هل حاول الغنوشي استرضاء السبسي، خلال لقائهما في فرنسا، بوعده بتنحية المرزوقي ليحل هو محلّه خلال الفترة الانتقالية القادمة؟: هذا السؤال يستمدّ كامل مشروعيته بعد ان طالب كلّ من الغنوشي والسبسي باستقالة رئيس الجمهورية، وإن اختلفت التبريرات. و سؤالي الى رئيسي حزبي النهضة و نداء تونس هو التالي : ألا يكفي المجموعة الوطنية انّها تدفع شهريا جراية تقاعد لفؤاد المبزع تبلغ عشرة آلاف دينار حسب التصريح المنسوب اليه، لتُبْتَلَى بعد بضعة اشهر بجراية تقاعد رئيس آخر، هذا اذا لم نُبْتَلَ بجراية ثالثة اذا لم يتمّ انتخاب الرئيس المؤقت الحالي؟ ثم لنا ان نتساءل بعد ذلك : حتّى لا يستفيد رئيس الدولة من منصبه خلال الحملة الانتخابيّة، وهو التبرير الذي قدّمه الغنوشي، هل سيكون محكوما علينا مستقبلا ، بمناسبة كلّ انتخابات رئاسية ، إقالة الرئيس الذي يعتزم الترشّح وتعويضه بآخر لمدّة كذا شهرا، وما يعنيه ذلك من أعباء ماليّة؟ هذا الذي برّر به الغنوشي دعوته الى استقالة المرزوقي ما هو في الحقيقة الا «كذبة بيضاء». اما الحقيقة ، حسب رأيي ، فهي أنّه يريد «إرشاء» السبسي بتمكينه من منصب الرئاسة إدراكا منه ان الرّجل يعتبر نفسه أولى الناس بهذا المنصب، خاصّة بعد ان «شلّك» المرزوقي حسب رأي السبسي وآراء مريديه مؤسسة رئاسة الجمهوريّة... «وعد بلفور» الذي وَعَدَتْ بمقتضاه بريطانيا العظمى اليهود بمنحهم فلسطين وطنا لهم قيل عنه «مَنْ لا يملك وَعَدَ من لا يستحقّ».. وانا اقول «من لا حقّ له في التّصرف في مؤسسة رئاسة الجمهورية وَعَدَ مَنْ لا يستحقّ هذا المنصب» . وفي ما يلي اسباب اعتقادي أن السبسي لا يستحقّ تولّي منصب رئاسة الجمهورية: - هناك جانب كبير من الرأي العام يعتبر ان حزب السبسي هو إحدى النوافذ التي يريد ان يعود منها الى الحكم من أخرجتهم منه الثورة من الباب . - هذا الرجل يفتقر الى الحدّ الأدنى من التواضع وحسن الأخلاق ليتولى منصب رئاسة الجمهورية. وآخر مظاهر ذلك أنه حين سُئِلَ مؤخراعن المرزوقي – الرئيس قال حرفيّا «أحترم المنصب لا الشخص» . بتعبير آخر "لا أحترم المرزوقي!" . - من العار حقّا أن يتولى الرئاسة هذا الرّجل ، لا فقط لأنّه سَمَّمَ الحياة السياسيّة منذ تأسيسه لنداء تونس، بل خاصّة لأنْ التونسيين لن ينسوا له رذيلتين على الأقل : الأولى انه ،حين انضمّ الى حكومة مزالي في مطلع الثمانينات وتمّ تزوير الانتخابات التشريعية ، وجد الكلمات المناسبة ليبرّر ذلك (انظر الملاحظة الخاصة في آخر هذا المقال).. والثانية حين لازم الصّمت المطلق طيلة الثلاث عشرة سنة التي قضاها بورقيبة (معشوقه اليوم) في ما يشبه الاقامة الجبرية في العهد النوفمبري، دون ان ينبس ببنت شفة احتجاجا على ما فعله بنعلي باول رئيس لتونس المستقلة ، في الوقت الذي تحرك فيه آخرون حتى من خارج تونس لإغاثة بورقيبة .. ملاحظة خاصّة : سُئِلَ السبسي عن رأيه في التزوير الذي حصل في الانتخابات التشريعية المشار اليها فقال انه من غير الواقعيّ توقّع انتخابات في تونس مشابهة للانتخابات في أمريكا، و يومها أذكرجيدا أننّي كتبت في جريدة «الوحدة» ما نصّه تقريبا : "أحد الذين دخلوا الحكومة ليغيّروا فتغيّروا قال (ما سبقت الاشارة اليه) وجَهَلَ أو تَجَاهَلَ أنّ أمريكا عمرها ستمائة سنة فقط بينما تونس عمرها ثلاثة آلاف سنة.. وأن من لم ينضج للديمقراطيّة ليسالنّاخب التونسي و إنّما حكّامه». ——————————– ملاحظة : ما ينشر في راي مختلف لا يلزم الا صاحبه و لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع