عندما يعقد حزب معترف به قانونيا، من قبيل حزب التحرير، مؤتمرا شعبيا في قاعة عمومية تابعة للدولة ويحرض المواطنين على رفض مدنية الدولة وعدم الاعتراف بمؤسساتها ويحظ على رفض دستور البلاد ويطالب بتطبيق شريعة داعش وخلافتها في تونس نتساءل اين ذهبت الحكومة؟! كيف لمنظمات المجتمع المدني ولحكومة المهدي جمعة ان تغض الطرف على خطر يهدد وحدة التونسيين والنظام الجمهوري المدني الذي اختاروه واجمعوا عليه. عندما ينشر الناطق الرسمي باسم هذا الحزب الاصولي، شريط فيديو لمدة عشرين دقيقة يكفر فيه بشكل صريح أحد مثقفي البلاد من قبيل مختار الخلفاوي نطرح السؤال: أليس الامر مدعاة لوقفة حازمة وصارمة من أجل تطهير البلاد نهائيا من التكفيريين الظاهرين والمتسترين؟! من الواضح ان الارهابيين الذين يذبحون جنودنا في الشعانبي لهم متواطئين في المدن. حزب التحرير نموذجا. قبيل حوالي ستة أشهر من الانتخابات بدأ حزب التحرير المتطرف حملته عبر الملصقات التي ينشرها في الاماكن العمومية لرفض دستور البلاد وتكفير المثقفين وشن حملة على الاحزاب التي تؤمن بمدينة الدولة. البديل بالنسبة واضح: خلافة اسلامية على منهاج النبوة كما يزعم وان لم يتحقق مطلبه انيا فان مردود دعوته تجنيها مستقبلا الاحزاب الدينية الاخرى التي ستشارك في الانتخابات بمنطق انها الاقرب الى الله والاسلام. اللعب على الوتر الديني بضاعة قديمة في الادبيات الاسلامية. حزب التحرير الذي له امتدادات دولية وممنوع من النشاط في اكثر من دولة بسبب نشره للكراهية وثقافة العنف ورفضه للدولة المدنية ينشط بكل حرية في بلادنا ومرخص له قانونيا. مما لا شك فيه فان حكومة الترويكا السابقة وبمنطق "الحرية للجميع" تتحمل المسؤولية في تكريس هذا الواقع المنحرف. خالفت حكومة النهضة وحلفائها قوانين البلاد عندما منحت تأشيرة قانونية لاحزاب ومنظمات لا تؤمن بقيم الجمهورية لان الفصل 3 من المرسوم عدد 87 المعلق بتنظيم الأحزاب السياسية يقول لنا " تحترم الأحزاب السياسية في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ الجمهورية وعلوية القانون والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة". واذا لم يكفي قانون الاحزاب فان دستور البلاد بنسختيه القديمة والجديدة يحضر النشاط على احزاب لا تعترف بمدنية الدولة والنظام الجمهوري. بات من الواضح ان خريطة الطريق التي سطرها الرباعي الراعي للحوار محتاجة الى التحيين والمراجعة لانها كانت تفتقد الى امر مهم: حل جميع الاحزاب السياسية الدينية التي لا تعترف بالنظام الجمهوري ومدنية الدولة. مازال متسع للرباعي الراعي للحوار واساسا الاتحاد العام التونسي للشغل ان يفرض هذا الامر على حكومة المهدي جمعة حتى لا ننزلق الى نفق من التكفير وتحريض الناس بعضهم ضد بعض قبيل الانتخابات الانتخابات المقبلة. مطلب حل حزب التحرير وكل الاحزاب الدينية التي لا تؤمن بالنظام الجمهورية ومدنية الدولة اصبح اليوم وقبل ستة اشهر من الانتخابات مطلبا عاجلا لان ترك مثل هذه الاحزاب الدينية الطفيلية ترتع وتمرح مالاته معروفة ونتائجه الكارثية سنجدها في صناديق الاقتراع وفي ارصفة الشوارع الملطخة بالدماء جراء دعوات أحزاب التكفير.