تعليق إضراب جامعة النقل المبرمج ليومي 7 و8 أوت    توننداكس يسجل تطورا ايجابيا قارب 31ر16 بالمائة خلال النصف الأول من سنة 2025    عاجل: مشروع قانون جديد باش ينظّم ''الفرنشيز'' ويحدّ من الاستغلال    اعتقال شقيق الممثلة أسماء بن عثمان في أمريكا : زوجته تكشف هذه المعطيات    وزارة التعليم العالي تفتح باب الترشح للتمتّع ب 115 منحة دراسية بمؤسسات جامعية عمومية مغربية وجزائرية في إطار التبادل الطلاّبي    عاجل/ بعد التلاعب بتوجيههم: آخر مستجدات قضية التلميذ محمد العبيدي وزملائه..    بعد 14 عاما من الغياب : أصالة نصري في زيارة مرتقبة لسوريا    الجبل الأحمر: 8 سنوات سجن لشاب نفّذ "براكاج" مروّع لطالبة قرب المركب الجامعي    عاجل/ فقدان شاب كان يمارس رياضة الغوص..وتواصل عمليات البحث عنه…    النوبة الجندوبية بمهرجان بلاريجيا تستعيد أمجاد الفن الشعبي    عاجل: ماهي حقيقة تنحي الطبوبي؟ تصريحات رسمية تكشف كل شيء!    مأساة في اليمن.. وفاة 4 أشقاء بلدغات ثعابين أثناء نومهم    نجم المتلوي يعزز صفوفه بالمهاجم مهدي القشوري    ماتش الإفريقي والمرسى: هذا هو عدد الجمهور الي باش يحضر !    تونس الثانية إفريقيّا في التبرّع بالأعضاء.. أما عالميا؟ الرقم يصدم!    50 درجة حرارة؟ البلاد هاذي سكّرت كل شي نهار كامل!    عاجل: دولة عربيّة تعلن الحرب عالكاش وتدخل بقوّة في الدفع الإلكتروني!    اليوم: السخانة ترتفع شوي.. وين وقداه؟    عاجل : الحرس الوطني يكشف معطيات حول فاجعة اشتعال النّار في يخت سياحي بسوسة    عاجل- سوسة : غرفة القواعد البحرية للتنشيط السياحي تنفي و توضح رواية السائحة البريطانية    ما هي التطورات المتوقعة في قطاع الاستهلاك الصيني؟    الشركات المدرجة بالبورصة والمصرحة ببياناتها للربع الأول من 2025 رفعت إجمالي مداخيلها الى 8ر12 مليار دينار    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    علامات في رجلك رد بالك تلّفهم ...مؤشر لمشاكل صحية خطيرة    كيلي ماك.. نجمة The Walking Dead تخسر معركتها مع المرض    زيلينسكي مدمن".. روسيا تشن حرباً رقمية واسعة على أوكرانيا    اختتام فعاليات المهرجان الدولي للفنون الشعبية وسط أجواء احتفالية وحضور جمهوري واسع    بطولة كرة اليد: البرنامج الكامل لمنافسات الجولة الافتتاحية    الحمامات: وفاة شاب حرقًا في ظروف غامضة والتحقيقات جارية    الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تنظم يوم 8 اوت الجاري ندوة حول ذاكرة الحركات النسوية    المرصد التونسي للمياه تلقى 604 بلاغا بشأن صعوبات متصلة بامدادات مياه الشرب خلال شهر جويلية 2025    لبنان يغيّر اسم شارع حافظ الأسد إلى زياد الرحباني    قوات الاحتلال تعتقل صحفية فلسطينية بالضفة الغربية..#خبر_عاجل    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    إحداث قنصلية عامة للجمهورية التونسية بمدينة بنغازي شرق ليبيا    كتب ولدك للسنة الثامنة أساسي (2025-2026): شوف القائمة الرسمية    80 سنة تعدّت على جريمة هيروشيما: أول قنبلة نووية في التاريخ... أما تعرف شنية الحكاية؟    الرابطة المحترفة الاولى : شبيبة العمران تعلن عن تعاقدها مع 12 لاعبا    أوساكا تتأهل إلى قبل نهائي بطولة كندا المفتوحة للتنس وشيلتون يُسقط دي مينو    بلطي، يروي هموم الشباب وقضايا المجتمع ويصنع الفرجة على ركح المسرح الصيفي سيدي منصور بصفاقس    عاجل : وفاة بطل كأس العالم مع منتخب ألمانيا    مصر.. الداخلية تنفي صحة فيديو إباحي "لضابطي شرطة"    جريمة مروعة تهز هذه الولاية..والسبب صادم..#خبر_عاجل    عاجل: أمريكا تضرب البرازيل بداية من اليوم برسوم جمركية جديدة    فرنسا: حريق ضخم يلتهم آلاف الهكتارات بجنوب البلاد    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    مستقبل القصرين.. انهاء التعاقد مع ماهر القيزاني بالتراضي    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    استراحة صيفية    أضرار فلاحية في القصرين    تراجع نسبة التضخم في تونس خلال جويلية 2025 إلى 5.3 بالمائة    اللجنة الأولمبية التونسية تحتفي بالبطل العالمي أحمد الجوادي بعد إنجازه التاريخي في مونديال سنغافورة    دبور يرشد العلماء ل"سرّ" إبطاء الشيخوخة..ما القصة..؟!    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    جامع الزيتونة ضمن سجلّ الألكسو للتراث المعماري والعمراني العربي    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحول بعض التونسيين الى المذهب الشيعي؟!
