كان يكفي ان يعزل أول رئيس دولة اخواني في مصر حتى نتابع سيلا جارفا لا سابق له من البكائيات واللطميات والنواح من قبل جحافل الاخوان شرقا وغربا على ضياع سقوط مرسيهم. من يتابع تعليقات و مقالات منظري الجماعة وتحريض القيادات والقواعد يظن أن ما حدث ليس مجرد سقوط رئيس مغمور يوم 30 جوان بل هو أمر اخر اكثر جللا ! من يتابع المناحات التي نصبت في رابعة العدوية والمواقع الاجتماعية ومقالات عرابي الجماعة سوف يراوده شك في ان ما سقط لم يكن رئيسا اخوانيا مغمورا اسمه محمد مرسي العياط بل ان الامر يتعلق بما يشبه سقوط الاندلس وخسارة غرناطة واحتلال القدس وهدم الكعبة. كان سقوط العياط كشفا لجحافل "العياطين" المتعطشين للسلطة والجاه. ما الذي حول سقوط مرسي الى حالة هيستيرية عامة في صفوف قيادات وقواعد الاخوان؟! ما الذي يدفع كاتبا اخوانيا مثل فهمي هويدي وقانونيا اسلاميا مثل طارق البشري واعلاميا اصوليا من قبيل أحمد منصور الى هذه المناحات البكائية المفجعة التي تنذر بنهاية الديمقراطية والتجربة المصرية الجديدة برمتها بمجرد سقوط مرسيهم؟! لن نتحدث عن اللطميات الشعبوية للقواعد الاخوانية في كل من مصر والاردن وتونس وغيرها والتي حمل فيها مريدو الجماعة أكفانهم واعلنوا استعدادهم للموت اذا لم يعد مرسيهم الى كرسيه في قصر القبة! بلا شك نحن أمام حالة مرضية هيستيرية لا حدود لها لرغبة مكبوتة عمرها قرن من الزمن للوصول الى السلطة. حالة الهيستيريا الاخوانية من اجل ارجاع مرسي الى السلطة تكشف عن رغبة غريبة وجامحة تختزنها الجماعة للتسلط على رقاب الناس. ما كشفه خلع مرسي هو الهوس الاخواني المرضي للوصول الى الحكم والتمسك به الى حد الدخول في مهاترات وهذيان جماعي بخسران الاسلام اذا لم يكونوا هم في الحكم. ما جرى منذ خلع مرسي على اثر الهبة الشعبية العارمة في شوارع مصر أكد شكوكا قديمة من ان الجلابيب واللحى والتعويذات والتكبيرات والبسملات لم تكن الا لترويج زهد مخادع وتقوى كاذلة تخفي رغبة جامحة في الاستفراد والتسلط للوصول الى السلطة بالانتخابات أو بالانقلابات، لا يهم ! المهم هو المحافظة عليها والاستفراد بها. الحالة السودانية خير مثال على وصول الاخوان الى سدة الحكم والاستفراد بها لمدة ربع قرن. المفارقات التاريخية وحدها قالت لنا انه في يوم 30 جوان (نفس يوم تاريخ الثورة المصرية الثانية)من سنة 1989 قام الضابط الاخواني عمر حسن البشير في السودان بانقلاب عسكري على الصادق المهدي واقام أول دولة اخوانية في العالم العربي أوصلت السودان بعد حوالي ربع قرن من حكم الجماعة الى حافة الافلاس وقسمته لاول مرة منذ استقلاله الى شطرين! من الواضح ان المصريين لم يكونوا مستعدين لاعادة السيناريو الاخواني السوداني. عام فقط اقنع غالبية المصريين الذين خرجوا بالملايين في مظاهرات 30 جوان 2013 انه لا سبيل لبقاء مكتب الارشاد يتحكم في مصير الشعب المصري. سنة واحدة كانت كافية ليكتشف المصريون حجم الكارثة التاريخية التي كانوا يسيرون اليها. ما يصدر اليوم من بكائيات ومناحات ولطميات في ميدان رابعة العدوية في القاهرة وفي ميادين ومقرات اخرى للاخوان في العالم العربي يؤكد صحة خيار الشعب المصري في ازاحة شبح الديكتاتورية المتخفية تحت جلابيب التدين الكاذب. كلمة اخيرة للذين يتباكون على الشرعية الانتخابية : نقول لهم ان أدولف هتلر أيضا جاءت به ألمانيا النازية بصناديق الاقتراع !