واسعة من السياسيين والمثقفين والنقابيين، بعد عامين من الثورة التي أطاحت بأعتى الانظمة الاستبدادية. مرض النسيان هذا له أسباب عديدة بعضها منتوج وطني وبعضها مستورد ولكنه مرض خطير لأنه يريد لنا كشعب انتفض على الظلم ان ينسى أصلا حقبة الظلم، وان ينسى من جلدوه لعقدين من الزمن، وان ينسى "التجمع المنحل" الضالع في الفساد والذي تضررت منه كل العائلات والفئات التونسية. وهذا المرض الذي أصاب الى حدّ الآن قطاعات محدودة من السياسيين المتنفذين والبعض من "النخب" المترفة يُخشى ان يصيب قطاعات شعبية أوسع وهو ما يتيح حتما عودة الاستبداد والفساد فالنسيان هو بداية الطريق نحو الضياع. الزهايمر السياسي هذا داء عضال وربما أكثر خطورة من الزهايمر الذي يصيب كبار السنّ، لأن من ينسى دماء الشهداء وتضحيات المئات من السجناء السياسيين والأموال المهولة التي أهدرت من قبل نظام الفساد وكبار المفسدين مريض يحتاج إلى علاج فوري وربما الى الحجر الصحي العاجل. و الغريب أن كبار المرضى بهذا "الزهايمر السياسي" وهم من علية القوم يقدمون لنا صباحا مساء النصائح والوصفات الجاهزة حتى ننخرط معهم في هذا المرض الطوعي " النسيان السياسي " فنتخلى عن محاسبة الفاسدين ونتخلى عن قانون تحصين الثورة ونسكت عن ممارسات الفاسدين في قطاعات المال والاعلام والإدارة. هؤلاء طبعا وابصم بالعشرة على ذلك يعرفون أنهم على خطأ وانهم مرضى ولكنهم يريدون العودة… عودتهم الى السلطة وعودة المصالح وعودة نفس الممارسات والصفقات المشبوهة. وهم في ذلك يسلكون كل الطرق المشروعة وغير المشروعة من دس وكذب وتشويه والعزف على اسطوانات عديدة فيها التهديد وفيها الوعيد ولكنها لا تحمل حلا لتونس المستقبل. لهؤلاء جميعا نقول : اتركوا لنا الحلم بتونس الحرة…ومبروك عليكم "الزهايمر" فنحن لا ننسى.. ولن ننسى. __________________________________________________ ** رئيس تحرير جريدة الفجر الناطقة باسم حركة النهضة