نشر في حقائق أون لاين يوم 14 - 11 - 2013

أخرجت الثورة شيعة تونس من السرية ليتركوا اليوم ربما والى غير رجعة مبدأ التقية والاختفاء وليحتفلوا وبكل حرية في القاعات العامة بعاشوراء و بعيد الغدير وليحيوا في كربلاء ذكرى استشهاد الحسين باللطميات (ضرب الصدور) وليهللوا فرحا بميلاد فاطمة الزهراء البتول وبقية اسباط الرسول.
على نغمات دعاء الكميل الحزين المشهور عند الشيعة زارت حقائق اون لاين بعضا من مجالسهم فكان هذا التحقيق الذي يكشف عن طائفة تريد الحق في ممارسة ونشر عقائدها بكل حرية في واقع تونسي ديني ما بعد الثورة مازال يرفضها وينبذها بل ويكفرها ويطالبها بان تغيب واقعيا ورمزيا في سراديب المدن كما اختفى وغاب في مدينة سامراء امام الزمان المهدي عجل الله فرجه كما يقول الشيعة في دعائهم وصلواتهم .. منتظرين عودته من غيبته ليخلصهم من واقع الحيف والاضطهاد.
تريد أن تعلم لماذا تشيعت ؟! تعال معي .. بعد بضع خطوات في مكتبة وسط العاصمة سحب لطفي الورهاني ( في الخمسينات من عمره) كتاب "صحيح البخاري" وورق المجلد ووقف عند الحديث رقم 6982 من فصل التعبير!.
خاطبني مخاطبي الذي تشيع منذ سنة 1987 قائلا "هذا كتاب صحيح البخاري الذي هو أصح الكتب بالنسبة لاهل السنة بعد القران الكريم , هو الذي قادني الى التشيع" . ويضيف محدثي "الحديث المذكور يتحدث عن محاولة الرسول (ص) الانتحار من اعالي جبال مكة بعد فتور الوحي عليه!" .
وتساءل محدثي "كيف يحاول الرسول الانتحار ونجد مثل هذا الكلام في معظم كتب أهل السنة من الصحاح؟! كيف نعثر على احاديث أخرى تتحدث عن عورات الانبياء مثل حادثة الحجر الذي يجري وراء النبي موسى عليه السلام؟! كيف تحتوي الصحاح على مثل هذه الاحاديث الغريبة؟!" .
بالنسبة للطفي الورهاني تشيعه بدأ بطرح أسئلة حول هذه الاحاديث وغيرها التي وردت في الصحاح التي يعتمدها أهل السنة والجماعة . فمن الواضح ان هذه الصحاح جمعت بالنسبة اليه الغث والسمين وهو ما دعاه الى البحث ليعثر في لحظة ما من حياته عما يعتبره الحقيقة.
رحلة قارب ايطاليا
البدايات كانت بالنسبة للطفي وعمره 25 سنة في رحلة باخرة أقلته من ايطاليا الى ميناء حلق الوادي في تونس عندما سمع محاورة بين جماعة من أهل الدعوة والتبليغ وايطاليين مسيحيين، يومها خاطب شاب ايطالي جماعة الدعوة والتبليغ قائلا لهم "رسولنا (عيسى) افضل من رسولكم لانه يحيي الموتى و يبرئ الابرص ويبعث النور في الاعمى".
