مساعدو ترامب يسعون للإفراج عن وثائق هيئة المحلفين بقضية إبستين    مع النفاذ العاجل .. 12 سنة سجنا ل«ر.م.ع» سابق بشركة الحلفاء    تعاون تونسي-جزائري لمواجهة تحديات النقل وتغير المناخ    وزارة التجهيز: غلق وقتي لجزء من الطريق الجهوية رقم 36 للقادمين من تونس    لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان تستمع إلى ممثلين عن وزارة الداخلية حول مقترح قانون    عشرات الشهداء والمصابين في غزة.. إبادة ... وجنون الصهاينة يتصاعد    أخبار النادي الصفاقسي: «كانتي» في تنزانيا وقريبا رفع العقوبات    اتصالات تونس تجدّد شراكتها مع النادي الرياضي الصفاقسي... التزام متجدد لخدمة الجماهير ودعم الرياضة التونسية    الجمهور يطالب بفرض الانضباط: هل يُعاقب الترجي نجومه «المُتمرّدة »؟    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    استراحة صيفية    اتفاق تونسي - عراقي لتصدير الأدوية ونقل تكنولوجيا التصنيع    التصريح بالعملة عن بعد    مهرجان الفسقية الدولي في دورته الرابعة... من اجل بعث الحياة في المدينة    بطولة افريقيا لالعاب القوى (الناشئين و الناشئات): غفران لحمادي تتحصل على الميدالية الفضية في رمي القرص    تخريب واعتداءات متواصلة... النقل العمومي تحت التهديد    وزير الشؤون الاجتماعية يوضّح موقف الوزارة من منظومة أمان وملف المناولة وصندوق البطالة والسكن الاجتماعي    وزارة التجارة: خبر الألياف يتطلّب خطّة.. #خبر_عاجل    قابس: السيطرة مستودع العجلات المطاطية المستعملة ببوشمة    الستاغ تضع حزمة اجراءات جديدة لتسريع دراسة وربط محطات الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    التنس: البيلاروسية سابالينكا تنسحب من بطولة مونتريال بسبب الارهاق    الدورة الأولى للبرنامج الجهوي للرفاه الاجتماعي وأنماط العيش السليم بمشاركة أكثر من ألف شاب وشابة    بعد حملة تلقيح واسعة: خطر الجلد العقدي يتراجع في الكاف    وزارة الفلاحة تعلن عن فتح موسم جني الحلفاء في هذا الموعد    لطيفة العرفاوي حول حفلها في عيد الجمهورية: "هذا شرف لي"..    10 روائح...التونسي يعرفها من بعيد    حفلة تتحوّل لكابوس بسبب سقف: رزان مغربي تصاب إصابة خطيرة    وقتاش تكون العضمة المتشققة آمنة للأكل؟ ووقتاش يجب التخلص منها؟    عاجل/ الكشف عن موقع عسكري اسرائيلي سرّي في غزّة    رقدت لباس؟ يمكن السر في صوت المروحة    6 أعشاب يمكنك زراعتها بسهولة في الصيف...حتى في الشباك!    كرة اليد: منتخب الكبريات يشرع في التحضير لبطولة العالم بتربص في الحمامات من 21 الى 25 جويلية    زغوان: تقدم موسم حصاد الحبوب بحوالي 98 بالمائة    مهرجان قرطاج 2025: انتقادات قبل الانطلاق وسجالات حول البرمجة وسط تطلع لتدارك العثرات    الموسيقار محمد القرفي يفتتح الدورة 59 من مهرجان قرطاج بعرض "من قاع الخابية": تحية للأصالة برؤية سمفونية معاصرة    باريس ....تحتفي بالشاعر الجليدي العويني    عاجل/ موجة حرّ متوقعة آخر هذا الأسبوع و الأسبوع القادم.. أهم مميزاتها والتفاصيل..    القرآن والتنمية الذاتية: 10 آيات تغيّر الحياة    الجامعة العامة للتعليم الأساسي تطالب بالتعجيل بفتح حوار جدّي ومسؤول مع وزارة التربية    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصادق على استثمارات ومشاريع لفائدة ولايتي نابل وقابس بقيمة 19،1 مليون دينار    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة بداية من يوم غد السبت    30٪ من الناجحين يرسبون في أوّل عام جامعي... علاش؟    في سهرة مشتركة على ركح الحمامات: "سوداني" و"جذب" يحلّقان بالجمهور بجناحي البوب والإنشاد الصوفي    حفل كولدبلاي في بوسطن يفضح علاقة سرية للملياردير آندي بايرون    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    محكوم بالسجن : ليلة القبض على بارون ترويج المخدرات في خزندار    عاجل/ البيت الأبيض يكشف الوضع الصحي لترامب..    باريس سان جيرمان يتعاقد مع حارس المرمى الإيطالي ريناتو مارين ل 5 مواسم    معهد الرصد الجوي يؤكد أن شهر جوان 2025 كان أشد حرّا من المعتاد    إجراءات صحية يجب على ترامب اتباعها بعد تشخيصه ب"القصور الوريدي المزمن"    اليوم درجات حرارة عالية والشهيلي داخل على الخط    وزيرا الفلاحة والتجارة يشرفان على اجتماع لمتابعة وضعية تزويد السوق بالمنتجات الفلاحية ومواجهة الاحتكار    غزة.. عشرات الشهداء والجرحى وقصف يستهدف النازحين والمنازل والبنى التحتية    نقابة الصحفيين تنعى الصحفي يوسف الوسلاتي: وداعًا لأحد أعمدة الكلمة الحرة    موجة حر تضرب تونس خلال هذه الفترة... درجات الحرارة قد تصل إلى47°    صفاقس: تجهيزات طبية حديثة بمركز الوسيط... التفاصيل    مهرجان الحمامات الدولي: مسرحية "ام البلدان" تستعير الماضي لتتحدث عن الحاضر وعن بناء تونس بالأمس واليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس البدايات والخواتيم...
