المنظمة الدولية للهجرة بتونس تساعد 313 مهاجرا من غامبيا وغينيا على العودة الطوعية    مع الشروق : الكارتيل الإداري والمالي    في اجتماع ثلاثي بين تونس والجزائر ومصر... لا للتدخل الخارجي في ليبيا    نهاية تجربة اللاعب التونسي يوسف المساكني مع النادي العربي القطري    النادي الإفريقي يعلن عن موعد فتح باب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة    عاجل/ حادث مرور مروع..وهذه حصيلة الضحايا..    سيدي بوزيد.. 5660 مترشحا للباكالوريا دورة 2025    أولا وأخيرا .. الضربة الساكتة    "الصفقة مع الاحتلال".. ويتكوف يوجه رسالة لحماس بعد تسليم ردها على مقترحه للمصريين والقطريين    كأس تونس لكرة اليد: الترجي يضيف الكأس للبطولة.. ويحافظ على الثنائي    الترجي الرياضي يتوج بلقب كأس تونس    عملية بيضاء تونسية جزائرية لتعزيز حماية الثروة الفلاحية والغابية في ساقية سيدي يوسف    ''السوشيال ميديا خطيرة''...نوال غشام تحذّر من انهيار الذوق الفني!    رغم تجاوز التكلفة 20 ألف دينار... أكثر من 226 ألف تونسي يترشحون للحج!    الليلة في ميونيخ: باريس وإنتر في معركة المجد الأوروبي المنتظر    استقرار الدينار.. كيف يؤثر على ''جيبك'' ونفقاتك اليومية؟    "كوناكت": بعثة أعمال تضم 20 مؤسسة تشارك في بعثة الى النمسا وفنلندا والدنمارك    بالفيديو: تعرف على كيفية إحياء التكبيرات أيام الحج وفضلها    حسين الرحيلي: تونس تسجل عجزا طاقيا ناهز 10،8 مليار دينار سنة 2024    كيف تحمي نفسك من جلطات الصيف بخطوة بسيطة؟    جندوبة: استعدادات للموسم السياحي بطبرقة    90% من مستشفيات السودان خارج الخدمة وسط تفشي الكوليرا    عاجل/ فيضانات نيجيريا: حصيلة القتلى تتجاوز ال150 قتيلا    حريق يأتي على 4.5 هكتارات من المحاصيل الزراعية في بئرمشارقة    مختص في الحماية الاجتماعية: قانون الشغل الجديد يقلب المعادلة في تونس    العائلة التونسية تنفق شهريًا بين 130 و140 دينار لاقتناء مياه الشرب المعلبة    العائلة التونسية تنفق شهريا بين 130 و 140 دينار لاقتناء مياه الشرب المعلبة    الثلاثاء.. انطلاق بيع لحم الخروف الروماني بهذه الأسعار وفي هذه النقاط    بطولة رولان غاروس للتنس: الاسباني ألكاراز يتقدم للدور الرابع    شاحنة الموت في الكاف تفتك بحياة ثالثة...    د. كشباطي: المشي والسباحة مفيدان لمصابي هشاشة العظام    حجيج 2025: أكثر من 1700 حالة حرجة نُقلت للعناية المركزة...ماذا يحدث؟    تايلور سويفت تستعيد حقوق جميع أعمالها الفنية    مُنتشرة بين الشباب: الصحة العالمية تدعو الحكومات الى حظر هذه المنتجات.. #خبر_عاجل    وفاة الممثلة الأمريكية لوريتا سويت عن 87 عاماً    جندوبة: يوم 2 جوان القادم موعدا لانطلاق موسم الحصاد    ماسك عن كدمة عينه: إكس فعلها.. لم أكن بالقرب من فرنسا    عيد الأضحى يقترب... ستة أيام فقط تفصلنا عن فرحة عظيمة!    