هذه الحادثة يقول لطفي" دفعتني وانا شاب ضائع لمعرفة ديني اكثر ومن ثم الالتزام و الصلاة وهو ما قمت به فعلا بحفظي ل 50 حزبا من القران وبدأت اطالع امهات الكتب المتعلقة بالتفسير والاحاديث حتى اكتشفت بعض التناقضات وخاصة في الصحاح في علاقة بعصمة النبي وصحابته.حبي للنبي وايماني بعصمته وعصمة صحابته منعنى في البداية من ان اشك في عدالتهم وطهرهم وعصمتهم لذلك لم افهم كيف حوصرت المدينة المنورة وقتل عامة أهلها وسبيت نساؤها في عهد يزيد بن معاوية بعد سنوات قليلة من موت الرسول " .
و يضيف"لم افهم كيف قام الزبير برمي الكعبة الشريفة في مكة المكرمة بالمنجنيق وهدم أجزاء منها؟! لم افهم -يقول الورهاني -كيف يتقاتل المسلمون وصحابة رسول الله في واقعة الجمل ثم واقعة صفين ثم واقعة النهروين . لم افهم كيف قام بعض المسلمين بقتل الحسين سبط رسول الله والتمثيل بجثته بمثل تلك الطريقة الشنيعة ؟!"
و يواصل " من هنا بدأ تشيعي لانه مكنني من فهم تاريخي الاسلامي فهما صحيحا ونقد ما وقع في مجزرة كربلاء من قبل بعض الصحابة نقدا قادني بفضل صديق لي كان يعمل في السويد أمدني ببعض الكتب الى الاطلاع أكثر كما مكنني معرض تونس الدولي للكتاب من ان انفتح على قراءات اخرى للتاريخ الاسلامي وقع التعتيم عليها وطمسها وتغييبها عنا."
التيجاني ، رائد التشيع التونسي
في الحقيقة قصة لطفي الورهاني مع التشيع وحادثة الباخرة تشبهان الى حد ما طريقة تشيع أحد رموز الشيعة في تونس ونعني به التيجاني السماوي الذي يروي كيف ان عراقيا التقاه في باخرة تربط بين الاسكندرية وبيروت في بداية السبعينات قاده الى "الاستبصار" وهو المصطلح الذي يستعمله الشيعة للوافدين الجدد على المذهب الشيعي.
يروي التيجاني في كتابه "ثم اهتديت" كيف قام العراقي الذي التقاه في الباخرة باستضافته في بغداد ومقابلته بالامام أبي القاسم الخوئي في النجف وكيف حضر محاورات محمد باقر الصدر في بغداد ليعود الى تونس بعد رحلة في المشرق كأول دعاة الشيعة في تونس والبلاد لم تشهد بعد ميلاد الحركة الاسلامية والمعروفة بحركة الاتجاه الاسلامي وقتها (النهضة حاليا).
فالتيجاني السماوي (69 سنة ) أصيل مدينة قفصة و باجماع العديدين هو أول رائد للشيعة في تونس، فيما يعود البعض الى تاريخ الدولة الفاطمية الشيعية الاسماعيلية التي تأسست بالمهدية لايجاد جذور تاريخية للتشيع في بلادنا.
بعيدا عن البحث التاريخي عن أصول التشيع في تونس فانه من الواضح ان معظم المتشيعين وخاصة في بداية الثمانينات خرجوا من رحم حركة الاتجاه الاسلامي.
ربما كان مبارك بعداش (77سنة) أحد ابرز رموز التشيع التي خرجت من جبة الاتجاه الاسلامي. فبعداش الذي ربطته علاقة وثيقة بالشيخ راشد الغنوشي سرعان ما نفض عنه أفكار الاخوان لعدة اسباب من اهمها حسب قوله عدم قدرة قيادات الاتجاه الاسلامي على الاجابة على تساؤلات الشباب في تلك الفترة حول المشاكل والفتن التي وقعت في التاريخ الاسلامي والتناقضات التي تحويها بعض كتب السنة فضلا عن اهمالهم للجوانب الروحية.
كل هذا دفع بعداش الى دعوة الغنوشي الى مناظرة فكرية بعدها هجر الاتجاه الاسلامي نحو الحركة الصوفية ومنها الى مذهب أهل البيت.
من جيل حركة الاتجاه الاسلامي مثله مثل مبارك بعداش خرج مقداد الرصافي من جبة الاخوان. فهو مثال لذلك الجيل الذي هجر حركة النهضة مبكرا لان الاتجاه أو الاخوان لم يقدموا له الاجابات الحقيقة تاريخا ومذهبا وتعبئة عقائدية.
