سيارة حديثة دون لوحات منجمية كانت في انتظار عبد الصمد غريبيل امام منزل عائلته بمنطقة البحباح التابعة لميدون جربة لتشرف على تأمين خروجه الى ما اسماه قبل سفره جهادا في سبيل الله. من ميدون في اقاصي الجنوب التونسي بدأت الرحلة لتنتهي على جبهات القتال في سورية. من هنا بدأت حكاية عائلة فقدت ابنها في غياهب الحرب الاهلية السورية في طابور طويل من التونسيين الذين تقاطروا على اراض الشام وانخرطوا في قتال عبثي الى جانب جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة. شاذلية خ قريبة عبد الصمد تقول لحقائق اون لاين بصوت حزين: "أسبوع مر على رحيل عبد الصمد غريبيل، وهو شاب في ربيع العمر من مواليد 1991 كان يدرس في السنة الثانية من التعليم العالي بكلية الهندسة بقابس" وتضيف شاذلية" قبل ذهابه اسر للعائلة انه سيسافر لسوريا من أجل نصرة من يسميهم إخوته المسلمين" وتشير قريبته الى ان " عبد الصمد كان شابا ككل الشباب قبل ان يتحول الى التيار التكفيري. كان يحب كرة القدم ولا يهتم بالسياسة ولا ميولات دينية له حتى انه لم يكن يصلي ابدا". فجأة تقول شاذلية" تغيرت كل صفاته من ذلك الشاب الهادئ ليتحول الى متشدد يرى كل تصرفات العائلة حراما واصبح ينظر الى تصرفات كافة افراد العائلة على انها خارجة عن الدين" و أبعد من ذلك تقول قريبة العائلة ان عبد الصمد اصبح ينظر الى تونس كلها على كونها"بلد الكفر" ليقرر بعد ذلك الخروج و كان يكرر انه يتمنى ان يموت في سوريا دفاعا عن الدين و المسلمين" حسب رأيه. باءت كل محاولات امه لاقناعة بالعدول عن رأيه في السفر بالفشل. اكدت شاذلية خلال لقائنا بها ان عبد الصمد و الملقب بفيصل تأثر بأحد الأيمة بالجهة ، المعروف بتشدده في خطبه وبدعوته للجهاد في سوريا . هذا الامام تعود على القاء الخطب التكفيرية والتي تحرض على الخروج والجهاد على ما يسميه النظم الطاغوتية. بعد عملية غسيل الدماغ التي جرت له حاول عبد الصمد السفر لسوريا عديد مرات و لكن وضعه المادي لم يسمح له ذلك ان الوضع المادي للعائلة ضعيف جدا فبالكاد كانت العائلة تقدر على تغطية مصاريف دراسته و تنقلاته وهو ما أكد لها أن أصدقاءه من السلفيين المتشددين هم من وفروا له كل مصاريف التنقل. بمجرد خروجه من تونس اتصل عبد الصمد حسب محدثتنا بالهاتف من مكان ما بالعائلة قائلا " انا بأرض الشام للجهاد و الدخول للجنة وستكونون معي هنا في الجنة "! رغم محاولات ثنيه عن الجهاد و العودة الى تونس رأفة بأمه التي اصبحت طريحة الفراش فان عبد الصمد تمسك بما عزم عليه وكان دائما يجيب بانه "مع جبهة النصرة و ساموت شهيدا بعيدا عن تونس بلد الكفر " حسب ما جاء على لسان المتحدثة . و عن تفاعل السلطة الأمنية ، اشارت شاذلية الى انهم تقدموا بعريضة لوكيل الجمهورية بمدنين الذي أمر بفتح الملف والتحقيق فيه والوقوف على ملابسات القضية و الأطراف المشاركة في الموضوع مبينة مدى إستيائها من معاملة فرقة الابحاث و التفتيش بحومة السوق بجربة التي إعتبرتها المتحدثة عدم مبالاة و تجاهلا حقيقيا للموضوع مطالبة في الأخير عبر حقائق اون لاين الحكومة التونسية بالنظر في موضوع الابن الذي يعتبر راس مال العائلة و الكفيل الوحيد لها مع ضرورة البحث الجدي في موضوع دعاوي الجهاد التي ما فتئت ينادي بها من هنا و هناك للجهاد في سوريا و الحيلولة دون إنتشار هذه الممارسات التي أصبحت جاثمة على أنفاس العائلات بتونس على حد قولها .