الكاف: الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي يخصص 5600 مساعدة اجتماعية لفائدة التلاميذ والطلبة    المنستير: يوم صحي مفتوح بالمسنشفى المحلي بزرمدين حول تقصي أمراض الفم والأسنان    أزمة الإنترنت من البحر الأحمر: شنوّة السبب وكيفاش صار؟    رئيس وزراء هذه الدولة يتنحى عن منصبه..#خبر_عاجل    إيران تبدأ بمحاكمة شبكة تجسس مرتبطة بمعارضين وإسرائيل    عاجل/ إسرائيل تحدد شروط إنهاء حرب غزة.. والسلام مع الفلسطينيين..    هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    بطولة أمريكا للتنس: غرانويرس وزيبالوس يتوجان بلقب زوجي الرجال    بطولة أمريكا المفتوحة للتنس: سابالينكا تتوج باللقب على حساب انيسيموفا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نهار الأحد: سحب رعدية وأمطار مع برد في بلايص محدودة    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    اندلاع حريق كيميائي ضخم بولاية إنديانا الأمريكية والسلطات تصدر أوامر صارمة    سكان واشنطن العاصمة يحتجون ويطالبون بخروج قوات الحرس الوطني من المدينة    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    «المهاجران» تمثّل تونس في مهرجان «بهولنج» الدولي للمسرح بالهند    صابر الرباعي لفضل شاكر...شكرا لأنكم أعدتم التوازن للأغنية العربية    يسلّط الضوء على الجذور الأولى للصراع الفلسطيني الاسرائيلي: ظافر العابدين يحضر عرض «فلسطين 36» في «تورنتو»    بعثة اقتصادية في الجزائر    أولا وأخيرا .. «اللّي حج حج واللّي عوّق عوّق»    معرض مشترك    وزارة الداخلية.. الدّولة لن تتخلى عن مسؤوليّاتها في الدّفاع عن حقوق المُستهلك والحفاظ على قدرته الشرائيّة    نابل: الدورة الخامسة من الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية بدور الثقافة    وليد التونسي: دعاء التونسيين كان سندي وعجّل بشفائي    مباراة ودية: المنتخب التونسي الرديف ينهزم أمام نظيره المصري 0 - 1    نادي النصر الليبي يتعاقد مع اللاعب التونسي سعد بقير    وزير الشؤون الإسلامية يدعو الأئمة لإقامة صلاة الخسوف والدعاء للمصلّين    جندوبة الرياضية تتفوق وديا على الاولمبي الباجي 3-1    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي: التضخم في تونس يهدّد الادخار الوطني ويعمّق الفوارق الاجتماعية    الخطوط التونسيّة تسجّل نتيجة صافية سلبية ب335 مليون دينار في 2021    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    غدًا انطلاق أسطول الصمود المغاربي من ميناء سيدي بوسعيد... التفاصيل    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    عاجل/ تخرّج أوّل دفعة للحرس البلدي..    تونس في مواجهة مصر: تفاصيل اللاعبين والموعد الرسمي للمباراتين    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    بالفيديو: أضرار فلاحية كبيرة بسبب التبروري في القصرين.. شاهد    هيئة السوق المالية تدعو المستثمرين الى توخي اقصى درجات الحذر ازاء اي عرض استثماري مغر    وزير التشغيل يبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي سبل مزيد تعزيز التعاون في مجال التشغيل والتكوين المهني    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    وزير التجهيز يتعهد: مهلة أخيرة أمام المقاولين لتسريع لاستكمال ''إكس 20'' قبل نهاية 2025    عاجل: مرض ''الإيبولا'' يعود من جديد    مركز الارشاد الجبائي عن بعد يتلقى اكثر من 15700 مكالمة الى أواخر شهر أوت المنقضي    عاجل/ وصول جثمان الفقيد عبد القادر الذيبي إلى تونس    في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    سدد 21 طعنة لأمه.. شاب يرتكب "مذبحة" في حق عائلته    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    كأس الكاف.. الكشف عن حكام مباريات الفرق التونسية    وزارة الصحة تُقر خطة عملية للوقاية والكشف المبكر عن السكري..    الساحة الإعلامية تفقد المخرج التلفزيوني الكبير محمد الحاج سليمان    عاجل/ ارتفاع احتياطي العملة الصعبة    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    عاجل/ تقلّص الإصابات بفيروس إلتهاب القصيبات الهوائية لدى الرضع بصفاقس    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    قائمة المنتخبات المتأهلة تكبر... 48 منتخب جاهزين للانطلاق في كأس العالم 2026...تعرف عليهم    عاجل: انفراج أزمة الأدوية بداية من الأسبوع القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائقي "ع البار" لسامي التليلي: ماذا لو لم تكن كرة تميم على العارضة؟
نشر في حقائق أون لاين يوم 23 - 10 - 2019