في مقهى بحي لافيات بالعاصمة التقينا الرصافي الذي اصبح اليوم احد ابرز رموز الشيعة في تونس ناشطا وداعية وكاتبا لعدة مؤلفات في التشيع أو مذهب أهل البيت كما يطلق عليهم.
" كنت ناشطا في الاتجاه الاسلامي -يقول الرصافي- منذ سنة 1981 عندما بدأت أطرح بعض الاسئلة التي أقلقتني لاعثر بالصدفة على كتاب المراجعات للشيخ شرف الدين الموسوي ولاكتشف ان معظم أدلة اهل الشيعة حول التناقضات الموجودة عند السنة موجودة اصلا في كتب الصحاح وكتب التفسير وتاريخ الطبري وغيره من الكتب السنية.كان الامر بالنسبة لي يقول الرصافي زلزالا فكريا قادني الى البحث عما حدث حقيقة في بدايات الدعوة الاسلامية لاعثر اليوم على ما اعتبره حقيقة واستبصارا".
في كتابه "نعم تشيعت .. وهذا هو السبب " (صدر سنة 2010 في الخارج) كما في كتابه "بينات الهدى" يبين الرصافي الاسباب الفكرية و الفقهية التي جعلته يتشيع غير ان تشيعه لم يمنعه من ان يكون مستهدفا ومراقبا من قبل النظام السابق على حد قوله حيث يقول "لقد طردت من عملي بسبب التشيع وقضيت عدة اشهر رهن الايقاف وخاصة عندما كنت ناشطا ضمن تيار خط الامام في الجامعة في أواخر سنوات الثماننيات".
جمعيات بدون طموحات سياسية ؟
و في الحقيقة فانه وتنظيميا وباستثاء منظمة "خط الامام " التي وجدت في الجامعات التونسية في تلك الفترة لم يوجد تنظيم موحد يجمع الشيعة في تونس .
غير انه وبعد انتصار الثورة اعترف بالعديد من الجمعيات ذات المذهبية من قبيل جمعية أهل البيب الثقافية التي يديرها عماد الدين الحمروني التي كانت تنشط سرا قبيل الثورة .
كما تأسست بعد الثورة بضع جمعيات من قبيل جمعية المودة وجمعيات اخرى اتهمت من قبل التيارات السلفية بكونها جمعيات شيعية بغطاء جمعياتي من قبيل الرابطة التونسية للتسامح التي يديرها صلاح المصري الذي نفى في تصريح لحقائق اون لاين اي علاقة لنشاط جمعيته باي مذهب مدافعا في نفس الوقت عن حرية الاعتقاد ونشر ثقافة التسامح بين جميع التونسيين مهما اختلفت انتماءاتهم.
و يقول المصري لحقائق "يجب ان يفهم البعض ان عقلية محاكم التفتيش انتهت الى غير رجعة وان التونسيين من حقهم ان يعبروا و يعتنقوا المذاهب التي يرونها بكل حرية".
في مسألة الحقوق السياسية يقول محمد مقداد الرصافي "ان الشيعية في تونس ليس لهم طموحات سياسية ولا ينوون تأسيس حزب سياسي يعبر عنهم وما يريدونه فقط الحرية لهم ولغيرهم".
و من المفارقات يقول الرصافي " ان بعضا من اتباع النهضة الذين يهاجموننا اليوم تكونوا من كتب مرتضى مطهري والشهيد الصدر وعلي شريعيتي حينما كانت ادبيات الثورة الاسلامية في ايران ملهمة لطلبة الاتجاه الاسلامي في الجامعة وهو الامر الذي اقره الشيخ راشد الغنوشي في اكثر من موضع".
و يضيف الرصافي "هم يعلمون ذلك لكنهم وفي فترة معينة عادوا الى ادبياتهم الاخوانية والسعودية وهو الامر الذي يفسر قلقهم وتخويفهم منا في الوقت الحالي".
لا يعلم تحديدا عدد الشيعة في تونس اليوم لكن بعض الاحصائيات تقول انهم يصلون الى المائة الف شيعي في كامل انحاء الجمهورية ويقول عبد الحفيظ البناني في كتابه مدخل الى تاريخ التشيع في تونس ( صدر سنة 2009 في ايران) انه لا يعرف عدد الشيعة تحديدا في تونس بسبب حالة الخوف والاضطهاد التي عاشوها طوال تاريخهم هذا فضلا عن اعتمادهم على مبدإ التقية بطريقة مبالغ فيها والتقية هي في الادبيات الشيعية اخفاء المعتقد خشية التعرض للضرر المادي.