نشر في حقائق أون لاين يوم 29 - 07 - 2021

في يوم الاحتفال بعيد الجمهورية انتصر الرئيس قيس سعيّد للجمهورية وقيمها ومؤسساتها، وانتصر لنفسه كقائم على الجمهورية ضامن لاستقلالها وسيادتها واحترام دستورها.
صحيح أن الرئيس تأخّر في التحرك كما أقرّ هو نفسه بذلك في كلمته الشهيرة للشعب في ذلك اليوم الحدث، تأخّر في اتخاذ ما يلزم من قرارات للإمساك برأس الأفعى وكبح جماحها جماعة إخوان الشر في تونس، الذين تغلغلوا في مفاصل الدولة التونسية منذ عام 2011 إلى الآن، بسيطرتهم على برلمان البلاد وتشكيلهم للحكومات المتتالية، منذ ذلك التاريخ.. ولكن أن تأتي متأخرا، أفضل من ألاّ تأتي أبدا، خاصة أن فساد إخوان تونس تفشى إلى الدرجة التي قوّضت اقتصاد البلاد، وأدت إلى انهيار المنظومة الصحية بها، حتى أصبحت تونس من البلدان الموبوءة بكورونا، وعجزت المستشفيات والإمكانيات عن مواجهة هذا الفيروس والحد من مخاطره.
وكان على الشعب أن يتحرك، وكان على الرئيس سعيّد أن ينحاز إلى الشارع التونسي، بالرغم من الخطر الداهم للإخوان على الدولة التونسية، الذي بات يهدد أمن البلاد القومي، بعد أن أُهدرت كرامة المواطن التونسي الذي انخدع فيهم، كما سبق وانخدع الشعب المصري.
لكن الشعب في مصر لم يطق تحمّلهم أكثر من عام، وصبر عليهم الشعب التونسي عشرة أعوام كاملة، حتى طفح الكيل، وانفجر بركان الجماهير الهادر، وكان على القائد أن يستجيب للنداء، نداء الشعب الذي خرج للشارع كما خرج أواخر ديسمبر 2010 وأوائل 2011 ليصنع ملحمته بيديه، دون أحزاب وأيّ تأطير من أيّ كان.
تذّرع الرئيس سعيّد بالصبر، واستنفذ رصيد الحكمة تجاه كل سفالات الإخوان، التي وصلت درجة اعتداءهم بالعنف المادّي على أعضاء البرلمان وخاصة النساء منهم في أكثر من مناسبة، داخل قاعات المجلس، على مرأى ومسمع من الناس والعالم أجمعين، وتحصّن بالروية وهو يرى زعيم إخوان الشر راشد الغنوشي، يسافر للاجتماع بالرئيس التركي، في أنقرة رغم أن وضعه كرئيس للبرلمان التونسي، لا يخوّل له مثل هذا التصرف، وكأنما ذهب التابع الإخواني إلى السيد الحاضن لأعضاء هذا التنظيم المقوّي لشوكتهم، في ظهور أنظمة بلادهم.
كما تلمّس سعيّد الحصافة في تصرفاته، وهو يرى محاولة هذه الجماعة السيطرة على المحكمة الدستورية في تونس، بغية الهيمنة على قرارات الدولة ومحاصرتها وتوجيهها الوجهة التي يريدونها، بعيدا عن المصالح العليا للبلاد. كما حاول بالهدوء، الحيلولة دون سعي رأس الشيطان راشد الغنوشي، وفصيله حركة النهضة، إدخال المرتزقة السوريين القادمين عبر تركيا بعتادهم العسكري، عبر الحدود الصحراوية الشاسعة الفاصلة بين تونس وليبيا، لدعم العنف والإرهاب على الأراضي الليبية، خلال السنوات التي تولّى فيها فايز السراج، المجلس الرئاسي الليبي.