هل تخيّلت يوما أن الكرة والسياسة والتاريخ خيوط يمكن أن تصنع منها جديلة بل جدائل؟ هل خطر ببالك يوما أن تشبك الموت بالحياة في ملحمتين؟ هل جرّبت يوما أن تمدّ طريقا بين الموضوعية والذاتية وتظفر الثلاثة معا؟ قد لا يتخطّى الأمر في ذهنك النظري لكنّ المخرج سامي التليلي جعل منه فيلما وثائقيا.

"ع البار" فيلم وثائقي ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية،من إنتاج "نوماديس إيماج" "SVP" و" milles et une productions" و "بروباغندا للإنتاج"، وقف فيه المخرج الشاب عند خطّ التاريخ وأمسك الكرة بيمناه والسياسة بشماله، ينظر مرة إلى الحاضر ويلتفت مرّات إلى الماضي ويرمي أحجارا في زواياه الغامضة لعلّ التفاصيل تنفرج وتبوح ببعض الوضوح.

تجربة ذاتية أثارت في ذهنه سؤالا ما انفك يراوده عن سبب رفض أمه مشاهدة مباريات كرة القدم وتتولّد عن السؤال حيرة تأخذ الإبن إلى سنة ثمانية وسبعين وتسعمائة وألف، تلك السنة التي شهدت ملحمة في تاريخ كرة القدم التونسية لكنّ سيل الحيرة لم يتوقّف وكان على المخرج أن ينظر إلى زاوية أخرى انطلاقا من سؤال " ماذا تخفي هذه السنة في الضفة الأخرى".

كتاب عن إضراب جانفي العظيم وموقف أمّ تقاطع مباريات كرة القدم، تفاصيل كفيلة بأن تنقل الإبن من الذاتي إلى الموضوعي حيث تلاحق عين المخرج صورا وشهادات لتجيب عن أسئلة لن تموت، وخلف ستارة ملحمة كروية نافذة على ملحمة نقابية.

من كتابات بالزاك ومدام بوفاري إلى كتابات عن أحداث جانفي، سفر في تاريخ احتوته مكتبة والدته، مكتبة تختزن أسرار نقابية، من مجالها الضيق جدّا امتدّت آفاق شاسعة أمام سامي التليلي وأمام من يتابع "ع البار"، وباحت "الأم" بتفاصيل عن سنة الملاحم.

في المكتبة التي لمعت فيها شرارة وثائقي صوّر المخرج ملامحه بروح ابن يعيشق تفاصيله ووطنه، كتب وآلة خياطة من زمن الملاحم، صورة رمزية لعمّال الفكر والساعد لم ترد في سيناريو الفيلم سهوا بل كانت حمالة دلالات ومعاني، وكأن المكتبة تجسيد للمنظمة الشغيلة.