مقداد الرصافي كما لطفي الورهاني كما غيرهم من شيعة تونس يقولون انهم اعتمدوا على التقية في عهد الرئيس بن علي كما في الفترات التي سبقت خشية تعرضهم للملاحقة والاضظهاد غير انهم اليوم بعد الثورة اصبحوا يشعرون بحرية أكثر وحق في التعبير عن انفسهم وادبياتهم وما يعتقدون انه صحيح.
يوسف القروي صاحب مكتبة هو احد الشيعة الذين يدافعون عن حق الشيعة في الظهور ونشر ادبياتهم. فالقروي الذي تشيع منذ حوالي عشرين سنة فتح مكتبة " الشاملة" وسط العاصمة ولكنه اصر على التأكيد ان مكتبته مثلما تبيع كتب المذهب الشيعي فانها تبيع كتب بقية المذاهب فالى جانب رسائل العقيدة لمحمد عبد الوهاب نجد كتاب المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين وبجانب تفسير الميزان في تفسير القران للسيد حسين الطبطبائي نجد في الرف تفسير القران لابن كثير! .
الشاملة ليست مكتبة مذهبية يقول صاحبها لحقائق ويضيف " انها مكتبة تريد مقارعة الفكر بالفكر ومن كانت ثقته في معتقداته هشة فهذه مشكلته".
هل كان المتدينون الذين تجمهروا اواخر شهر جانفي الماضي احتجاجا على مكتبة الشاملة من فئة هؤلاء من ذوي العقائد الهشة؟!
لا يهم يقول يوسف القروي "فحينما يهاجم الكتاب ويخاف منه في حضارة ما يجب اطلاق صفارات الانذار على افول الفكر وغياب مبدإ الحوار".
من الواضح ان التشيع في تونس ومن خلال العديد من الشهادات يعتمد اساسا على نشر الادبيات والمراجع الشيعية عبر نشر الكتب . مكتبة الشاملة تعتمد اساسا دور النشر اللبنانية الشيعية غير ان العديد من الشهادات تقول ان المركز الثقافي الايراني يلعب دورا مهما في نشر ادبيات ال البيت وهو العمل الذي قام به حتى قبل انتصار الثورة وفي عز سطوة نظام الرئيس زين العابدين بن علي.
بن علي والشيعة والولاء للوطن
في علاقة بالنظام السابق ينفي مقداد الرصافي اي علاقة تواطؤ بين الشيعة وبين النظام السابق كما ينفي اي تورط لشيعة تونس في الحملة الامنية على الاسلاميين في اوائل التسعينات ويقول ان كل الاسلاميين ومهما كانت انتماءاتهم ومذاهبهم كانوا ضحية قمع الحريات الدينية في البلاد في السابق.
هناك اسئلة ربما لا يمكن ان يجيب عنها الرصافي ولا غيره من شيعة البلاد حول العلاقة الوثيقة بين الرئيس السابق زين العابدين بن علي وبين حزب الله اللبناني ودفاع قناة المنار بشكل سافر احيانا عن نظام زين العابدين بن علي.
لا شك ان للمصالح السياسية قوة حجتها بالنسبة للبعض مثلما لا يمكن بالنسبة لشيعة تونس اليوم لومهم على اعتماد مرجعيات في العراق وايران لاسباب عقائدية بحتة ترتبط بالاسس التي تبنى عليها مسألة ولاية الفقيه التي تعد أحد مرتكزات الفكر الشيعي.
"المرجعية الدينية والسياسية لغالبية شيعة تونس الاثني عشرية هي اية الله العظمى السيد خمينائي الزعيم الروحي للجمهورية الاسلامية الايرانية" يقول مقداد الرصافي "غير ان فئة قليلة هي من اتباع سماحة اية الله العظمى السيد السيستاني في العراق".
في علاقة بالولاء السياسي لاية الله خمينائي ربما يبدو الحرج بالنسبة للكثير من الشيعة التونسيين ، فما هي حدود هذا الولاء؟ وماذا لو تعارضت مصالح ولاية الفقيه مع والولاء لتونس؟ البعض ممن قابلناهم حاولوا التنصل من قضية الولاية للمرجعيات في ايران أو في العراق مثل لطفي الورهاني الذي يقول انه ليس مقلدا لا للسستاني ولا لخمينائي فهو بالمصطلح الشيعي "محتاط" وهو توجه اخر بين المقلد والمجتهد يلتزم فيه المتشيع بالبحث عن مرجعية تمثله دون ان يتخذ قراره بعد.
