يوم الجمعة 26 أكتوبر، كنت أظن أن الفايسبوك سينفجر غضبا لما صدر مؤخرا عن ثلاث مؤسسات عمومية..ولكن يبدو أني مازلت متفائلا أكثر من اللزوم وأن القادم أسوأ.. لقد صُعِقت صباح أمس بثلاثة أخبار في خبر واحد: بلدية المنستير تندد بإقالة ابن الجهة فوزي البنزرتي من مهمة تدريب الفريق الوطني لكرة القدم..وبلدية بنقردان تساند صاحب الفعلة ابن الجهة وديع الجريء..وبلدية جرجيس تنتفض ضد إحالة ابن الجهة أحمد فريعة على القضاء..
يقول العرب عن حالة واحدة مماثلة "هاهي الفتنة تُطِلّ برأسها"..فماذا عسانا نقول في حالاتنا الثلاث غير "هاهي الفتنة تُطِلّ بثلاثة رؤوس"؟!
لقد صرت منذ مدة -ولا أظنني وحدي في هذه الحالة- كلما سألني أحد عن أحوالي أقول: "أحوالي من أحوال البلد ويا لأكثر من الأسف!" لكن لم أكن أتصور أبدا أن تصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من السوء..
فالأخطر من الأزمة الاقتصادية..وحالات الانفلات في كل المجالات..واستشراء الفساد في كل المستويات..الأخطر من كل هذا، هذه العودة المخيفة لعقلية الجهويات اللعينة التي ظننا أننا استأصلناها من مجتمعنا..
يقول الحكماء إن الأغبياء وحدهم لا يستفيدون من تجارب غيرهم..ونحن، ويا للأسى، على حدودنا تجربة مريرة أدت إلى تفكك بلد..وتحوّل المحافظات إلى قبائل..والقبائل إلى ميليشيات مسلحة بالدبابات..وبسكوتنا على هذه الشرارات من المنستير وبنقردان وجرجيس، فإننا نساهم في اندلاع حرائق -لا قدر الله- لن تبقي ولن تذر.