علي معلول يعلن انتهاء مشواره مع الاهلي المصري    بطولة ليتل روك الامريكية للتنس : عزيز دوقاز يصعد الى نصف نهائي مسابقة الزوجي    اليوم: درجات حرارة معتدلة إلى مرتفعة    عاصفة قوية وغير مسبوقة تضرب الاسكندرية.. #خبر_عاجل    تنطلق الاثنين: رزنامة إمتحانات البكالوريا بدورتيها وموعد النتائج.. #خبر_عاجل    بلاغ توضيحي من وزارة الشباب والرياضة    الموافقة على لقاح جديد ضد "كورونا" يستهدف هذه الفئات.. #خبر_عاجل    صادم/ معدّل التدخين المبكّر في تونس يبلغ 7 سنوات!!    وزارة الفلاحة تُعلن عن إجراءات جديدة لدعم تمويل ربط الأعلاف الخشنة وتكوين مخزونات ذاتية لمربي الماشية    تونس تستعد للاحتفال باليوم الوطني في إكسبو أوساكا 2025    عمادة المهندسين تُندّد بإيقاف عدد من منخرطيها قبل صدور نتائج الاختبارات الفنية    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة لمختبر السينماء بمركز التخييم والتربصات بدوز    دعاء الجمعة الأولى من ذي الحجة    أكثر من 64 ألف تلميذ يترشحون لمناظرة "السيزيام" لسنة 2025    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    رحيل مفاجئ للفنانة المعتزلة سارة الغامدي    مهرجان دقة الدولي يعلن عن تنظيم الدورة 49 من 28 جوان إلى 8 جويلية    جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل "هاري بوتر" الجديد    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرافد الخامس لحركة نداء تونس
نشر في حقائق أون لاين يوم 05 - 06 - 2014

أحبّ كلمة "روافد" و لا أميل إلى كلمة "تيّارات" الّتي يريد بعض الرفاق اعتمادها آلية تنظيمية داخل حركة نداء تونس، ف"الروافد" عبارة "مائية"، تعني الدعم والعون والمساندة، رديف ل"الجداول" الّتي تغذّي بمائها النهر الرئيس، فكلّ جدول يأتي بمائه من منبعه في منطقته ليضعه على ذمّة الوادي الكبير، وهكذا كانت الحركة الوطنية التونسية نهر يلتحق به فرع ما في نقطة زمنية ما وبقعة جغرافية معيّنة ليضخ في منسوبه ما حمل به من خير الأرض والسماء، أمّا التيّارات فعبارة "هوائية" مزاجية مستوردة، تعني التماسّ لا الاندماج، والتلاقي المؤقّت لا الالتحام، والتعايش على أمل الفراق لا الاختلاط الدائم والتعانق الأبدي في حضن الوطن الواحد الموحّد المقدّس.
بناء على هذه القاعدة، أحبب التأكيد على أن حركة نداء تونس، الّتي تمثّل كما أعلن الجيل الخامس للحركة الوطنية والإصلاحية التونسية، والّتي يعتبر زعيمها الأستاذ الباجي قائد السبسي المؤسّس الخامس لهذه الحركة، لم تقم إلاّ تجاوزا على أربعة روافد كما جاء في إعلان التأسيس وفي مناسبات متعدّدة منذ 16 جوان 2012، بل هي قائمة في واقع الحال على خمسة روافد كما توجب حقائق التاريخ ذلك واستحقاقات الهويّة الوطنية والمصلحة العليا لبلادنا، فخامس الروافد هو ذلك الّذي يشمل كلّ من أؤتمن على تراث حركة الإصلاح الديني الّتي كانت منطلق الحركة الوطنية وقاعدتها الأصلية، وكلّ من آمن بالرؤية الوطنية للإسلام في مقابل سائر الرؤى الأخرى الإخوانية والسلفية وغيرها، وكل من تطلّع إلى تونس وطنا متقدّما متحضّرا يشكّل نبراسا للمسلمين وشرفا للإسلام ومنارة إسلامية تؤثّث ركنا في بيت الحضارة الإنسانية.
