أكّد مديرعام التفقدية الطبية بوزارة الصحة سمير عبد الجواد... أكّد مديرعام التفقدية الطبية بوزارة الصحة سمير عبد الجواد، تزايد عدد الشكاوى والطعون في صدقية الشهادات الطبية، معتبرا أنّه من الصعب إثبات التجاوزات بسبب سهولة الحصول على شهادة المجاملة التي قد تصل إلى ثلث الحالات. وتتركز الصعوبة في رصد الشهادات ذات العطل قصيرة الأمد، بسبب صعوبة الرقابة عليها وجنوح أطباء لعدم معارضة زملائهم في التقدير والتشخيص في حالة المطالبة بإجراء اختبار طبي رقابي. ودرست التفقدية الطبية بوزارة الصحة سنة 2015 أكثر من 120 ملفاً في الوزارة وإدارات أخرى – مثل الديوانة ووزارة العدل- تعلقت بالطعن في صحة وثائق طبية ومنها شهادات (مجاملة) وشهادات طبية أولية ووصفات وتقارير طبية. أحيل منها 18 ملفاً إلى القضاء للشبهة الجدية في الافتعال وأكثر من 10 ملفات إلى عمادة الأطباء، سجّلت فيها تجاوزات صادرة عن أطباء القطاع الخاص. وأكّدت مديرة الموارد البشرية نزهة بن موسى، أن مصالح وزارة الصحة سلطت 1081 عقوبة سنة 2015 بحق أعوان (موظفين) مخالفين في مجال استعمال الشهادات الطبية على غير وجه حق. تراوحت بين الغرامات والعقوبات من الدرجة الأولى (484 إنذاراً و363 توبيخا) والدرجة الثانية (16 تأخير في التدرج/ الترفيع و182 الرفت /الطرد/ المؤقت و36 نقل تأديبي). وتقول بن موسى إن العطل قصيرة الأمد يمثّل مشكلة على مستوى الرقابة، باعتبار أن من يرتكبها يقدمها متصلة بعطلة نهاية الأسبوع، ولا يترك للإدارة مجالا للرقابة عليها. ويؤكد تقرير داخلي لوزارة الصحة "تنامي ظاهرة التمارض المبرر بشهادات طبية تسدى على سبيل المجاملة، وسهولة الحصول على شهادات طبية تخول التمتع بالعطل دون وجود ضرورة لذلك". ويشير أيضاً إلى "صعوبة المراقبة خلال الأيام الأولى للعطلة، بخاصة للعطل قصيرة المدى، وكذلك وجود نقائص في طرق التصرف في نظام العطل العادي على مستوى اللجان الوزارية والجهوية". وكذلك أمست عطل المرض طويلة تشمل فئات جديدة منها الأطباء والإطارات العليا. وفي الوقت الذي يبحث قرابة 730 ألف تونسي عن عمل، ثلثهم من حاملي الشهادات العليا، تتسبب الغيابات المسنودة بعطل المرض في ضياع 2.5 مليون يوم عمل، بمعدل 3.7 يوم بعنوان عطلة مرض عادي في السنة عن كل عون عمومي، وفق إحصائيات وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة. يتصدر لائحة التجاوزات وزارتا التربية والصحة؛ كبرى المؤسسات المشغلة في تونس، حيث ينتسب للقطاع العام قرابة 630 ألفاً، وفق تقديرات 2015. أما عطل المرض طويل الأمد فتسببت سنة 2015، في ضياع 172 ألف يوم عمل كمعدل سنوي، 98 % بسبب أمراض نفسية. وتقدر التكلفة السنوية لهذا الخلل ب 4.6 مليون دينار في السنة بالنسبة للقطاع العمومي ككل. وتفيد معطيات وزارة الصحة – ثاني مؤسسة عمومية من حيث انتشار ظاهرة الغياب والتغيب- بأن عاملين في هذا القطاع المقدر عدد موظفيه ب 80 ألفاً حصلوا على 72 ألف و456 عطلة مرض عادي بمعدل 5 أيام عن كل عطلة بين 1 جانفي 2015 و31 ديسمبر 2015. تلك التجاوزات كانت وراء ضياع 362 ألف و280 يوما. وحصلوا أيضاً على 6232 عطلة مرض طويلة الأمد، بمعدل 90 يوماً تسببت في ضياع 56 ألفاً و70 يوم عمل. وتبين أن الإناث يحصلن على ثلاثة أضعاف الإجازات عن الرجال؛ بتفاوت (77 %) إناث و (23 %) ذكور، خاصة قبل خمس سنوات من وصول سن التقاعد. وعدد المنتفعين بالعطل طويلة الأمد بوزارة الصحة قفز من 1677 عام 2008 إلى 2732 منتفعاً/ منتفعة في 2013. وتزايد تبعاً لذلك عدد أيام عطل المرض من 290 ألف و311 يوم إلى 436 ألف 785 يوم عمل. وكذلك الانعكاس المالي من أربعة ملايين و724 ألف 739 دينار تونسي إلى 10 ملايين و723 ألف و374 دينار تونسي، أي ما يعادل 4 ملايين و581 ألف 786 دولار أمريكي. ووزير الصحة السابق سعيد العايدي يؤكد أن قطاع الصحة شهد 1000 حالة غياب يومياً سنة 2015 مما يتسبب في خلل على مستوى الخدمات، وتعطيل مصالح المواطنين المتعاملين مع مختلف مصالح الوزارة، وينجم عنه خسائر تتجاوز 10 ملايين دينار سنوياً أي ما يعادل 4 ملايين و272 ألف و100 دولار أمريكي. وزارة التربية زودت عمادة الأطباء بقائمة ضمت أكثر من 100 طبيب/ة يشتبه في تورطهم في تمكين أعوان التربية من شهادات طبية على سبيل المجاملة، حسبما يؤكد رئيس هيئة عمادة الأطباء، الدكتور نبيل بن زينب لمعدة التحقيق. على أن بن زينب يوضح أن هذه القائمة لم تتضمن مدعمات تثبت تورط الأطباء عدا في حال واحدة، ما جعل العمادة تطالب بتوفير ما يثبت الشبهات المنسوبة للأطباء. وكانت العمادة حذّرت في نشرتيها عدد 33 و34 لشهري أكتوبر 2011 ونوفمبر2012، من انتشار تداول شهادات المجاملة، مؤكدة تلقيها عديد شكاوى تتصل بتزايد الغياب عن العمل بسبب التواطؤ والمجاملة في منح الشهادات الطبية. وتم إيقاع عقوبات على المخالفين، خاصة بسبب إصدار شهادات طبية دون معاينة المعني بالأمر على اعتبار أن هذه المخالفة لأخلاقيات المهنة الطبية، تعد خطرة. المصدر: تحقيق استقصائي للصحفية بهيجة مبروك نشرته شبكة أريج