العمومية التي أبرمتها الشركة التونسية للكهرباء والغاز سنة 2016 مع أحد المصانع بهدف انجاز محطة جديدة لتوليد الكهرباء في منطقة بوشمة، شبهات فساد تحوم حول دواعي عقدها، وفق ما خلص إليه التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لسنة 2016. فساد يطال صفقة عمومية.. وذكر التقرير ، الذي أصدرته الهيئة مؤخرا، أنها (الهيئة)، تقصت بموجب تبليغات عن شبهات فساد طالت صفقة عمومية مبرمة بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وأحد المصانع لاقتناء تربينتين غازيتين بقدرة 240 ميغاواط في إطار انجاز محطة جديدة لتوليد الكهرباء في منطقة بوشمة بتكلفة أولية تفوق 160 مليون دينار. وجاء في تفاصيل الملف، أن الهيئة استمعت إلى مسؤول من الشركة للادلاء بتوضيحات وذلك في شهر جوان من سنة 2016، وبالعودة إلى المعطيات التي تحصلت عليها فإنه تمت مراجعة التقديرات بتعلة مجابهة الزيادة في الطلب خلال فترة الذروة لصائفة 2016 بنسبة 8.5 بالمائة في حين أن هذه النسبة كانت بعنوان سنة 2015 في حدود 3.5 بالمائة، وان التقديرات بعنوان السنوات اللاحقة من المخطط الخماسي المعد من قبل الشركة قد ضبطت الزيادة في حدود 4.5 بالمائة. اختلاق الأزمة.. وقد أسفرت التقديرات بعنوان 2016 عن تحديد نقص تم تقديره بحوالي 425 ميغاواط لم تبينه الدراسات السابقة المتوفرة لدى المنشأة الى موفى شهر جويلية 2015. وجاء في محاضر الاستماع التي عقدتها الهيئة أن هذا النقص قد تم افتعاله في سبيل تبرير ابرام الصفقة موضوع التفاوض المباشر دون اللجوء الى المنافسة مع المصنع، بالرغم من أن اللجنة العليا للصفقات قد أبدت رأيها حول هذا الملف بعدم الموافقة على صيغة التعاقد لعدم توفر الأركان الاستعجالية للجوء الى التفاوض المباشر خلافا لما تعللت به المنشأة. إصرار على عقد الصفقة.. وأكد التقرير أن الادارة العامة للطاقة التابعة لوزارة الطاقة والمناجم لم تكن بدورها موافقة على صيغة ابرام الصفقة. وتبين أعمال التقصي التي قامت بها هيئة مكافحة الفساد أن المهندسين المختصين في التخطيط والبرمجة لدى الشركة بمناسبة عرض ملف الصفقة لم يروا ما يبرر الحاجة الى شراء مولد كهربائي جديد استعدادا لصائفة 2016. ويؤكد أحد المسؤولين الذين اسمتعت اليهم الهيئة أن البرنامج الخماسي للشركة لم يتضمن اجراءات استثنائية من قبيل انجاز محطة توليد جديدة لمجابهة الذروة سنة 2016. تبريرات "غير واقعية".. واعتبرت الهيئة في ذات التقرير أن تبريرات الشركة بخصوص أمكانية وجود ارتفاع استثنائي بعنوان سنة 2016، لم يكن واقعيا لعدة اعتبارات من بينها الركود الاقتصادي والأزمة المتوقعة في قطاع السياحة. وذكر تقرير الهيئة، أن الشركة دأبت على التعاقد مع المصنع بالتفاوض المباشر وبتجاوز رأي اللجنة العليا للصفقات العمومية، مصرة على مواصلة التعامل مع المصنع المذكور بالرغم من أنه سبق للتقرير الصادر عن اللجنة الوقتية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة لسنة 2011 أن تضمن اشارة الى شبهات فساد في صفقات سابقة كان فيها المصنع طرفا. وأكدت الهيئة أنها أحالت الملف على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس شهر جوان من سنة 2016، والتي تولت بدورها احالة الملف الى التحقيق بالقطب القضائي المالي.