أعرف أنّي، وكثير غيري من أبناء حركة نداء تونس، لم نكن دساترة أو تجمّعيين، ولم نكن نقابيين، ولا كنّا يساريين أو مستقلّين، بل كنّا تونسيين مسلمين وطنيين مستنيرين مجدّدين مصلحين، نؤمن بعمق بتلك الصلة المقدّسة بين الوطن والإسلام، وبين الأصالة والمعاصرة، لم نحبّ تحويل الإسلام كثابت من ثوابت هويّتنا الوطنية إلى عامل تفريق للأمّة وتقسيم للملّة، ولم نضع حاجزا بين الدّين والدنيا ولا بين شرع الله ومصالح النّاس، وفهمنا القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة حياة للخلق ومحبّة ويسر وأخلاق ورحمة وعمل على عزّة المؤمنين ورفعة الأوطان، وسرنا على درب أجدادنا وآبائنا المصلحين من أمثال مشايخنا وعلمائنا رحمة الله عليهم ورضي الله عنهم، خير الدّين وابن أبي الضياف وسالم بوحاجب وقبادو والثعالبي والطاهر ابن عاشور والفاضل ابن عاشور والطاهر الحدّاد والحبيب بورقيبة وجعيط وبلخوجة ومن مشى على دربهم ممّن لن تنقطع الخضراء من أثرهم ولن تعقر من ولدهم.
إنّ هؤلاء ومن شابههم ليس لهم بيت إلاّ بيت الوطنية التونسية، وقد كانوا حاضرين من خلال رموزهم ومساهماتهم في سائر أطوار الحركة الوطنية التونسية، في طور الإصلاح الأوّل، ثمّ طور الكفاح ضدّ المستعمر، فطور بناء الدولة المستقلّة، وطور المطالبة بالعدالة الاجتماعية، وأخيرا طور إقامة الديمقراطية، وهم وإن كانوا محافظين في طبعهم متديّنين في سلوكهم، إلاّ أنّهم معارضين لأطروحات الإسلام السياسي، متناقضين في فهمهم للدين مع أفكار وقناعات الإسلاميين، يؤمنون خلافهم بالدولة الوطنية، ويرون فيما اتفق عليه التونسيون في مؤسسّاتهم التشريعية من قوانين تحقيقا لشرع الله، ويعتقدون أن الدولة لجميع مواطنيها على قدم المساواة، وأن الديمقراطية تطبيق صادق لمبدأ الشورى في الإسلام، وأنّ الحريّة من الله حقّ طبيعي للبشر، وأن الدّين يجب أن يظلّ بمنأى عن المزايدات السياسية، وأنّ المساجد يجب أن لا يذكر فيها مع اسم الله شيء.
إنّي من الّذين يؤمنون بأن حركة نداء تونس مؤتمنة على المشروع الحضاري الوطني لهذه الأمّة التونسية الصغيرة الطموحة، وبأنّها مؤتمنة على تراث الحركة الوطنية والإصلاحية التونسية الّتي قارب عمرها على المائتي عام، وبأنها تشكّل الاستمرارية مع كلّ ما هو مضيء في تاريخنا الوطني وقطيعة مع كلّ فساد واستبداد وتجبّر في الأرض، وبأنّها يجب أن تكون حضنا لكلّ شاب وشابّة غيور على الإسلام والوطن لكنّه لا يجد نفسه في مدارات الإسلام السياسي ورؤى الإسلاميين على اختلاف جماعاتهم وأحزابهم، وبأنّها الفضاء الّذي تصالح فيه الشيخ عبد العزيز الثعالبي مع الزعيم الحبيب بورقيبة، والقاطرة الّتي تحمل عرباتها التحرير والتنوير ومقاصد الشريعة وامرأتنا في الشريعة والمجتمع وسائر أسفار الإصلاح الديني والتجديد الإسلامي تلك الّتي جادت بها قرائح فقهائنا الأفذاذ ومفكّرينا العظام.
كانت خلطة مشاريع التقدّم باستمرار مزيجا من المحافظة والاجتهاد، والاعتزاز بالذات وطلب الحكمة ممّن امتلكها، ولا أحسب أمّتنا قادرة على المضي في طريق الرقيّ إلاّ من خلال قدرتها على الجمع بين ذاتيها والانفتاح على العصر بعلمه وحرّيته وديمقراطيته، ولا أحسب نداء تونس إلا تجسيدا لهذه القدرة، ولا أحسب الرافد الخامس إلاّ عونا له على ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.