بعد نتائج جولة الأمس انحصر صراع البقاء بين الملعب التونسي وجريدة توزر والأولمبي الباجي رغم تفاوت الحظوظ بين هذا الثلاثي اثر تأكد نزول قرمبالية الرياضية إلى الرابطة المحترفة الثانية. توقف صراع النزول بين هذه الأندية فقط مرده ضمان كل من الاتحاد المنستيري والنادي الرياضي لحمام الأنف لبقائهما اثر الانتصار على مستقبل المرسى والترجي الرياضي على التوالي. ولئن تبدو نتيجة ملعب مصطفى بن جنات منطقية خصوصا أن أبناء عاصمة الرباط سبق أن أطاحوا بفريق الضاحية الشمالية منذ أسابيع قليلة في سباق كأس تونس فإن المباراة الثانية التي دارت بين الهمهاما ونادي باب سويقة أثارت خلفها سيلا جارفا من التعاليق إلى درجة دفعت متوسط الميدان الدولي السابق رياض البوعزيزي إلى اتهام الأحمر والأصفر بالتخاذل في مباراة اعتبر أنها لا تشرف عراقة الفريقين. قد يكون نادي حمام الأنف أهلا للفوز على الترجي الرياضي متى توفرت العزيمة لذلك ولكن مباراة الأمس كانت مدعاة للشكوك حتى أن جماهير نادي باب سويقة نفسها لم تجرم فكرة منح النقاط للهمهاما بل أن هناك بعض الصفحات الترجية على موقع التواصل الاجتماعي قد اعتبرت في سقوط فريقها حركة تستحق التنويه طبقا لمنطق "حمام الأنف متاعنا"؟ جماهير الهمهاما بدورها تبادلت التحايا مع أنصار الترجي الرياضي وهو ما يعكس اقتناعا ضمنيا لدى جماهير الفريقين بأن نتيجة المباراة لم تكن بريئة رغم أن هذا لا يمكن أن يعتمد كدليل إدانة للترجي بالتخاذل أو بالتلاعب بالنتائج. وحتى تكون الصورة مكتملة لا بد من التأكيد على أن الأحمر والأصفر قد بحث من البداية عن تفادي مواجهة حمام الأنف بفريقه الأساسي فاختار مدربه الهولندي رود كرول عن طواعية أو بتعليمات أن يريح تسعا من ركائز فريقه فكان أن توقع الجميع أن لا تنهزم الهمهاما. الطريف أن نادي حمام الأنف انتصر ب"أسلوب تقليدي" من ضربة جزاء منح تنفيذها لأول مرة إلى الظهير الأيسر فهمي بن رمضان الذي تؤكد بعض الأخبار أنه مطلوب من الترجي الرياضي الأمر الذي جعل أحدهم يعلق على المسألة بأن المباراة دارت في "أجواء عائلية".. نادي باب سويقة لم يكن لديه ما يخسره فعليا في هذا اللقاء بعد أن ضمن تتويجه بلقب البطولة منذ أيام ولكن الفريق ضحى برقم قياسي عالمي وهو عدم الانهزام في أي لقاء رسمي لحساب مختلف المسابقات في سنة 2014 كما أن كبرياء البطل كان يفرض على الفريق أن يحافظ على وقاره بعدم الانهزام في المباراة التي تلي تتويج الفريق بالبطولة وهو ما لم يحدث. البطل ضحى بكل هذا قبل دخوله إلى ميدان مباراته ضد الهمهاما وهو ما أطلق العنان لكل المحللين للحديث عن "تضامن رياضي" بين الأحمر والأصفر ونادي الضاحية الجنوبية الذي يعتبره الكثيرون "ربيب" الترجي الرياضي خصوصا أن رئيسيه الحالي والسابق من أحباء الترجي الرياضي ولا أدل من ذلك متابعتهما الوفية لشيخ الأندية التونسية سواء تعلق الأمر بالمباريات المحلية أو التنقلات ضمن المسابقات القارية.. كل الجماهير الرياضية لم تستسغ ملابسات وظروف اللقاء بين الفريقين وزادت تصريحات رياض البوعزيزي من حماسة البعض خصوصا أنها المرة الأولى التي يتهم فيها الترجي الرياضي في وسيلة إعلام عمومية بأنه طرف في التلاعب بالنتائج وهو ما يفسر ربما حالة الذعر التي بدت على مقدم الحصة. ولئن اتهم الترجي الرياضي من قبل أنصار الفرق المنافسة بالتخاذل إلا أن جماهير الأحمر والأصفر سعت إلى تذكير جماهير النادي الإفريقي في المقام الأول بأن فريقها رفض الانتصار في الجولة الأخيرة من بلاي أوف الموسم الفارط أمام النادي الصفاقسي كي لا يتحول اللقب إلى باب سويقة.. كما شمل التذكير أنصار النجم الرياضي الساحلي عن مباراتهم الشهيرة في آخر جولة من إياب موسم 2006 - 2007 التي انهزموا خلالها أمام النادي البنزرتي في الملعب الأولمبي بسوسة بالذات في مباراة يذكر الجميع ظروفها وحيثياتها. والحقيقة أن ما جد في السنوات الأخيرة ينتظر أن يتم تناوله بالتحاليل الجادة والأبحاث المعمقة إذا رمنا فعلا أن نقوم بتنقية مجالنا الرياضي من الأدران التي لحقت به في العقود الثلاثة الأخيرة فعدة مباريات تأبى الذاكرة الرياضية نسيانها منذ انهزام الترجي في سوسة مستهل التسعينات من أجل إنقاذ ليتوال من شبح النزول مرورا بعدة أحداث شهدت نزول أندية الأولمبي للنقل وأولمبيك الكاف والاتحاد المنستيري وغيرها بأساليب يذكر الكثيرون تفاصيلها.. ووصولا إلى استسلام النجم إلى الهزيمة في موسم 2007 وانحناء الترجي يوم أمس دون نسيان قضية القرن في تونس التي مسكت فيها الإثباتات وحددت فيها المسؤوليات دون أن تأتي القرارات بما يمكن أن يكون بداية وضع حد لعقود التجاوزات..