قرابة شهر يمر على ثوران بركان سياسي أسقط حكومة النهضة وحزب قلب تونس وأبعد هشام المشيشي عن رئاسة الحكومة، ولم تنكشف إلى حد كتابة هذه الأسطر الملامح الأولية للشخصية التي ستخلفه في قصر الحكومة بالقصبة لتولي مهام أقل ما يمكن القول أنها جد عسيرة في ظل تواتر التقلبات السياسية الحادة. أي رئيس حكومة يريد قيس سعيد؟ وماهو اختصاصه ومجال عمله؟ أسئلة كثيرة تُطرح في أذهان التونسيين وكذلك في ذهن سعيد منذ تلاوة بيان 25 جويلية 2021، وظل الجميع يترقب خطوة تحديد الشخصية التي سترافق رئيس الدولة في استكمال ما بدأه سياسيا واجتماعيا وأمنيا.
وتنبؤ كواليس القصر بوجود ارتباك ذاتي الرئيس قيس سعيد الذي استبدت بعقله حيرة عميقة، بين اختيار شخصية سياسية مقربة منه لا تُعيد تجربته مع المشيشي ولا تخدعه سياسيا، وقد تكون مديرة ديوانه نادية عكاشة، وبين شخصية ذات اختصاص في المجال الاقتصادي قادرة على تحقيق قفزة اقتصادية لكنها قد تكون ممن ينحازون إلى الأحزاب والبرلمان علما وأن رئيس الدولة محاط بمقربين منه أغلبهم من أبناء جامعات ومعاهد القانون والحقوق.
ولا يبدو اختيار رئيس الحكومة بالنسبة لقيس سعيد بالأمر العسير في ظل رغبته في طمأنة الدول الأجنبية بتعيين شخصية ذات تخصص اقتصادي من شأنها أن تنجح في رسم منوال اقتصادي توجه وفقه الهبات والقروض إلى مستحقيها، وكذلك في ظل رغبته في تعيين شخصية يمنحها قبعة الوزير الأول الذي يطيع أوامر رئيسه ولا يعترض على خياراته مهما كانت طببعتها.
ويبدو أن أوراق رئيس الدولة اختلطت بعد تلقيه وعودا من الكثير من الدول بمنح تونس مساعدات مالية أثارت توجسا لديه بشأن امكانية سوء التصرف فيها ما لم يحسن اختيار الشخصية التي ستترأس الفريق الحكومي القادم.
وربما سيكون يوم 25 أوت الجاري، تاريخ انتهاء المهلة الدستورية الأولى لتجميد البرلمان، يوما حاسما في ما يخطه سعيد من توجهات عامة لسياسة البلاد وخطوة جديدة لارساء النظام السياسي الذي يبحذ احتكام السلطة إليه.
ومؤكد أن طبيعة الشخصية التي سيختارها قيس سعيد لتولي مهام رئيس الحكومة سيكون لها الأثر الكبير في سيرورة القارب السياسي وستحدد علاقتها بالرئيس ماهية المسار الذي سيتبعه سعيد طيلة السنوات القادمة.