خميس أسود، اعتقالات وقتلى بلا حصر وجرحى، وتضييقات ووقف لجريدة الشعب على خلفية تغطية خاصة للإضراب العام الذي أقرّده الاتحاد العام التونسي للشغل حينما تعددت واجهات الصدام بين المنظّمة الشغيلة والنظام البورقيبي.

مواجهات دامية خلّفت صدعا في السلطة لا يخضع للرأب، تحويرات في وزارة الداخلية، لعبة سياسية عنوانها القمع حرّكت خيوطها "الماجدة" وسيلة بورقيبة، وكان أن طفا اسم بن علي على السطح ولم يستغرق الأمر سوى عقد من الزمن ليحلّ مكان الحبيب بورقيبة.

هبّة شعبية استدرتها السياسة القمعية لحكومة الهادي نويرة، هبّة عقبت ممارسات هوجاء لما عرف بمليشيات "الصيّاح'، وجه بائس للنظام البورقيبي وخميس أسود رسخ في الأذهان جيلا بعد جيل يقابله في الضفّة الأخرى وجه مشرق لتونس وأيام بيض عنوانها الفرح.

الكرة وحدها كانت كفيلة بإدخال الفرح على قلوب التونسيين فرح يثير مكامن الثورة في نفوس معارضي النظام البورقيبي، فرح أجّل بشكل أو بآخر الصدام بين السلطة والمنظمة الشغيلة، وبين ملحمة الأرجنتين الكروية وملحمة تونس النقابية السياسية، اصطدمت آمال وأحلام بالعارضة وارتدت ليضاهي وجعها وجع الخسارة في عيني "تميم" حينما عانقت كرته "البار" .

"كورته على العارضة" تعليق من الذاكرة من مونديال الأرجنتين، المونديال الذي اقترن في أذهان التونسيين بالثلاثية التي انتصرت فيها تونس على المكسيك، تعليق يحيل إلى كل بوادر التغيير التي لم يعقبها تغيير وطلّت بعدها دار لقمان على حالها وإثر كل ارتطام على العارضة تتخذ الأغلال شكلا جديدا.

ستة وتسعون دقيقة، قد تبدو لك مدّة عرض الفيلم طويلة، ولكنّ في الواقع تتواتر الشهادات والصور بسرعة قد لا تجاريها أحيانا وأنت تتفكّر في حقبة من الزمن لم تحضرها ولكن نقلوا إليك بعضا منها وفق تمثلاتها وغاياتهم، مراوحة رشيقة بين الكرة والسياسة وما بينهما من تاريخ.

مداولة بين الذاتي والموضوعي وما بينهما من رؤية فنّية، وتوزيع للشهادات المتأتية من عوالم السياسة والرياضة والأدب والسينما والتاريخ، مداخلات لنعيمة مفتاح، وسهير بلحسن، وهشام عبد الصمد، وفتحي بلحاج يحيى وجيلبار نقاش، والطيب بكوش، ومحمد الناصر، والباجي قايد السبسي، وطاهر بالخوجة، ومحمد الكيلاني، وخالد القاسمي، ومحمد علي عقبي، وفؤاد المبزع كشفت عن بعض من تاريخ تونس في سنة حبلى بالأحداث اللافتة.

وأنت توغل في تفاصيل الفيلم الوثائقي لن يتسلل إليك الملل ذلك أن المخرج كساه بمسحة من الكوميديا من خلال التعليق المصاحب الذي يثير فيك الضحك، إلى جانب وضوح معالم الفيلم وبساطة طرحه القابل للفهم والهضم.

"لو كان سجّل تميم راي الديمقراطية جات من وقتها" جملة لفظتها والدة المخرج بعفوية لتثير فيك سؤالا قد تمضي عمرا ولا تجد له جوابا " ماذا لو لم تكن تسديدة تميم على العارضة"، وكرة تميم تخرج هنا من حيّز الملعب الضيق لتتخذ بعدا أعمق، كرة تميم هي كل انتفاضة وكل محاولة للتغيير، كان مصيرها مصافحة العارضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.