تفاقمت في الآونة الأخيرة ظاهرة الانقطاع المتكرر للمياه الصالحة للشراب في مناطق مختلفة من ولاية قفصة، مما أثار غضب وحنق السكان الذين إلتجؤوا إلى تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر شركة توزيع المياه للمطالبة بحل جذري لهذه المشكلة التي ما فتئت تتفاقم كل سنة خصوصا مع قدوم فصل الصيف و ارتفاع درجات الحرارة. أسباب هذا المشكل مازالت غامضة إذ خضعت كغيرها من الملفات الحارقة إلى منطق التجاذبات بين المسؤولين الجهويين والحكوميين و نشطاء المجتمع المدني. فقد عزا المستشار السياسي لرئيس الحكومة نور الدين البحيري اثر اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع الفارط المسألة إلى قيام مجهولين بعمليات تخريب إجرامية منظمة ومدبرة استهدفت المولدات الكهربائية مؤكدا أن الحكومة ستلاحق المتورطين فيها. كما عرض بالمناسبة صورا لعملية تخريبية مبرزا ما لحق المعدات من أضرار مكلفة حسب قوله. هذه التصريحات كانت صادمة و غريبة بالنسبة للنقابي عدنان حاجي الذي صرح لحقائق اون لاين أن انقطاع المياه مشكلة دائمة يعاني منها جميع المتساكنين في مختلف مناطق قفصة نظرا لعدم توفر متطلبات الحياة الكريمة للسكان فضلا عن ارتفاع النمو الديمغرافي بالجهة في العقود الأخيرة مما نتج عنه عجز على مستوى شبكات التوزيع إضافة إلى إهمال و عدم صيانة قنوات الماء الشيء الذي أدى إلى تفاقم المشكل على حد قوله. وعلق حاجي على تصريحات البحيري الأخيرة قائلا: "ان عملية التخريب أمر مستبعد و مغرق في الخيال و كان حريا بالمستشار التطرق للمشكل الحقيقي و هو عجز الدولة عن تجديد البنية التحتية لولاية من المفروض أنها الأغنى في الجمهورية من حيث الثروات و لكنها أفقرها من ناحية الخدمات و مستوى العيش ". و أضاف عدنان الحاجي بلهجة ساخرة:"إلقاء اللوم على مجهولين هو أسلوب قديم و مستهلك منذ أيام النظام البائد و لن ينطلي على احد فالناس سئموا مطاردة الأشباح التي بدأت مع أشباح القناصة لتصل إلى أشباح مخربي شبكات المياه". و أكد حاجي على أن جميع الأطراف بالجهة واعون بالمشكل مفيدا أن نجيب مرابط رئيس مدير عام شركة فسفاط قفصة عبر عن استعداد الشركة لدعم شبكات توزيع المياه من آبارها الخاصة إذا طلب منها ذلك و هو ما سبق أن قامت به السنة الماضية إذ قامت بسد العجز الذي تعاني منه الآبار العمومية و عوضته من الماء المخصص لغسل الفسفاط . هذا و قد أوضحت شركة توزيع المياه بولاية قفصة ,في بيان أصدرته اثر الوقفة الاحتجاجية لمتساكني منطقة الدوالي، أن انقطاع المياه سببه تعطل بعض المضخات عن العمل و قد أكد مدير إقليم توزيع المياه أن الاضطراب الحالي سببه أشغال ربط بئر تم إحداثه مؤخرا بمنطقة "فم المعزة" مشيرا إلى أن العمل مازال جاريا و مؤكدا على ان الشركة ساعية لحل هذا المشكل في اقرب الآجال. على صعيد آخر، حاورت حقائق أون لاين عددا من متساكني حي الدوالي بمدينة قفصة الذين أعربوا عن تذمرهم من الوضع الراهن والمستمر منذ أكثر من شهرين إذ قالت سامية الدالي ،إحدى القاطنات بالحي :إن انقطاع المياه يبدأ من الساعة السابعة صباحا ويتواصل حتى التاسعة ليلا لذلك نحن نعاني يوميا من الحرارة و العطش رغم قيامي بتعبئة المياه في الليل خاصة و أن افراد عائلتي عشرة ".و أضافت جارتها سعيدة "مدير إقليم المياه بقفصة أكد أن الشركة بصدد إصلاح أنابيب المياه الرئيسية وفي غضون أيام ستحل المشكلة ولكن الأمر ظل على ما هو عليه لأكثر من شهرين دون تغيير "و أكملت متسائلة"هل يتوجب علينا القيام بإضراب عطش و إحراق الحي كله حتى تشعر السلط بحجم معاناتنا"؟ بالمحصلة فإن المشكل وعلى الرغم من خطورته ظل رهين بوتقة المهاترات و التجاذب العقيم بين السلطة و نشطاء المجتمع المدني بقفصة وهو ما زاد في معاناة المواطنيين الذين قد يضطرون إلى القيام بتحرك إحتجاجي تصعيدي حتى يتحقق مطلبهم المشروع.