أثار المفكر التونسي يوسف الصديق مجدّدا الجدل بعد تصريحاته الأخيرة التي قال فيها إن القرآن والمصحف ليسا شيئا واحدا، حيث تباينت الآراء والمواقف بين من يرى بأنه اجتهاد فكري وإعمال للعقل وتحرر من الآراء السائدة وبين من يرى أنه نوع من الجهل وخوض في مسائل مسلمة تمّ الحسم فيها وتشيك من مصداقية القرآن الكريم. القرآن هو الكون.. المفكّر يوسف الصديق نفى هذه الاتهامات وقال إنّ ما جاء في القرآن الكريم موثوق به من الحرف الأوّل من "بسم الله الرحمان الرحيم" إلى آخر حرف منه، ولا وجود لأي اثبات أودليل يعكس ذلك. وتابع في حديث لحقائق اون لاين:"لكن أن يقول معارض لي أنّ القرآن يسيّر الجبال فهذا كلام لا يعقل، والقرآن في نظري وتأويلي الذي يبقى شخصي ويحتمل الخطأ، لا نستطيع أن نستوعبه انسانيّا فالقرآن هو الكون هو الله"، واستدلّ الصديق على كلامه بالآية القرآنية في سورة الكهف "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي". وتابع بأن القرآن لا نستطيع له ادراكا عكس المصحف الذي ندرك ما تيسّر منه لأننا بشر، وأضاف أنه بالنسبة للمؤمن التونسي فالقرآن مسألة عبادة فردية وهو يوحّد بين الإيمان والعقل، وفسّر ذلك بأن الايمان يصل الفرد بالأعلى أي "الله"، بينما المصحف يحمل آيات كآيات الرق والزواج ب4 نساء والتي سقطت بالقانون لكنها بقيت آيات تتلى، وفق قوله. وبين أنه في عهد عثمان بن عفان كانت هناك مجموعة من الآيات حُفظت لدى أم المؤمنين السيدة حفصة في ما يسمى ب"إمام حفص"، ولما كان عثمان يريد تلك الآيات لجمعها في مصحف رفضت حفصة أمّ المؤمنين إعطاءه مجموعتها من الآيات وظلّت محتفظة بها إلى أن فارقت الحياة، فطلب حينها عثمان من شقيقها أن يعطيه "إمام حفص"، ولمّا استعمل تلك الآيات في مصحفه قام بإحراقها والابقاء على نسخته حتى لا يقال هناك نسختين من القرآن، وهنا يتساءل العقل كيف يحرق عثمان الأصل ويُبقي على النسخة، مؤكدا أنه لم يأت بشيء من عنده وكل ما قاله موجود في كتب التفاسير. كما لاحظ الصديق وفقا لما قرأه من كتب التاريخ بأن أغلب من عاصر عثمان بن عفان على غرار السيدة عائشة وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر كانوا يعارضون مصحفه، فضلا عن أن المصاحف المختلفة عن مصحف عثمان بقيت سرّية تقريبا لمدة 4 قرون. وبخصوص الاتهامات الموجهة إليه وردود الفعل ضدّه قال الصديق "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.. وأقول لمعارضيّ أحبكم ولا أريد أن أتعامل معكم بالمثل". ملهات للناس وإشغال للمجتمع.. في المقابل، قال الشيخ الزيتوني حمدة سعيّد، في تصريح لحقائق أون لاين إن اثارة مواضيع تعتبر من المسلمات هو ملهات للناس واشغال المجتمع بملا لا يهمّه عن ما يهمّه. وتابع حمدة سعيّد بأن الصحابة "عليهم السلام" كانوا يحفظون القرآن عن ظهر قلب، ولا تجد لدى أي منهم اختلافا يذكر فالقرآن الكريم عكس بقية الكتب السماوية الأخرى التي حرّفت، فهو متواتر بين الصحابة ولا وجود لأي اختلاف فيه أو اية شائبة تشوبه أو تفكك فكله مرتبط ببعضه. وبين الشيخ سعيّد بأن القرآن الكريم محفوظ في الصدور وحفظه ربّ العالمين الذي قال "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، كما نجد أن ملايين المسلمين يحفظون ذات النصوص القرآنية دون خطأ في الكلمات أو الآيات، أمّا القول بأن المصحف ليس هو القرآن فهذا كلام لا معنى له.