من الواضح ان شيعة تونس في هذا الملف المحرج لم ينتجوا مرجعياتهم التونسية بعد وباستثناء التيجاني السماوي الذي يصنف ضمن مرتبة المجتهد ويلبس العمامة السوداء التي تقربه من نسل الرسول فان غالبية شيعة تونس يحاولون تونسة الاحتفالات بعاشوراء في مجالسهم بلطميات ( ضرب الصدور) مخففة دون عراء ولا اسالة دماء كما هو الشأن في بعض لطميات الشيعة في العراق او ايران أو باكستان.
و كمثال على ما يطلق عليه بتونسة التشيع وفي احتفال بيوم الغدير بمدينة قابس أواخر العام الماضي قامت جمعية ال البيت الثقافية باحتفال بفرقة موسيقية وتعظيم و الصلاة على محمد وعلى ال محمد كما يقولون في دعائهم ، واذا لم تكن ملما بالتفاصيل فانك ستظن انك في حفلة دينية لحركة النهضة أو دونها من الجمعيات الخيرية الاسلامية.
في قابس بالذات يتوفر الشيعة على الحسينية -مكان للمحاضرات و للدعاء- الوحيدة تقريبا في البلاد حيث يعتقد البعض ان قابس اصبحت بمثابة مدينة قم الايرانية في تونس بالنظر الى الاعداد الكبيرة من الشيعة التي تحتويها.
غير ان الشيعة ومن أجل ايجاد ما يشبه الحسينيات في المدن الاخرى يقومون باتخاذ مقرات الجمعيات الدينية الشيعية والمجالس الخاصة كحسينيات تجمع أنصارهم للقاء والتعارف والاستقطاب.
ففي مكان ما يشبه الى حد ما حسينية في العاصمة تقول فاطمة ( 24 سنة ) أنها بدأت خطواتها الاولى مع التشيع. وتضيف الفتاة التي تشيعت سنة 2008 لحقائق انها ترددت على مقر جمعية المودة الثقافية الشيعية في العاصمة من أجل التعرف على شيعة جدد مثلها.
غير ان اكتشاف التشيع بالنسبة لفاطمة وعلى خلاف جيل الرواد كالسماوي وبعداش والرصافي انطلق مع بعض الفضائيات الشيعية مثل الدروس التي استمعت لها في قناة الكوثر وقبلها قناة فدك اين تابعت باعجاب دروس سيد كمال حيدري والمستبصر مرتضى القزويني وغيرهم. بعدها تقول فاطمة "التجأت الى الفيسبوك للبحث عن اشخاص في مثل حالتي في تونس". ففاطمة تمثل هذا الجيل الجديد من المتشيعين الذين تأثروا بالفضائيات والفيسبوك والذين يرون في تجربة حزب الله اللبناني مثالا لمعاني جديدة للتشيع غير الخلافات التاريخية حول من هو الاحق بالخلافة على اهمية المبحث بالنسبة لها .
فاطمة التي تعمل اليوم في محل تجاري بالعاصمة تقول انها احيانا تتفطن الى بعض الشيعة من حرفائها الذين تكاثر عددهم في السنوات الاخيرة. كيف ذلك ؟ ليس هناك بالقطع علامات للتشيع ولا يعلق المتشيع عنوانه العقائدي على جبهته.
ربما كان فص خاتم اليد اليمنى احدى علامات المتشيعين. خاتم الفص الاسود بلون محنة الحسين في اليد اليمنى مثل في المخيلة الشيعية عبر التاريخ علامة من علامات رحلة طويلة من رحلة السرية والاضظهاد للشيعة تشبه الى حد بعيد كبير رحلة الاضطهاد والتخفي التي عاشها اليهود عبر القرون.
ربما كان وضع الشيعة في تونس اسوأ من اليهود يقول مقداد الرصافي. فبعض الروايات التاريخية تقول ان محرز بن خلف سلطان المدينة العتيقة بالعاصمة قام بذبح شيعة المدينة العتيقة عن بكرة ابيهم في ما يعرف بمجزرة "بركة الدم " وهو المكان الذي تحول اليوم الى سوق البركة للذهب.
لم يكتف بن خلف بهذه المجزرة بل اسكن يهود حي الملاسين في منازل شيعة المدينة من الاسماعيليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.