سارع حزب التيار الديمقراطي المعارض في تونس إلى رفض خطوة الرئيس قيس سعيد بإلغاء العمل بمعظم فصول الدستور واحتكار السلطات، تمهيدا لإصلاحات سياسية واسعة، معتبرا ذلك خطر داهم على الدولة والديمقراطية الناشئة في تونس. وقال النائب غازي الشواشي أمين عام الحزب ، الذي يمثل الكتلة الثالثة في البرلمان المجمد منذ إعلان التدابير الاستثنائية في 25 جويلية الماضي باعتماد المادة 80 من الدستور، إن الرئيس سعيد خرج عن الشرعية وإن الحزب وقوى أخرى معارضة لن ترضى بدستور على المقاس يخيطه الرئيس.
وأصدر الرئيس سعيد أمرا رئاسيا ألغى بموجبه الفصول المنظمة للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وسيتولى بنفسه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة كما سيتولى السلطة التشريعية عبر إصدار المراسيم، وإعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية.
ويمهد الأمر الرئاسي بتوسيع صلاحيات الرئيس الذي أصبح محور النظام السياسي المؤقت في تونس بعد تعليق البرلمان وباقي المؤسسات المنبثقة عن دستور الجمهورية الثانية، ما أثار مخاوف لدى خصومه من وضع نظام حكم تسلطي.
وقال الشواشي في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب .أ) في مكتبه بالعاصمة تونس :" أبدى الحزب تفهمه لقرارات الرئيس في 25 جويلية الماضي لأنه لم يكن متاحا أن تستمر الأوضاع مثلما كانت في السابق، كان الهدف من الدعم أن يبدأ الرئيس بتصحيح المسار ومكافحة الفساد والبقاء في إطار الدستور والدخول في حوار تشاركي".
وأضاف الشواشي :"نحن نرفض تعليق العمل بالدستور، لا نعتقد التعليق أو التعديل أولوية لمواجهة الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد، الفصل 80 لا يسمح للرئيس بإلغاء الدستور، والتعديل سيزيد من تعميق الأزمة".
وتابع رئيس الحزب :"الرئيس خرج عن الشرعية وخرج عن العقد الاجتماعي والسياسي، لا يمكن الحديث عن نظام ديمقراطي في غياب سلطات مستقلة عن بعضها وسلطة تشريعية".
وردد الرئيس سعيد ، وهو أستاذ قانون دستوري منذ حملته الانتخابية في 2019 ، رغبته في تعديل النظام السياسي والذهاب إلى نظام رئاسي للحد من تشتت السلطات، وتعديل النظام الانتخابي من الاقتراع على القوائم إلى الاقتراع على الأفراد والهدف من ذلك تعزيز سلطة المجالس المحلية.
والمقترح الأكثر إثارة للجدل هو اعتماد انتخابات قاعدية مزدوجة تبدأ بانتخاب مجالس محلية ثم ينتخب نواب هذه المجالس مجالس أخرى جهوية ومن ثم ينتخب نواب هذه المجالس البرلمان.
وقال الشواشي :" يريد الرئيس عرض دستور جديد عبر الاستفتاء وسن نظام انتخابي جديد عبر المراسيم تتضمن انتخابات محلية ويصبح النائب مسؤولا أمام الناخب الذي يحق له سحب الوكالة منه متى يشاء، نحن نرفض هذا إطلاقا ونرفض تعليق العمل بالدستور".
وعمليا يهدد النظام المقترح بتحجيم دور الأحزاب وربما اضمحلالها، ويتفق هذا مع ما ذكره سعيد من نهاية دور الأحزاب في إدارة الشأن العام مستفيدا من السخط الشعبي إزاء الأداء المخيب للطبقة السياسية منذ .2011
وقال أمين عام حزب التيار :"لا يمكن الحديث عن نظام ديمقراطي في غياب أحزاب سياسية، الرئيس ضد نظام الأحزاب ويعتقد أن المواطن يعرف حاجياته، سبق أن جرب هذا النظام في ليبيا ولم ينجح ولم تجربه أي دولة، هذا يحتاج إلى درجة عالية جدا من الوعي".
وأضاف الشواشي :"نعترض على النظام السياسي والنظام الانتخابي الذي ينطلق من القاعدة، ولن نقبل به وسنعارضه، لا نعتقد أن هذا النظام مناسب للتونسيين".
إلى جانب حزب التيار الديمقراطي، أعلنت عدة أحزاب أخرى أبرزها الحزب الأكبر في البرلمان حركة النهضة و"آفاق تونس" وشخصيات سياسية مثل الرئيس السابق المنصف المرزوقي والسياسي المخضرم أحمد الشابي، رفضها لخطوة سعيد.
وقال الشواشي :" التجربة الديمقراطية في خطر، هذا خطر داهم، نحن نعمل على خلق جبهة وطنية ديمقراطية مدنية للدفاع عن التجربة الديمقراطية، نريد تصحيح المسار لكن في إطار الدستور، والتعديل لا يجب أن يكون بشكل متفرد".
وتابع الشواشي :"نريد حركة تصحيحية وإصلاحية ولا نقبل بأن يحقق الرئيس شهواته على حسابنا، لا أحد يقول انا الشعب والشعب هو أنا، هذا يحدث في الأنظمة الديكتاتورية".
وبعد إصداره الأمر الرئاسي الذي جاء بمثابة تنظيم مؤقت للسلطات العمومية، لا شيء يدل على أن الرئيس سيتراجع عن مشروعه، وكان قد ردد مرارا في رسائله الموجهة إلى الداخل والخارج بأنه لن تكون هناك عودة إلى الوراء وأن "السيادة تظل للشعب".
وقال الشواشي :"دعمنا الرئيس في البداية للعب دوره التاريخي في ظل الأزمة لكن بعد شهرين من إعلان التدابير الاستثنائية الأوضاع تسير إلى الوراء للأسف، والإدارة التونسية مشلولة".