طفح الكيل بالشعب التونسي، وفاض صبر رئيسه، وكان على الرئيس أن يخرج عن صمته وأن يمارس صلاحياته، التي يخوّلها له الدستور، طبقا لفصله الثمانين، ليصون للشعب كرامته، ويحافظ على أركان الدولة التونسية من الانهيار.
قرر تجميد البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وعزل رئيس الحكومة الذي سقط في الجلباب الإخواني، وتوليه هو نفسه، رئاسة النيابة العمومية، لمواجهة الفساد الذي استشرى في البلاد، ووصل مراتب من الفحش والجبروت، أضرت البلاد والعباد، ووصلت بتونس إلى ما هي عليه الآن من ضعف وترهّل وأزمات مسّت جميع مظاهر الحياة والنشاط فيها.
وفي سبيل ذلك، منع النواب من السفر خارج البلاد، وحذّر الإخوان من أن إطلاق رصاصة واحدة في مواجهة أبناء الشعب، ستواجه بوابل من الرصاص. فليس بعد الشعب التونسي ما يمكن البقاء عليه، وهو يعلم ما قد يلجأ إليه الإخوان الخونة من عنف وإرهاب، كما حدث في مصر، المُلْهِمة في مواجهة هؤلاء الأشرار، وكسر شوكتهم وإخراجهم من المشهد إلى غير رجعة، انتصارا لإرادة شعبية تفجرت في الثلاثين من جوان 2013.
ما أشبه الليلة بالبارحة، تفجرت في تونس شرارة ما سمي ب(ثورات الخراب العربي)، ووصلت إلى مصر، التي صمدت في وجه تداعياتها وما أريد منها لإسقاط الدولة المصرية. ولم يكن الفارق الزمني بعيدا، إلا أن شرارة الخراب لم تلبث أن أصابت قلب أكثر من بلد عربي، وها نحن نبكي حال الجارة ليبيا وسوريا واليمن وقبلها العراق، وجميعها عصف بها الإخوان بتواطؤ مع الأطماع الخارجية والأجندات الإقليمية، وهو مالم يدركه التونسيون في وقته، ليعلموا أن ملّة الكفر واحدة، وأن تجّار الدين هم أنفسهم في كل مكان، وهم من يسعون إلى خراب البلاد وتدميرها، فمكثوا سنين في العذاب المُهين، فانهار الاقتصاد وتدهورت الصحة، واشتعلت المعيشة وضاعت كرامة المواطن التونسي في بلاده، حتى أصبح حلم شبابها الهجرة منها وخاصة الكفاءات الجامعية منهم.
عشر سنوات تدثّر خلالها الإخوان بكل عباءات اللّباس السياسي التنكرية من حرية وديمقراطية وعدالة وتنمية وغيرها من المنمّقات والمواد التجميلية التي يبيعونها للمغرّرين من الفقراء والمعوزين فكريا، لكنّهم أبداء لم يتخلّوا يوما عن مخططهم الإخواني في إقامة دولتهم الإسلامية المزعومة عبر سياسات التمكين والتقية وقول الشيء وفعل ضدّه والسيطرة على كل مفاصل الدولة.
لقد أقام الإخوان الدليل بأنّهم فصيل فاشي وفكرة مريضة وتجربة قاسية لكل من عاشها، جماعة تقف ضد كل الثوابت الوطنية واحترام سيادة الدول والمجتمعات، وإزاحتهم من المشهد السياسي في أي دولة، ليس ضد الديمقراطية، ولا يُعد انقلابا كما يروّجون، بل واجب تحتمه الضرورة الوطنية، وهو ما فضحه لطفي زيتون، القيادي المستقيل من حركة النهضة، والمستشار السابق للغنوشي، والذي استقال اعتراضا على تغوّل الإسلام السياسي ومسؤوليته عن الانقسامات والصراعات على السلطة والثروة في تونس، واحتكار الغنوشي لقيادة حركة النهضة لخمسين عاما، وهي نفس الأسباب التي حملت أسماء وازنة في الحركة على الاستقالة منها مثل عبد الحميد الجلاصي وزياد العذاري.
كل ذلك يؤكد أن حركة النهضة فشلت في إدارة الحكم، وعجزت عن التحول إلى حزب وطني مدنيّ، في ظل الإصرار على الدمج بين التنظيمي والسياسي، ومن ثمّة لاتزال تونس تعاني الظلم والفقر المتفشي، على أيدي أعضاء جماعة الإخوان، لكن رسالة الخامس والعشرين من جويلية 2021 ستكون حتما نقطة بداية النهاية وتحويل ربيع الإخوان الذي انطلق سنة 2011 إلى ربيع تونسي أصيل لا تشوبه شائبة، يُشعّ على محيطه العربي والإقليمي معلنا نهاية حقبة الإخوان للأبد، ودفن فظائعها نهائيا كما دفنها الشعب الجزائري المجاهد العظيم بعد تلك العشرية السوداء الشهيرة.

حفظ الله تونس، وكلّل بالنصر حراك شعبها...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.